الحوثي يتوسل دعم «المركزي».. واليمنيون يسخرون: أين الرواتب لنتبرع؟

بعد نقل مقره من صنعاء إلى عدن وتغيير مجلس إدارته

يمنيون يمرون بدراجة نارية أمام جدار عليه رسم غرافيتي يندد بتدهور الوضع الاقتصادي في ظل حكم الحوثيين قرب مبنى البنك المركزي سابقًا في صنعاء (إ.ب.أ)
يمنيون يمرون بدراجة نارية أمام جدار عليه رسم غرافيتي يندد بتدهور الوضع الاقتصادي في ظل حكم الحوثيين قرب مبنى البنك المركزي سابقًا في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثي يتوسل دعم «المركزي».. واليمنيون يسخرون: أين الرواتب لنتبرع؟

يمنيون يمرون بدراجة نارية أمام جدار عليه رسم غرافيتي يندد بتدهور الوضع الاقتصادي في ظل حكم الحوثيين قرب مبنى البنك المركزي سابقًا في صنعاء (إ.ب.أ)
يمنيون يمرون بدراجة نارية أمام جدار عليه رسم غرافيتي يندد بتدهور الوضع الاقتصادي في ظل حكم الحوثيين قرب مبنى البنك المركزي سابقًا في صنعاء (إ.ب.أ)

في الوقت الذي توسل فيه عبد الملك الحوثي، زعيم جماعة الحوثيين، دعم البنك المركزي اليمني ولو بـ50 ريالاً، تساءل يمنيون: كيف لهم التبرع دون أن يتسلموا رواتبهم الشهرية التي أهدرتها جماعته على ما يسمى «المجهود الحربي» لانقلابهم المشؤوم.
وأدت الخطوات القوية التي اتخذتها الحكومة اليمنية بنقل مقر البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن، وتغيير مجلس إدارته، إلى توسل الانقلابيين الدعم من الشعب ورجال الأعمال لإنقاذ انقلابهم المتهاوي.
وأفقدت خطوة الشرعية اليمنية بنقل مقر البنك المركزي اليمني الانقلابيين صوابهم، وبدا ذلك جليًا في تصريحات عبد الملك الحوثي الذي توسل إلى الشعب اليمني الدعم ولو بـ50 ريالاً فقط.
اليمنيون استقبلوا دعوة الحوثي بالسخرية بعد أن أفرغ خزائن البنك المركزي اليمني من أموالهم وصرفها في مغامرات تخدم أجندات نظام الملالي الإيراني، الذي لم يتبرع بدولار واحد للشعب اليمني منذ بدء الأزمة وحتى اليوم.
وقال عبد القادر الجنيد، الناشط الحقوقي والسياسي اليمني، تعليقًا على الدعوة للتبرع بـ50 ريالاً للبنك المركزي: «هل سبق ورأيتم أحدًا يطلب تبرعات للبنك؟ و«المركزي» كمان؟ الحوثي في يوم الغدير والذكرى الثانية لانقلابه مع صالح على الشرعية».
وتوسل الحوثي اليمنيين، في خطاب له أول من أمس، دعم البنك المركزي اليمني كل بما يستطيع ولو 50 ريالاً، على حد قوله، وكان لافتًا انفعاله الشديد إثر قرار الشرعية نقل البنك وتغيير إدارته إلى عدن كبرى مدن الجنوب، الأمر الذي يهدد بتجفيف منابع التمويل لعصاباته.
ولم يعد أحد من اليمنيين يكترث لخطابات الحوثي التي أصبحت محل تندر وسخرية الجميع، وفي خطابه الأخير ودعوته للتبرع إلى البنك المركزي أعاد إلى أذهانهم دعوته الشهيرة لهم ببيع الحجارة بآلاف الدولارات التي عدها إحدى الثروات الوطنية التي يمتلكها اليمن ويمكن تصديرها للخارج.
وبعد تدمير مؤسساتها وإفراغ خزائنها وتسريح موظفيها، عاد عبد الملك الحوثي يستجدي مؤسسات الدولة أهمية الحفاظ على الإيرادات وتحصيلها، كما وجه تهديدًا صريحًا لرجال المال والأعمال بأن عدم تبرعهم وتفاعلهم سيعرض تجارتهم للضرر.
في السياق ذاته، وصف محمد عبد السلام، الناطق الرسمي باسم الحوثيين، قرار نقل مقر البنك المركزي بأخطر وأسوأ القرارات التي يقوم بها هادي، الذي يستهدف الشعب اليمني في حياته ولقمة عيشه وتهدد حياته وسيادته، على حد تعبيره.
بدوره، تساءل علي البخيتي، القيادي السابق في جماعة الحوثيين، كيف أصبحت الدولة وموقع رئاسة الجمهورية مسخرة في عهد الانقلابيين؟ مشيرًا إلى تحول القرارات الجمهورية إلى نكات يضحك منها الناس ولا تجد لها واقعا على الأرض. وأضاف: «أهان الحوثيون كل شيء، كل الرموز، كل المقدسات، كل القوانين والأنظمة واللوائح». وتهكم البخيتي على دعوة عبد الملك الحوثي التبرع للبنك المركزي بقوله «طيب اصرفوا راتب المواطنين والجنود من أجل أن يتبرعوا للبنك، أرأيتم ثمن الحماقة، وعدم الإدراك، ناولتونا ما نبالي ما نبالي، وآخرتها تبرعوا».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.