محطة «هينكلي بوينت» النووية تعيد المياه إلى مجاريها بين بكين ولندن

حكومة تيريزا ماي تعطي الضوء الأخضر «عقب مراجعة أمنية شاملة»

الموقع الذي ستبنى عليه «هينكلي بوينت» قريبًا من بريدووتر على الساحل الغربي في جنوب إنجلترا (رويترز)
الموقع الذي ستبنى عليه «هينكلي بوينت» قريبًا من بريدووتر على الساحل الغربي في جنوب إنجلترا (رويترز)
TT

محطة «هينكلي بوينت» النووية تعيد المياه إلى مجاريها بين بكين ولندن

الموقع الذي ستبنى عليه «هينكلي بوينت» قريبًا من بريدووتر على الساحل الغربي في جنوب إنجلترا (رويترز)
الموقع الذي ستبنى عليه «هينكلي بوينت» قريبًا من بريدووتر على الساحل الغربي في جنوب إنجلترا (رويترز)

في أكتوبر (تشرين الأول) 2015 استقبلت لندن بحفاوة كبيرة الرئيس الصيني شي جين بينغ في محاولة لجذب استثمارات جديدة في زمن التقشف. وقال رئيس الوزراء ديفيد كاميرون حينذاك إن بريطانيا «ستكون أفضل شريك غربي للصين». وذكرت الحكومة البريطانية أن قيمة الاتفاقات التي وُقِّعت خلال زيارة الدولة هذه، بلغت 40 مليار جنيه إسترليني (47 مليار يورو).
بعد ذلك جاء استفتاء 23 يونيو (حزيران) الماضي الذي أخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وفرض وضعا جديدا على حكومة تيريزا ماي، التي نصبت رئيسة للوزراء بعد استقالة ديفيد كاميرون. ماي حاولت وضع بصماتها الخاصة في إدارة سدة الحكم وإبعاد نفسها عن إدارة كاميرون، حليفها السابق، وهذا ما عبر عنه السير نيكولاس سومز، أحد حلفاء كاميرون، الذي عمل وزيرًا للدفاع. وقال السير نيكولاي في مقابلة مع نشرة «نيوز نايت» على قناة «بي بي سي» الثانية، إنه يفهم توجهات ماي حول عدد من القضايا مثل التعليم والطاقة، بعد أن وافقت حكومتها أمس على إعطاء الضوء الأخضر لمشروع توليد الطاقة الكهربائية من محطة «هينكلي بوينت»، الذي تموله الصين جزئيًا وتنفذه مع فرنسا. المشروع المثير للجدل، على عدة أصعدة، الأمنية والبيئية والاستثمارية، أوقفت حكومة ماي القرار بخصوصه مباشرة بعد دخولها «10 داونينغ ستريت» في يوليو (تموز) الماضي، وهذا ما أغضب الصين، التي هددت بأن التخلي عن المشروع سوف ينعكس سلبيًا على العلاقات بين البلدين.
وكان رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون أعطى موافقته المبدئية على المشروع في أكتوبر 2013 واتخذت «كهرباء فرنسا قرارها النهائي بالاستثمار في 28 يوليو . لكن تيريزا ماي التي تولت رئاسة الحكومة في يوليو أعلنت أنها تحتاج إلى وقت إضافي للتفكير في المشروع، مما أثار مفاجأة للقائمين على المشروع في البلدين المعنيين».
وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية، التي تكلف غالبا نقل استياء السلطات الصينية، إن المهلة الجديدة «تزيد من الغموض»، وتضر بـ«العصر الذهبي للعلاقات بين الصين والمملكة المتحدة». وحذرت من أنه في هذه الشروط، يمكن أن تكون الاستثمارات الصينية في المستقبل مهددة بالتعليق إلى أن يتم إبرام الاتفاق النووي حسب الأصول.
ويعتقد أن قرار رئيسة الوزراء تيريزا ماي في التأني باتخاذ القرار للمضي في المشروع، الذي تقدر تكلفته بنحو 18 مليار جنيه إسترليني، له صله بالمخاوف بشأن حصة تقدر بالثلث تمتلكها شركة «تشاينا جنرال» للطاقة النووية المملوكة للصين.
الصحف البريطانية عبرت آنذاك عن ارتياحها لتأجيل المشروع. ورأت أسبوعية «ذي أوبسرفر» أن هذا النبأ يشكل «مخالفة للعلاقات الدبلوماسية»، لكنه خطوة في «الاتجاه الصحيح» بسبب المخاطر المالية والأمنية.
ويعتقد بعض المراقبين أن الحكومة الحالية التي تبحث جادة عن أسواق خارج الاتحاد الأوروبي، بعد إمكانية خروجها من السوق الموحدة الأوروبية، هي ليست في موقع يسمح لها بأن تغضب أحدًا، خصوصًا الصين التي قد تصبح قريبًا أقوى اقتصاد في العالم. زيارة ماي إلى الصين لحضور قمة العشرين هيأت ظروفًا أفضل للعلاقات بين البلدين، ولهذا وافقت الحكومة البريطانية أمس الخميس على بناء المحطة النووية، عقب التوافق على إجراءات «تعزيز الأمن» في المشروع.
وقالت الحكومة إنها وافقت على المشروع، عقب مراجعة شاملة وتعديل الاتفاق مع شركة «آي دي إف» الفرنسية للطاقة، وفرض قيود قانونية جديدة على الاستثمار الأجنبي في المستقبل في منشآت الطاقة النووية و«البنية التحتية الأخرى المهمة».
وقال وزير الأعمال غريغ كلارك في بيان: «عقب مراجعة عرض هينكلي بوينت سي، سوف نطبق سلسلة من الإجراءات لتعزيز الأمن، وسوف نضمن أن لا تتمكن هينكلي من نقل الملكية دون موافقة الحكومة». وأضاف: «قررنا بناء أول محطة نووية منذ جيل»، موضحًا أن إجراءات إضافية أدخلت على المشروع الأساسي ستسمح بـ«تحسين شروط السلامة»، في هينكلي بوينت في جنوب غربي إنجلترا.
