«السلع» تخالف التوقعات العالمية.. والذهب في الصدارة

حققت أعلى مستوى لها على الإطلاق في 8 أشهر

سجلت الاستثمارات في السلع الأولية وعلى رأسها الذهب أعلى مستوى على الإطلاق في فترة الثمانية أشهر الأولى من العام الجاري (رويترز)
سجلت الاستثمارات في السلع الأولية وعلى رأسها الذهب أعلى مستوى على الإطلاق في فترة الثمانية أشهر الأولى من العام الجاري (رويترز)
TT

«السلع» تخالف التوقعات العالمية.. والذهب في الصدارة

سجلت الاستثمارات في السلع الأولية وعلى رأسها الذهب أعلى مستوى على الإطلاق في فترة الثمانية أشهر الأولى من العام الجاري (رويترز)
سجلت الاستثمارات في السلع الأولية وعلى رأسها الذهب أعلى مستوى على الإطلاق في فترة الثمانية أشهر الأولى من العام الجاري (رويترز)

على عكس ما كان متوقعًا في بداية العام الجاري، يبدو أن السلع الأولية كانت الوجهة الأولى للاستثمارات حول العالم، بعد أن كان متوقعًا أن يكون عام 2016 مخيبًا لآمال معظم المستثمرين بعد رفع أسعار الفائدة الأميركية منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وسجلت الاستثمارات في السلع الأولية أعلى مستوى على الإطلاق في فترة الثمانية أشهر الأولى من العام الجاري، مقارنة بالفترة ذاتها من أي عام مضى، في حين بلغت أصول السلع العالمية الخاضعة للإدارة (AUM) نحو 235 مليار دولار في شهر أغسطس (آب) الماضي.
وقال بنك «باركليز» - في مذكرة شهرية لعملائه - إن شهر أغسطس الماضي شهد تدفقا استثماريا في السلع الأولية بلغ 3.2 مليارات دولار، مقارنة بـ2.4 مليار دولار في يوليو (تموز). وبلغ إجمالي حجم الاستثمارات في السلع الأولية خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أغسطس نحو 54 مليار دولار، وهو أعلى مستوى على الإطلاق في الأشهر الثمانية الأولى من أي سنة، إذ يزيد عن المستوى القياسي السابق الذي بلغ 53 مليار دولار في 2009، حسبما ذكر البنك مطلع الأسبوع.
وقال محللو البنك، إن «الذهب هو الاستثمار الأكثر شعبية هذا العام، إذ يشكل وحده نصف التدفق الاستثماري الكلي للسلع الأولية، ومن المرجح أن تستمر التدفقات المستمرة في الذهب، في ظل عدم اليقين بشأن القطاع المالي والنمو الاقتصادي العالمي وارتفاع المخاطر السياسية». واجتذبت المعادن النفيسة تدفقات استثمارات بلغت 1.4 مليار دولار مقارنة بـ1.5 مليار دولار في يوليو، في حين بلغ حجم الاستثمارات في الطاقة 0.9 مليار دولار في أغسطس؛ دون تغير يذكر عن يوليو.
واستمرت التدفقات الاستثمارية مستمرة في قطاع الذهب، بعد مراجعة البنوك الاستثمارية العالمية في يوليو الماضي توقعاتها بالاتجاه التصاعدي لأسعار المعادن الأساسية، والفحم والنفط، والمعادن الثمينة. وبدأت تلك البنوك ترى تفوق الطلب على الإمدادات التي ظلت مرتفعة خلال الأرباع القليلة الماضية. فالنفط الخام والمعادن الثمينة شهدت بالفعل انتقالا حادا من مستويات منخفضة. فقد كانت أسعار النفط الخام نحو 25 إلى 26 دولارا للبرميل، والذهب دون 1100 دولار قبل 8 أشهر، والآن يتم تداول النفط عند مستوى 43.54 دولار للبرميل، ويتداول الذهب فوق مستوى 1300 دولار للأوقية.

