فرنسا تتعهد بمزيد من خفض الضرائب لإنعاش الاقتصاد

«النمو الصفري» يتحدى الحكومة في ظل وعودها بتقليص العجز في الإنفاق العام

الحكومة الفرنسية وعدت المواطنين بخفض الضرائب قبل 8 أشهر من الانتخابات (رويترز)
الحكومة الفرنسية وعدت المواطنين بخفض الضرائب قبل 8 أشهر من الانتخابات (رويترز)
TT

فرنسا تتعهد بمزيد من خفض الضرائب لإنعاش الاقتصاد

الحكومة الفرنسية وعدت المواطنين بخفض الضرائب قبل 8 أشهر من الانتخابات (رويترز)
الحكومة الفرنسية وعدت المواطنين بخفض الضرائب قبل 8 أشهر من الانتخابات (رويترز)

في خطوة مكملة لخطة الحكومة الفرنسية بتقليص حجم الضرائب المفروضة على المواطنين، التي أثقلتهم بمزيد من الأعباء، قررت وزارة المالية اتخاذ إجراء بتخفيض في الضرائب على الدخل بنسبة 20 في المائة للطبقة المتوسطة.
يأتي ذلك، في إطار الرغبة في إنعاش نمو الاقتصاد الذي انعدم في الربع الثاني من العام الحالي.
ووعدت حكومة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند المواطنين بتخفيض الضرائب على الدخل بما يعادل مليار يورو (1.1 مليار دولار) لنحو 5 ملايين من دافعي الضرائب خلال عام 2017، وذلك في مسعى لتخفيف الألم من الزيادات الضريبية السابقة قبل الانتخابات الرئاسية العام المقبل.
وقال وزير المالية ميشال سابان، إن هذا الإجراء يأتي في سياق الخطة التي التزمت بها الحكومة في 2014، والتي أدت إلى خفض الضريبة على الدخل 3 مرات سابقة لتعويض الفرنسيين عن الالتزامات والأعباء التي تحملوها في أعوام 2012 و2013. وصرح سابان، لإذاعة «فرنس إنفو» يوم الجمعة الماضي، بأن خطة تخفيض الضرائب شيء «عادل، وضروري في الوقت نفسه»، وأضاف أن القيمة الإجمالية لخفض الضرائب التي قررتها الحكومة منذ عام 2014 ستبلغ 6 مليارات يورو.
وكان هولاند قد اشترط في يوليو (تموز) الماضي أن يبلغ معدل النمو خلال عام 2017 نحو 1.7 في المائة على الأقل حتى يتم تنفيذ الخفض المحتمل للضرائب الذي تحدثت عنه حكومته، وذلك في إطار خطة لإعطاء قوة شرائية أكبر للفرنسيين، ويمكن أن يأتي ذلك في شكل تخفيضات ضريبية، ولكن يأتي ذلك أيضا عبر زيادة إعانة الأشخاص الذين يعملون ويحصلون على أجور منخفضة.
وتعد كل من فرنسا وبلجيكا من أكبر فارضي الضرائب في أوروبا، وجمع كلا البلدين ما يعادل 47.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لتمويل احتياجات البلاد في عام 2014، وفقًا لأحدث الأرقام الصادرة عن «يوروستات». وتقول تقديرات وزارة المالية الفرنسية إن الضرائب والرسوم الاجتماعية قد انخفضت من 44.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2014، حتى 44.5 في المائة خلال عام 2016.
ولم يكن أمام هولاند - بعد توليه السلطة - خيار سوى رفع الضرائب لتلبية ضغوط الاتحاد الأوروبي للحد من العجز في الميزانية، الذي سجل نحو 4.8 في المائة في هذا العام، ومن المتوقع تراجع العجز في الموازنة إلى 3.3 في المائة. ورغم الاستمرار في خطة خفض الضرائب المتبعة حاليًا، فإن الحكومة الفرنسية مطالبة بتقليص العجز في الموازنة إلى 2.7 في المائة في عام 2017.
وقررت حكومة هولاند في أواخر عام 2013، أن يتم خفض الضرائب على المرتبات بنحو 6 مليارات يورو بدءا من عام 2014، في مقابل وعود الشركات بخلق مزيد من فرص العمل. ومنذ ذلك الحين، تحولت فرنسا نحو تخفيض تدريجي في معدلات الضرائب، وعلى الرغم من ذلك، فإن الاقتصاد الفرنسي ينمو بشكل متواضع والبطالة قرب مستويات قياسية.
وتستهدف وزارة المالية الفرنسية من التخفيضات الضريبية الأخيرة، الشخص الذي يتقاضى مرتبا أقل من 1900 يورو في الشهر، أو الأزواج الذين يكسبون أقل من 3800 يورو شهريًا. وقالت الوزارة، إن متوسط الادخار للأسرة الواحدة سيكون نحو مائتي يورو على الأقل في العام المقبل.
وفي ما يتعلق بالشركات، أعلن سابان أن نسبة الضرائب على الشركات ستنخفض من 33 في المائة حاليًا إلى 28 في المائة بالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة في 2017 و2018، وبالنسبة لكل الشركات بحلول 2020.
والسؤال هو ما إذا كان هولاند قادرا على الوفاء بتعهد خفض الضرائب، وفي الوقت نفسه تحقيق أهداف الميزانية ورفع النمو الاقتصادي في البلاد، ويأتي ذلك مع تراجع شعبية هولاند قبل 8 أشهر متبقية على الانتخابات الرئاسية المقبلة، وذلك بالأساس بسبب فشله في الارتقاء إلى مستوى الوعود التي قطعها على نفسه لتغيير مسار الاقتصاد إلى أعلى.
وقال وزير المالية ميشال سابان، لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه على الرغم من التخفيضات الضريبية، فإن فرنسا تحترم تعهدها للاتحاد الأوروبي للحد من العجز في الإنفاق العام إلى 2.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2017. ويتوقع البنك المركزي توسع الاقتصاد بنسبة 0.3 في المائة في الربع الثالث، والعودة إلى النمو بعد الركود في فترة الأشهر الثلاثة السابقة.
وأظهر التقدير الثاني من المعهد الوطني للإحصاءات الفرنسي، ركودا كبيرا في الناتج المحلي الإجمالي في فرنسا في الربع الثاني، بسبب ضعف الإنفاق الاستهلاكي والاستثمار؛ في ضربة لتأكيدات الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بأن الاقتصاد يتوسع بقوة. ولم تحقق فرنسا أي نمو خلال الفترة من أبريل (نيسان) وحتى يونيو (حزيران) الماضيين بعد أن ارتفع إجمالي الناتج المحلي 0.7 في المائة في الربع الأول مدعومًا بالنشاط الاقتصادي لبطولة كأس الأمم الأوروبية لكرة القدم (يورو 2016) التي استضافتها البلاد.
وعلى جانب النفقات، أظهر الاستهلاك المنزلي نموًا بالصفر، مقابل توسع بنسبة 1.2 في المائة في الربع الأول. واستقر نمو الإنفاق الحكومي عند 0.4 في المائة، وانخفض الاستثمار بنسبة 0.2 في المائة بعد ارتفاع بنسبة 1.3 في المائة في الربع السابق. وتراجعت الصادرات بنسبة 0.1 في المائة، وانخفضت الواردات اثنين في المائة.
وتشير الإحصاءات الأخيرة إلى أن الاقتصاد الفرنسي لم يتمكن من النمو في الأشهر الثلاثة الأخيرة، بسبب التأثر بانخفاض في الإيرادات السياحية التي تأثرت بسلسلة من الأحداث، بما في ذلك عدد من الهجمات والضربات الإرهابية، فضلاً عن الإضرابات من قبل النقابات العمالية. والسياحة، وهي صناعة كبيرة في فرنسا، شهدت أسوأ معدلات على مدى سنوات، وانخفضت الحجوزات الفندقية بنسبة 10 في المائة في الأشهر الأخيرة.
وتعاني السياحة الفرنسية، وهي قطاع أساسي في الاقتصاد، منذ أن قتل مسلحون تابعون لتنظيم «داعش» 130 شخصًا في هجوم بباريس العام الماضي، مما أدى إلى انخفاض حاد في مبيعات منتجي السلع الفاخرة. وكذلك عانى تجار التجزئة في العاصمة، والفنادق والمطاعم. وتلقى القطاع ضربات أخرى في يوليو الماضي عندما قتل متشدد 85 شخصًا بعد أن قاد شاحنة وصدم بها حشودًا في مدينة نيس بمنطقة الريفييرا.. وبعد ذلك بأسبوعين فقط، قتل رجلان آخران في بلدة صغيرة بنورماندي، وهي الضربات التي أسفرت جميعها عن هبوط كبير في حركة السياحة بفرنسا.



ألمانيا تحذر ترمب من تداعيات الرسوم الجمركية على الاقتصاد

سفينة تابعة لشركة شحن صينية في محطة حاويات بميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
سفينة تابعة لشركة شحن صينية في محطة حاويات بميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
TT

ألمانيا تحذر ترمب من تداعيات الرسوم الجمركية على الاقتصاد

سفينة تابعة لشركة شحن صينية في محطة حاويات بميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
سفينة تابعة لشركة شحن صينية في محطة حاويات بميناء هامبورغ الألماني (رويترز)

أعرب وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك، ومرشح حزب «الخضر» لمنصب المستشار، عن اعتقاده بأن ألمانيا والاتحاد الأوروبي على استعداد جيد للتعامل مع رئاسة دونالد ترمب الجديدة، لكنه حذر ترمب من أن الرسوم الجمركية سلاح ذو حدين، وسيضر الاقتصاد الكلي.

وقال هابيك، نائب المستشار الألماني، وفق «وكالة الأنباء الألمانية»: «أقول إنه يتعين علي وأريد أن أواصل العمل بشكل وثيق مع الولايات المتحدة. لكن إذا تصرفت الإدارة الأميركية الجديدة بطريقة قاسية، فسنرد بشكل جماعي وبثقة بوصفنا اتحاداً أوروبياً».

يذكر أن الاتحاد الأوروبي مسؤول عن السياسة التجارية للدول الأعضاء به والبالغ عددها 27 دولة.

وهدد الرئيس الأميركي المنتخب ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 60 في المائة على جميع البضائع الصينية وما يتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على الواردات من دول أخرى، ومن بينها الاتحاد الأوروبي، والتي ستشمل السيارات الألمانية الصنع، وهي صناعة رئيسية.

وقال هابيك إنه سيتم التوضيح للولايات المتحدة، من خلال الحوار البناء مع الاتحاد الأوروبي، أن العلاقات التجارية الجيدة تعود بالنفع على الجانبين، إلا أن ألمانيا والاتحاد الأوروبي بحاجة إلى إظهار قوتهما.

وأضاف هابيك: «ردي على ترمب ليس بالخضوع، ولكن بالثقة بقوتنا. ألمانيا قوية وأوروبا قوية».

كانت دراسة أجرتها شركة «بي دبليو سي» لمراجعة الحسابات، قد أظهرت أن اختيار دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، يُشكل تحدياً لصناعة الشحن الألمانية.

وكشفت الدراسة عن أن 78 في المائة من ممثلي الصناعة يتوقعون تداعيات سلبية من رئاسة ترمب، بينما يتوقع 4 في المائة فقط نتائج إيجابية. واشتمل الاستطلاع على ردود من 124 من صنّاع القرارات في قطاع الشحن.

وتمحورت المخاوف حول احتمالية زيادة الحواجز التجارية، وتراجع حجم النقل تحت قيادة ترمب.

كما ألقت الدراسة الضوء على الأزمة الجارية في البحر الأحمر، حيث تهاجم جماعة الحوثي اليمنية المدعومة من إيران السفن التجارية بطائرات مسيّرة وصواريخ.

وبدأت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتقول الجماعة إنها تستهدف السفن الإسرائيلية، والمرتبطة بإسرائيل، أو تلك المتوجهة إليها، وذلك نصرة للشعب الفلسطيني في غزة.

وتجنبت عدة شركات شحن قد شملها الاستطلاع، البحر الأحمر خلال فترة الاستطلاع الذي أجري من مايو (أيار) إلى يونيو (حزيران)، فيما لا تزال ثلاث شركات من أصل 72 شركة تبحر عبر المسار بشكل نموذجي، تعمل في المنطقة.

ووفقاً للدراسة، فإن 81 في المائة من الشركات لديها اعتقاد بأن الأسعار سوف تواجه ضغوطاً هبوطية في حال كانت مسارات النقل في البحر الأحمر تعمل بشكل سلس.