خامنئي يقر بالإساءة لرموز السنة وانتقادات داخلية تطالب بانسحاب إيران من سوريا

سياسي إصلاحي يتحدى قائد فيلق «القدس» لإثبات «استراتيجيته العسكرية دفاعًا عن الأسد»

قائد فيلق «القدس» قاسم سليماني بين قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري ومساعده حسين سلامي الأحد الماضي (موقع خامنئي الرسمي)
قائد فيلق «القدس» قاسم سليماني بين قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري ومساعده حسين سلامي الأحد الماضي (موقع خامنئي الرسمي)
TT

خامنئي يقر بالإساءة لرموز السنة وانتقادات داخلية تطالب بانسحاب إيران من سوريا

قائد فيلق «القدس» قاسم سليماني بين قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري ومساعده حسين سلامي الأحد الماضي (موقع خامنئي الرسمي)
قائد فيلق «القدس» قاسم سليماني بين قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري ومساعده حسين سلامي الأحد الماضي (موقع خامنئي الرسمي)

اعترف المرشد الإيراني علي خامنئي ضمنا بأن التطرف الطائفي (الشيعي) و«استفزاز مشاعر المذاهب الإسلامية الأخرى وراء ظهور (داعش) و(النصرة)». بموازاة ذلك زادت الانتقادات الموجهة إلى الحرس الثوري بسبب التدخل في سوريا بعدما تحدى السياسي الإصلاحي مهدي خزعلي، قائد فيلق «القدس» قاسم سليماني، ودعاه إلى مناظرة تلفزيونية لإثبات فشل التدخل الإيراني بالأدلة الدامغة.
ووجه خامنئي أمس، خلال خطاب أمام حشد من الإيرانيين، تهمة التطرف إلى تيارات شيعية تعارض مبدأ ولاية الفقيه وصفها بـ«شيعة بريطانيا» قائلا إن «استفزاز مشاعر المذاهب الأخرى باسم الشيعة أدى إلى ظهور جماعات متطرفة مثل (داعش) و(النصرة) وأشار إلى أنه يطالب «بوحدة العالم الإسلامي»، وفي الوقت نفسه اعتبر «إساءة رموز أهل السنة» من «موانع نشر الأسس المنطقية والاستدلال بالاعتقاد بالإمامة» وفقا لما نقله موقعه الرسمي، وهي إشارة من خامنئي إلى نشر التشيع.
في هذا الصدد، قال خامنئي: «لا تستفزوا مشاعر أهل السنة»، وأضاف أن «البعض يظن أن إثبات التشيع يتحقق بالإساءة إلى أهل السنة»، وتجاهل إساءة التلفزيون الرسمي الإيراني ضد رموز أهل السنة خلال الشهرين الماضيين، التي أثارت انتقادات واسعة من قبل شخصيات سنية في إيران.
وتعد هذه أول مرة يشير فيها خامنئي إلى دور التيارات الشيعة في تفاقم التطرف في المنطقة، لكنه تجاهل التعليق على الانتقادات التي تطال نظامه بسبب دورها في أزمات المنطقة. ويبرر قادة الحرس الثوري منذ سنوات التدخل العسكري ودعم الميليشيات الشيعية بالتمهيد لظهور «المهدي المنتظر»، كما يعتبر أنصار التدخل العسكري أن خامنئي هو «السيد الخراساني» وفق الروية الشيعية.
في غضون ذلك، أبدى خامنئي مخاوفه من الوضع الاقتصادي في إيران، وقال إن «الأعداء يبحثون عن تدهور الوضع الاقتصادي لخلق سخط شعبي على النظام».
وتشهد إيران صراعا بين الحرس الثوري ومعارضي تنامي قوته العسكرية. في هذا الصدد هاجم أول من أمس، الاثنين، قائد الحرس الثوري الأسبق محسن رضايي منتقدي «العسكرة» في إيران، معتبرا إياهم «مسؤولين لن يتمكنوا من حل المشكلات الاقتصادية في البلد». وأضاف رضايي أن «بعض المسؤولين يلعبون في أرض العدو، من دون أن يعرفوا أو يدركوا أنهم دخلوا أرض الأعداء وهذه الأمور ليست جيدة».
الأحد الماضي وسط حشد من قادة الحرس الثوري جدد خامنئي دعمه هذا الجهاز العسكري في وقت يتعرض لانتقادات داخلية وخارجية، وقال إن الحديث عن وقف النشاط العسكري «كلام فارغ» يقف وراءه «أعداء النظام».
يأتي كلام خامنئي حول منشأ «داعش» في وقت أثارت تصريحات الناشط السياسي، مهدي خزعلي، حول دور قاسم سليماني وفيلق «القدس» في ظهور «داعش» جدلا واسعا في إيران. خلال الأيام الماضية خرج هذا السياسي الإصلاحي البارز في مناسبتين انتقد فيهما دور سليماني وإيران بشدة في إشعال الحرب السورية منذ خمس سنوات.