ولهذا يعتقد تيم مونتغمري، أحد المحللين في صحيفة «التايمز»، ومن أكثر المتحمسين لإلغاء المشروع لأسباب أمنية وأخرى تقنية، أن الشروط الأمنية والتدخلات البريطانية الاستثمارية، قد لا يقبل بها الفرنسيون، ويقررون عدم المضي فيه «وبهذا فقد يصبح قرار الإلغاء فرنسيا وليس بريطانيا، وتتفادى لندن غضب الصين».
لكن جاءت ردة الفعل الفرنسية إيجابية لحد الآن، وقالت شركة «آي دي إف» إنها «سعيدة» بالتقدم الذي تم تحقيقه، في حين وصفت الحكومة الفرنسية الموافقة بـ«الخطوة الكبيرة فيما يتعلق بالتعاون الفرنسي - البريطاني في مجالي الصناعة والطاقة».
وفي باريس، قال مصدر فرنسي قريب من الملف لوكالة الصحافة الفرنسية إن الحكومة البريطانية أبلغت السلطات الفرنسية بموافقتها على مشروع «هينكلي بوينت»، إلا أنها فرضت عددًا من الشروط. وقالت الرئاسة الفرنسية إن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي اتصلت بالرئيس فرنسوا هولاند لإبلاغه بالاتفاق.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة الفرنسية جان بيرنارد ليفي إن قرار اليوم «يمثل إعادة إطلاق الطاقة النووية في أوروبا». وأضاف في بيان: «إن القرار يعكس رغبة المملكة المتحدة في قيادة المعركة ضد التغير المناخي عبر تنمية الكهرباء منخفضة الكربون». ومع ذلك، قالت منظمة «غرين بيس» إنه ما زالت هناك «عوائق مالية وقانونية وفنية لا يمكن تجاهلها».
والمشروع الذي يفترض أن يدخل حيز التنفيذ في 2025، يتضمن بناء مفاعلين يعملان بالمياه المضغوطة. وستمول «كهرباء فرنسا» ثلثي المشروع، وشركة الصين العامة للطاقة النووية الحكومية الثلث المتبقي. وستكون هذه المحطة النووية الأولى التي تبنى على الأرض البريطانية منذ عشرين عامًا وسيؤمن مفاعلاها 7 في المائة من احتياجات البريطانيين للكهرباء بسعر مضمون من السلطات العامة. وهذا السعر الذي يرى معارضو المشروع وهم كثر في المملكة المتحدة، أنه مرتفع جدًا يشكل أحد أسباب الاحتجاج. كما يثير شكوكًا كبيرة تتعلق بالتوازن بين النوعية والسعر وتأثيره على البيئة.
وأضاف المحلل مونتغمري في مقابلة مع «بي بي سي» أن المشروع سيلزم بريطانيا بهذا النوع من الطاقة لعشرات السنين، مضيفًا أن تقنية الطاقة في حالة تجدد وتطور دائم، ولا أحد يعرف أين تتجه بحوث الطاقة في مصادر الطاقة، وعن ماذا ستتمخض. واتهم مونتغمري الحكومة بقصر النظر. كما يثير المشروع قلقًا بشأن المخاطر المرتبطة بأمن الطاقة بوجود الصينيين الذين يوظفون بذلك أول استثمار في قطاع على هذه الدرجة من الأهمية الاستراتيجية والحساسية في بلد غربي كبير.
وقال نيك تيموثي مدير مكتب ماي في الماضي إنه سيكون «من غير المفهوم» إن تقبل المملكة المتحدة بالاستثمارات الصينية، نظرًا إلى المخاطر في مجال الأمن الصناعي. وأضاف أن الصين ستكون قادرة على إحداث ثغرات في الأنظمة المعلوماتية البريطانية «يمكن أن تسمح لها بوقف إنتاج الطاقة»، إذا رغبت في ذلك. وأضاف أن «أي اتفاق تجاري أو استثماري، أيا كانت درجة أهميته، يمكن أن يبرر السماح لدولة معادية بوصول سهل إلى أكثر البنى التحتية حساسية في البلاد».
وردًا على هذه التصريحات، أكدت وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية أن بكين «لا يمكنها القبول» بالاتهامات التي تفيد بأن الاستثمار الصيني في المملكة المتحدة يمكن أن يشكل تهديدًا للأمن البريطاني.
وقالت الحكومة إن «هينكلي بوينت» سوف توفر 7 في المائة من احتياجات الكهرباء في بريطانيا لمدة 60 عامًا، كما سوف توفر نحو 26000 فرصة عمل.
في 2015، أنتجت المملكة المتحدة 30 في المائة من كهربائها من محطات تعمل بالغاز، و30 في المائة من محطات تعمل بالفحم، و19 في المائة من مفاعلات نووية، و19 في المائة من طاقات متجددة (الرياح والكهرمائية والطاقة الشمسية وغيرها). لكن واحدة فقط من أصل 8 محطات نووية مشغلة حاليًا، ستستمر في العمل حتى 2030 ومحطات الفحم التي تسبب تلوثًا كبيرًا سيتم إغلاقها.
وسيتحتم على السلطات العثور على مصادر جديدة لتوليد الكهرباء مع احترام هدفها الطموح جدا بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، بحلول 2030 بنسبة 57 في المائة عما كانت عليه في 1990 بعد الاتفاق الدولي الذي أبرم في ديسمبر (كانون الأول) بمناسبة مؤتمر المناخ في باريس.



