تسريبات الاتفاق الأميركي ـ الروسي: حكم انتقالي بمشاركة معارضة موسكو والقاهرة والأكراد

مصادر لـ «الشرق الأوسط»: «توافق عام» على بقاء الأسد خلال المرحلة الانتقالية لـ18 شهرًا

أضرار مادية في حي الصالحين بحلب جراء قصف الطيران الروسي للحي بالصواريخ أول من أمس ويظهر عنصر من  مجموعة الدفاع المدني المعروفة باسم «الخوذ البيضاء» التي فازت أمس بجائزة رايت لايفليهود السويدية
أضرار مادية في حي الصالحين بحلب جراء قصف الطيران الروسي للحي بالصواريخ أول من أمس ويظهر عنصر من مجموعة الدفاع المدني المعروفة باسم «الخوذ البيضاء» التي فازت أمس بجائزة رايت لايفليهود السويدية
TT

تسريبات الاتفاق الأميركي ـ الروسي: حكم انتقالي بمشاركة معارضة موسكو والقاهرة والأكراد

أضرار مادية في حي الصالحين بحلب جراء قصف الطيران الروسي للحي بالصواريخ أول من أمس ويظهر عنصر من  مجموعة الدفاع المدني المعروفة باسم «الخوذ البيضاء» التي فازت أمس بجائزة رايت لايفليهود السويدية
أضرار مادية في حي الصالحين بحلب جراء قصف الطيران الروسي للحي بالصواريخ أول من أمس ويظهر عنصر من مجموعة الدفاع المدني المعروفة باسم «الخوذ البيضاء» التي فازت أمس بجائزة رايت لايفليهود السويدية