في أحدث تعليقه الذي نقله مركز وثائق حقوق الإنسان الإيرانية، دعا خزعلي قائد فيلق «القدس» قاسم سليماني إلى المناظرة تلفزيونية لإثبات تورط إيران في المستنقع السوري. ودافع خزعلي، أول من أمس، عن تصريحات صدرت له الأسبوع الماضي اتهم فيها سليماني بالوقوف وراء ظهور «داعش». وقال، أول من أمس، إن كلامه يستند على حقائق دامغة ودقيقة، مجددا دعوته إلى انسحاب القوات العسكرية الإيرانية من سوريا لوقف الحرب.
على ما يبدو أن الناشط الإيراني كشف عن جانب من القصة المحرمة حول خلافات عميقة بشأن دور الحرس الثوري خارج الحدود الإيرانية. واعتبرت وسائل إعلام مقربة من الحرس الثوري تصريحات الناشط الإيراني دفاعا عن «داعش»، لكن الناشط الإيراني شدد على موقفه الرافض التدخل الإيراني في الحرب السورية، مخاطبا قاسم سليماني بأنه «ليس سوبر مان أو بات مان». وأشار إلى وجود وجهة نظر تعارض «نظرية سليماني الحربية» وخسائر إيران في الأرواح فضلا عن الخسائر المادية والعسكرية.
كذلك رفض خزعلي ما تدعيه طهران من الحرب «دفاعا عن الحرب»، معتبرا قتال القوات الإيرانية «دفاعا عن بشار الأسد» وتساءل: إن «كنتم تدافعون عن الحرم ماذا تفعلون في حلب؟». وأضاف خزعلي في أحدث تعليق له على الدور الإيراني السلبي بالقول إنه «لو سمحنا بتحقق إرادة الشعب السوري في صعود دولة ديمقراطية لكنا ندافع عن الأماكن المقدسة وكانت علاقاتنا مع سوريا في وضع أفضل من الحال».
وشدد خزعلي على أنه على النظام الإيراني أن يتوقف عن دعم نظام الأسد وأن «لا يخدع نفسه»، مضيفا أن «الدبلوماسية الفعالة بإمكانها وقف الحرب في غضون ساعتين».
وفي جانب لافت من حديثه، أشار خزعلي ضمنا إلى موافقة إيران في 2014 على خروج الأسد بعد انتخابات رئاسية لكنها تخلت عن وعدها لاحقا.
في السياق نفسه، حذر خزعلي سليماني وقادة الحرس الثوري من الاستمرار في خداع صحيفة «كيهان» مشددا على أن وقف الحرب بأسرع وقت ممكن يجنب إيران مزيدا من الخسائر، مشبها خسائر إيران بخسائر حرب الخليج الأولى مع العراق في الثمانينات.
وجدد خزعلي ما قاله الأسبوع الماضي حول «داعش الشيعة»، في إشارة إلى سليماني، مؤكدا أن تدخل إيران منذ بداية الأزمة السورية منع إسقاط الأسد وحال دون صعود دولة ديمقراطية وساعد في ظهور «داعش». وكان خزعلي قد وجه انتقادات لاذعة قبل أسبوع لـ«أطماع فيلق القدس»، واعتبارها سببا في تدهور الأوضاع والحرب الأهلية السورية خلال السنوات الخمس الماضية، نافيا أن تكون مصالح إيران في خطر في حال خروج الأسد من السلطة في 2011.
على الصعيد ذاته، شبه معتقدات وأفكار سليماني بمعتقدات «داعش»، موضحا أن حسابات إيران الخاطئة أدت إلى اتخاذ «استراتيجية الحرب» في سوريا والعراق معتبرا تأمين ميزانية الحرب من إيران سببا في دمار تلك البلدان. كما ذكر أن «الشعب السوري لن يغفر لإيران وأن العراقيين والسوريين سيعلنون نفورهم من سليماني بعد أشهر» مطالبا من وصفهم بـ«العقلاء» بالتدخل لـ«لملمة الوضع الحالي وإخراج إيران من بئر سوريا» قبل فوات الأوان.
في المقابل، رد قائد فيلق «القدس» قاسم سليماني الخميس الماضي على تصريحات خزعلي، واعتبرها «بعض تصريحات الأعداء المعادية»، وفي بيان وصفته وسائل إعلام ناطقة خارج إيران بالغريب، طالب سليماني الإيرانيين بـ«تجاهل التصريحات المخادعة» وقال إن الأعداء زرع الشقاق والتفرقة بين الإيرانيين وبث مشاعر الإحباط في نفوسهم.
هذا، ويعد مهدي خزعلي الابن الأوسط لعضو مجلس صيانة الدستور ومجلس الخبراء، أبو القاسم خزعلي، الذي ساهم في كتابة دستور النظام الجديد بعد وصول الخميني إلى سدة الحكم في 1979، لكن مهدي خزعلي على خلاف والده الذي توفي في سبتمبر (أيلول) 2015 انتقد سياسات أحمدي نجاد وأعلن عن تأييده انتفاضة الإيرانيين ضد تزوير نتائج الانتخابات الرئاسية في 2009.



أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
TT

أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)

شهدت جلسة للمحكمة العليا الإسرائيلية، عقدت الأربعاء، لمناقشة التماسات ضد امتناع «الحريديم» (اليهود المتشددين دينياً) عن الخدمة في الجيش، مشادات وشغباً، وسط اتهامات للحكومة بتعمد تقديم «رد متأخر» حول موقفهم، وغضب من أهالي الجنود الذين يقاتلون في قطاع غزة.

ونقلت وسائل إعلام عبرية، أنه خلال مناقشة التماس قدمته منظمات وروابط محلية ضد الحكومة ووزير الدفاع يسرائيل كاتس لأنهم «لا يطبقون واجب التجنيد ضد الحريديم»، اندلعت أعمال شغب بعد أن اقتحمت تمار ليفي، من حركة «أمهات على الجبهة» القاعة، وصرخت قائلة: «إن العلمانيين (في إشارة إلى من يتم تجنيدهم) ليسوا حمير المتشددين».

ونقلت «القناة 12» الإسرائيلية أن ليفي وقفت فوق كرسي وصرخت في قاعة المحكمة «إنكم تفتتون النسيج الاجتماعي لهذا البلد. لا يمكن أن نرسل أولادنا بعمر 18 عاماً إلى غزة ولبنان ولا يتم إرسال آخرين»، ثم يتمكن حارس المحكمة من إخراجها من الجلسة.

80 ألفاً

وناقشت الجلسة رد الحكومة المتأخر، وقال قضاة المحكمة إنهم صدموا عندما عرفوا أن عدد أعضاء المتشددين الذين لم يتم تجنيدهم، بحسب رد الدولة، هو 80 ألفاً.

ووبخ القضاةُ ممثلي الحكومة لأنهم ردوا متأخراً في الصباح الباكر قبل ساعات من الجلسة.

وكان كاتس معنياً، كما نشر، بتأخير الرد الرسمي، الذي أكد أن الجيش الإسرائيلي سيكون قادراً ابتداء من عام 2026 على استيعاب جميع اليهود المتشددين.

