جامعة الخرطوم.. أم الجامعات السودانية ومشعلة الثورات

نافذة على مؤسسة تعليمية

جامعة الخرطوم..  أم الجامعات السودانية ومشعلة الثورات
TT

جامعة الخرطوم.. أم الجامعات السودانية ومشعلة الثورات

جامعة الخرطوم..  أم الجامعات السودانية ومشعلة الثورات

تعتبر جامعة الخرطوم أول وأكبر وأهم الجامعات السودانية، وتأتي في مقدمة الجامعات الأكثر عراقة أفريقيا وعربيا.
تم افتتاح نواتها في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) 1902، تحت اسم كلية غردون التذكارية، من قبل الحاكم العسكري البريطاني اللورد كتشنر، تخليدا لذكرى سلفه اللورد غردون، الذي قتل إبان هجوم قوات جيش الإمام محمد أحمد المهدي، على سراي الحاكم العام لتحرير الخرطوم.
وبعد استقلال السودان في يناير (كانون الثاني) 1956، أطلق عليها اسم جامعة الخرطوم، وبذلك أمست أول كلية أفريقية كانت مرتبطة بجامعة لندن تفك ذلك الارتباط، وتتحول إلى جامعة مستقلة تمنح شهادتها الخاصة.
يدللها خريجوها باسم «الجامعة أم نخل» في إشارة لأشجار النخيل «رويال بالم» التي تحدد مسار الطريق لمكتبتها الرئيسية، أما من يطمحون للالتحاق بها فينادونها «الجميلة ومستحيلة». تضم الجامعة 19 كلية و17 معهدا ومركزا للبحث والتدريب، ولها دار للطباعة والنشر، ومستشفى تعليمي، ومتحف، ومركز للخدمات الطبية، ومسجد، ومسبح.
من أشهر خريجي جامعة الخرطوم كبار رجالات ونساء الخدمة المدنية بالسودان، وقيادات سياسية، ومعظم من عملوا ومن يعملون بالمنظمات الدولية وهيئات الأمم المتحدة، وبجامعات ومؤسسات عربية وأفريقية وعالمية.
منذ تأسيسها، أتاح اعتماد نظام المنافسة الحرة للالتحاق بجامعة الخرطوم الفرص أمام المتفوقين من أبناء وبنات الأسر السودانية الفقيرة والغنية على السواء، إذ لم تكن المادة أو المصروفات حائلا، فالجامعة مجانية مائة في المائة. وكانت الجامعة توفر سكنا آمنا ومحترما وغذاء كافيا لكل طلابها وطالباتها، ومن أشهر داخلياتها «البركس للطلاب» وداخلية البنات، وجميعها امتازت بتوفير ندوات سياسية وأركان نقاش ساخنة وحرة، وصحف حائطية ثرة ومثيرة.
طيلة مسيرتها ارتبطت جامعة الخرطوم بالأحداث السياسية، بل كثيرا ما خلقت تلك الأحداث وأججتها، وهذا دأبها منذ أيام الاستعمار والكفاح للاستقلال.
ومما يسجله التاريخ للجامعة بجانب تفوقها الأكاديمي، دورها في قيادة الثورات لإحداث التغيير الديمقراطي في السودان.
وفي هذا، انطلقت شرارة ثورة أكتوبر (تشرين الأول) 1964 من ميدانها الشرقي. ومن شارع الجامعة شيع السودان طالبها أحمد القرشي، أول «شهيد»، ومن ثم تطورت الأحداث وأطيح بحكم الفريق إبراهيم عبود 1958 - 1964. ومن حرم الجامعة وبين أروقة نادي أساتذتها الشهير قويت شوكة انتفاضة أبريل (نيسان) 1985، وأطيح بنظام الفريق جعفر نميري 1969 – 1985.
هذا ولا تزال الأنظار معلقة بالجامعة، لعل شرارة الخلاص من انقلاب 1989 وقائده المشير تنطلق منها. وعلى الرغم من محاولات ترويع طلاب الجامعة وتكرار إغلاقها وتعليق الدراسة، فإن الوعي السياسي لن يتلاشى ويظل جزءا أصيلا من مصير طلابها، كما يظل جزءا من اهتمامات حياتهم اليومية، تماما كاهتماماتهم الأكاديمية، ولا غرابة في ذلك فهي جامعة وطنية وليست مدرسة طلاب قصر.



جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة
TT

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

تم تصنيف جامعة ياغيلونيا في مدينة كراكوف البولندية كأفضل مؤسسة تعليمية جامعية في البلاد، إلى جانب كونها واحدة من أعرق الجامعات في العالم. بدأت قصتها عام 1364 عندما نجح الملك كازيمير الأعظم بعد سنوات طويلة في إقناع البابا أوربان الخامس بمنح تصريح لإنشاء مؤسسة للتعليم الجامعي في مدينة كراكوف، قام الملك بتمويلها بعائدات مناجم فياليتشكا الملحية القريبة.
بعد ثلاث سنوات كان الجرس يدق في أرجاء المؤسسة معلناً عن بدء الدروس والتي كانت في الفلسفة والقانون والطب. وبدأت الجامعة، التي كان أول اسم يطلق عليها هو أكاديمية كراكوف، في الازدهار والنجاح خلال القرن التالي عندما بدأت في تدريس الرياضيات واللاهوت والفلك، حيث جذبت تلك المواد الباحثين والدارسين البارزين من مختلف أنحاء أوروبا. وتطلب توسعها بخطى سريعة إنشاء حرم جامعي أكبر. وقد التحق نيكولاس كوبرنيكوس، الذي أحدث بعد ذلك ثورة في فهم الكون، بالجامعة منذ عام 1491 حتى 1495.
مع ذلك، لم يستمر ما حققته الجامعة من نجاح وازدهار لمدة طويلة كما يحدث طوال تاريخ بولندا؛ ففي عام 1939 احتل النازيون مدينة كراكوف وألقوا القبض على الأساتذة بالجامعة وقاموا بنقلهم إلى معسكري التعذيب زاكزينهاوسين، وداخاو؛ ولم يعد الكثيرون، لكن من فعلوا ساعدوا في تأسيس جامعة مناهضة سرية ظلت تعمل حتى نهاية الحرب. كذلك اضطلعت جامعة ياغيلونيا بدور في الاحتجاجات المناهضة للنظام الشمولي في الستينات والثمانينات، واستعادت حالياً مكانتها المرموقة كمؤسسة لتدريب وتعليم النخبة المتعلمة المثقفة في بولندا.
ساعد انضمام بولندا إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 في زيادة موارد الجامعة، وفتح أقسام جديدة، وإنشاء مرافق أفضل منها ما يسمى بـ«الحرم الجامعي الثالث» أو «الحرم الجامعي للذكرى الـ600» في منطقة بيخوفيسه. وبلغ عدد الملتحقين بالجامعة في 87 برنامجا دراسيا خلال العام الدراسي 2015-2016 47.494 طالباً.
وطوال قرون التحق خلالها عدد كبير من الطلبة بالجامعة، كان التحاق أول طالبة بالجامعة يمثل حدثاً بارزاً، حيث قامت فتاة تدعى نوفويكا، بالتسجيل في الجامعة قبل السماح للفتيات بالالتحاق بالجامعة بنحو 500 عام، وكان ذلك عام 1897، وتمكنت من فعل ذلك بالتنكر في زي شاب، وكانت الفترة التي قضتها في الدراسة بالجامعة تسبق الفترة التي قضاها زميل آخر لحق بها بعد نحو قرن، وكان من أشهر خريجي الجامعة، وهو نيكولاس كوبرنيكوس، الذي انضم إلى مجموعة عام 1492، وربما يشتهر كوبرنيكوس، الذي يعد مؤسس علم الفلك الحديث، بكونه أول من يؤكد أن الأرض تدور حول الشمس، وهو استنتاج توصل إليه أثناء دراسته في الجامعة، ولم ينشره إلا قبل وفاته ببضعة أشهر خوفاً من الإعدام حرقاً على العمود. من الطلبة الآخرين المميزين كارول فويتيالا، والذي يعرف باسم البابا يوحنا بولس الثاني، الذي درس في قسم فقه اللغة التاريخي والمقارن بالجامعة.