موسكو تنفي انتهاء التنسيق الرباعي في مركز بغداد

حمَّلت واشنطن مسؤولية انهيار الهدنة لكنها تصر على التنسيق معها

موسكو تنفي انتهاء التنسيق الرباعي في مركز بغداد
TT

موسكو تنفي انتهاء التنسيق الرباعي في مركز بغداد

موسكو تنفي انتهاء التنسيق الرباعي في مركز بغداد

في الوقت الذي دخل فيه تعاونها مع الولايات المتحدة حول الشأن السوري منعطفا خطيرا يهدد بفشل الاتفاق الروسي - الأميركي حول سوريا، تحاول موسكو جاهدة التمسك بتعاونها مع قوى أخرى فاعلة في الملف السوري، وتدعم مثل موسكو النظام في دمشق، وبصورة خاصة إيران التي ترددت معلومات كثيرة في الآونة الأخيرة حول خلافات جدية بينها وبين روسيا بخصوص الملف السوري، والتي جاء نتيجتها قرار روسيا بوقف طلعاتها الجوية من مطار همدان، ودخول التعاون في سوريا بين البلدين مرحلة فتور، وفق ما يرى مراقبون.
وفي إطار حرصها على البقاء ممسكة بأوراق مؤثرة في الأزمة السورية، نفت الخارجية الروسية أمس المعلومات حول إغلاق مركز تبادل المعلومات في بغداد الذي تشارك فيه روسيا والنظام السوري والنظام الإيراني والحكومة العراقية بصورة رئيسية. وكان موقع إلكتروني قد نشر خبرا بعنوان «حول الموت المفاجئ لمحور الشر موسكو - طهران - دمشق - بغداد» أكد فيه نقلا عن مصادر من المركز ذاته أن «المركز سيوقف عمله بما في ذلك تبادل المعلومات». وتقول الخارجية الروسية إن معظم وسائل الإعلام التقطت ذلك الخبر ونشرته على الفور.
ووصفت الخارجية الروسية في بيان رسمي ما جاء في ذلك الخبر أنه «ليس أكثر من تضليل معلوماتي صارخ، لا يمت بأي صلة للواقع». واعتبرت أن «الهدف منه هو خلق حالة من الإرباك بين أصدقائنا، وزرع الشكوك حول استمرار مشاركة روسيا في المركز الذي رسخته»، مشددة على أن «المركز في بغداد يبقى أداة مهمة للتعاون العملي كذلك مع المشاركين الآخرين في المركز في التصدي لـ(داعش)، وننطلق من أن جميع شركائنا في المركز مهتمون بدعم وتطوير التعاون»، حسب بيان الخارجية الروسية.
في هذه الأثناء، وجهت وزارة الدفاع الروسية اتهامات للولايات المتحدة والمعارضة السورية بعدم تنفيذ أي من التزاماتهم التي نص عليها اتفاق 9 سبتمبر (أيلول)، وحملتهما مسؤولية انهيار الهدنة. وكان الفريق سيرغي رودسكوي، رئيس دائرة العمليات في هيئة الأركان الروسية قد قال خلال مؤتمر عبر دارة تلفزيونية أمس، إنه «نظرًا لعدم التزام المقاتلين (المعارضة) بشروط اتفاق وقف الأعمال العدائية، نرى أن تنفيذ القوات الحكومية للاتفاق بصورة أحادية الجانب عمل لا جدوى منه»، زاعمًا أن روسيا والنظام السوري نفذا كل التزاماتهما بموجب الهدنة التي تم التوصل إليها ضمن اتفاق جنيف.
وترى وزارة الدفاع الروسية، وفق ما يؤكد رودسكوي، أن الولايات المتحدة تجهل حقيقة الوضع على الأرض، والدليل على ذلك حسب قوله «الضربات التي وجهتها مؤخرا مقاتلات قوات التحالف الدولي ضد مواقع القوات الحكومية في دير الزور، والهجوم الذي شنته على الفور بعد ذلك مجموعات (داعش)»، حسب قول المسؤول العسكري الروسي الذي تابع مشككا بتوفر أداوت تأثير لدى الولايات المتحدة على المعارضة، محملا المسؤولية عما قال: إنه «استمرار القصف على مواقع القوات الحكومية، ومقتل عسكريين ومدنيين سوريين» لعدم قدرة الولايات المتحدة التأثير على المعارضة.
من جانبه، قال ألكسندر زورين، ممثل روسيا في جنيف لدى المجموعة الخاصة بوقف إطلاق النار إن الخبراء الروس سلموا زملاءهم الأميركيين يوم الثاني عشر من سبتمبر 16 سؤالا لتقديم معلومات بشأن مواضيع تلك الأسئلة، مشيرًا إلى أن «الزملاء الأميركيين يتعاملون ببطء في الرد على المسائل المبررة التي تقلقنا»، لافتا هو الآخر إلى أن «الزملاء الأميركيين لم ينفذوا الشرط الرئيسي لوقف إطلاق النار وهو الفصل بين المعارضة و(جبهة النصرة)».
في شأن متصل، أكد مصدر دبلوماسي روسي من جنيف في حديث لوكالة «تاس» أن المحادثات بين الخبراء العسكريين الروس والأميركيين مستمرة بشكل يومي، ويجري بحث تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار. إلا أنه وكما كان الموقف في الأيام الماضية، فإن موسكو ورغم كل الانتقادات والاتهامات التي توجهها للولايات المتحدة ما زالت متمسكة بالحوار معها حول الشأن السوري. وأمس، أكد فرانتس كلينتسيفيتش، رئيس لجنة مجلس الاتحاد (المجلس الفيدرالي الروسي) لشؤون الدفاع والأمن أن «من المهم جدا في المرحلة الحالية الحفاظ على حالة وقف إطلاق النار كي يفهم الناس أن الحرب ستنتهي عاجلا أم آجلاً»، معربا عن اعتقاده أن الأمر الأهم في هذا المجال «هل ستتمكن الولايات المتحدة من الفصل بين المعارضة والإرهابيين أم لا»، معربا عن عدم ثقته بتمكن الولايات المتحدة من تنفيذ تلك المهمة.
وإذ أكد المسؤول البرلماني الروسي أن «روسيا ستواصل توجيه ضربات ضد مواقع الإرهابيين وتلك التشكيلات التي تنتهك وقف إطلاق النار»، فإنه شدد في الوقت ذاته على أن «تلك الضربات ستجري بتنسيق مع الولايات المتحدة»، معربا عن يقينه أن المركز الذي سيعمل فيه العسكريون الروس والأميركيون معا على الفصل بين المعارضة والإرهابيين، وتنسيق الطلعات الجوية لقوات البلدين سيبدأ عمله في وقت قريب.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».