«الحريديم» في مظاهرة بالقدس ضد قرار تجنيدهم بالجيش الإسرائيلي 30 يونيو 2024 (أ.ب)

ونقل المستشار القانوني للحكومة، غالي بهراف ميارا، موقف الدولة بشأن تجنيد المتشددين، إلى المحكمة، وأشار إلى أن الجيش سيكون قادراً على استيعاب أرقام محددة من الحريديم هذا العام، وفي عام 2026 لن يكون هناك حد على الإطلاق.

وقالت الحكومة إن «الجيش أرسل أوامر التعبئة إلى نحو 7000 من اليهود المتشددين في سن الخدمة العسكرية».

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن الثلاثاء، عن زيادة كبيرة في التجنيد من الطائفة اليهودية المتشددة لفترة التجنيد الثانية لعام 2024.

وفقاً للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، «انضم 338 مجنداً جديداً من اليهود المتشددين إلى وحدات مختلفة: 211 بوصفهم مقاتلين و127 في مهام دعم».

ويؤكد الجيش الإسرائيلي أن «هذا الدمج يتم مع احترام الظروف وأسلوب الحياة الديني للمجندين، مع تكييف البرامج القائمة».

لكن بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن إرسال الجيش الإسرائيلي 7000 أمر تجنيد إضافي لأعضاء المجتمع الحريدي جاء بعد أن فشلت المرحلة الأولى من خطة تجنيد الجنود الحريديم إلى حد كبير.

نزاع شائك

ومن بين 3000 أمر تجنيد صدرت للمتدينين الحريديم خلال الصيف الماضي، استجاب 300 شخص منهم وحضروا إلى مراكز التجنيد.

وجاءت أوامر الجيش بعد حكم تاريخي للمحكمة العليا في يونيو (حزيران) الماضي، وفيه أنه «لم يعد هناك أي إطار قانوني يسمح للدولة بالامتناع عن تجنيد طلاب المدارس الدينية الحريدية في الخدمة العسكرية».

والنزاع حول خدمة المجتمع الحريدي في الجيش هو أحد أبرز النزاعات الشائكة في إسرائيل، حيث لم تنجح محاولات الحكومة والقضاء على مدار عقود من الزمان في التوصل إلى حل مستقر لهذه القضية.

وتقاوم الزعامات الدينية والسياسية الحريدية بشدة أي جهد لتجنيد الشباب الحريديم.

يعارض «الحريديم» الخدمة في الجيش (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويقول العديد من اليهود الحريديم إن «الخدمة العسكرية تتعارض مع أسلوب حياتهم، ويخشون أن يصبح المجندون علمانيين».

ولكن الإسرائيليين الذين يخدمون في الجيش يقولون إن هذه «الإعفاءات الجماعية القائمة منذ عقود تثقل كاهلهم بشكل غير عادل، وهذا الشعور تفاقم منذ هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) والحرب التالية، التي قتل فيها أكثر من 780 جندياً واستدعي نحو 300 ألف مواطن للخدمة الاحتياطية».

وفي العام الماضي، تم إدراج 63 ألف رجل من الحريديم على أنهم مؤهلون للخدمة العسكرية، وارتفع الرقم إلى 80 ألفاً هذا العام.

وتعمل أحزاب الائتلاف الحريدية على تشريع قانون معروف باسم «قانون التجنيد» من شأنه أن يتضمن زيادة في التجنيد، لكن مع الحفاظ على نطاق واسع من الإعفاء للرجال الحريديم، وهو ما خلف مزيداً من الجدل الصاخب والنقاش في إسرائيل.

وبداية العام الحالي، أعلن وزير الدفاع السابق، عضو الكنيست يوآف غالانت، استقالته من الكنيست، وتطرق إلى موضوع قانون التجنيد الذي كان سبباً في إقالته من منصبه، قائلاً: «في الشهرين الأخيرين منذ إقالتي من منصب وزير الدفاع، سقط أمر ما. الحكومة الإسرائيلية، بقيادة رئيس الوزراء ووزير الدفاع تقوم بتسريع قانون التجنيد (الإعفاء) الذي يتعارض مع احتياجات الجيش الإسرائيلي وأمن دولة إسرائيل. لا أستطيع قبول ذلك ولا أستطيع أن أكون شريكاً في ذلك».