أمين «الاتحاد الاشتراكي» المغربي المعارض: الصراع السياسي في البلاد أصبح محصورًا بين مشروعين

لشكر يهاجم «التقدم» و«الاشتراكية» ويعبر عن قلقه من أجواء الانتخابات

إدريس لشكر
إدريس لشكر
TT

أمين «الاتحاد الاشتراكي» المغربي المعارض: الصراع السياسي في البلاد أصبح محصورًا بين مشروعين

إدريس لشكر
إدريس لشكر

قال إدريس لشكر، الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض، إن الصراع السياسي في المغرب أصبح محصورا بين مشروعين سياسيين، الأول ديمقراطي حداثي والثاني محافظ رجعي. وألقى لشكر، الذي كان يتحدث صباح أمس في لقاء نظمته حركة ضمير بالدار البيضاء حول برنامج حزبه، اللوم على هيئات المجتمع المدني لأنها لا تميز بين الأحزاب وتضعهم جميعا في صف واحد، ودعاها إلى الفرز بين الأحزاب حسب مواقفها وممارساتها الفعلية، وتصويتها داخل البرلمان.
وقال لشكر إن تحالفاته الحزبية لا يمكن أن تخرج عن الأحزاب التي تشاركه المشروع الحداثي الديمقراطي، مضيفا أن أمر الحسم في تحالفات الحزب يعود لمؤتمر الحزب ولمجلسه الوطني. غير أن لشكر أشار إلى أن حزب الأصالة والمعاصرة كان الحزب الأقرب للاتحاد الاشتراكي في القضايا المتعلقة بالمرأة وبالحداثة التي طرحت في البرلمان.
ووجه لشكر سهام انتقاداته لحليفه السابق في الكتلة الديمقراطية، حزب التقدم والاشتراكية، ولأمينه العام نبيل بنعبد الله، الذي تحالف مع حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية في الحكومة الحالية، واصفا إياه بأنه تنازل عن المطالبة بحقوق المرأة والانخراط في صف المحافظين. وانتقد لشكر تصريحات بنعبد الله حول «التحكم»، مشيرا إلى أن التحكم مصطلح استعمله الاتحاد الاشتراكي في إحدى وثائقه سنة 1974 للحديث عن ضبط الساحة السياسة والانتخابات من طرف النظام، واستغرب استعماله من طرف وزير مسؤول في حكومة تتمتع بصلاحيات واسعة حسب الدستور المغربي.
ونفى لشكر أن تكون هناك حاجة إلى إصلاح دستوري في المغرب، مؤكدا أن الدستور الحالي المعتمد في سنة 2011 يمنح الحكومة صلاحيات واسعة. وأضاف أن الحكومة الحالية التي يقودها حزب العدالة والتنمية لم تمارس الصلاحيات التي يخولها لها الدستور، وقال: «لو مارست الحكومة صلاحياتها الدستورية بمسؤولية لكان المغرب اليوم في خط تماس مع الملكية البرلمانية».
وعبر لشكر عن قلقه بخصوص الأجواء التي ستجري فيها الانتخابات التشريعية المقررة يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)، مشيرا إلى قيام رئيس الحكومة الذي يشرف على هذه الانتخابات بحملة انتخابية سابقة لأوانها عبر تنظيم مهرجانات وإلقاء خطابات في مناطق مختلفة من البلاد. كما تحدث لشكر عن الخلاف الذي برز بين وزير العدل ووزير الداخلية بخصوص المسيرة الاحتجاجية التي نظمت في الدار البيضاء الأحد الماضي ضد حزب العدالة والتنمية. وقال لشكر إن المسيرة التي تمت الدعوة لها بشكل مجهول عبر مواقع التواصل الاجتماعي ولم تتبناها أي هيئة سياسية أو جمعوية، تسببت في أزمة حكومية عندما اتهم وزير العدل عبر صفحته على «فيسبوك» وزير الداخلية بالوقوف وراءها، ورد وزير الداخلية أيضا على وسائل التواصل الاجتماعي. وتساءل لشكر لماذا لم تجتمع الحكومة وتناقش الموضوع وتخرج ببيان لتنوير الرأي العام بدل التلاسن بين الوزراء عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وأشار لشكر إلى أن هذه السلوكات لا تبشر بخير، خصوصا أن وزيري الداخلية والعدل يشكلان معا اللجنة الوطنية للإشراف على الانتخابات.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم