«أرتكاريا» الجيش.. ومأزق «الشروق»

TT

«أرتكاريا» الجيش.. ومأزق «الشروق»

تعالت «أصداء» المقال الأسبوعي للأستاذ فهمي هويدي في صحيفة «الشروق» المصرية، المنشور في عدد الثلاثاء 6 سبتمبر (أيلول) 2016، تحت عنوان «دور الجيش المصري في الاقتصاد»، وما أعقبه من عتابين لكاتب المقال ذيَّل بهما عموده اليومي، قابلهما ردّان بمقالين من رئيس تحرير الصحيفة الأستاذ عماد الدين حسين، نُشِرا يومي الأربعاء والخميس تحت عنوانين دالَّين: الأول: «الجيش والأستاذ فهمي هويدي.. وسياسة (الشروق) التحريرية»، والثاني: «الأستاذ فهمي مرة ثانية.. خلافنا حول المعلومات وليس الآراء».
وتبلورت المساجلة وتحولت إلى «مأزق»، رغم أن ما حدث كان يُمكِن توقعه، فالمقال «الأزمة» واضح من عنوانه، وكاتبه معروف وصريح في توجهاته وآرائه، وكل من قرأ المقال يدرك أنه لن يمر مرور الكرام، وأنه سيثير «زوبعة» قد تنتهي وتمرّ، وقد تنتهي ويختفي من بعدها فهمي هويدي من «الشروق»، ولا يملك أحد (للأسف) حق الاختيار.. إلا صانع القرار!
وكشف هذا المأزق وخروج أصدائه على الجمهور، عن أزمة أخطر تعيشها مصر ويتخبط فيها إعلامها، يصح أن نشبهها بـ«الأرتكاريا»، أحد أمراض الحساسية المعروفة بقسوتها وصعوبة علاجها، الناتج (في حالة مريضنا) عن خوف وقلق وتوتر يقابلها غضب وسخط ورفض، ومع تصادم التيارين داخل الجسد المصري «العليل» تتدنى مناعته ويظهر الطفح الجلدي المصحوب بحكة شديدة.
ومن المتعارف عليه، أن الجيش منذ قيام ثورة يوليو عام 1952 وحتى اليوم، هو أول «التابوهات» المقدسة على أجندة الصحافة والإعلام في مصر، لا يقترب منه إلا بالمسموح، ولا يتحدث عنه إلا بالمتاح والمصرح به. وقد تحطم هذا «التقديس» وسقط «الحظر» في الفترة التي أعقبت يناير 2011 وحتى استقرار المشير السيسي في قصر الاتحادية رئيسًا لمصر في يونيو 2014، والذي أصرَّ منذ ترشحه للرئاسة على إعادة الاعتبار للمؤسسة العسكرية وحفظ هيبتها التي اهتزت وتأثرت بفعل زلزال يناير وتوابعه.
وعاد بالفعل معظم العاملين بمهنة الإعلام إلى «رشدهم»، وتجنبوا المساس بالمؤسسة العسكرية المصرية من قريب أو بعيد، حتى انهم امتنعوا عن ذكر كلمة «العسكر» التي لُقِّب بها الجيش بعد يناير، وبالطبع بالَغَ البعض في النفاق لدرجة تثير الغثيان، بينما ظلت قِلّة قليلة (معظمهم من ذوي الهوى الإخواني) على موقفها العدائي من الجيش، تختلق حوله القصص، وتروِّج عنه الأكاذيب، وتثير ضدَّه الأحقاد، مستغلَّةً في ذلك لجانها «التشويشية» عبر الفضاء الإلكتروني المدعوم من قوى معادية، وهي أمور أصبح يعلمها القاصي والداني.
وتسهم مشكلات مصر الكثيرة والمتتالية في خروج الجيش عن مساره العسكري، فيتدخل «مدنيًّا» للإنقاذ، وفق قدراته وحساباته بالحلول التي يعتقد في صحتها، يحصنه دومًا عشق حقيقي وصادق للوطن. ويستغل البعض هذا الظهور المدني المتكرر في تهييج الشعور العام بأن الجيش يستحوذ، ويسيطر على كل مقاليد الحياة المصرية، من المقاولات والخدمات والـ«سوبر ماركت» إلى المدارس ومعاهد اللغات وحتى لبن الأطفال، عاقدين مقارنة ظالمة مع جيش ما قبل نكسة يونيو 1967.
هذا بعض مما حمله «كلام» هويدي، الذي وصف ما يحدث بأنه «عسكرة للاقتصاد»، مبالغًا في حجم أعمال الجيش واستثماراته وإعفاءاته، مستندًا إلى تقارير وآراء منشورة (عبر «فيسبوك») حسبما ذكر، وهو ما اعتبره رئيس تحرير «الشروق» مخالِفًا للسياسية التحريرية للصحيفة، وقد يضعها تحت المساءلة القانونية، وقال في مقاله الأخير ما أظنه الكلام المهم «قليل جدًّا من الناس من يهتم بالبحث والتقصي والتأكد من المعلومات حتى يتأكد أنها صحيحة، والأهم أن يضعها في سياقها الصحيح، وأن يحرص على وضع الصورة كاملة أمام القارئ».
ولي تعليقان أخيران؛ الأول: عن الجيش ودوره، وأعتقد أن الأمر يتطلب تفهُّمًا دقيقًا للحظة الراهنة، والاتفاق حول تسميتها، وتعريف ملامحها، فهل ما تعيشه مصر ظرف طبيعي تمتلك فيه رفاهية الاختيار وحريته؟ أم أنها «شِبْه» دولة على وشك الانهيار، يبذل الرئيس والجيش (المؤسسة الأكثر جاهزية ووطنية) جهدهما لإنقاذها؟ علينا أن نجيب عن السؤالين ونقرر قبل أن نخسر طوق النجاة، بترددنا في الاختيار.
أما الثاني: فإني أؤكد على الحق الأصيل لكاتبنا الكبير فهمي هويدي في أن يغضب من حذف ما يراه إخلالاً بمقاله، وكذلك الحق الأصيل لزميلنا العزيز عماد الدين حسين في أن يحمي صحيفته، وأتمنى أن يكون هذا الخلاف البنَّاء والناضج الذي شهدته صفحات صحيفة «الشروق» المحترمة، بمثابة مضادات «هستامين» علاجية قد تشفي مريضنا من حساسيته المفرطة، وتقضي على «الأرتكاريا»، وتقوي مناعة المهنة.