تدور في كواليس جنيف ونيويورك، ورغم التصعيد الميداني المتأتي عن انهيار الاتفاق الأميركي - الروسي المبرم في 9 سبتمبر (أيلول) الحالي بين الوزيرين جون كيري وسيرغي لافروف، مشاورات على مستوى كبار الموظفين من أجل تمهيد الطريق للعودة إلى طاولة التفاوض قي جنيف، في حال نجحت الجهود المبذولة حاليا لترميم الهدنة. وتشير المعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع في باريس، إلى وجود «تفاهم» أميركي - روسي على مجموعة من النقاط أولها مصير الرئيس السوري الذي تقول المصادر إن ثمة «توافقا عاما» على بقائه في منصبه خلال المرحلة الانتقالية الممتدة لـ18 شهرا.
والحال أن هذا التوافق «يخالف» ما أقرته الهيئة العليا للمفاوضات المعارضة في وثيقتها «التنفيذية» التي توصلت إليها مؤخرا وعرضتها في لندن على ما يسمى «النواة الصلبة» لمجموعة الدول الداعمة للمعارضة.
وتنص الوثيقة على ضرورة «رحيل الأسد وزمرته» عن السلطة مع بدء المرحلة الانتقالية. بيد أن مصادر رسمية فرنسية قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا الموقف «مبدئي»، ما يعني عمليا أن الهيئة يمكن أن تبدي الليونة خصوصا إذا كانت الأطراف الأساسية التي تعول عليها قابلة بهذا الشرط بما في ذلك تركيا. ويدور الجدل اليوم حول «التسلسل» المفترض لتخلي الأسد عن صلاحياته في مجالي الأمن والسياسة الخارجية وهل يفترض أن تكون 3 أو 6 أو 9 أشهر، وحول موعد إجراء الانتخابات الرئاسية التي يريد الأسد خوض غمارها وهو أمر لا تقبله المعارضة كذلك. وحتى الآن، تقول العواصم الغربية، بعد أن كانت تطالب بـ«رحيل» الأسد، إن الأخير «لا يمكن أن يمثل مستقبل سوريا» وهي عبارة مطاطة لا تعكس موقفا واضحا أو حاسما.
من جانب آخر، يبدو أن ثمة اتفاقا يتبلور بشأن تشكيل هيئة الحكم الانتقالي التي يفترض بها أن تجمع معا المعارضة وبعض النظام. وبعد أن كانت الهيئة العليا للمفاوضات تعتبر أنها الممثل الوحيد للمعارضة، فإن الطرف الروسي نجح في الحصول على «تنازلات» بهذا الشأن، إذ تشير معلومات «الشرق الأوسط» إلى أن المعارضة المدعوة للمشاركة في الهيئة الانتقالية ستكون «ثلاثية الأضلع» وستتشكل من الهيئة العليا التي يرأسها رياض حجاب، ومما يسمى «معارضة موسكو» وهي مجموعة من الشخصيات السورية التي يرعاها الطرف الروسي «من وجوهها الوزير السابق قدري جميل» وأخيرا حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي. وجدير بالذكر أن الهيئة كانت دائما ترفض إعطاء صفة المعارضة لهذا الحزب الذي تعتبر أنه «حليف» للنظام إذ أنه يشكل العماد الأساسي لوحدات حماية الشعب الكردية ولقوات سوريا الديمقراطية. إضافة إلى ذلك، يدور جزء من المشاورات الأميركية - الروسية على توفير الضمانات الأمنية والسلامة الشخصية المفروض توافرها لشخصيات المعارضة التي ستشارك في هيئة الحكم الانتقالية. وثمة إصرار أميركي على أن تكون موسكو جزءا من هذه الضمانات بالنظر لقدرتها التأثيرية على النظام السوري وحاجة المعارضة إلى ضمانات «جدية» لا يمكن أن تأتي من النظام.
وتعتقد المصادر المشار إليها أن صورة هذه التفاهمات السياسية «تناسب الجانبين الروسي والإيراني والنظام» الذين حصلوا على مجموعة تنازلات تتناول مصير الأسد وضم أطرا جديدة إلى «المفاوضات» المنتظرة في جنيف، وكذلك في موضوع تشكيل الهيئة الانتقالية. وبالمقابل، فإنها لا تتناسب مع أهداف المعارضة التي سيكون عليها أن «تتعايش» مع الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، وهي ترى أن شيئا كهذا «لن يكون سهلا بالنظر للتماهي بين النظام وبين شخص الأسد». وقالت مصادر أخرى لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يتعين تكرار التجربة اليمنية»، حيث إن توفير الحصانة للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح والقبول ببقائه في اليمن «أجهض الاتفاق السياسي»، وأفضى إلى الحرب المدمرة الدائرة هناك. لكن تراجع وضع المعارضة ميدانيا بسبب التدخل الروسي الكثيف و«تذبذب» السياسة الأميركية جعل وضع المعارضة مكشوفا إلى حد بعيد وأضعف مواقعها التفاوضية ما يفسر الخلل في «التفاهمات» المشار إليها.
ويعزو دبلوماسيون في باريس اتصلت بهم «الشرق الأوسط» أسباب انهيار الهدنة ومعها الاتفاق الثنائي إلى غياب الأفق السياسي الذي أجهض في الأشهر الأخيرة محاولات المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا لإطلاق مفاوضات جدية تفضي إلى عملية «الانتقال السياسي» التي قال عنها، أول من أمس، في كلمته إلى مجلس الأمن، إن «كل الأطراف قبلتها». والحال أن المشكلة «لا تكمن في قبولها بل في إعطائها مضمونا محددا» يتناول مصير الرئيس السوري والسلطات التي ستبقى له وكيفية تقاسم السلطة والإشراف على المؤسسات الأمنية، وغيرها من المواضيع الخفية الرئيسية. وبحسب هذه المصادر، فإن العودة إلى جنيف «في حال حصلت مجددا» «لن تكون أكثر إنتاجية من سابقاتها من غير تفاهم مسبق على هذه الملفات».
من هذه الزاوية، تبرز أهمية المشاورات المستفيضة التي تجري بين الأميركيين والروس وغيرهم من الأطراف من أجل «تعبيد الطريق» وإيجاد «أسس ملموسة» للمفاوضات التي يستعجل المبعوث الدولي الدعوة إليها بحسب ما أكد عليه مجددا نائبه رمزي عز الدين رمزي أمس في جنيف. وقال رمزي إن الأمم المتحدة «تأمل» في أن تنطلق «المحادثات المباشرة في الأسابيع المقبلة». ووفق كلمة المبعوث الدولي أمام مجلس الأمن يوم الأربعاء، فإن الخطة تقوم على «محادثات تمهيدية تفضي إلى مفاوضات مباشرة» بين الأطراف السورية انطلاقا من «مجموعة من الأفكار» التي سيطرحها دي ميستورا وسبق التشاور بشأنها مع الأطراف السورية والجهات المؤثرة إقليميا ودوليا.
ويبقى التساؤل المشروع إن كان سيتم السير في هذه التفاهمات، وتجربة السنوات الخمس في سوريا، لا تدفع على التفاؤل، إذ إن السير بها مشروط بما يحصل ميدانيا وباحترام هدنة جدية وبمدى التزام الراعيين الرئيسيين بما توصلا إليه، وخصوصا بمدى استمرار الولايات المتحدة الأميركية بمتابعة الملف السوري وبقدرتها على اتخاذ القرارات في مرحلة انتخابية متقدمة تضمن معها السياسة الخارجية وتغلب عليها رغبة الإدارة المنتهية في الامتناع عن تكبيل أيدي الإدارة القادمة.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.