القوات الإسرائيلية «تعدم» أردنيًا في القدس وفلسطينيًا في الخليل

تقرير: الجيش الإسرائيلي أعدم عشرات الأسرى العرب.. بدم بارد

شرطي إسرائيلي قرب المكان الذي شهد مقتل الشاب الفلسطيني في الخليل أمس (رويترز)
شرطي إسرائيلي قرب المكان الذي شهد مقتل الشاب الفلسطيني في الخليل أمس (رويترز)
TT

القوات الإسرائيلية «تعدم» أردنيًا في القدس وفلسطينيًا في الخليل

شرطي إسرائيلي قرب المكان الذي شهد مقتل الشاب الفلسطيني في الخليل أمس (رويترز)
شرطي إسرائيلي قرب المكان الذي شهد مقتل الشاب الفلسطيني في الخليل أمس (رويترز)

اتهم الفلسطينيون قوات الاحتلال الإسرائيلي بإعدام مواطن أردني في القدس وشاب فلسطيني في الخليل أمس (الجمعة)؛ بدعوى قيامهما بمحاولة دهس جنود ومستوطنين.
وقالت مصادر إسرائيلية إن شابا وشابة كانا يستقلان سيارة قرب مدخل مستعمرة «كريات أربع» قرب الخليل، اقتربا بسيارتهما من تجمع مستوطنين محاولين دهسهم، فأطلق الجنود المتواجدون هناك الرصاص باتجاههما، وقتل الشاب فيما أصيبت الشابة بجراح بليغة. واتضح أن الشاب فارس موسى محمد خضور (18 عاما)، الذي كانت معه خطيبته رغد عبد الله خضور (18 عاما)، وهي شقيقة الشهيدة مجد، التي كانت سقطت في المكان نفسه قبل شهور عدة. وأكد الفلسطينيون، أن الجيش تسرع في إطلاق النار، نافين أن يكون شاب وخطيبته ينفذان عملية دهس وهما عشية الزواج.
وكانت شرطة القدس المحتلة قد أعلنت تصفية شاب يحمل الجواز الأردني، في منطقة باب العامود في المدينة المحتلة. وادعت المتحدثة باسم الشرطة الإسرائيلية، أنه تم إطلاق النار على الشاب بالقدس خلال محاولته تنفيذ عملية طعن، دون أن يصاب أي من أفراد الشرطة أو الجيش الإسرائيلي بأذى. وأفيد بأن الشهيد يبلغ من العمر 28 سنة، وأنه دخل يوم أول من أمس إلى البلاد عبر «جسر اللنبي». فيما أفاد شهود عيان بأن جنود الاحتلال أطلقوا ثماني رصاصات باتجاه الشاب، وتركوه ينزف حتى الموت، ومنعوا سيارات الإسعاف من إنقاذه. وتأتي هذه التطورات مع اقتراب الذكرى الأولى لاندلاع انتفاضة القدس، التي راح ضحيتها نحو 240 شهيدًا
من جهة ثانية، كشف النقاب في تل أبيب، أمس، عن بعض التفاصيل الجزئية لمجزرة ارتكبها جنود الجيش الإسرائيلي، وذلك بعد إعدام عشرات الأسرى في إحدى الحروب السابقة، بحجة عدم وجود أدوات وآليات لنقلهم إلى المعتقل. وقادت هذه الجريمة الضابط المسؤول عنها إلى القضاء العسكري في حينه، إلا أن الحكم الذي صدر بحقه كان مثارا للسخرية، بل إن القيادة العليا للجيش رفعت الرتبة العسكرية للضابط المسؤول، وتم التستر على القضية.
وقد كشفت هذه القضية في تقرير نشره ألوف بن، رئيس تحرير صحيفة «هآرتس»، ولم يشر فيه إلى اسم الدولة العربية التي ينتمي إليها الأسرى، وهل هم الجنود المصريون الذين تم إعدامهم في سيناء سنة 1967، أو أن الحديث يدور عن مجزرة أخرى. وجاء في التقرير أن ضباط وجنود الجيش الإسرائيلي أقدموا على ارتكاب جرائم مماثلة عدة مرات في الحروب، لكن الرقابة العسكرية تمنع كشف ملابساتها، رغم مضي عشرات السنين على وقوعها. وجاء في الحادثة العينية، التي تحدث عنها ألوف بن: «الحديث يدور عن عشرات الأسرى من جنود إحدى الدول الذين استسلموا في إحدى المعارك وألقوا أسلحتهم، وكان بينهم جرحى في حالة حرجة». ويضيف أن جنود الجيش الإسرائيلي الذين استولوا على الموقع قاموا بتجميع الأسرى في ساحة داخلية محاطة بسور، وقدموا لهم الطعام، وتحدثوا معهم عن الحياة وعن الخدمة العسكرية بودية المحاربين ذوي الأخلاق. ولكن بعد ساعات معدودة، تم إرسال الجنود للقيام بمهمة أخرى، وحلت مكانهم قوة عسكرية أخرى. وقد احتار قائد الفرقة ماذا يفعل بالأسرى، فأبقاهم للفرقة الجديدة، وقال: إنه لا يستطيع أخذ الأسرى معه لأنه لا يملك وسائل نقل تكفي، وطلب من قائد الفرقة القادمة أن يهتم بهم. لكن قائد القوة الجديدة رفض تسلم الأسرى، ولما فرضوا عليه أعطى الأمر بتصفيتهم بدم بارد، بحسب التقرير.
وبحسب الشهادات التي وصلت إلى الصحيفة، فإن تصفية الجنود العرب تمت بإطلاق الرصاص عليهم من الخلف. . وأضافت الصحيفة أنها كانت قد حصلت على روايتين للحادثة في السابق. وبحسب الرواية الأولى، وهي رواية جندي تمرد ورفض تنفيذ الأمر، قائلا إنه «أعطى كلمة تعهد فيها للأسرى بعدم قتلهم، وعندما هدده الضابط بتقديمه للمحاكمة بتهمة رفض تنفيذ الأوامر، تطوع جندي آخر لتنفيذ أوامر القتل. أما الرواية الثانية التي حصلت عليها الصحيفة للحادثة نفسها، فهي رواية جندي شارك إلى جانب ثلاثة آخرين في تنفيذ عملية إعدام الأسرى، قال: إنه رفض بداية تنفيذ الأمر، إلا أنه امتثل للتعليمات في نهاية المطاف بعد أن طلب منه الضابط ذلك مرة ثانية، مضيفا أنه بعد أن تم إطلاق النار على الأسرى عن بعد، اقتربوا منهم إلى مسافة خمسة أمتار، وأطلقوا النار مرة ثانية للتأكد من قتلهم.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم