برامج الجريمة والزواج الأعلى مشاهدة عند الأتراك

أصبحت من طقوس حياتهم اليومية ومقدموها باتوا نجومًا في الصف الأول

لقطة من برنامج تليفزيوني تركي للمقبلين على الزواج - المذيعة زوهال توبال - آنلي مقدمة برنامج حول الجريمة - إسراء ارول مقدمة لأحد برامج الزواج («الشرق الأوسط»)
لقطة من برنامج تليفزيوني تركي للمقبلين على الزواج - المذيعة زوهال توبال - آنلي مقدمة برنامج حول الجريمة - إسراء ارول مقدمة لأحد برامج الزواج («الشرق الأوسط»)
TT

برامج الجريمة والزواج الأعلى مشاهدة عند الأتراك

لقطة من برنامج تليفزيوني تركي للمقبلين على الزواج - المذيعة زوهال توبال - آنلي مقدمة برنامج حول الجريمة - إسراء ارول مقدمة لأحد برامج الزواج («الشرق الأوسط»)
لقطة من برنامج تليفزيوني تركي للمقبلين على الزواج - المذيعة زوهال توبال - آنلي مقدمة برنامج حول الجريمة - إسراء ارول مقدمة لأحد برامج الزواج («الشرق الأوسط»)

تجتذب برامج الجريمة و«التوك شو» الاجتماعية، لا سيما برامج الزواج، شرائح واسعة من المشاهدين، تركز بشكل أساسي على شرائح المرأة وكبار السن، وتنافس المسلسلات التركية المعروفة بنسب مشاهدتها العالية، بحيث تجتذب هذه البرامج المشاهدين في فترة الصباح والظهيرة، فيما تنفرد المسلسلات بوقت المساء في مواسم العرض التي تبدأ في النصف الثاني من سبتمبر (أيلول)، وحتى النصف الثاني من يونيو (حزيران).
ويأتي برنامج «تاتلي سيرت» (Tatli Sert) وترجمته بالعربية «عطف وحزم»، في مقدمة البرامج التي تحظى بأعلى متابعة في تركيا ويحتل مرتبة بين أفضل برنامجين تتابعهما النساء ويتنافس مع برنامج يومي حول الصحة العامة.
واكتسبت مذيعته موجه آنلي شهرة واسعة وأصبحت وجها مألوفا يعيش مع الأسرة 4 ساعات يوميا باستثناء عطلة نهاية الأسبوع لمدة 4 ساعات كاملة في الصباح من العاشرة إلى الواحدة بتوقيت تركيا، ويقبل عليه الناس، ولا سيما ربات البيوت والفئات غير المرتبطة بعمل مثل كبار السن، بلا كلل، كما يتابعه من لا يسمح لهم الوقت بالمتابعة في الصباح عبر الـ«يوتيوب» مسجلاً.
بدأ البرنامج في عام 2010، وركز اهتمامه في البداية على حالات التفكك والضياع الأسري ومحاولة لم شمل الأسر ولا سيما من يفقدون الاتصال بأسرهم أو أبنائهم لأعوام طويلة لأسباب مختلفة وتعمل على إعادتهم حيث يتاح الاتصال بالبرنامج لمن يبحث عن عائلته أو لمن يبحثون عمن فقدوا من أبناء، وكذلك المغتربون الذين فقدوا ذويهم بسبب الانفصال.
وشهد البرنامج كثيرًا من الحالات لرجال ونساء بلغوا مراحل سنية متقدمة في الثلاثينات والأربعينات من العمر يبحثون عن آبائهم في تركيا بعد أن سافر الآباء من قبل إلى دول أخرى، لا سيما ألمانيا، وتزوجوا ثم تركوا زوجاتهم وأطفالهم وعادوا إلى تركيا.
وعرض البرنامج مئات الحالات المؤثرة بهذا الشكل، ونجحت في جمع شمل الأسر من خلال الصور القديمة وبعض المعلومات البسيطة، إذ يمتلك البرنامج فريقا كبيرا يعمل في كل اتجاه فضلا عن مراسلين في مختلف محافظات تركيا يشاركون في عمليات البحث والتقصي عن المفقودين أو عائلاتهم.
