خادم الحرمين يرفض تحويل شعيرة الحج إلى أهداف سياسية

أقام حفل الاستقبال السنوي لكبار الشخصيات الإسلامية ورؤساء الوفود

خادم الحرمين يرفض تحويل شعيرة الحج إلى أهداف سياسية
TT

خادم الحرمين يرفض تحويل شعيرة الحج إلى أهداف سياسية

خادم الحرمين يرفض تحويل شعيرة الحج إلى أهداف سياسية

أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، رفض بلاده القاطع، تحويل فريضة وشعيرة الحج، إلى تحقيق أهداف سياسية أو خلافات مذهبية، موضحا أن الله شرع الحج على المسلمين كافة دون تفرقة.
وشدد الملك سلمان، على انه لا سبيل لمواجهة الغلو والتطرف، إلا باستئصاله من جذوره دون هوادة، واصفا الغلو بـ«الوباء، والتوجه المذموم شرعًا وعقلاً»، كما شدد، على أن «التطرف حين يدب في جسد الأمة الإسلامية، يفسد تلاحمها ومستقبلها وصورتها أمام العالم»، داعيًا إلى وحدة المسلمين للقضاء على هذا الوباء، مبينًا أن ما يشهده العالم الإسلامي اليوم في بعض أجزائه من نزاعات ومآس وفرقة وتناحر «يدعونا جميعًا إلى بذل قصارى الجهد لتوحيد الكلمة والصف، والعمل سويًا لحل تلك النزاعات وإنهاء الصراعات».
جاء ذلك ضمن الكلمة التي ألقاها خادم الحرمين الشريفين يوم أمس، خلال الحفل السنوي الذي أقامه بالقصر الملكي بمشعر منى، احتفاء بكبار الشخصيات الإسلامية، وضيوف خادم الحرمين الشريفين، وضيوف الجهات الحكومية، ورؤساء الوفود ومكاتب شؤون الحجاج الذين يؤدون فريضة الحج هذا العام، حيث أكد حرص المملكة الدائم على لم شمل المسلمين ومد يد العون لهم، والعمل على دعم كل الجهود الخيرة والساعية لما فيه خير الأمة الإسلامية، وفيما يلي نص الكلمة:
«الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه الكريم: (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق)، والصلاة والسلام على نبينا محمد القائل: (من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه).
إخواني حجاج بيت الله الحرام، إخواني المسلمين في كل مكان، أيها الإخوة الحضور، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
في هذا اليوم يوم العيد الأكبر يوم النحر، واقتداء بسنة نبينا محمد صلـى الله عليه وسلم يواصل حجاج بيت الله الحرام تأدية مناسكهم في أمن وطمأنينة تحيطهم رعاية الله وتوفيقه، والمملكة تعتز وتشرف بخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، وهو شرف خصها الله به، وقد سخرت المملكة العربية السعودية كل إمكاناتها لخدمة ضيوف الرحمن، والسهر على راحتهم، وتوفير كل السبل لتسهيل أدائهم لمناسكهم بكل يسر وطمأنينة، ونسأل الله عز وجل أن يعيننا على ذلك، والمملكة ترفض رفضًا قاطعًا أن تتحول هذه الشعيرة العظيمة إلى تحقيق أهداف سياسية أو خلافات مذهبية، فقد شرع الله الحج على المسلمين كافة دون تفرقة.
إن الغلو والتطرف توجه مذموم شرعًا وعقلاً، وهو حين يدب في جسد الأمة الإسلامية يفسد تلاحمها ومستقبلها وصورتها أمام العالم، ولا سبيل إلى الخلاص من هذا البلاء إلا باستئصاله دون هوادة وبوحدة المسلمين للقضاء على هذا الوباء.