الذهب نجم السلع
وحقق الذهب أداءً قويًا خلال الأسبوع الماضي، حيث ساعدت البيانات الاقتصادية الأميركية الضعيفة على التسبب بمزيد من الضعف لكل من الدولار وعائدات السندات. وبعد الوصول إلى مقاومة فوق مستوى 1350 دولارًا للأونصة، ظهرت عمليات جني الأرباح مرة أخرى بعد اجتماع البنك المركزي الأوروبي الذي انعقد الخميس الماضي، وشهد قيام ماريو دراغي رئيس البنك بتخفيف حدة التكهنات حيال تقديم مزيد من التسهيلات وتخفيف القيود.
وعززت البنوك المركزية حول العالم احتياطياتها من الذهب بنحو 2.7 في المائة إلى 32.800 ألف طن سنويا في يوليو على أساس سنوي، وفقا لتقرير مجلس الذهب العالمي. وللعام السادس على التوالي، تعتبر البنوك المركزية هي المشتري الصافي للذهب. وفي عام 2015، اشترت البنوك المركزية مجتمعة نحو 483 طنا من المعدن النفيس، وكان هذا الرقم ثاني أكبر معدل شراء منذ نهاية معيار الذهب في عام 1971، وفقا لمؤسسة «طومسون رويترز».
وتمثل البنوك المركزية الآن أكثر من 10 في المائة من الطلب على الذهب الفعلي، وهناك مزيد من عمليات الشراء النشطة من البنوك المركزية، والتي ستكون حافزا أساسيا لارتفاع أسعار الذهب في عام 2016 وما بعده. وكانت البنوك المركزية في روسيا والصين بين أكبر المشترين للذهب. ونمت احتياطيات الصين من الذهب بنحو 70 في المائة في عام 2015 إلى نحو 1800 طن. وفي الربع الأول من 2016، أضاف بنك الصين الشعبي 46 طنا. والصين لديها الآن خامس أكبر مخزون للذهب في العالم.
وفي غضون ذلك، عززت روسيا احتياطياتها من الذهب بنسبة 18 في المائة على أساس سنوي في الربع الأول من العام الجاري، إلى نحو 1480 طنا.
ويترقب المشاركون في السوق اجتماع السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي غدا وبعد غد، وسط حالة عدم اليقين المستمر حول رفع سعر الفائدة المحتمل. ويقدر المستثمرون حاليا فرصة 12 في المائة رفعا لسعر الفائدة خلال الأسبوع الجاري، كما بلغت الاحتمالات 55 في المائة خلال ديسمبر (كانون الأول) المُقبل. ويعتبر المعدن الأصفر حساسًا لرفع معدلات الولايات المتحدة، والذي يرفع تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الأصول غير ذات العوائد مثل السبائك، مع ارتفاع قيمة الدولار.

تقلبات النفط
وتبقى مستويات التقلب التي يشهدها النفط الخام مرتفعة، إلا أنه يواصل التداول ضمن نطاقات أسعار ثابتة. وبعد الأداء القوي خلال شهر أغسطس بمناسبة تجدد التكهنات بتجميد الإنتاج، خضعت السوق لعمليات بيع جديدة مدفوعة باعتقاد مفاده عدم استعداد الدول المنتجة للنفط من أعضاء منظمة «أوبك» والدول المنتجة من خارج «أوبك» للتوصل إلى اتفاق حتى الآن.
وخلال الأسبوع الماضي، شهدت السوق تصاعدا مدفوعا بمزيج مكون من ضعف الدولار والأخبار المفاجأة التي تشير إلى أن المخزونات الأميركية من النفط الخام شهدت أكبر انخفاض لها خلال أسبوع منذ عام 1999. وهبطت مخزونات النفط الخام بواقع 559 ألف برميل في الأسبوع المنتهي في التاسع من سبتمبر (أيلول) الماضي، مقارنة مع توقعات في استطلاع لـ«رويترز» بزيادة قدرها 3.8 مليون برميل. وجاء ذلك بعد أسبوع من هبوط مخزونات الخام أكثر من 14 مليون برميل، وهو ما أرجع إلى تأثير العاصفة الاستوائية «هيرمين» التي وصلت قبالة ساحل الخليج الأميركي منذ أيام.
وتتوجه الأنظار بصورة متزايدة إلى اجتماع «أوبك» المزمع انعقاده في الجزائر بين 26 - 28 سبتمبر الجاري، حيث تنتظر الدول المنتجة للنفط الأعضاء في منظمة «أوبك» والدول المنتجة من خارج «أوبك» الفرصة للنظر في الحالة الراهنة للسوق.

صعود الصلب
وتتوقع التقارير أيضًا استمرار المستوى الصعودي لأسعار الإسمنت والصلب. ومن المتوقع أن تحقق نتائج جيدة بسبب دعم الطلب المتواضع في الربع الثاني من العام الجاري، مع العرض المنضبط. ويرى «سيتي» استمرار الاتجاه الصعودي على المدى القريب لهوامش الصلب، ولكن يبقى الاتجاه هابطًا على المدى المتوسط.
ويستشهد بنك «سيتي جروب» بعدة عوامل رئيسية، من شأنها التأثير على أسعار السلع مستقبلاً؛ أولها زيادة التدفقات المالية التي تدعم الأداء القوي للسلع حتى نهاية العام، ذلك لأن التدفقات المالية بما في ذلك صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة ماديا (تبادل الأموال المتداولة) والأدوات الاستثمارية الطويلة الأجل، من شأنها أن تطور هياكل السلع. ويتوقع بنك «أوف أميركا ميريل لينش» ارتفاع أسعار الذهب إلى 1500 دولار للأونصة في المدى القريب، متوقعا أن حالة المشاحنات في الشؤون السياسية حول العالم من شأنها أن تؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار الاقتصادي وتحقيق مزيد من المكاسب للمعدن الأصفر.



