انطلاق العام الدراسي في سوريا الممزقة بين مناهج النظام وأخرى لـ «داعش»

مئات الآلاف من الأطفال السوريين اللاجئين والمحاصرين محرومون من التعليم

طفلان سوريان داخل سوق لبيع الخضار في منطقة خاضعة لسيطرة المعارضة في حلب تزامنًا مع بدء العام الدراسي الجديد أمس (رويترز)
طفلان سوريان داخل سوق لبيع الخضار في منطقة خاضعة لسيطرة المعارضة في حلب تزامنًا مع بدء العام الدراسي الجديد أمس (رويترز)
TT

انطلاق العام الدراسي في سوريا الممزقة بين مناهج النظام وأخرى لـ «داعش»

طفلان سوريان داخل سوق لبيع الخضار في منطقة خاضعة لسيطرة المعارضة في حلب تزامنًا مع بدء العام الدراسي الجديد أمس (رويترز)
طفلان سوريان داخل سوق لبيع الخضار في منطقة خاضعة لسيطرة المعارضة في حلب تزامنًا مع بدء العام الدراسي الجديد أمس (رويترز)

بدأ نحو أربعة ملايين طالب وتلميذ العام الدراسي الجديد، داخل الأراضي السورية، وباشروا الدوام فيما يقرب من 15 ألف مدرسة في جميع المحافظات، حسب بيان رسمي صادر عن وزارة التربية في حكومة النظام.
وقال المركز الإعلامي في بلدة تلبيسة المحاصرة من قبل قوات النظام في ريف حمص الشمالي إن أكثر من 10 قذائف مدفعية وهاون ثقيل استهدفت بشكل مباشر المدارس في قلب مدينة تلبيسة في اليوم الأول من العام الدراسي الجديد، مشيرا إلى أن مصدر القذائف كان معسكر ملوك وقرية النجمة جنوبا وكتيبة الهندسة في المشرفة شرقا التابعة لقوات النظام. ويعاني الأطفال في المناطق المحاصرة في سوريا من الحرمان من فرص التعليم من جراء القصف والاشتباكات والحصار، حيث تنعدم إمكانية متابعة الدراسة.
وقالت ناشطة سورية في مجال التعليم تتواصل مع سكان بعض المناطق المحاصرة لـ«الشرق الأوسط» إن فريقها الموجود خارج سوريا يواجه صعوبات كبيرة في تمكين الأطفال المحاصرين من التعليم، وإذا وجد في الداخل شبانا متطوعين يعملون على تدريس الأطفال القراءة والكتابة والحساب فهناك صعوبة في وضع مناهج تتلاءم وطبيعة الظروف التي يعيشها سكان تلك المناطق، و«لذلك لا يمكن أن تكون وسائل الإيضاح في نماذج المسائل الحسابية فواكه وأطعمة هو محروم منها أو لا يعرفها كالموز والتفاح والبرتقال، كما لا يمكن تعليم الطفل الواجبات المدنية العامة كعبور الشارع والإشارات الضوئية وهو يعيش في مناطق مدمرة وساحة قتال.. عليه أن يتعلم كيف يهرب من القناص». وأضافت الناشطة التي رفضت الكشف عن اسمها، أن هذه إحدى الصعوبات ولكن هناك التحدي الأهم و«هو توجه المسيطرين على المناطق المحاصرة إلى فرض المناهج الدينية على الأطفال، وأنه لا يمكن الوصول إلى الأطفال ومساعدتهم دون التنسيق معهم».
من جانبه، أعلن «ديوان التعليم» في تنظيم داعش بدء العام الدراسي الجديد يوم أمس ضمن المدارس المرخصة من قبل الديوان فقط. وتم إفراغ المدارس في المناطق الواقعة تحت سيطرة التنظيم في مدينة الميادين من الأهالي النازحين من دير الزور (شرق) ليتم استقبال الطلبة المسجلين لدى التنظيم، والذين سيتلقون منهاجا خاصا أصدره التنظيم وأشرف عليه مدرسون خضعوا لدورات شرعية وتعليمية ضمن ديوان التعليم. ويركز المنهاج الدراسي الداعشي بشكل رئيسي على العلوم الشرعية (مواد العقيدة والفقه والحديث والقرآن وكتاب التوحيد وشرح الأصول الثلاثة) بالإضافة إلى مواد الرياضيات واللغة العربية والتاريخ.
