حجاج سوريا.. من دوي القنابل والمدافع إلى ساحة السلام بالمشاعر المقدسة

عشريني تسبب النظام في إعاقته.. ومسنة هربت من الاستبداد ليطالها قصف «داعش»

الحاج السوري عمار أبو ياسر - الحاجة جميلة وابنها الحاج يحيى شحاته ({الشرق الأوسط})
الحاج السوري عمار أبو ياسر - الحاجة جميلة وابنها الحاج يحيى شحاته ({الشرق الأوسط})
TT

حجاج سوريا.. من دوي القنابل والمدافع إلى ساحة السلام بالمشاعر المقدسة

الحاج السوري عمار أبو ياسر - الحاجة جميلة وابنها الحاج يحيى شحاته ({الشرق الأوسط})
الحاج السوري عمار أبو ياسر - الحاجة جميلة وابنها الحاج يحيى شحاته ({الشرق الأوسط})

بين ويلات الحرب ودوي المدافع والقنابل ورائحة الموت التي تطاردهم، إلى ساحة السلام والتلبية والتكبير بالمشاعر المقدسة، كان حال أبناء الشام القادمين لأداء فريضة الحج لهذا العام من داخل سوريا.
آهات آلام، والحسرة والفقد، ترتسم على محياهم، فمن منهم لم يعان منزله من القصف وهدد بالترويع والاعتقالات، إلى حد قول الحاجة جميلة محمد اليوسف (65 عاما) وإحدى سكان محافظة حلب في سوريا، إن الأمر طبيعي في ظل ما يتخذه نظام بلادها تجاه كل معارض له.
الحاجة جميلة هربت من حارتها في حلب مع أسرتها إلى إحدى الضياع، ليطالها قصف «داعش» لمنزلها فيدمره كليًا لتفقد معه كل محتويات منزلها وأقارب لها كانوا يقطنون في منازل مجاورة لها.
الحاجة جميلة قالت إن العناية الإلهية التي نجتها من القصف مع أسرتها، حيث كانوا يوجدون لدى أحد أقربائهم قبل أن يسمع الجميع دوي الانفجار، ليتولى بعد ذلك نجلها يحيى شحاتة زمام الحديث، مكملاً: «خرجنا من حلب رفضًا للاستبداد وتجنب القصف، ليصاب منزلنا في الضيعة بمدافع (داعش)».
ابن جميلة قال إنهم عانوا كثيرًا قبل وصولهم إلى السعودية، حتى حطت أقدامهم في المشاعر المقدسة لأداء فريضة الحج، حيث قال إن رحلتهم إلى تركيا لا تستغرق ساعات، وأخذت منهم ما يقارب 15 يوما، في ظل الحواجز الأمنية للنظام و«داعش» بعد أن خرجوا تهريبا من بلادهم إلى الحدود التركية، ومن ثم الالتحاق بالبعثة السورية للحج.
في الطرف الآخر، كان عمار الجمال أبو ياسر، ابن الـ25 ربيعًا من الغوطة الشرقية، الذي أصيب بشلل جراء استهدافه من قناصة النظام السوري، على حد قوله، يشير إلى أنه تعرض للإصابة من سنتين ونصف قبل أن يتم التوجه به إلى الأردن للعلاج.
وأشار أبو ياسر إلى أن الإصابة التي أفقدته السير لم تزده إلا رضاء بقضاء الله وقدره، وقال: «سأظل صابرا مع إخوتي السوريين الشرفاء مدافعًا عن حق سيادتها ضد الاستبداد والقهر»، منوهًا بالتسهيلات التي قدمتها السعودية لهم منذ قدومهم إليها مع بعثة الحج السورية لأداء الفريضة، وأن الخبثاء من السوريين هم من حرموا أبناء جلدتهم في المناطق التي يسيطرون عليها من أداء الفريضة، وليست السعودية.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.