إخواني المسلمين: إن الإسلام هو دين السلام والعدل، والإخاء والمحبة والإحسان، وما يشهده العالم الإسلامي اليوم في بعض أجزائه من نزاعات ومآس وفرقة وتناحر يدعونا جميعًا إلى بذل قصارى الجهد لتوحيد الكلمة والصف، والعمل سويًا لحل تلك النزاعات وإنهاء الصراعات، والمملكة تؤكد حرصها الدائم على لم شمل المسلمين ومد يد العون لهم، والعمل على دعم كل الجهود الخيرة والساعية لما فيه خير بلداننا الإسلامية.
أيها الإخوة والأخوات حجاج بيت الله الحرام: نرحب بكم في مهبط الوحي المملكة العربية السعودية ضيوفًا أعزاء، سائلين الله سبحانه وتعالى أن يقبل منكم حجكم ويغفر ذنوبكم، وأن يعيدكم إلى بلدانكم سالمين غانمين، وأن يعيد علينا وعلى الأمة الإسلامية هذه المناسبة العظيمة وهي في عز وتمكين، كما نسأله عز وجل أن يسود الأمن والاستقرار بلداننا والعالم أجمع، إنه سميع مجيب، وكل عام وأنتم بخير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
وكان خادم الحرمين الشريفين، صافح في بداية الحفل الرؤساء وكبار الشخصيات التي أدت الفريضة لهذا العام، وهم: الرئيس الباكستاني ممنون حسين، ونائب الرئيس السوداني حسبو محمد عبد الرحمن، ورئيس وزراء النيجر بريجي رافيني، ورئيس الوزراء وزير الدفاع الأردني الدكتور هاني الملقي، ورئيس الوزراء المالي السابق موسى مارا، ورئيس البرلمان التركي إسماعيل كهرمان، ورئيس الجمعية الوطنية «البرلمان» المالي ايساقا سيديبي، ورئيس مجلس النواب الإندونيسي الدكتور الحاج آدي قمر الدين، ورئيس مجلس النواب الجيبوتي محمد علي حُمد، ورئيس مجلس الشيوخ الأفغاني فضل هادي مسلميار، ورئيس مجلس الشيوخ الماليزي داتوك فيغنسوان، ورئيس مجلس الشعب المالديفي عبد الله مسيح محمد، ورئيس البرلمان الاتحادي السابق بجمهورية القمر المتحدة حامد برهان، وكبار المسؤولين في عدد من الدول الإسلامية.
وخلال الحفل ألقى الدكتور محمد بن صالح بن طاهر بنتن وزير الحج والعمرة كلمة رحب فيها بخادم الحرمين الشريفين، وولي العهد، وولي ولي العهد وبالحضور، وهنأهم وحجاج بيت الله الحرام بمناسبة عيد الأضحى المبارك، وقال: «لقد يسر الله لجموع الحجاج ولله الحمد والمنة الوقوف بعرفات الطاهرة في جو إيماني تجلت فيه عدالة الإسلام وسماحته في ظل أمن وأمان وتحت عناية ورعاية من الله ثم من أبناء هذه البلاد الطيبة».
وتحدث الوزير بنتن عن ندوة الحج الكبرى، التي عقدت لقاءها هذا العام برعاية خادم الحرمين الشريفين، على مدى ثلاثة أيام بعنوان «الحج بين الماضي والحاضر»، موضحًا أنها تمثل المشروع الثقافي الحضاري الذي يلتقي فيه علماء المسلمين خلال موسم الحج «وقد جسدت الندوة منهج هذه الدولة المباركة في تعزيز التلاحم والتعاون بين علماء ومفكري الأمة وتكريس الاعتدال والوسطية في الخطاب الإسلامي».
وتناولت كلمة الدكتور محمد العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، الذي نقل لخادم الحرمين الشريفين، شكر وتقدير الشخصيات الإسلامية الذين أدوا الفريضة في إطار رابطة العالم الإسلامي «للاهتمام الكبير الذي تضطلعون به لخدمة العمل الإسلامي بعامة، والحرمين الشريفين بخاصة، مؤكدين، وهم وجوه الأمة وشهودها في العلم والدعوة والفكر باختلاف مذاهبهم تجمعهم كلمة الحق، على يُمن هذا الاستحقاق الإسلامي والتاريخي الذي انتهى إلى رعايتكم المسددة ووجدانكم الإسلامي الكبير».
