«السياحة» بديل فنزويلا «الضعيف» للحصول على الدولارات

الدولة تنزلق إلى هاوية اقتصادية وسياسية تهدد قدوم الأجانب

مواطنون في فنزويلا يحاولون بصعوبة الحصول على السلع الرئيسية (رويترز)
مواطنون في فنزويلا يحاولون بصعوبة الحصول على السلع الرئيسية (رويترز)
TT

«السياحة» بديل فنزويلا «الضعيف» للحصول على الدولارات

مواطنون في فنزويلا يحاولون بصعوبة الحصول على السلع الرئيسية (رويترز)
مواطنون في فنزويلا يحاولون بصعوبة الحصول على السلع الرئيسية (رويترز)

يعتبر الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو من أشد منتقدي الولايات المتحدة، لكن بلاده تعاني بشدة من الأزمة الاقتصادية، وباتت تبذل كل الجهود لجذب أموال السياح من الدولارات، حتى تعوض النقص الحاد لديها في العملات الصعبة.
وكان السياح القلائل قد اعتادوا حتى الآن على التعامل بالبوليفار، العملة المحلية التي تنخفض قيمتها باستمرار، من أجل نفقاتهم في فنزويلا. وقد منع فيها الدولار رسميًا باعتباره عملة للدفع، فيما تتهم الحكومة الاشتراكية واشنطن بشن «حرب اقتصادية» عليها، وتمارس رقابة صارمة على العملات الأجنبية.
لكن هذا البلد الذي يستورد تقريبًا كل ما يستهلكه، يحتاج إلى دولارات لتمويل عمليات الاستيراد. وقال أسدروبال أوليفيروس، مدير مكتب «إيكوناناليتيكا» للاستشارات، لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الحكومة تحتاج إلى العملات الصعبة، وتنظر في كل الوسائل لزيادة احتياطاتها بالدولار».
ويوفر فندق أوروبيلدينغ الراقي في كراكاس منذ يونيو (حزيران) الماضي لزبائنه إمكانية تسوية حسابات غرفهم عبر بطاقات بالدولار.
وفي جزيرة مرغريتا (شمال) التي تجتذب أكبر عدد من السياح، تستعد الفنادق الكبرى بسرعة للاقتداء به. وقال مارتن اسبينوزا، رئيس اتحاد الفنادق في جزيرة مرغريتا، إنه «من الضروري أن يجري تأمين هذا النوع من المعاملات التي تتيح للسياح الدفع ببطاقات الاعتماد في فنزويلا، وللفنادق الحصول على الدولار لتأمين ما يحتاجون إلى استيراده».
نظريًا، يطبق هذا التدبير منذ ستة أشهر، لكن الإجراءات المصرفية المعقدة للحصول على الحق بوضع الفاتورة بالدولار، تستغرق وقتًا.
لكن الصورة ليست بسيطة إلى هذا الحد. فالفنادق لا تستطيع الاحتفاظ إلا بنحو 40 في المائة فقط من المبالغ التي تحصل عليها. ويتعين عليها أن تعيد بيع المبلغ المتبقي للبنك المركزي، الذي يتطلع بدوره إلى الدولارات في بلد يطاول النقص 80 في المائة من المواد الغذائية والأدوية.
لكن من جهتهم، يبدي المحللون شكوكًا. فقد استقبلت فنزويلا نحو مليون سائح أجنبي في عام 2014، قبيل تفاقم الأزمة الاقتصادية.
وفرضيا، إذا أمضى كل شخص أسبوعًا في البلاد وأنفق فيها 100 دولار يوميًا، كما تعتبر الحكومة، فإن ذلك يؤمن للبلاد 700 مليون دولار سنويًا. وهي نقطة في بحر بالنسبة إلى الديون التجارية التي تبلغ 12.5 مليار دولار.
ورغم الشواطئ الرائعة والمناظر الجبلية الخلابة، من المتوقع أن يتضاءل عدد السياح، فيما تنزلق البلاد إلى الاضطراب الاقتصادي والسياسي الذي يحمل في طياته بذور أعمال عنف.
وقال أسدروبال أوليفيروس، إن «السياحة ليست واحدًا من القطاعات التي تؤمن أكبر قدر من العملات الصعبة في كراكاس. لذلك لن يؤمن هذا الإصلاح حلاً على المدى البعيد».
وقد اعتاد المسافرون الأجانب على أن يعيشوا مثل الملوك في فنزويلا، إذ كانوا يبدلون دولاراتهم الثمينة بالبوليفار في السوق السوداء التي تمنح سعرًا مغريًا جدًا.
لكن التضخم المتصاعد والذي بلغ 180 في المائة في عام 2015 بحسب السلطات، و720 في المائة هذه السنة، كما يقول صندوق النقد الدولي، قضى في شكل تدريجي على هذه الإيجابية، وأدى إلى ارتفاع جنوني للأسعار في المتاجر والمطاعم.
والسياح الذين سيدفعون ببطاقاتهم المصرفية، سيفرض عليهم معدل الصرف الرسمي، الأقل إثارة للاهتمام.
وقال أسدروبال أوليفيروس إن «ذلك سيشكل بالنسبة إلى السائح إجحافًا، لأنه كان يستفيد بطريقة ما من هذا الفارق بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء». وأضاف: «لذلك سيفكر كثيرون مرتين على الأرجح قبل أن يأتوا».
ويرى المحللون في التدبير الفنزويلي انعكاسًا لسياسة اقتصادية مأزومة، وقال أنخيل غارسيا بانشز، مدير مكتب «إيكونومتريكا»، إن «مراقبة أسعار الصرف باتت حاضرة بقوة». وأضاف أنه «لم يعد ممكنًا الدفاع الآن عن هذا الأمر، وما نراه في هذا المجال هو بمثابة اختبار».. لكنه اعتبر أن «ذلك لن يؤدي إلى تغييرات جوهرية».



بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

قالت الصين الخميس إن تحقيقاتها في ممارسات الاتحاد الأوروبي وجدت أن بروكسل فرضت «حواجز تجارية واستثمارية» غير عادلة على بكين، مما أضاف إلى التوترات التجارية طويلة الأمد.

وأعلنت بكين عن التحقيق في يوليو (تموز)، بعدما أطلق الاتحاد تحقيقات حول ما إذا كانت إعانات الحكومة الصينية تقوض المنافسة الأوروبية. ونفت بكين باستمرار أن تكون سياساتها الصناعية غير عادلة، وهددت باتخاذ إجراءات ضد الاتحاد الأوروبي لحماية الحقوق والمصالح القانونية للشركات الصينية.

وقالت وزارة التجارة، الخميس، إن تنفيذ الاتحاد الأوروبي للوائح الدعم الأجنبي (FSR) كان تمييزاً ضد الشركات الصينية، و«يشكل حواجز تجارية واستثمارية». ووفق الوزارة، فإن «التطبيق الانتقائي» للتدابير أدى إلى «معاملة المنتجات الصينية بشكل غير موات أثناء عملية التصدير إلى الاتحاد الأوروبي مقارنة بالمنتجات من دول أخرى».

وأضافت بكين أن النظام لديه معايير «غامضة» للتحقيق في الإعانات الأجنبية، ويفرض «عبئاً ثقيلاً» على الشركات المستهدفة، ولديه إجراءات غامضة أنشأت «حالة من عدم اليقين هائلة». ورأت أن تدابير التكتل، مثل عمليات التفتيش المفاجئة «تجاوزت بوضوح الحدود الضرورية»، في حين كان المحققون «غير موضوعيين وتعسفيين» في قضايا، مثل خلل الأسواق.

وأوضحت وزارة التجارة الصينية أن الشركات التي عدّت أنها لم تمتثل للتحقيقات واجهت أيضاً «عقوبات شديدة»، الأمر الذي فرض «ضغوطاً هائلة» على الشركات الصينية. وأكدت أن تحقيقات نظام الخدمة المالية أجبرت الشركات الصينية على التخلي عن مشاريع أو تقليصها، ما تسبب في خسائر تجاوزت 15 مليار يوان (2,05 مليار دولار).

وفي سياق منفصل، تباطأ التضخم في أسعار المستهلكين في الصين خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فيما واصلت أسعار المنتجين الانكماش وسط ضعف الطلب الاقتصادي.

وألقت عوامل، تتضمن غياب الأمن الوظيفي، وأزمة قطاع العقارات المستمرة منذ فترة طويلة، وارتفاع الديون، وتهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، بظلالها على الطلب رغم جهود بكين المكثفة لتحفيز القطاع الاستهلاكي.

وأظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء، الخميس، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.1 في المائة الشهر الماضي على أساس سنوي، بعد صعوده 0.2 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) السابق عليه، مسجلاً أضعف وتيرة منذ أبريل (نيسان) الماضي. وجاءت البيانات متسقة مع توقعات الخبراء في استطلاع أجرته «رويترز».

وظل مؤشر أسعار المستهلكين ثابتاً على أساس شهري، مقابل انخفاض بواقع 0.6 في المائة في نوفمبر، وهو ما يتوافق أيضاً مع التوقعات. وارتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والوقود المتقلبة، 0.4 في المائة الشهر الماضي، مقارنة مع 0.3 في المائة في نوفمبر، وهو أعلى مستوى في خمسة أشهر.

وبالنسبة للعام ككل، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 0.2 في المائة بما يتماشى مع وتيرة العام السابق، لكنه أقل من المستوى الذي تستهدفه السلطات عند نحو ثلاثة في المائة للعام الماضي، مما يعني أن التضخم أخفق في تحقيق الهدف السنوي للعام الثالث عشر على التوالي.

وانخفض مؤشر أسعار المنتجين 2.3 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر، مقابل هبوط بواقع 2.5 في المائة في نوفمبر، فيما كانت التوقعات تشير إلى انخفاض بنسبة 2.4 في المائة. وبذلك انخفضت الأسعار عند بوابات المصانع للشهر السابع والعشرين على التوالي.

ورفع البنك الدولي في أواخر ديسمبر الماضي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين في عامي 2024 و2025، لكنه حذر من أن أموراً تتضمن ضعف ثقة الأسر والشركات، إلى جانب الرياح المعاكسة في قطاع العقارات، ستظل تشكل عائقاً.