والتشدد الذي يبديه التنظيم في فرض مناهجه الدراسية على التلاميذ السوريين في مناطق سيطرته دفع الكثير من الأهالي إلى منع أولادهم من متابعة تعليمهم في تلك المدارس والانصراف إما للعمل وإعانة العائلة وإما للمكوث في المنازل. وبحسب دراسة أجرتها منظمة الأغذية والزراعة العالمية (الفاو) التابعة للأمم المتحدة في منتصف عام 2015 بواسطة عدد من الناشطين حول السلم والأمن الغذائي، يوجد لدى كل عائلة في دير الزور طفل على الأقل اضطر لترك التعليم.
أما في الأحياء التي يسيطر عليها النظام في مدينة دير الزور ولا تزال محاصرة من قبل تنظيم داعش منذ نحو عام ونصف العام، فهناك نحو أربعين مدرسة في أحياء القصور والجورة وهرابش ومدرسة السكن الجامعي من المتوقع أن يقبل عليها نحو عشرة آلاف طالب وطالبة بحسب مدير التربية التابعة للنظام خليل حج عبيد الذي شكا من عدم توفر الكتب المدرسية والقرطاسية ونقص في الكوادر التعليمية نتيجة نزوح المدرسين هربا من تنظيم داعش.
وفي حلب، قالت مديرية التربية التابعة للنظام، إنها وزعت الكتب والحقائب المدرسية على جميع المدارس. وأشار مدير تربية حلب إبراهيم ماسو إلى أن عدد المدارس التي تضررت في المدينة تجاوز 30 مدرسة، متوقعا التحاق 270 ألف طالب وطالبة في مختلف المراحل، وقال إن «المحافظة لا تعاني من نقص الكوادر التعليمية لأن معلمي المناطق الشرقية وضعوا أنفسهم تحت تصرف مديرية التربية ما شكل فائضا في المعلمين».
وكانت المنظمة الحقوقية العالمية «هيومان رايتس ووتش» (مقرها نيويورك) قد عبرت عن قلقها إزاء غياب نصف الأطفال اللاجئين السوريين في لبنان والأردن وتركيا عن التعليم، بسبب ظروف عدة أبرزها فقر العائلات الذي يحول دون توفير نفقات التعليم، إضافة إلى زج الأطفال في ميدان العمل واعتبارهم مصدر دخل أساسيا لذويهم.
ويبلغ عدد الأطفال السوريين اللاجئين مليونا ونصف المليون طفل في لبنان والأردن وتركيا، نصفهم حرموا من التعليم، بحسب تقرير لمنظمة هيومان رايتس ووتش، التي أشارت في تقرير لها صدر مؤخرا إلى أن الأطفال اللاجئين من ذوي الاحتياجات الخاصة يواجهون صعوبات تتعلق بعدم تجهيز المدارس بموارد متخصصة. وتشير الأرقام الصادرة عن حكومة النظام السوري إلى أن حجم أضرار القطاع التربوي في سوريا خلال الخمس سنوات الأخيرة تجاوز 281 مليار ليرة سورية (ما يعادل 565 مليون دولار). وقال وزير التربية في حكومة النظام هوزان الوز إن وزارته عملت على تأهيل وصيانة 1958 مدرسة متضررة في محافظات دمشق وريفها وحلب وحمص وحماة واللاذقية وطرطوس والقنيطرة والسويداء والحسكة ودرعا وذلك عن طريق مديريات التربية بإنفاق قدره 1.013 مليار ليرة سورية لعام 2015 وتقوم بتأهيل وصيانة 1104 مدارس عن طريق مديريات التربية في عام 2016.
ويشار إلى أن عدد المدارس المستثمرة في العملية التربوية للعام الدراسي 2015-2016 بلغ 15301 مدرسة استقبلت 4134047 طالبا وطالبة منهم ذكور 2104083 وإناث 2029964 بينما قدر عدد العاملين في القطاع التربوي 311914 منهم ذكور 92648 وإناث 219266 في مختلف المحافظات.



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.