وثيقة الهيئة العليا للمفاوضات في الأمم المتحدة تتفاعل.. من دون إفراط بالتفاؤل

معلومات عن لقاء مرتقب بين وفد المعارضة وممثلين للبيت الأبيض

الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند التقى في نيويورك الاثنين الماضي رئيس الهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب ممثل المعارضة السورية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند التقى في نيويورك الاثنين الماضي رئيس الهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب ممثل المعارضة السورية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (أ.ف.ب)
TT

وثيقة الهيئة العليا للمفاوضات في الأمم المتحدة تتفاعل.. من دون إفراط بالتفاؤل

الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند التقى في نيويورك الاثنين الماضي رئيس الهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب ممثل المعارضة السورية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند التقى في نيويورك الاثنين الماضي رئيس الهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب ممثل المعارضة السورية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (أ.ف.ب)

أثارت الوثيقة التي طرحها وفد الهيئة العليا للمفاوضات في نيويورك، أمام ممثلي الاتحاد الأوروبي ووزراء خارجية عدد من الدول العربية والإسلامية، اهتمام المتابعين للقاءات الوفد على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة. وإن كانت التوقعات حول النتائج التي ستحصدها متواضعة، أمام التصلب الروسي الداعم للنظام السوري، وفي ظلّ عدم بروز تبدّل حقيقي في الموقف الأميركي مما يجري على الساحة السورية، إلا أن فاعلية طرح هذه الوثيقة في هذا التوقيت، ربما يحقق هدفين الأول إظهار الصورة الحقيقية للوضع السوري، وشرح جرائم الأسد للكثير من الدول، والثاني عدم ترك الساحة الدولية ملعبًا للنظام السوري وداعميه الإقليميين والدوليين.
وإذا كان من المبكر الحكم على نتائج لقاءات وفد المعارضة السورية في نيويورك، رأى سمير نشار عضو الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة سمير، أنه «من واجب الهيئة العليا للمفاوضات أن تذهب إلى نيويورك وتحمل همّ الشعب السوري ومطالبه بغض النظر عن حجم الحصاد». واعتبر في لـ«الشرق الأوسط»، أنه «من المهم في هذا الموسم السنوي، أن تذهب الهيئة العليا وترفع قضية الشعب السوري أمام أكبر عدد من دول العالم التي تتوافد إلى هناك، لأن الكثير من الدول لا تعرف ما يرتكبه النظام السوري، وسط الإعلام المضلل الذي يقول إن القوى المتطرفة هي المسيطرة في سوريا».
وقال نشار «عندما انطلقت الثورة السورية لم يكن هناك أي تنظيم متشدد لا داعش ولا أي تنظيم إسلامي، ولم يكن هناك رغبة في حمل السلاح لأكثر من تسعة أشهر، لكن استخدام الأسد للقوة المفرطة واستقدامه الميليشيات الشيعية مثل حزب الله والميليشيات العراقية وغيرها، اضطر الشعب السوري إلى حمل السلاح، ونشأ التطرف في المعسكر السني». وشدد على «واجب الهيئة العليا للمفاوضات أن تضع مطالب الشعب السوري عن الحرية والعدالة والدولة المدنية ودولة القانون أمام العالم، لا أن تترك الساحة الدولية للنظام السوري وللقوى المؤيدة له، التي تدعمه في جرائمه، كما فعلت روسيا أمس (الأول) في قصف قافلة الإغاثة». وكشف نشار عن إمكانية «تحقيق شيء ما، في ظل الحديث عن انعقاد اجتماع عالي المستوى مع ممثلين للبيت الأبيض وأعضاء الهيئة العليا للمفاوضات».
أما عضو الهيئة العليا للمفاوضات العميد أسعد الزعبي، فبدا أقل تفاؤلاً، إذ رأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «نسبة نجاح الوثيقة التي طرحها رئيس الهيئة في نيويورك تكاد تكون صفرًا، لأن الوثيقة نفسها عرضت أمام سفراء ما يسمّى أصدقاء الشعب السوري في لندن، ولم تلق أي ترجمة». وقال: «نحن عدنا إلى المربع الأول الذي يقول إذا كانت لدى المجتمع الدولي جدية، يمكن الوصول إلى بارقة أمل، لكن في غياب هذه الجدية يبدوا أننا نراوح مكاننا»، مشيرًا إلى أن «الروس والأميركيين هم من يتحكّم بمصير الشعوب، ومعلوم أن تدخل موسكو في أوكرانيا وتدخلها بقتل الشعب السوري يحصل بموافقة أميركية».
ولفت الزعبي إلى أن «أكثر من 10 آلاف شهيد سوري قضوا جراء القصف الروسي في سوريا، عدا عن تدمير مناطق سكنية ومشاف، ورغم ذلك هناك من يتحدث عن سوريا المفيدة، في غياب التأثير العربي أو الدولي». وأضاف: «منذ دخول الروس إلى سوريا، تبين أن هناك اتفاقات سرية من الأميركيين، ولم يكن هناك أي تأثير عربي وإسلامي على هذه السياسة وبالأمس سمعنا احتجاجا أوروبيًا على التفرد الأميركي الروسي باتفاق خفي في سوريا».
ولم يجد عضو الهيئة العليا للمفاوضات في الوثيقة إلا «محاولة إذا أصابها الحظ بالوصول إلى نتيجة، يكون ذلك جيدًا، وإذا لم يحالفها الحظ نكون سجلنا موقفًا أمام العالم عما يريده الشعب السوري والدول الشقيقة والصديقة مثل السعودية وتركيا». وأبدى الزعبي اعتقاده بأنه «لا قرار أميركيا روسيا، لتغيير موقفهما مما يجري في سوريا، لكن ربما نكون هناك آمال على الإدارة الأميركية الجديدة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.