الإرهاب يؤرّق العالمَ في أعياد الميلاد

يتجمع مشيّعون عند نصب تذكاري في «بوندي بافيليون» إحياءً لذكرى ضحايا إطلاق النار على شاطئ بوندي في سيدني (أ.ف.ب)
يتجمع مشيّعون عند نصب تذكاري في «بوندي بافيليون» إحياءً لذكرى ضحايا إطلاق النار على شاطئ بوندي في سيدني (أ.ف.ب)
TT

الإرهاب يؤرّق العالمَ في أعياد الميلاد

يتجمع مشيّعون عند نصب تذكاري في «بوندي بافيليون» إحياءً لذكرى ضحايا إطلاق النار على شاطئ بوندي في سيدني (أ.ف.ب)
يتجمع مشيّعون عند نصب تذكاري في «بوندي بافيليون» إحياءً لذكرى ضحايا إطلاق النار على شاطئ بوندي في سيدني (أ.ف.ب)

أطلَّ الإرهاب بوجهه مجدداً في أكثر من قارة وتحت أكثر من سبب، مع اقتراب أعياد نهاية السنة الميلادية؛ ففي وقت كُشف فيه أنَّ الاستخبارات الأسترالية سبق لها أن حقَّقت في ارتباط أحد منفذي هجوم شاطئ بونداي في سيدني بتنظيم «داعش»، أعلن هذا التنظيم المتطرف مسؤوليتَه عن هجوم على قوات الأمن السورية بمعرة النعمان في محافظة إدلب، غداة هجوم آخر تسبب في مقتل 3 أميركيين، ونفذه عضو «متطرف» في الأمن العام السوري.