وأوضح الدكتور العيسى أن الرابطة «وهي ذات كيان عالمي» تمثل الشعوب الإسلامية في امتداد تجاوز نصف القرن: «تحمل في جملة مهامها إيضاح حقيقة الإسلام، والتصدي للشبهات والمزاعم والأوهام، التي تبثها من حين لآخر رسائل الجهل والإغراض والتطرف»، مضيفا أن الرابطة باسم الشعوب الإسلامية «يسرها استشراف المملكة العربية السعودية الأبعاد المهمة في تشخيص الحالة، وإيجاد المعالجة، عندما أنشأت مركزًا عالميًا لمحاربة تلك الأفكار الدخيلة على الإسلام وأهله، فوقود الإرهاب هو فكره»، وتابع: «ويكمن التحدي اليوم، في أن كل عصابة إجرامية أصبحت تجد نفسها في عالمها الافتراضي المفتوح، وقد يصعب أن ينتهي الإرهاب بانتهاء نطاق حدودي يجمع لفيفه، فرابطة الإرهاب شبكة عالمية لا تستمد قوتها من كيانها الإجرامي في نطاقها الجغرافي الهش، وإنما من تسلل أفكارها نحو أهدافها في العالم بأسره حتى استطاعت اختراق من ولدوا ونشأوا وتعلموا في بيئات غير إسلامية»، مشيرًا إلى أن هذا الإرهاب الذي صنف المنهج الحق الذي هدانا الله إليه، عدوه الأول، سواء في اعتدالنا الديني، أو رشدنا المنهجي، ليحدد البون الكبير بيننا وبينه، مستوى التضاد معه - أصلاً وفرعًا.
وقال العيسى «لقد نوه علماء ومفكرو رابطة العالم الإسلامي، بدعوة المملكة العربية السعودية إلى إيجاد تحالف إسلامي عسكري لمحاربة الإرهاب ودحره، وجمع الكلمة الجادة والمستنيرة للعالم الإسلامي من أجل مواجهة التطرف الإرهابي، بالتنسيق العسكري والفكري والإعلامي، مع توحيد الجهود لقطع طرق إمداده وتمويله»، مؤكدا «دعم الرابطة عبر مراكزها ومكاتبها وممثلياتها في أنحاء العالم، فضلاً عن شبكاتها الإعلامية ومجامعها وهيئاتها العلمية والفكرية، لهذا التحالف الإسلامي، وفاتحة خير على الجميع، تجمع وتؤلف في إطارها الإسلامي وبعدها الإنساني».
وبين، أن مفاهيم الإسلام حذرت من أي شعار، أو اسم، أو وصف غير الإسلام، «لكن عندما تختصر بعض المفاهيم سنة الإسلام وجماعة المسلمين في أوصاف لأشخاص، أو انتماءات، أو مدارس معينة، فقد اختزلت الإسلام الجامع، الإسلام الحاضن، إسلام السعة والامتداد والتاريخ، في مفاهيم محدودة، وأفكار ضيقة تفتح على الدين ثغرة تتسلل منها المصالح والأهواء».
بينما ألقى وزير الشبيبة والرياضة المغربي الحسن محمد الحسين سكوري كلمة رؤساء مكاتب شؤون الحجاج، قال فيها «إن إخواني رؤساء وفود الحجيج لهذا العام يقرون معي بأن الله أكرم هذا البلد، وأكرم المسلمين بخدمتكم للأرض التي تهفو إليها القلوب ويأتيها الناس من كل فج عميق لأداء مناسك ركن من أركان خاتمة الرسالات والأديان، وكيف لا نؤدي هذه الشهادة والمسلمون يتابعون إنجازاتكم، مؤازرين بمجهودات ولي عهدكم وولي ولي عهدكم، سواء فيما يخص توسعة الحرم الشريف، أو العناية بالحرم النبوي المنيف، أو في غير ذلك من المرافق والتدابير التي ترومون من ورائها التيسير على الحجيج، وهو من أجل ما يحمده سائر المؤمنين، ومن أعظم ما تدرك به مرضاة الله رب العالمين».
