مطالب في موريتانيا بقطع العلاقات مع إيران.. مثل الحال مع إسرائيل

مفتي نواكشوط: لا يوجد أفضل من عناية ورعاية السعودية للمقدسات * ولد عبد العزيز: سنواجه تغلغل إسرائيل في أفريقيا بتحرك عربي شامل

مطالب في موريتانيا بقطع العلاقات مع إيران.. مثل الحال مع إسرائيل
TT

مطالب في موريتانيا بقطع العلاقات مع إيران.. مثل الحال مع إسرائيل

مطالب في موريتانيا بقطع العلاقات مع إيران.. مثل الحال مع إسرائيل

طالبت جهات في موريتانيا، بقطع العلاقات مع إيران، باعتبار أن طهران تشكل خطرًا على وحدة المجتمع الموريتاني «وخطرها لا يقل عن خطر إسرائيل»، محذرة من «الخطر الداهم» لما سمّته «المد الصفوي الفارسي»، الذي أصبح منتشرًا في موريتانيا وغرب أفريقيا.
وقال مفتي موريتانيا وإمام المسجد الجامع بنواكشوط، أحمدو ولد حبيب الرحمن، في خطبة الجمعة أمس، أمام مئات المصلين في أكبر مساجد نواكشوط، إن «هنالك مخاطر حقيقية تنذر بإشعال نار الطائفية في البلد، بفعل انتشار المد الصفوي الفارسي الإيراني»، وأشار إلى أن هذا المد يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي من أجل التغلغل في المجتمع الموريتاني.
ووجه ولد حبيب الرحمن، وهو واحد من أشهر علماء موريتانيا، طلبًا إلى الرئيس محمد ولد عبد العزيز يدعوه فيه إلى قطع العلاقات مع جمهورية إيران، التي قال إنها تعمل على نشر المد الفارسي الشيعي في موريتانيا، وتهدد وحدة وتماسك المجتمع. وقال ولد حبيب الرحمن إن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران يشكل «مطلبًا جماهيريًا»، ويدعمه كثير من المواطنين الموريتانيين الخائفين على وحدة وتماسك مجتمعهم، مشيرًا إلى أن خطر العلاقات مع إيران «لا يقل عن خطر العلاقات مع إسرائيل».
وتأتي دعوة مفتي موريتانيا إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، بعد أيام من تحذيره من خطر المد الصفوي الفارسي الشيعي في البلاد، إذ قال في خطبة عيد الأضحى المبارك، الاثنين الماضي، أمام رئيس البلاد وأعضاء الحكومة، إن لديه أدلة تثبت انتشار هذا المد في المجتمع الموريتاني الذي وصفه بأنه «سني معتدل».
وكان حديث ولد حبيب الرحمن في خطبة العيد عن المد الصفوي الفارسي في البلاد، قد أثار نقاشًا واسعًا في الشارع الموريتاني، رد عليه المفتي في خطبته أمس حين قال إن موقفه من إيران ينطلق من إحساسه بالخطر الذي تمثله. وعبر ولد حبيب الرحمن عن دعمه لما تقوم به المملكة العربية السعودية من اعتناء بالمقدسات الإسلامية ورعاية للحرمين الشريفين، مؤكدًا أنه «لا يوجد أفضل من عناية ورعاية السعودية لهذه المقدسات»، وجدد رفضه لتدويل الحرمين الشريفين، كما أعلن فخره بمشاركة موريتانيا في التحالف الدولي الذي تقوده السعودية ضد الإرهاب.
من جهة أخرى قال الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، في مؤتمر صحافي عقده أمس رفقة نظيره الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، إن هناك «تحركًا عربيًا شاملاً» من أجل مواجهة محاولة إسرائيل التغلغل في أفريقيا، مشيرًا إلى أن «العلاقات الأفريقية العربية علاقات استراتيجية مهمة، وهناك مصالح مشتركة أكبر من محاولة بناء وإنشاء علاقات مع إسرائيل». وفي سياق شرحه لهذا التحرك العربي الشامل، قال الرئيس الموريتاني إنه «يمس ويطرح ويوضح أهمية العلاقات الأفريقية العربية وتنوعها، باعتبارها علاقات تاريخية راسخة لا يمكن التضحية بها على أساس وعود لا تحقق شيئا على أرض الواقع»، وفق تعبيره.
وأوضح الرئيس الموريتاني الذي ترأس بلاده هذه الدورة من جامعة الدول العربية، أن مؤتمر مالابو المقرر عقده في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، سيكون فرصة لهذا التحرك العربي الشامل وطرح مختلف القضايا العربية - الأفريقية، وأكد ولد عبد العزيز أن «حرص الجانبين على تنمية وتعزيز هذه العلاقات سيمكن من إيجاد حل لهذه الأمور».
وكان ولد عبد العزيز يتحدث في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الفلسطيني قبيل مغادرة الأخير لموريتانيا في ختام زيارة «صداقة وعمل» استمرت ثلاثة أيام وصفها أبو مازن بأنها كانت ناجحة. وفي سياق حديثه عن تطورات القضية الفلسطينية أوضح أبو مازن أن «هناك مقترحا من الرئيس الفرنسي هولاند لقي حتى الآن استجابة 28 دولة، حضرت اللقاء الأولي الذي التأم في الثالث من يوليو (تموز) الماضي».
وعبر أبو مازن عن أمله في أن تستجيب دول أخرى من أجل عقد المؤتمر الدولي المنشود نهاية السنة الجارية، بما يمكن من إيجاد حل ينهي معاناة الفلسطينيين ويضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة؛ مشيرًا في السياق ذاته إلى أن الجانب الفلسطيني سيلتقي في نيويورك بالوفد الفرنسي لبحث سبل عقد المؤتمر الدولي المرتقب، وتحريك الموقف الدولي في هذا الصدد. من جانبه عبر الرئيس الموريتاني عن دعم بلاده، حكومة وشعبًا، للمؤتمر الدولي للسلام المرتقب في الشرق الأوسط، وقال إنه يأمل في أن يكون هذا المؤتمر بداية حقيقية لحل هذه المشكلة الأقدم في العالم، ورفع المعاناة والظلم عن الشعب الفلسطيني، على حد تعبيره.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.