وأفيد أمس بأنَّ منفذي هجوم سيدني الذي أوقع 15 قتيلاً خلال احتفال يهودي؛ هما ساجد أكرم وابنه نافيد أكرم، في وقت كشفت فيه هيئة الإذاعة الأسترالية أنَّ الاستخبارات حقَّقت قبل 6 سنوات في صلات نافيد بـ«داعش». وتزامناً مع ذلك، وصف والدا أحمد الأحمد، السوري الذي صارع نافيد وانتزع منه سلاحه خلال هجوم سيدني، ابنهما، بأنَّه بطل.

وأعلن «داعش» أمس، مسؤوليته عن قتل 4 عناصر أمن سوريين بهجوم في محافظة إدلب، ما يشير إلى أنَّه يحاول إحياء نشاطه في سوريا.

وفي لوس أنجليس، أعلنت السلطات اعتقال 4 أشخاص يُشتبه في أنَّهم أعضاء في جماعة متطرفة، يُعتقد أنَّهم كانوا يخططون لتنفيذ تفجيرات منسقة في ليلة رأس السنة بكاليفورنيا. وأشارت وكالة «أسوشييتد برس» إلى أنَّ الشكوى الجنائية ضدهم ذكرت أنَّهم أعضاء في فصيل منشق عن جماعة مؤيدة للفلسطينيين. (تفاصيل ص 3)


ألبانيز: هجوم شاطئ بوندي يبدو «مدفوعاً بأيديولوجية داعش»

رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي (إ.ب.أ)
TT

ألبانيز: هجوم شاطئ بوندي يبدو «مدفوعاً بأيديولوجية داعش»

رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي (إ.ب.أ)

قال رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز الثلاثاء إن الهجوم على حشد كان يحتفل بعيد حانوكا اليهودي على شاطئ بوندي في سيدني يبدو أنه «مدفوع بأيديولوجية تنظيم داعش».

وقالت الشرطة الأسترالية الثلاثاء إن السيارة التي استخدمها المسلحان اللذان يشتبه في تنفيذهما الهجوم على شاطئ بوندي، وهما رجل وابنه، كانت تحتوي على علمين لتنظيم داعش بالإضافة إلى قنابل. وأوضح مفوض شرطة نيو ساوث ويلز مال لانيون لصحافيين، أن السيارة التي عُثر عليها قرب شاطئ سيدني مسجلة باسم الابن وتحتوي على «علمين محليي الصنع لتنظيم داعش» بالإضافة إلى عبوات ناسفة.

وقتل ساجد أكرم وابنه نافيد 15 شخصا في عملية إطلاق نار جماعي استهدفت احتفالا يهوديا بعيد حانوكا على الشاطئ الشهير مساء الأحد. ووصفت السلطات الهجوم بأنه عمل إرهابي معادٍ للسامية، لكنها لم تقدم حتى الآن سوى القليل من التفاصيل حول الدوافع الأعمق للاعتداء.

من جهتها أكدت إدارة الهجرة في مانيلا الثلاثاء أن الرجل وابنه اللذين كانا وراء واحدة من أكثر عمليات إطلاق النار الجماعي دموية في أستراليا، أمضيا نوفمبر (تشرين الثاني) بأكمله تقريبا في الفلبين حيث دخل الأب البلاد بصفته «مواطنا هنديا». ووصل ساجد أكرم وابنه نافيد في 1 نوفمبر (تشرين الثاني)، وكانت مقاطعة دافاو الجنوبية مدرجة كوجهتهما النهائية.

وقالت الناطقة باسم إدارة الهجرة دانا ساندوفال لوكالة الصحافة الفرنسية «وصل ساجد أكرم (50 عاما) وهو مواطن هندي، ونافيد أكرم (24 عاما)، وهو مواطن أسترالي، إلى الفلبين معا في 1 نوفمبر (تشرين الثاني) 2025 من سيدني، أستراليا»، مضيفة أنهما غادرا البلاد في 28 نوفمبر (تشرين الثاني).

