بوغدانوف: استئناف المفاوضات السورية في جنيف الشهر المقبل

خبراء روس يحذرون من عقبات ستفشل الاتفاق مع واشنطن.. سببها ضعف الأسد

بوغدانوف: استئناف المفاوضات السورية في جنيف الشهر المقبل
TT

بوغدانوف: استئناف المفاوضات السورية في جنيف الشهر المقبل

بوغدانوف: استئناف المفاوضات السورية في جنيف الشهر المقبل

قال ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، إن الاتفاق الروسي الأميركي حول طلعان الطيران السوري لا يعني إقامة منطقة حظر جوي في سوريا. كما رجح بوغدانوف استئناف المفاوضات السورية في جنيف الشهر المقبل، متوقعًا أن يرسل المبعوث الأممي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، الدعوات إلى المشاركين في الجولة القادمة من المفاوضات في مطلع أكتوبر (تشرين الأول).
وفي هذا السياق، كشف الدبلوماسي الروسي أن الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن قائمة الرياض للمعارضة السورية، اقترحت على الجانب الروسي عقد لقاء ثنائي. وأشار بوغدانوف إلى إمكانية عقد مثل هذا اللقاء على هامش أعمال الدورة القادمة للجمعية الأممية العامة في نيويورك.
وفي اتصال لـ«الشرق الأوسط» مع مصدر من الهيئة العليا للمفاوضات، نفى علمه بموعد بدء المحادثات مع النظام في جنيف، مؤكدًا أن أحدًا لم يتصل في المعارضة بعد في هذا الشأن.
وكشف بوغدانوف أنه سيجتمع، اليوم، مع جابر أنصاري مساعد وزير الخارجية الإيراني، متوقعًا أن يركز الحديث على التسوية الروسية والوضع في العراق واليمن.
وتولي روسيا على المستويات السياسية الرسمية والإعلامية والبحثية، اهتمامًا خاصًا بالاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الولايات المتحدة حول الأزمة السورية، مع تركيز بأسلوب غير مباشر على الجانب الاستراتيجي للاتفاق، لا سيما تأثيره في طبيعة العلاقات بين موسكو وواشنطن وتأثير في مكانة روسيا دوليًا. هذا في وقت حذر فيه خبراء روس من عقبات سببها ضعف الأسد بمواجهة حلفائه.
ويوم أمس أعلن الكرملين أن «الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحث مع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن القومي الروسي، الوضع في سوريا، في سياق الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الولايات المتحدة»، ولم يقدم دميتري بيسكوف، المتحدث الصحافي باسم الرئاسة الروسية، أية معلومات أخرى حول ما جرى تناوله من أفكار خلال الاجتماع بخصوص الشأن السوري.

أما أليكسي بوشكوف، رئيس لجنة مجلس الدوما (مجلس النواب) للشؤون الدولية، فقد وصف الاتفاق بأنه «اتفاق بين القوتين القائدتين في العالم المعاصر». وفي تأكيد لوجهة النظر القائلة بأن روسيا تسعى عبر الاتفاق مع واشنطن لاستعادة مكانتها الدولية، أشار بوشكوف إلى أن الاتفاق هو أميركي روسي فقط دون مشاركة أي من اللاعبين الآخرين مثل تركيا والسعودية والاتحاد الأوروبي، ليشدد بعد ذلك على أن «الاتفاق يؤكد الدور القيادي للولايات المتحدة روسيا في حل الأزمات الإقليمية الكبرى».
إلا أن بعض الخبراء السياسيين الروس لا يتفقون مع وجهات نظر البرلمانيين الروسيين. إذ يرى الخبير العسكري والمحلل السياسي الروسي رسلان بوخوف مدير مركز تحليل الاستراتيجيات والتقنيات، أن «الاتفاق حول سوريا خطوة مهمة لكنها لا تشكل شرطًا كافيًا لاستئناف المفاوضات، فتنفيذ الاتفاق رهن بدعم اللاعبين الإقليميين». وحذر من أن اللاعبين الخارجيين، ومنهم إيران، وما يُسمى «حزب الله»، قد يكون لديهم تصورهم الخاص للوضع في سوريا، ليتساءل بعد ذلك «من الذي سيتحكم بهم لتنفيذ الاتفاق؟»، معربًا عن قناعته بأنه «من المبكر إعلان الأفراح»، وأن «روسيا ستواجه صعوبات في تنفيذ الاتفاق، لأن الأسد لم يعد قادرًا على التحكم بكل الأطراف في النسيج الاجتماعي السوري الممزق»، حسب تعبير الخبير الروسي.
في غضون ذلك بدأت تسريبات تظهر في وسائل الإعلام الروسية حول الظروف التي أنتجت الاتفاق الأميركي - الروسي، لا سيما بخصوص ما تقول الصحافة الروسية إنه «تنازلات قدمتها موسكو» للجانب الأميركي.
في هذا الشأن نقلت صحيفة «كوميرسانت» عن مصدر عسكري روسي قوله إن روسيا التي كانت تصر على موقفها بأن «لا تتوقف القوات السورية عن تنفيذ العمليات القتالية ضد الإرهابيين»، تنازلت عن ذلك الموقف «بسبب الوضع الصعب لجيش بشار الأسد بصورة رئيسية». ويضيف المصدر أن «قدرات الجيش السوري استنزفت خلال العمليات الطويلة في حلب، وباءت بالفشل كل محاولاتها استعادة السيطرة خلال الأسابيع الماضية على بعض المناطق في المدينة»، وتتابع الصحيفة لتؤكد، بناء على معلومات متوفرة لديها وتشير إلى أنه «باءت بالفشل كذلك محاولة تشكيل عدة كتائب من تعداد العسكريين السوريين المدربين جيدًا لدفعهم كقوة حاسمة في المعركة، وسبب الفشل هو اختلافات بين المجموعات العرقية داخل الجيش السوري»،



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم