تركيا: ضبط 3 سيارات مفخخة قبل تفجيرها

السماح بزيارة أوجلان في عيد الأضحى

تركيا: ضبط 3 سيارات مفخخة قبل تفجيرها
TT

تركيا: ضبط 3 سيارات مفخخة قبل تفجيرها

تركيا: ضبط 3 سيارات مفخخة قبل تفجيرها

ضبطت سلطات الأمن التركية 3 سيارات مفخخة قالت إن منظمة حزب العمال الكردستاني أعدتها لاستخدامها في شن هجمات في بلدة سيلوبي التابعة لمحافظة شيرناق، جنوب شرقي تركيا.
وذكرت مصادر أمنية أن سلطات الأمن تلقت معلومات استخبارية حول إعداد عناصر من المنظمة 3 سيارات مفخخة في موقع كوسرلي بمنطقة جبل جودي بمحافظة شيرناق لتنفيذ هجمات، وأن فرقا من قيادة قوات الدرك شنت عملية أمنية، أجرت خلالها تمشيطا للموقع، وتمكنت من ضبط شاحنة وسيارتين حديثتين مفخخة بخمسة أطنان من المتفجرات المصنوعة يدويا. وأشارت المصادر إلى أن قوات الأمن قامت بتفجير السيارات الثلاث المفخخة عن بعد، وأن القوات ضبطت كميات من لوازم المعيشة في أحد المخابئ إلى جانب ضبط كميات من الوقود المخزن. وأصدرت مديرية أمن ديار بكر، كبرى المدن ذات الغالبية الكردية في جنوب شرقي تركيا، الأربعاء الماضي، تعميما أمنيا إلى المديريات التابعة لها، حذرت فيه من وجود 61 سيارة مفخخة تتحرك في أنحاء مختلفة من البلاد، وأن منظمة حزب العمال الكردستاني ستستخدمها في هجمات على مراكز الشرطة، مطالبة بتوخي أعلى درجات الحذر خلال إجازة عيد الضحى التي تستمر لعشرة أيام.
وفي 26 أغسطس (آب) الماضي قتل 11 شرطيا وأصيب 78 آخرون إلى جانب عشرات المدنيين في تفجير شاحنة مفخخة أعلنت المنظمة مسؤوليتها عنه، استهدف إحدى النقاط الأمنية ببلدة جيزرة بمحافظة شيرناق.
وقتل شخص واحد على الأقل، وأصيب اثنان آخران أمس السبت، بسبب انفجار عبوة ناسفة يدوية الصنع زرعتها عناصر تابعة للمنظمة على طريق ببلدة هاوزات بمحافظة أرزينجان شرق تركيا وانفجرت أثناء مرور سيارة مدنية.
وأعلنت رئاسة أركان الجيش التركي أمس، أنها قتلت 29 من عناصر العمال الكردستاني في قصف جوي بمنطقتي أفاشين وبآسيان في شمال العراق تم خلالها تدمير 3 أهداف للمنظمة.
وفي بيان آخر، قال الجيش التركي إنه تم تدمير 9 أهداف تابعة للمنظمة في غارة جوية في بلدة شمدينلي بمحافظة هكاري جنوب شرقي البلاد نفذتها القوات الجوية مساء أول من أمس. وعلى صعيد متصل، قتل اثنان من عناصر المنظمة في منطقة أوزوندارا في بلدة تشكورجا التابعة لمحافظة هكاري جنوب شرقي البلاد في قصف نفذته طائرات من دون طيار.
في الوقت نفسه، سمحت السلطات التركية لعائلة زعيم منظمة حزب العمال الكردستاني السجين مدى الحياة عبد الله أوجلان بزيارته في محبسه بجزيرة إمرالي في بحر مرمرة شمال غربي البلاد بمناسبة عيد الأضحى المبارك، ردا على شائعات ترددت حول إصابته بجروح خطيرة خلال محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في منتصف يوليو (تموز) الماضي. وقالت وزارة العدل التركية أمس إنها ستسمح لمحمد أوجلان شقيق عبد الله أوجلان بزيارته خلال الفترة من 14إلى 18 من سبتمبر (أيلول) الجاري.
وستكون هذه أول زيارة لأوجلان منذ سمحت السلطات لوفد من حزب الشعوب الديمقراطي الكري بزيارته يومي 28 و29 أبريل (نيسان) الماضي.