إلى ذلك، قدم ألبانيزي الثلاثاء أحد التلميحات الأولى بأن الرجلين جُنّدا قبل ارتكاب «مذبحة جماعية»، وقال «يبدو أن ذلك كان مدفوعا بأيديولوجية تنظيم داعش... الأيديولوجية التي كانت سائدة لأكثر من عقد والتي أدت إلى أيديولوجية الكراهية هذه، وفي هذه الحالة، إلى الاستعداد للانخراط في القتل الجماعي».

وأوضح ألبانيزي أن نافيد أكرم البالغ 24 عاما لفت انتباه وكالة الاستخبارات الأسترالية عام 2019 «بسبب صلته بآخرين» لكن لم يُعتبر تهديدا وشيكا وقتها. وأشار إلى أنه «تم توجيه الاتهام إلى اثنين من الأشخاص الذين كان على صلة بهم وأودعا السجن، لكنه لم يُعتبر في ذلك الوقت شخصا محل اهتمام».

وأطلق الرجل وابنه النار على الحشد عند الشاطئ لمدة 10 دقائق قبل أن تفتح الشرطة النار على ساجد البالغ 50 عاما وتقتله. أما نافيد الذي أصيب برصاص الشرطة فنقل إلى المستشفى حيث يرقد في حالة حرجة.


زيلينسكي: مواقفنا مختلفة مع الأميركيين بمسألة الأراضي في محادثات السلام

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث خلال مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس في مقر المستشارية في برلين بألمانيا 15 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث خلال مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس في مقر المستشارية في برلين بألمانيا 15 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
TT

زيلينسكي: مواقفنا مختلفة مع الأميركيين بمسألة الأراضي في محادثات السلام

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث خلال مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس في مقر المستشارية في برلين بألمانيا 15 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث خلال مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس في مقر المستشارية في برلين بألمانيا 15 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الاثنين، إن مسألة الأراضي لا تزال قضية شائكة في محادثات السلام لإنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا، لكنه عبّر عن اعتقاده أن الولايات المتحدة ستساعد كييف في التوصل إلى حل وسط.

وأضاف في حديثه للصحافيين في برلين أن أوكرانيا مستعدة للعمل العادل الذي يؤدي إلى اتفاق سلام قوي، وأن مفاوضي كييف سيواصلون التحدث إلى نظرائهم الأميركيين، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

المستشار الألماني فريدريش ميرتس والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يعقدان مؤتمراً صحافياً في المستشارية ببرلين 15 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

«قضايا معقّدة»

وتحدث الرئيس الأوكراني عن موقفين «مختلفين» بين بلاده والولايات المتحدة حول إمكان تنازل كييف عن أراضٍ لموسكو بهدف إنهاء الحرب.

وقال زيلينسكي إثر اجتماع بين مفاوضين أوكرانيين وأميركيين في برلين «هناك قضايا معقدة، خصوصاً تلك المتصلة بالأراضي... فلنقل بصراحة إن مواقفنا لا تزال مختلفة».

وأكد زيلينسكي أن المحادثات بين مفاوضي السلام الأميركيين والأوكرانيين لم تكن سهلة، لكنها كانت مثمرة، وإن روسيا تستخدم هجماتها على أوكرانيا كوسيلة ضغط في تلك المحادثات.
وأضاف زيلينسكي أنه لم تَسلَم محطة طاقة واحدة في أوكرانيا من الضربات الروسية على منظومة الطاقة في البلاد

«إحراز تقدم حقيقي»

من جهته، أعلن كبير المفاوضين الأوكرانيين في المحادثات مع الولايات المتحدة حول الخطة الهادفة إلى إنهاء الحرب مع روسيا، الاثنين «إحراز تقدم حقيقي»، وذلك إثر الاجتماع المغلق في برلين.

وكتب رستم عمروف على منصة «إكس» أن «المفاوضات بين أوكرانيا والولايات المتحدة كانت بناءة ومثمرة، مع إحراز تقدّم حقيقي. نأمل أن نتوصل إلى اتفاق يقرّبنا من السلام بحلول نهاية هذا اليوم».

لكن المكتب الإعلامي لرستم عمروف عاد وأوضح للصحافيين أنه من غير المتوقع التوصل لأي اتفاق، الاثنين، وأن المقصود هو أنه «يأمل في مواءمة مواقفه» مع موقف الوفد الأميركي.

وقال عمروف إن الموفدين الأميركيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر «يعملان بشكل بنَّاء جداً لمساعدة أوكرانيا في إيجاد طريق نحو اتفاق سلام دائم».