وتطور الأمر بالبرنامج إلى البحث عن حلول لبعض الجرائم الغامضة مثل القتل أو الاختفاء، لدرجة أن مديرية الأمن العامة بدأت تتعامل مع البرنامج للحصول على بعض المعلومات التي تساعد في كشف أبعاد الجرائم وغموضها، ونجح البرنامج في حل لغز عشرات جرائم القتل. ويعتمد البرنامج على فريق من خبراء القانون وأساتذة علم النفس والاجتماع في مناقشة الحالات التي تعرض على البرنامج، والتي غالبا ما يحضر أطرافها وجها لوجه فضلا عن تجميع الشهود والاتصال بهم ليصبح بمثابة تحقيق على الهواء فضلا عن حضور بعض الجمهور في الاستوديو.
ومع استمرار البرنامج بدأ البرنامج يستقبل الكثير من البلاغات عن جرائم لم تحل ألغازها، وفي كثير من الحالات كان مرتكبو الجرائم أنفسهم يحضرون إلى البرامج حتى يزيلوا الشبهات عن أنفسهم، وحدث أن حضرت الشرطة أكثر من مرة وقبضت على بعض الضيوف على الهواء، مما زاد من درجة إثارة وجذب الجمهور.
وعلى مدى ست سنوات أصبح البرنامج هو الأشهر والأكثر مشاهدة في فترة الصباح، ولم يتوقف عن التطوير في الوقت نفسه، وبات نافذة مهمة للمعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة الذين يفقدون عائلاتهم، وابتكر البرنامج خدمة مهمة وهي جمع ذوي الاحتياجات الخاصة عن طريق تلقي المكالمات من المشاهدين، ويقوم فريق خاص في البرنامج بطبع أرقام على معصم كل منهم وتسجيل بياناتهم وإتاحتها على الموقع الإلكتروني الخاص بالبرنامج ونجح البرنامج من خلال هذه الطريقة في إعادة آلاف المفقودين من ذوي الاحتياجات الخاصة لذويهم.
ووصل الأمر إلى حد أن مديرية الأمن العام في تركيا أصبحت تتعاون مع البرنامج لإنشاء قاعدة بيانات لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة وتقديم الدعم لهم وكذلك البلديات ووزارة الأسرة والضمان الاجتماعي والجهات المعنية بشؤونهم. ويشاهد هذا البرنامج حاليا ثلاثة من بين كل 100 تركي يوميًا، وأصبحت مذيعته موجه آنلي من أشهر مقدمات برامج «التوك شو» في تركيا.
وتقول مريم شنر، وهي إحدى المشاهدات التي تداوم على مشاهدة البرنامج، إنها سجلت رقم هاتف البرنامج على هاتفها الشخصي، وكذلك جميع أفراد أسرتها تحسبا لأي ظروف «لأننا نثق بشدة في البرنامج ومقدمته موجه آنلي، وهو وسيلة أمان إضافية بالنسبة لنا، ويمكننا في أي وقت تحدث فيه مشكلة الاتصال به».
وتضيف: «الشهرة الكبيرة التي حققها البرنامج جعل الناس تتابعه بكثافة وأصبح عدد متابعيه يتزايد باستمرار لأن الناس تثق في أن المشكلات والحوادث والقضايا التي يبلغون عنها ستجد طريقها للحل، إما عن طريق الجهود التي يبذلها فريق البرنامج أو عن طريق المسؤولين وأجهزة الدولة التي تتابع البرنامج بدقة».
وهناك فئة أخرى من البرامج تستحوذ على اهتمام الملايين في أنحاء تركيا وتستقطب فئة النساء والشباب وحتى الرجال، وهي برامج «التوك شو» الخاصة بالزواج، التي يتقدم إليها الراغبون في الزواج من مختلف الأعمار ومن يبحثون عن شريك الحياة، وتعرض هذه البرامج على ثلاث قنوات في وقت واحد من الثالثة إلى السادسة مساء.
