الرئيس المصري يحمل رؤية بلاده بشأن أزمات المنطقة للجمعية العامة للأمم المتحدة

السيسي لقمة عدم الانحياز: لن نقبل بسياسة الأمر الواقع في انتشار السلاح النووي

الرئيس المصري يحمل رؤية بلاده بشأن أزمات المنطقة للجمعية العامة للأمم المتحدة
TT

الرئيس المصري يحمل رؤية بلاده بشأن أزمات المنطقة للجمعية العامة للأمم المتحدة

الرئيس المصري يحمل رؤية بلاده بشأن أزمات المنطقة للجمعية العامة للأمم المتحدة

يعرض الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي غدا (الثلاثاء) رؤية بلاده إزاء القضايا الإقليمية، كما يعرض مُجمل تطورات الأوضاع السياسية والاقتصادية في مصر، خلال كلمته في اجتماعات الدورة الحادية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة. وقبيل مغادرته القاهرة ألقى سامح شكري وزير الخارجية المصري كلمة السيسي أمام قمة دول عدم الانحياز والتي أكد فيها أن بلاده لن تقبل بسياسة الأمر الواقع في انتشار السلاح النووي.
واعتبر الرئيس السيسي أن انتشار السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل يمثل خطرا داهما على البشرية الذي «لا يمكن التغاضي عنه أو القبول بسياسة الأمر الواقع التي يرسخها البعض». جاء ذلك في بيان للرئيس أمام مؤتمر القمة الـ17 لرؤساء دول وحكومات حركة عدم الانحياز في فنزويلا، ألقاه نيابة عنه الوزير شكري.
وعلى مدار سنوات سعت دول عربية لاستصدار قرارات من الوكالة الدولية للطاقة الذرية تضع برنامج إسرائيل النووي تحت إشراف الوكالة لكن دولا غربية بقيادة الولايات المتحدة أحبطت إصدار تلك القرارات. ورغم تصريحات الرئيس المصري قالت تقارير صحافية إن الدول العربية بقيادة مصر قررت عدم طرح قرار من هذا النوع في المؤتمر السنوي للوكالة الذرية المقرر عقده في فيينا في الفترة من 26 إلى 30 سبتمبر (أيلول) الحالي. وأشارت التقارير إلى أن هذا التغير في موقف مصر يأتي بعد زيارة شكري إلى إسرائيل حديثا وتحسن العلاقات بين البلدين، ورغبة القاهرة في دفع عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وأكد السيسي، في البيان الذي أوردته وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية المصرية، حق الدول غير النووية في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، مشيرا إلى أن بلاده «تخطو نحو بناء أولى محطاتها النووية لتوليد الطاقة الكهربائية».
ووقعت مصر مع روسيا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي اتفاقية لبناء محطة للطاقة النووية في الضبعة. وينص الاتفاق على إنشاء محطة كهروذرية في مصر تضم أربع وحدات تبلغ طاقة كل منها 1200 ميغاواط، على أن تقدم روسيا قرضا لمصر لتمويل عمليات إنشاء هذا المشروع الذي ينفذ على 7 سنوات.
وتأسست حركة عدم الانحياز في عام 1961، وكانت البديل للبلدان التي لم تدعم الولايات المتحدة أو الاتحاد السوفياتي إبان حقبة الحرب الباردة لكن أهميتها تراجعت منذ سقوط جدار برلين عام 1989. وهي أكبر تجمع للدول النامية وتضم في عضويتها 120 من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة.
يأتي هذا في وقت يستعد فيه الرئيس المصري لاستعراض موقف القاهرة من مجمل التطورات في منطقة الشرق الأوسط خلال كلمته في اجتماعات الدورة الحادية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي يلقيها غدا الثلاثاء.
ووصل الرئيس السيسي أمس إلى نيويورك في زيارة تستمر لمدة أربعة أيام، حيث يلقي بيان مصر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويرأس اجتماع مجلس السلم والأمن الأفريقي واجتماع لجنة الرؤساء الأفارقة المعنية بتغير المناخ.
وتعقد الدورة الحادية والسبعين للأمم المتحدة تحت عنوان «قمة الأمم المتحدة المعنية باللاجئين والمهاجرين». ومصر حاليا عضو بكل من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومجلس السلم والأمن الأفريقي.
وسيعقد الرئيس على هامش الجمعية لقاءات ثنائية مع عدد من قادة وزعماء الدول المشاركين في اجتماعات الجمعية العامة، فضلاً عن عدد من المسؤولين الدوليين.
وشارك السيسي العام الماضي في الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة.
ومن المقرر أن يجري السيسي لقاءات مع وسائل الإعلام الأميركية، فضلاً عن لقاء مع ممثلي غرفة التجارة الأميركية، ومجلس الأعمال للتفاهم الدولي، إلى جانب التباحث مع عدد من الشخصيات المؤثرة بالمجتمع الأميركي حول سبل الدفع قدمًا بالعلاقات الاستراتيجية التي تربط بين البلدين.
وأعلن قصر الرئاسة الفرنسية (الإليزيه) أن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والرئيس السيسي سيعقدان الثلاثاء جلسة مباحثات على هامش أعمال الدورة الـ71 للجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي من المتوقع أن تتناول العلاقات الثنائية وأبرز القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها عملية السلام في الشرق الأوسط ومكافحة الإرهاب.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم