حادثا تفجير وطعن بسكين يصيبان 37 شخصا في ولايتين أميركيتين

الشرطة أكدت أن دوافع الهجومين لا زالت غامضة

حادثا تفجير وطعن بسكين يصيبان 37 شخصا في ولايتين أميركيتين
TT

حادثا تفجير وطعن بسكين يصيبان 37 شخصا في ولايتين أميركيتين

حادثا تفجير وطعن بسكين يصيبان 37 شخصا في ولايتين أميركيتين

أقدم رجل "نطق بعبارة تضمنت كلمة الله" على طعن ثمانية أشخاص وإصابتهم بجروح في مركز للتسوق في ولاية مينيسوتا الاميركية ليل السبت /الاحد، قبل ان تطلق عليه الشرطة النار وتقتله، بحسب الشرطة.
وصرح بلير اندرسون قائد شرطة مدينة سانت كلاود (مائة كلم تقريبا شمال غربي منيابوليس) للصحافيين، ان المهاجم "سأل شخصا واحدا على الأقل ما اذا كان مسلما قبل ان يهاجمه". إلا انه اكد على ان دوافع المهاجم لا تزال غير واضحة، وقال "لا استطيع القول الآن ما اذا كان الأمر يتعلق بهجوم ارهابي ام لا، لأنني لا اعلم".
وقال اندرسون ان المسلح دخل الى مركز "كروس رودز سنتر" للتسوق في سانت كلاود التي يبلغ عدد سكانها 67 ألف نسمة، وهاجم ثمانية اشخاص على الاقل. مشيرا الى انه كان يرتدي زي حارس أمن خاص وكان يحمل سكينا واحدا على الاقل "وقال عبارة تشتمل على كلمة الله".
واضاف ان "ضابط شرطة لم يكن مناوبا واجه المسلح وأطلق عليه النار وقتله". مبينا أن الجرحى الثمانية نقلوا الى المستشفى حيث يتوقع ان يمكث واحد منهم في المستشفى للعلاج.
وتابع اندرسون ان المشتبه به له سجل في مخالفات مرورية صغيرة، مضيفا ان الشرطة ليس لديها سبب يدفعها الى الاعتقاد حاليا بان الهجوم مرتبط بأي هجوم آخر.
وفي نيويورك اصيب 29 شخصا في تفجير "متعمد" في حي مكتظ يوم أمس (السبت)، ما أثار مخاوف من ان يكون الهجوم ارهابيا، رغم تأكيد السلطات عدم وجود دليل على ذلك في الوقت الحالي.
ووقع التفجير بعد اسبوع تماما على الذكرى السنوية الـ15 لاعتداءات 11 سبتمبر(أيلول) 2001، وتزامن مع تفجير آخر في ولاية نيوجيرسي المجاورة.
كما جاء الانفجار قبل يومين على بدء اعمال الجمعية العامة السنوية للامم المتحدة التي سيشارك فيها عدد كبير من رؤساء الدول والحكومات.
ودوى الانفجار قرابة الساعة 20:30 (00:30 ت غ) في الشارع ال23 بين الجادتين السادسة والسابعة في حي تشلسي في وقت كان يشهد اقبالا كبيرا على الحانات والمطاعم المنتشرة في الشارع.
واعلن البيت الابيض ان الرئيس الاميركي باراك اوباما على اطلاع مستمر بتطور الوضع.
من جانبه، اعلن رئيس بلدية نيويورك بيل دي بلازيو في لقاء صحافي في المكان مساء السبت "لا دليل في هذه المرحلة بوجود رابط ارهابي في هذا الحادث".
من جهته، اشار الرئيس الجديد لشرطة نيويورك جيمس اونيل الى ان المعلومات "لا تزال اولية"، وانه تمت تعبئة وحدة مكافحة الارهاب التابعة لمكتب التحقيقات الفدرالي "اف بي آي". وأضاف انه "وبالاستناد الى المعلومات المتوفرة في هذه المرحلة"، "لا يوجد رابط مع الحادث في نيوجيرسي".
وكانت عبوة يدوية الصنع انفجرت في وقت سابق السبت في حاوية نفايات في سيسايد بارك في ولاية نيوجيرسي المجاورة دون ان توقع جرحى بالقرب من مسار سباق ان نظمته مشاة البحرية الاميركية (المارينز). وكانت العبوة معدة لتنفجر في الوقت الذي سيمر فيه مئات الاشخاص المشاركين في السباق بالقرب من الحاوية، إلا ان موعد الانطلاق تأخر وبالتالي لم يوقع الانفجار أي جرحى، بحسب آل ديلا فيف المتحدث باسم المدعي العام المحلي.
وأثار الحادثان مخاوف من وقوع اعتداءات بينما لا تزال ذكرى اعتداءات 11 سبتمبر حاضرة بشكل قوي في اذهان سكان نيويورك.
وتشهد نيويورك اجراءات أمنية مشددة مثل التحقق من الهويات عند مداخل العديد من المباني وانتشار واضح للشرطة في عدد من المواقع العامة.
وغالبا ما تصدر انذارات بوقوع اعتداء، كما تم تعزيز الرقابة بعد موجة الاعتداءات التي نفذها متطرفون في اوروبا.
وفي حال ثبوت وجود رابط ارهابي، فان الحادث يمكن ان يلقي بظلاله على الحملة الانتخابية للاقتراع الرئاسي في الثامن نوفمبر (تشرين الثاني) والتي يتنافس فيها المرشح الجمهوري دونالد ترامب ووزيرة الخارجية السابقة ومرشحة الديمقراطيين هيلاري كلينتون.
وسارع ترامب الى الاعلان من كولورادو سبرينغس ان "عبوة انفجرت في نيويورك". واضاف "علينا ان نتسم بالشدة، بالشدة فعلا". الا ان كلينتون علقت بالقول "من الافضل دائما التريث للحصول على المعلومات قبل الخروج باستنتاجات".
وقال العديد من سكان حي تشلسي لقنوات التلفزيون المحلية انهم سمعوا دوي انفجار عنيف.
وتحطم زجاج العديد من ابواب وواجهات المتاجر التي سارعت بعضها الى اغلاق ابوابها. فيما اكد دي بلازيو "لا يوجد تهديد ارهابي محدد ضد نيويورك في الوقت الحالي". إلا انه قال ان المعلومات الأولية تشير الى ان الانفجار "عمل متعمد"، دون اعطاء ايضاحات اضافية.
ويمكن ان يكشف التحقيق تشعبات أخرى، فقد أشارت الشرطة الى امكان وجود "عبوة ناسفة ثانية" تم اكتشافها في مكان قريب في الشارع الـ27 من دون اعطاء تفاصيل ومع التشديد بان التحقيق لا يزال مستمرا.
كما اشارت وسائل الاعلام الاميركية الى العثور على قدر ضغط لكن السلطات لم تؤكد هذه المعلومات رسميا.
ودوت صفارات عربات الاسعاف والشرطة طوال الليل في الحي الذي حلقت فوقه المروحيات كما طوقت الشرطة المنطقة لكن دون ان تقوم باجلاء السكان، حسبما افاد مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية.
وتعتبر نيويورك البالغ عدد سكانها 8.5 مليون المدينة الاكبر من حيث عدد السكان في الولايات المتحدة.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