بدأت هذه البرامج على قناة «فلاش تي في» منذ 10 سنوات، وكان أول من قدمها هي المذيعة إسراء إرول وكان يحمل اسم «ديستي ازدواج»، وهي كلمة عثمانية قديمة تعني «الزواج»، ثم استمرت إسراء إرول في تقديم هذا البرنامج 10 سنوات بلا انقطاع متنقلة به بين قناة وأخرى، وأصبح البرنامج الآن يقدم الآن على قناة «إيه تي في»، ويحمل اسم «عند إسراء إرول»، ويأتي بعد ساعتين من برنامج موجه آنلي «عطف وصرامة».
ويتقدم من يريدون الالتحاق بالبرنامج عن طريق ملء استمارة بيانات عبر الإنترنت، أو الهاتف، ويحضر الراغبون إلى الاستوديو يوميا، حيث يتم عقد لقاءات التعارف على الهواء مباشرة.
وتشهد الحلقات كثيرًا من المشاجرات بين الراغبين في الزواج، وكذلك حالات التنافس بين الشباب والفتيات وظهور مشاعر الغيرة والغضب والحزن، وفي بعض الحالات ينتهي الأمر بالزواج، لكن هناك من يمكثون بالبرنامج لعام أو أكثر.
ومن أشهر البرامج أيضًا، الذي يأتي في المرتبة الثانية بعد برنامج إسراء إرول هو برنامج «إذا كنت تريد أن تتزوج تعالَ» الذي تقدمه الممثلة السابقة سعدة سايان ومعها أوغور أرصلان على قناة «شو تي في»، ويتسم هذا البرنامج بجرعة كبيرة من الانفتاح، ويختلف عن برنامج إسراء إرول بالسماح للمشاركين والمشاركات بعرض هواياتهم في الرقص والغناء.
كما أن مذيعته كونها مطربة وممثلة سابقة، اشتهرت بأدوار الإغراء في السينما، تشارك في إضفاء مزيد من الجو الاستعراضي على البرنامج، الذي تكثر فيه أيضًا حالات كبار السن الراغبين في الزواج بعكس برنامج إسراء إرول الذي يجتذب الشباب من صغار السن.
أما البرنامج الثالث، فتقدمه زوهال طوبال، الممثلة السابقة، ويأتي برنامجها في المرتبة الثالثة بين برامج الزواج، وهو يحمل اسم «الزواج عند زوهال طوبال»، ويعرض حاليا على قناة «ستار»، بعد أن كان يعرض حتى الموسم الماضي على قناة «فوكس». وشهد البرنامج العام الماضي فضيحة مدوية، بسبب حالة زواج قيل إن عقد الزواج بها كان مزورا، فضلا عن اكتشاف وجود حالات من حضور البرنامج جاءوا للشهرة فقط، حيث يرتبطون بعلاقات خارج البرنامج ونشرت لهم صور على مواقع التواصل تؤكد وجود هذه العلاقات.
ويتنقل راغبو الزواج بين هذه البرامج، التي حقق مقدموها شهرة واسعة أيضًا، كما أصبحت مجالاً لشهرة كثير ممن يحضرونها طلبا للزواج بحكم بقائهم فيها لأشهر، وربما لأعوام، فالبعض يأتي للشهرة لا للزواج وفي بعض الحالات تبين أن بعض الشباب والفتيات الذين يأتون للبرامج ويتظاهرون بأنهم لا يعرفون بعضهم يرتبطون بعلاقات خارج هذه البرامج.
وتشير بحوث المشاهدة الخاصة بالبرامج في تركيا إلى أن برنامج القضايا والجريمة «عطف وحزم» يأتي في مقدمة البرامج التي تقبل عليها النساء تليها برامج الزواج، ويتقدمها برنامج إسراء إرول، ثم برامج السياسة والأخبار في المرتبة الثالثة وبالنسبة للرجال تأتي الأخبار في المرتبة الأولى.
وتتسم نشرات وبرامج الأخبار في تركيا بالتركيز على الشأن المحلي ونادرا ما تركز على مناقشة القضايا الخارجية، كما أن نشرات الأخبار بها جرعة من أخبار والحوادث والجريمة ولا سيما في نهاية الأسبوع يومي السبت والأحد.