وطالب الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرتاش الأسبوع الماضي السلطات التركية بالسماح لعائلة أوجلان ومحاميه بزيارته للتأكد من حقيقة وضعه الصحي والأمني، لافتا إلى أن اشتباكات وقعت في محيط سجن إيرمالي ليلة محاولة الانقلاب الفاشلة بين عناصر تم نقلها بطائرة وحرس السجن.
وأعلن 50 نائبا وناشطا كرديا الأسبوع الماضي دخولهم في إضراب مفتوح عن الطعام حتى تكشف السلطات التركية عن مصير أوجلان وتسمح لعائلته ومحاميه بزيارته.
وجاء السماح لشقيق أوجلان بزيارته في إطار قرار وزارة العدل بالسماح لذوي السجناء بزيارة استثنائية بمناسبة عيد الأضحى.
في الوقت نفسه، أعلن وزير الداخلية التركي سليمان صويلو فرض الوصاية على 28 بلدية في شرق وجنوب شرقي تركيا فاز بها حزب الشعوب الديمقراطي الكردي في الانتخابات المحلية الأخيرة في مارس (آذار) 2014 ونقل تبعيتها لحزب العدالة والتنمية الحاكم في غضون 15 يوما، بدعوى أن رؤساءها ينتمون إلى منظمة حزب العمال الكردستاني، قائلا: «ستنتقل هذه البلديات من يد (العمال الكردستاني) إلى الإرادة الشعبية». وكان مرسوم حكومي صدر عقب فرض حالة الطوارئ على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة منح الحكومة صلاحية استيلاء المحافظة على البلدية أو أكبر مشرف إداري في المنطقة على المؤسسات الإدارية، بدعوى تقديم البلديات والإدارات التابعة الدعم للإرهاب أو أعمال العنف بشكل مباشر أو غير مباشر.
وقال وزير الداخلية التركي، إن فرض حالة الطوارئ منح الحكومة صلاحية الاستيلاء على البلديات، وإن إدارات 28 بلدية ستنتقل من «جبال قنديل» (المعقل الرئيسي لـ«العمال الكردستاني» في جبال قنديل الواقعة في المثلث التركي الإيراني العراقي) إلى يد الإرادة الشعبية في غضون 15 يوما، مضيفا: «لن تخضع هذه البلدات لتعليمات جبال قنديل، بل ستنتقل إلى يد الإرادة الشعبية، وستواصل مسيرتها تحت إدارة أشخاص مخلصين للعلم التركي، ولن تتلقى التعليمات من جبال قنديل. وأريد أن يعلم الجميع أن هذا الأمر سار على كل البلديات المتورطة في التعاون مع الجماعات الإرهابية بما فيها منظمة غولن (حركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن الذي تتهمه السلطات التركية بتدبير محاولة الانقلاب)، وليس فقط تنظيم العمال الكردستاني وجبال قنديل واتحاد المجتمعات الكردستاني»، على حد قوله.
وردا على تصريحات الوزير التركي، أعلنت رئيس حزب المناطق الديمقراطية صباحات تونجل على حسابها بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أنهم لن يعترفوا بالوصاية قائلة: «يجب على من اغتصبوا الإرادة الشعبية وفرضوا الوصاية على بلدياتنا أن يعلموا أن الوصاية لا تعنينا، بل تعني الحكومة ونحن لن نعترف بها. لذا ندعو الشعب كله إلى الالتفاف حول إرادته في مواجهة من يفرضون الوصاية غير القانونية». من جانبه، تعهد رئيس حزب الشعوب الديمقراطي الكردي صلاح الدين دميرتاش بأنهم سيقاومون في حال فرض الوصاية على بلدياتهم بقوله: «أتعتقدون أن البلديات لا تعمل؟ نتحداكم.. لنجرِ انتخابات محلية مبكرة في كل مكان تريدون فرض الوصاية عليه».



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