طلبات إعانات البطالة تتراجع في الولايات المتحدة

آلاف الأشخاص خارج مكتب بطالة مؤقت في مبنى الكابيتول بولاية كنتاكي (رويترز)
آلاف الأشخاص خارج مكتب بطالة مؤقت في مبنى الكابيتول بولاية كنتاكي (رويترز)
TT

طلبات إعانات البطالة تتراجع في الولايات المتحدة

آلاف الأشخاص خارج مكتب بطالة مؤقت في مبنى الكابيتول بولاية كنتاكي (رويترز)
آلاف الأشخاص خارج مكتب بطالة مؤقت في مبنى الكابيتول بولاية كنتاكي (رويترز)

انخفض عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة الأسبوع الماضي، لكن العديد من العمال المسرحين ما زالوا يعانون من فترات طويلة من البطالة، ما يبقي الباب مفتوحاً أمام إمكانية خفض أسعار الفائدة مرة أخرى من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر (كانون الأول).

وأفادت وزارة العمل، يوم الأربعاء، بأن الطلبات الأولية للحصول على إعانات البطالة في الولايات المتحدة تراجعت بمقدار ألفي طلب، ليصل العدد إلى 213 ألف طلب معدلة موسمياً للأسبوع المنتهي في 23 نوفمبر (تشرين الثاني). وتم نشر التقرير في وقت مبكر هذا الأسبوع بسبب عطلة عيد الشكر يوم الخميس.

وكان الاقتصاديون الذين استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا 216 ألف طلب للأسبوع الأخير. وقد انخفضت الطلبات عن أعلى مستوى لها في عام ونصف العام، سُجل في أوائل أكتوبر (تشرين الأول)، وكان نتيجة للأعاصير والإضرابات في شركة «بوينغ» وشركات الطيران الأخرى. وهي الآن عند مستويات تشير إلى انخفاض معدلات التسريح من العمل وانتعاش التوظيف في نوفمبر. ففي أكتوبر، أدت العواصف والإضراب الذي استمر 7 أسابيع في شركة «بوينغ» إلى تقليص الزيادة في الوظائف غير الزراعية إلى 12 ألف وظيفة فقط.

وعلى الرغم من التوقعات بانتعاش في الوظائف، من المرجح أن يبقى معدل البطالة ثابتاً أو حتى يرتفع هذا الشهر. فقد ارتفع عدد الأشخاص الذين يتلقون إعانات بعد الأسبوع الأول من المساعدة، وهو مقياس غير مباشر للتوظيف، بمقدار 9 آلاف ليصل إلى 1.907 مليون شخص وفق بيانات معدلة موسمياً في الأسبوع المنتهي في 16 نوفمبر، وفقاً لتقرير طلبات البطالة.

وتشير بيانات الطلبات المستمرة المرتفعة إلى أن العديد من العمال المسرحين يجدون صعوبة في العثور على وظائف جديدة. وتغطي هذه البيانات الفترة التي يتم خلالها مسح الأسر لمعدل البطالة لشهر نوفمبر. وقد ظل معدل البطالة ثابتاً عند 4.1 في المائة لمدة شهرين متتاليين. وسيكون تقرير التوظيف لشهر نوفمبر أمراً حاسماً في تحديد قرار الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة في منتصف ديسمبر.

ويرى معظم الاقتصاديين أن خفض أسعار الفائدة في الشهر المقبل أمر غير مؤكد في ظل إشارات تباطؤ انخفاض التضخم.

وأظهرت محاضر اجتماع السياسة الفيدرالية في 6 - 7 نوفمبر، التي نُشرت يوم الثلاثاء، أن المسؤولين بدا أنهم منقسمون بشأن مدى الحاجة إلى مواصلة خفض الأسعار. وكان الاحتياطي الفيدرالي قد خفض تكاليف الاقتراض بمقدار 25 نقطة أساس في وقت سابق من هذا الشهر، ما أدى إلى خفض سعر الفائدة القياسي إلى نطاق 4.50 - 4.75 في المائة.

وبدأ البنك المركزي الأميركي في تخفيف السياسة النقدية منذ سبتمبر (أيلول) بعد أن رفع أسعار الفائدة في عامي 2022 و2023 لمكافحة التضخم.