جاريد كوشنر (يمين) صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب والمبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف (يسار) يغادران فندق أدلون في برلين في 15 ديسمبر 2025 لحضور اجتماع في المستشارية لإجراء محادثات حول كيفية إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية (أ.ف.ب)

«ضمانات أمنية قوية»

إضافة إلى ذلك، قالت الولايات المتحدة، الاثنين، إنها عرضت على أوكرانيا ضمانات أمنية قوية أشبه بما يوفّره حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وأبدت ثقة بأن روسيا ستقبل بذلك، بينما وصفته واشنطن بأنه اختراق على مسار إنهاء الحرب.

ووصف مسؤولون أميركيون المحادثات التي استمرت ساعات مع الرئيس فولوديمير زيلينسكي في برلين بأنها إيجابية، وقالوا إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب سيتصل في وقت لاحق، الاثنين، بكلّ من زيلينسكي والأوروبيين للدفع قُدماً بالاتفاق.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يلتقي مع المفاوضين الأميركيين جاريد كوشنر وستيف ويتكوف والمستشار الألماني فريدريش ميرتس والقائد الأعلى لقوات حلف شمال الأطلسي في أوروبا الجنرال أليكسوس غرينكويتش من القوات الجوية الأميركية... في برلين 14 ديسمبر 2025 (رويترز)

ولفت المسؤولون الأميركيون إلى أنه يتعيّن على أوكرانيا أيضاً القبول بالاتفاق الذي قالوا إنه سيوفّر ضمانات أمنية مماثلة للمادة الخامسة من معاهدة حلف «الناتو» التي تنص على أن أي هجوم على أحد الحلفاء يُعد هجوماً على الجميع.

وقال مسؤول أميركي طلب عدم كشف هويته إن «أسس ذلك الاتفاق تستند بشكل رئيسي إلى وجود ضمانات قوية حقاً، على غرار المادة الخامسة (من معاهدة الحلف)، إضافة إلى ردع قوي للغاية» بحجم الجيش الأوكراني.

وأضاف: «تلك الضمانات لن تبقى مطروحة على الطاولة إلى الأبد. إنها مطروحة الآن إذا جرى التوصل إلى خاتمة جيدة».

وسبق أن استبعد ترمب انضمام أوكرانيا رسمياً إلى الحلف الأطلسي، وتماهى مع روسيا في اعتبارها أن تطلعات كييف للانضواء في التكتل هو أحد أسباب الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية في عام 2022.

خلال المفاوضات الأوكرانية الأميركية بحضور المستشار الألماني فريدريش ميرتس في قاعة مؤتمرات في المستشارية ببرلين 14 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

«ثقة» بقبول روسي للاتفاق

وأعرب مسؤول أميركي آخر عن ثقته بقبول روسيا بالاتفاق. وقال هذا المسؤول: «أظن أن الأوكرانيين سيقولون لكم، وكذلك سيقول الأوروبيون، إن حزمة البروتوكولات الأمنية هذه هي الأكثر متانة التي اطلعوا عليها على الإطلاق. إنها حزمة قوية جداً جداً».

وتابع: «أعتقد، ونأمل، أن الروس سينظرون إليها ويقولون في قرارة أنفسهم، لا بأس، لأن لا نية لدينا لانتهاكها»، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

لكنه شدّد على أن «أي انتهاكات ستُعالَج من خلال حزمة الضمانات الأمنية».

وأقرّ المسؤول الأول بعدم التوصل لاتفاق بشأن الأراضي. ويتحدّث ترمب عن حتمية تنازل أوكرانيا عن أراضٍ لروسيا، وهو ما يرفضه زيلينسكي تماماً.

وقال المسؤول الأميركي الأول إن الولايات المتحدة ناقشت مع زيلينسكي طرح «المنطقة الاقتصادية الحرة» في المنطقة المتنازع عليها عسكرياً في الوقت الراهن.

وأضاف: «أمضينا وقتاً طويلاً في محاولة تحديد ما سيعنيه ذلك وكيف سيُطبَّق. وفي نهاية المطاف، إذا تمكّنا من تحديد ذلك، فسيكون الأمر متروكاً للأطراف لحلحلة القضايا النهائية المتّصلة بالسيادة».

وقاد الوفد الأميركي المفاوض في برلين المبعوث الخاص لترمب ستيف ويتكوف وصهر الرئيس جاريد كوشنر.