يوم الانتخابات الرئاسية... قافلة تضم 3 آلاف مهاجر تتجه من المكسيك إلى الولايات المتحدة

لافتات عليها عبارات مثل «لا مزيد من دماء المهاجرين» حملها المهاجرون خلال اتجاههم إلى الولايات المتحدة (رويترز)
لافتات عليها عبارات مثل «لا مزيد من دماء المهاجرين» حملها المهاجرون خلال اتجاههم إلى الولايات المتحدة (رويترز)
TT

يوم الانتخابات الرئاسية... قافلة تضم 3 آلاف مهاجر تتجه من المكسيك إلى الولايات المتحدة

لافتات عليها عبارات مثل «لا مزيد من دماء المهاجرين» حملها المهاجرون خلال اتجاههم إلى الولايات المتحدة (رويترز)
لافتات عليها عبارات مثل «لا مزيد من دماء المهاجرين» حملها المهاجرون خلال اتجاههم إلى الولايات المتحدة (رويترز)

انطلقت قافلة تضم نحو 3 آلاف مهاجر، الثلاثاء، من جنوب المكسيك، متجهة نحو الولايات المتحدة في اليوم الذي يختار فيه الناخبون الأميركيون بين المرشحين الرئاسيين كامالا هاريس، ودونالد ترمب، ومثلت الهجرة قضية رئيسية في الحملة الانتخابية.

وقبل التوجه شمالاً، تجمع المهاجرون في تاباتشولا، عاصمة ولاية تشياباس الجنوبية، رافعين لافتات عليها عبارات مثل «لا مزيد من دماء المهاجرين» وصور لعذراء جوادالوبي، وهي رمز ديني وثقافي مهم في المكسيك، بحسب وكالة الأنباء «رويترز».

مهاجرون يغادرون مدينة تاباتشولا في قافلة إلى الولايات المتحدة (إ.ب.أ)

قال مهاجر من هندوراس يدعى روي موريلو، الذي انضم إلى القافلة مع طفليه وزوجته الحبلى، «نريد من السلطات الأميركية أن ترانا، وأن ترى أننا أشخاص يريدون العمل، ولا يريدون إيذاء أحد».

وفي السنوات الأخيرة، حاولت عدة قوافل تقل أشخاصاً يأملون في دخول الولايات المتحدة الوصول إلى الحدود، مسافرين في مجموعات كبيرة من أجل السلامة. وتفرق معظمهم على طول الطريق.

غادر آلاف المهاجرين في قافلة من الحدود الجنوبية للمكسيك باتجاه أميركا تزامنًا مع الانتخابات الرئاسية (إ.ب.أ)

وقال موريلو: «أخشى السفر بمفردي مع عائلتي. هنا إما أن تخطفك العصابات أو تقتلك. ... لهذا السبب نأتي في القافلة».

وأصبحت تاباتشولا واحدة من أكثر مدن المكسيك عنفاً في الأشهر الأخيرة، حيث يُستهدف المهاجرون بشكل متكرر من قبل عصابات الجريمة المنظمة، وفقا للبيانات الرسمية.