الجيش التركي يعلن تعزيز مواقعه في جرابلس والراعي بشمال سوريا

توافق على تفعيل المبادرات المشتركة مع روسيا

الجيش التركي يعلن تعزيز مواقعه  في جرابلس والراعي بشمال سوريا
TT

الجيش التركي يعلن تعزيز مواقعه في جرابلس والراعي بشمال سوريا

الجيش التركي يعلن تعزيز مواقعه  في جرابلس والراعي بشمال سوريا

أعلن الجيش التركي تعزيز مواقعه الدفاعية في إطار عملية «درع الفرات» بمنطقة جرابلس والراعي في المنطقة المحررة في شمال سوريا، والبالغة مساحتها 845 كيلومترا مربعا. وذكر بيان لرئاسة هيئة الأركان التركية أن الجيش التركي تمكن منذ بدء العملية في 24 أغسطس (آب) الماضي، وحتى الأمس، من تدمير 26 لغمًا، و671 عبوة ناسفة مصنوعة يدويًا، زرعتها عناصر تنظيم داعش الإرهابي في المنطقة الحدودية من الشمال السوري. وأشار البيان إلى أن القوات التركية استهدفت 527 هدفا إرهابيا بـ2255 قذيفة، مؤكدا مواصلة القوات التركية تقديم الدعم اللوجستي للمدنيين وعناصر «الجيش السوري الحر» والمنظمات الإغاثية مثل الهلال الأحمر التركي، وإدارة الكوارث والطوارئ التابعة لمجلي الوزراء التركي.
في سياق مواز، أبدت أنقرة وموسكو توافقا على تفعيل المبادرات المشتركة لحل المشكلات الإقليمية وفي مقدمتها الأزمة السورية، وأكدتا أهمية هذه المبادرات بين الدول للتعاطي مع المشكلات.
وأكدت مصادر عسكرية تركية أمس الجمعة، أن زيارة رئيس أركان الجيش الروسي فاليري جيراسيموف لأنقرة، يوم أول من أمس الخميس، والتي كانت الأولى على هذا المستوى بعد فجوة مدتها 11 سنة، أرست منظورا جديدا للعلاقات العسكرية بين أنقرة وموسكو من ناحية، وللتعاون لحل المشكلات الإقليمية وفي مقدمتها الأزمة السورية والمشكلات الأخرى في منطقتي البحر الأسود والقوقاز. ووصفت المصادر المباحثات التي دارت بين رئيس الأركان الروسي ونظيره التركي الجنرال خلوصي أكار بأنها كانت «إيجابية وبناءة للغاية» وأن الزيارة التي جاءت تلبية لدعوة أكار ستساهم في تعزيز التعاون العسكري بين البلدين، وتفسح المجال أمام تطورات إيجابية أكثر في المرحلة المقبلة.
ومن جهة ثانية، قال خبير الشؤون الاستراتيجية الدكتور شتين أشليكول لـ«الشرق الأوسط»، إن المباحثات بين أكار وجيراسيموف «فوق أنها تعد مؤشرا على الأهمية التي توليها روسيا لقوة تركيا في المنطقة، فإنها أوضحت توافقا في الرؤى بشأن كثير من القضايا، وبددت كثيرا من المشكلات السابقة، سواء فيما يتعلق بالوضع في سوريا أو حتى في البحر الأسود والقوقاز». وأضاف أنه بالنسبة للوضع في سوريا، وعلى الرغم من وقوف تركيا وروسيا في معسكرين مختلفين، فإنهما أوجدتا نقاط اتفاق من خلال النهج الجديد للتعامل مع الوضع هناك، وانعكس ذلك في عدم اعتراض روسيا على التدخل التركي في شمال سوريا، حتى إن لم يكن التدخل يستهدف تنظيم داعش الإرهابي وحده، بل يمتد إلى الميليشيات الكردية التي كانت تحظى بقبول روسي بسبب حربها ضد «داعش».
ولفت أشليكول إلى أن لقاء رئيسي الأركان لم يكن مهما فحسب فيما يخص القضايا الثنائية، حيث بدد جميع الرواسب السابقة لإسقاط تركيا القاذفة الروسية على حدود سوريا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، بل فتح أيضا الطريق للتعاون بين أنقرة وموسكو في التوصل إلى حلول للمشكلات الإقليمية وإنهاء التباينات حولها، عبر المبادرات المشتركة واستماع كل منهما لوجهة نظر الأخرى. والمعروف أن روسيا وتركيا تساندان طرفين متعارضين في الحرب في سوريا، إذ تدعم موسكو بشار الأسد في حين تساند أنقرة المعارضة. وعادت العلاقات بين موسكو وأنقرة إلى طبيعتها في أغسطس الماضي إلى حد كبير، بعد تجاوز أزمة القاذفة الروسية وزيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لروسيا. وكانت موسكو قد أعربت عن قلقها للتوغل العسكري التركي في سوريا قبل ثلاثة أسابيع عبر عملية «درع الفرات» في محاولة لإبعاد مسلحي تنظيم داعش عن حدودها ومنع مقاتلين أكراد من أن يحلوا محلهم في السيطرة على الأرض، وطالبت فقط بعدم التوغل لمسافة أكثر في الجنوب.
في أي حال، تواجه أنقرة حاليًا مهمة دبلوماسية صعبة للحصول على دعم دولي لـ«منطقة آمنة» خالية من المسلحين تريد إقامتها على حدودها لمسافة 95 كيلومترا وبعمق 45 كيلومترا. فهذا الطلب رفضته روسيا العام الماضي ومعها الولايات المتحدة ومنظمة حلف شمال الأطلسي «ناتو»، ولكن يبدو، بحسب دبلوماسيين، أن المقترح التركي، الذي جدد الرئيس رجب طيب إردوغان طرحه على الرئيسين الروسي والأميركي خلال اجتماعات قمة العشرين في الصين أخيرًا، لن يواجه باعتراضات قوية كما كان في السابق، وإن كان يتعين أن يحصل على الموافقة من جانب الأمم المتحدة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.