قادة «فلسطينيي 48» السياسيون يتهمون الشرطة الإسرائيلية بمحاولة شطب الأحزاب العربية

بعد اعتقال 20 شخصية من قادة حزب التجمع

قادة «فلسطينيي 48» السياسيون يتهمون الشرطة الإسرائيلية بمحاولة شطب الأحزاب العربية
TT

قادة «فلسطينيي 48» السياسيون يتهمون الشرطة الإسرائيلية بمحاولة شطب الأحزاب العربية

قادة «فلسطينيي 48» السياسيون يتهمون الشرطة الإسرائيلية بمحاولة شطب الأحزاب العربية

في أعقاب حملة الاعتقالات الواسعة لقادة حزب التجمع الوطني في إسرائيل، بدعوى «خرق قانون الأحزاب وجلب أموال كثيرة من الخارج»، عقدت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، أمس، جلسة طارئة، اعتبرت فيها الاعتقالات، ملاحقات سياسية. وقال رئيس اللجنة، محمد بركة، إن هذه الضربة لا تستهدف التجمع وحده، بل كل العمل السياسي والحزبي الوطني للعرب في إسرائيل.
وقد حضر اجتماع لجنة المتابعة ممثلون عن جميع الأحزاب العربية الوطنية والإسلامية. وأعرب المجتمعون عن قلقهم من هذه الخطوة. وقال أحد المشاركين لـ«الشرق الأوسط»، إن «معظم الأحزاب في إسرائيل تدير شؤونها المالية من خلال تجاوزات للقانون بمختلف الأشكال، إلا أن الشرطة وضعت نصب عينيها حزب التجمع بالذات، ربما بسبب تصريحات حادة يطلقها رجاله ضد السلطة، ولكن الخطر يهدد كل الأحزاب العربية». وقال النائب عن حزب التجمع، د. جمال زحالقة، إن «هذه حملة انتقام سياسي من الحزب بسبب مواقفه الوطنية».
وكانت قوات كبيرة من الشرطة الإسرائيلية قد داهمت، فجر أمس، بيوت عدد كبير من قادة حزب التجمع، وقامت بتفتيش استفزازي، ثم اعتقلت منهم 20 شخصا، بينهم رئيس الحزب، عوض عبد الفتاح، والأسير المحرر مخلص برغال، عضو بلدية شفا عمرو، ومراد حداد، نائب رئيس بلديّة سخنين، ومنيب طربيه، عضو بلدية الطيرة، وحسني سلطاني، نائب رئيس بلديّة أم الفحم، ووسام قحاوش، والمسؤولين في الحزب: عز الدين بدران، وهو عضو في المكتب السياسي ويدير صحيفة الحزب «فصل المقال»، وكل من لولو طه، وصمود ذياب، وجمال دقة، وإياد خلايلة، ومحمد طربيه، وعمار طه، وعوني بنا، ورياض أبو مخ، ويوسف حسن، وقصي زامل، وأحمد أبو عمار، وحنين إغباريّة، ومحمد أبو سلامة وسامي مهنا.
ونفت الشرطة أن تكون قد نفذت الاعتقالات ضمن حملة سياسية عدائية لهذا الحزب بالذات. وقالت: إن التحقيق يدور حول قضايا جزائية، في إطار خرق قانون الأحزاب، مثلما جرت في الماضي مع أحزاب وسياسيين آخرين. وادعت أن هذا الحزب يحصل على أموال تقدر بعشرات ملايين الدولارات من قطر (حيث يقطن مؤسس هذا الحزب، د. عزمي بشارة، الذي يقيم في الدوحة)، وغيرها من الدول والمؤسسات. وقد سرب المحققون معلومات ادعوا فيها بأن عددا من قادة الحزب تمكنوا من إدخال الأموال في حقائب سفر عبر الحدود. وأن هذه الأموال سجلت كما لو أنها تبرعات من أصدقاء الحزب. وتم تسجيل ألف اسم تحت هذا البند. ويظهر أن الشرطة الإسرائيلية استعدت منذ فترة طويلة لهذه القضية، فاعتقلت أيضا عددا من عائلات المتبرعين. وقالت: إن بعض المعتقلين اعترفوا بأنهم لم يتبرعوا للحزب بأي مليم في أي وقت.
وقد جرى جلب قسم من المتهمين أمس إلى المحكمة في حيفا و«ريشون لتسيون»، من أجل تمديد اعتقالهم على ذمة التحقيق، وتقرر تمديد الاعتقالات خمسة أيام للغالبية، فيما جرى إرسال بعضهم إلى الحبس المنزلي. وقد منعت هيئة المحكمة الصحافيين من دخول القاعة والتصوير.
جدير بالذكر، أن حزب التجمع يتعرض لعملية تحريض واسعة في الأيام الأخيرة، بسبب تصريح النائب باسل غطاس ضد الرئيس السابق شمعون بيريس (93 عاما). فبعد نقل بيريس للعلاج الطارئ في المستشفى، وسط حالة حزن شديد عليه في إسرائيل، كتب غطاس أنه يرفض المشاركة في مهرجان الحزن؛ لأن بيريس هو من القادة الإسرائيليين المؤسسين لمأساة الشعب الفلسطيني، ولمشروع الاستيطان، وأكثرهم لؤما وإضرارا. فرد الوزير يريف ليفين، مطالبا بإخراج الحزب عن القانون.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.