وأضاف: «بالفعل فكل من حضر من الحجاج يقف سنة بعد سنة على ما يسعد الغيورين على الدين، ويلتمس عظيم الشواهد على أنكم وفيتم في هذه الخدمة أحسن الوفاء، بما تبنون وتجددون وتدبرون وتحرسون، ويا سعدكم وأنتم من ينزل في بلادكم ضيوف الرحمن، ومن اشتهرتم بنصرة الدين لخدمة مقاصد القرآن» مبينًا «أن الحج الذي تخدمونه شرعه الله ليكون للمسلمين مصدر التذكير بالوحدة والتوحيد، وهو تعبير عن الأمل بأن تذلل في آفاقهم الصعوبات، وتتبدد سائر الهموم والانشغالات، ولا شك أن جهودكم تنصب في هذا الاتجاه بما تدافعون عن صورة الإسلام ضد تهم الطامعين والمغرضين».
عقب ذلك صافح الملك سلمان بن عبد العزيز، كبار الشخصيات الإسلامية، وضيوف خادم الحرمين الشريفين، وضيوف الجهات الحكومية، ورؤساء الوفود ومكاتب شؤون الحجاج، وقد تناول الجميع طعام الغداء مع خادم الحرمين الشريفين.
حضر حفل الاستقبال، الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية، والأمير خالد بن فهد بن خالد، والأمير منصور بن سعود بن عبد العزيز، والأمير طلال بن سعود بن عبد العزيز، والأمير خالد بن سعد بن فهد، والأمير خالد بن بندر بن عبد العزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين، والأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز وزير الحرس الوطني، والأمير فهد بن عبد الله بن عبد العزيز بن مساعد، والأمير الدكتور خالد بن فيصل بن تركي وكيل الحرس الوطني للقطاع الغربي، والأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا، والأمير الدكتور حسام بن سعود بن عبد العزيز، والأمير الدكتور عبد العزيز بن سطام بن عبد العزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين، والأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة المدينة المنورة رئيس لجنة الحج بالمنطقة، والأمير نايف بن سلطان بن عبد العزيز، والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، والأمير عبد الله بن بندر بن عبد العزيز، وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدون لدى المملكة وعدد من المسؤولين.
من جانب آخر، غادر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، أمس، مشعر منى ووصل في وقت لاحق إلى مدينة جدة، بعد أن أشرف على راحة الحجاج، وتنقلاتهم في المشاعر المقدسة ومكة المكرمة، وما يقدم إليهم من خدمات وتسهيلات مكنتهم من أداء مناسكهم بكل يسر وسهولة واطمئنان.
وكان في وداعه، الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية، والأمير خالد بن بندر بن عبد العزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين، والأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز وزير الحرس الوطني، والأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا، والأمير نايف بن سلطان بن عبد العزيز، والأمير تركي بن محمد بن فهد بن عبد العزيز، والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، والأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز مستشار وزير الداخلية، والأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز، والوزراء وكبار المسؤولين.



السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
TT

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)

أكدت الرياض ولندن، الخميس، ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وذلك في بيان مشترك عقب زيارة كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني للسعودية هذا الأسبوع، التي جاءت انطلاقاً من أواصر علاقتهما المميزة.

وذكر البيان أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وستارمر أكدا خلال جلسة مباحثات رسمية على أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التعاون بين البلدين، واستعرضا التقدم الكبير المحرز في تطوير العلاقات الثنائية وتنويعها.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، والتزامهما برفع حجم التجارة البينية إلى 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وزيادة الاستثمار في صناعات الغد، بما يحقق النمو المستدام. كما اتفقا على برنامج طموح للتعاون يهدف لتعزيز الازدهار المتبادل، والأمن المشترك، ومعالجة التحديات العالمية.

وأشادا بنمو الاستثمارات المتبادلة، ونوّها بالاستثمارات السعودية الكبيرة في المملكة المتحدة خلال عام 2024، ومنها لصندوق الاستثمارات العامة، مثل «سيلفريدجز» و«مطار هيثرو»، والاستثمار الإضافي في نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، ما يعزز العلاقات المتنامية بين شمال شرقي إنجلترا والسعودية.

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء البريطاني خلال جلسة مباحثات رسمية في الرياض (واس)

وبينما تعدّ المملكة المتحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السعودية، نوّه الجانبان بإعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن خططها لزيادة حجم تعرضها السوقي إلى 6 مليارات دولار أميركي، وذلك في ضوء نجاح التمويل (المتوافق مع الشريعة الإسلامية) بقيمة تبلغ نحو 700 مليون دولار للاستثمار بمشروع القدية (غرب الرياض).

وأعربا عن تطلعهما إلى تطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المتبادلة، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام. ورحّبا بالتقدم الكبير المحرز بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة.

وأشادا بالتعاون القائم بين البلدين في قطاع الطاقة، وأكدا أهمية تعزيزه بمجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف وتطبيقاته، والتكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الطاقة والاستدامة. واتفقا على العمل المشترك لإنشاء تحالف الهيدروجين النظيف بين جامعاتهما بقيادة جامعتي «الملك فهد للبترول والمعادن»، و«نيوكاسل».

وأكدا أهمية تعزيز موثوقية سلاسل التوريد العالمية، وتحديداً مع إطلاق السعودية مبادرة لتأمين الإمدادات، وخاصة بمجالات الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، والمعادن الخضراء، والبتروكيماويات المتخصصة، وإعادة تدوير النفايات، والمركبات الكهربائية.

جانب من جلسة المباحثات بين الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر (واس)

كما رحّبا بإطلاق السعودية 5 مناطق اقتصادية خاصة تستهدف الصناعات والقطاعات الاستراتيجية، وتوفر للشركات البريطانية فرصة الاستفادة من مزايا وحوافز على جميع مستويات سلاسل التوريد.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، ومجال تطوير قطاعات التعدين المستدامة، وتنويع إمدادات المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات النظيفة. وأعربت بريطانيا عن دعمها وعزمها المشاركة على مستوى رفيع في «منتدى مستقبل المعادن السعودي» خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2025.

كما أكدا على مركزية الاتفاقية الأممية الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، ونوّها بنتائج مؤتمر الأطراف «كوب 29»، وأهمية العمل لتحقيق نتيجة طموحة ومتوازنة في «كوب 30» عام 2025. ورحّبت بريطانيا بطموحات الرياض وقيادتها عبر مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ورئاستها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16».

وأعربت بريطانيا أيضاً عن دعمها جهود السعودية في مجالات البيئة والتغير المناخي من خلال تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته الرياض، وأقرّه قادة مجموعة العشرين، مؤكدة دعمها القوي لـ«رؤية 2030»، والتزامها بالفرص التي تتيحها في إطار الشراكة بين البلدين.

ولي العهد السعودي يصافح رئيس الوزراء البريطاني لدى وصوله إلى قصر اليمامة (واس)

ورحّب البلدان بتزايد عدد الزوار بينهما، وعبّرا عن تطلعهما إلى زيادة هذه الأعداد بشكل أكبر خاصة في ظل زيادة الربط الجوي بينهما، وتسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة من الجانبين.

واتفقا على أهمية تعزيز التعاون في مختلف القطاعات الثقافية، بما في ذلك من خلال إطلاق برنامج تنفيذي جديد لتعزيز مشاركة بريطانيا في تطوير محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، كما رحّبا بالاتفاق على إطلاق شراكة بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني تزامناً مع احتفال الأخير بمرور 90 عاماً على تأسيسه.

وأشادا بنتائج تعاونهما الاستراتيجي في مجالات التعليم والتعليم العالي والتدريب. ورحّبا بالخطط الاستراتيجية لزيادة عدد المدارس البريطانية في السعودية إلى 10 مدارس بحلول عام 2030، وافتتاح فروع للجامعات البريطانية في السعودية، كما عبّرا عن التزامهما بمواصلة التباحث حول زيادة التعاون في مجالات الاحتياجات التعليمية الخاصة، والتدريب التقني والمهني.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية، ومواجهة تحديات الصحة العالمية. ونوّها بالمناقشات الجارية بين الجامعات البريطانية والشركاء السعوديين المحتملين لإنشاء كلية لتدريب الممرضين بالسعودية. كما اتفقا على أهمية الاستفادة من فرصهما لزيادة التعاون بمجالات السلامة الغذائية، والمنتجات الزراعية.

ولي العهد السعودي يستقبل رئيس الوزراء البريطاني (واس)

واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الأنشطة والبرامج الرياضية، وأشادا بالمشروع المشترك بين الجامعات السعودية والبريطانية لدعم تطوير القيادات النسائية المستقبلية بمجال الرياضة، والشراكة المتنامية بمجال الرياضات الإلكترونية.

وأشادا بمستوى تعاونهما بمجال الدفاع والأمن على مرّ العقود الماضية، وأكدا التزامهما بشراكة دفاعية استراتيجية طموحة ومستقبلية، بما يسهم في تطويرها لتركز على الصناعة وتطوير القدرات، وزيادة التشغيل البيني، والتعاون بشأن التهديدات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والازدهار في البلدين.

واتفقا على توسيع التعاون في مجالات النشاط السيبراني والكهرومغناطيسي، والأسلحة المتقدمة، والقوات البرية، والطائرات العمودية، والطائرات المقاتلة. كذلك تعزيزه أمنياً حيال الموضوعات المشتركة، بما فيها مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وشدّدا على ضرورة مواصلة التعاون في المحافل والمنظمات الدولية لمعالجة التحديات الاقتصادية العالمية، والتزامهما بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وعقد حوار استراتيجي سعودي - بريطاني سنوياً بشأن المساعدات والتنمية الدولية، واتفقا على التمويل المشترك لمشاريع في هذا الإطار بقيمة 100 مليون دولار.

الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر قبيل جلسة المباحثات في قصر اليمامة (واس)

وحول تطورات غزة، أكد الجانبان ضرورة إنهاء الصراع، وإطلاق سراح الرهائن فوراً وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشددين على الحاجة الملحة لقيام إسرائيل بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وتمكين المنظمات الدولية والإنسانية من القيام بعملها.

وبحثا كيفية العمل بينهما لتنفيذ حلّ الدولتين بما يحقق إحلال السلام الدائم للفلسطينيين والإسرائيليين. وأعربت بريطانيا عن تطلعها إلى انعقاد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن الحل السلمي، الذي سترأسه السعودية وفرنسا في يونيو (حزيران) 2025.

وفي الشأن السوري، رحّب الجانبان بأي خطوات إيجابية لضمان سلامة الشعب السوري، ووقف إراقة الدماء، والمحافظة على مؤسسات الدولة ومقدراتها. وطالبا المجتمع الدولي بالوقوف بجانب الشعب، ومساعدته في تجاوز معاناته المستمرة منذ سنوات طويلة، مؤكدين أنه حان الوقت ليحظى بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.

وفيما يخص لبنان، أكدا أهمية المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية وفقاً للقرار 1701. كما اتفقا على ضرورة تجاوزه لأزمته السياسية، وانتخاب رئيس قادر على القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة.

ولي العهد السعودي يصافح الوفد المرافق لرئيس الوزراء البريطاني (واس)

وبشأن اليمن، أكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، وأهمية دعم الجهود الأممية والإقليمية للتوصل لحلٍ سياسيٍ شاملٍ للأزمة اليمنية، وضمان أمن البحر الأحمر لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.

وحول الأوضاع السودانية، أكدا أهمية البناء على «إعلان جدة» بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان عبر مواصلة الحوار لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وحل الأزمة، ورفع المعاناة عن شعبه، والمحافظة على وحدة البلاد، وسيادتها، ومؤسساتها الوطنية.

ورحّب الجانبان باستمرار التواصل بين البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، مؤكدين أهمية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام العادل والمستدام الذي يحترم السيادة والسلامة الإقليمية بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمية لرئيس الوزراء البريطاني في قصر اليمامة بالرياض (واس)