تغييرات البحث على «غوغل» تُثير مخاوف ناشرين

شعار شركة «غوغل» (رويترز)
شعار شركة «غوغل» (رويترز)
TT

تغييرات البحث على «غوغل» تُثير مخاوف ناشرين

شعار شركة «غوغل» (رويترز)
شعار شركة «غوغل» (رويترز)

تحدثت شركة «غوغل» عن خطتها لتطوير عملية البحث خلال عام 2025، وأشارت إلى تغييرات مرتقبة وصفتها بـ«الجذرية»؛ بهدف «تحسين نتائج البحث وتسريع عملية الوصول للمعلومات»، غير أن الشركة لم توضح كيفية دعم الناشرين وكذا صُناع المحتوى، ما أثار مخاوف ناشرين من تأثير ذلك التطوير على حقوق مبتكري المحتوى الأصليين.

الرئيس التنفيذي لشركة «غوغل»، سوندار بيتشاي، قال خلال لقاء صحافي عقد على هامش قمة «ديل بوك» DealBook التي نظمتها صحيفة الـ«نيويورك تايمز» خلال ديسمبر (كانون الأول) الحالي: «نحن في المراحل الأولى من تحول عميق»، في إشارة إلى تغيير كبير في آليات البحث على «غوغل».

وحول حدود هذا التغيير، تكلّم بيتشاي عن «اعتزام الشركة اعتماد المزيد من الذكاء الاصطناعي»، وتابع أن «(غوغل) طوّعت الذكاء الاصطناعي منذ عام 2012 للتعرّف على الصور. وعام 2015 قدّمت تقنية (رانك براين) RankBrain لتحسين تصنيف نتائج البحث، غير أن القادم هو دعم محرك البحث بتقنيات توفر خدمات البحث متعدد الوسائط لتحسين جودة البحث، وفهم لغة المستخدمين بدقة».

فيما يخص تأثير التكنولوجيا على المبدعين والناشرين، لم يوضح بيتشاي آلية حماية حقوقهم بوصفهم صُناع المحتوى الأصليين، وأشار فقط إلى أهمية تطوير البحث للناشرين بالقول إن «البحث المتقدم يحقق مزيداً من الوصول إلى الناشرين».

كلام بيتشاي أثار مخاوف بشأن دور «غوغل» في دعم المحتوى الأصيل القائم على معايير مهنية. لذا، تواصلت «الشرق الأوسط» مع «غوغل» عبر البريد الإلكتروني بشأن كيفية تعامل الشركة مع هذه المخاوف. وجاء رد الناطق الرسمي لـ«غوغل» بـ«أننا نعمل دائماً على تحسين تجربة البحث لتكون أكثر ذكاءً وتخصيصاً، وفي الأشهر الماضية كنا قد أطلقنا ميزة جديدة في تجربة البحث تحت مسمى (إيه آي أوفرفيوز) AI Overviews، وتعمل هذه الميزة على فهم استفسارات المستخدمين بشكل أفضل، وتقديم نتائج بحث ملائمة وذات صلة، كما أنها توفر لمحة سريعة للمساعدة في الإجابة عن الاستفسارات، إلى جانب تقديم روابط للمواقع الإلكترونية ذات الصلة».

وحول كيفية تحقيق توازن بين استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين البحث وضمان دعم مبتكري المحتوى الأصليين وحمايتهم، قال الناطق إنه «في كل يوم يستمر بحث (غوغل) بإرسال مليارات الأشخاص إلى مختلف المواقع، ومن خلال ميزة (إيه آي أوفرفيوز) AI Overviews المولدة بالذكاء الاصطناعي، لاحظنا زيادة في عدد الزيارات إلى مواقع الناشرين، حيث إن المُستخدمين قد يجدون معلومة معينة من خلال البحث، لكنهم يريدون المزيد من التفاصيل من المصادر والمواقع».

محمود تعلب، المتخصص في وسائل التواصل الاجتماعي بدولة الإمارات العربية المتحدة، رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن التغييرات المقبلة التي ستجريها «غوغل» ستكون «ذات أثر بالغ على الأخبار، وإذا ظلّت (غوغل) ملتزمة مكافحة المعلومات المضللة وإعطاء الأولوية لثقة المُستخدم، فمن المرجح أن تعطي أهمية أكبر لمصادر الأخبار الموثوقة وعالية الجودة، والذي من شأنه أن يفيد مصادر الأخبار الموثوقة».

أما فادي رمزي، مستشار الإعلام الرقمي المصري والمحاضر في الجامعة الأميركية بالقاهرة، فقال لـ«الشرق الأوسط» خلال حوار معه: «التغيير من قبل (غوغل) خطوة منطقية». وفي حين ثمّن مخاوف الناشرين ذكر أن تبعات التطوير «ربما تقع في صالح الناشرين أيضاً»، موضحاً أن «(غوغل) تعمل على تعزيز عمليات الانتقاء للدفع بالمحتوى الجيد، حتى وإن لم تعلن بوضوح عن آليات هذا النهج، مع الأخذ في الاعتبار أن (غوغل) شركة هادفة للربح في الأساس».