فتح وحماس تتبادلان الاتهامات بعد وقف «العدل العليا» الانتخابات المحلية

الحكومة تلتزم والحركة الأصولية تراه مسيسًا.. وفتح تنظم صفوفها لمرحلة جديدة

محافظ الخليل كميل حميد ينظر من فتحة أحدثتها قوات إسرائيلية في أحد منازل المحافظة (إ.ب.أ)
محافظ الخليل كميل حميد ينظر من فتحة أحدثتها قوات إسرائيلية في أحد منازل المحافظة (إ.ب.أ)
TT

فتح وحماس تتبادلان الاتهامات بعد وقف «العدل العليا» الانتخابات المحلية

محافظ الخليل كميل حميد ينظر من فتحة أحدثتها قوات إسرائيلية في أحد منازل المحافظة (إ.ب.أ)
محافظ الخليل كميل حميد ينظر من فتحة أحدثتها قوات إسرائيلية في أحد منازل المحافظة (إ.ب.أ)

تبادلت حركتا فتح وحماس الاتهامات بتعطيل الانتخابات المحلية التي كانت مقررة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بعد أن قررت محكمة العدل العليا وقف هذه الانتخابات، في خطوة أثارت الجدل الواسع حول الأسباب والدوافع وأثرها على الانقسام.
وقالت حركة فتح، إن حماس خططت بشكل مسبق لإفشال الانتخابات قبل أن تبدأ، وردت حماس باتهام فتح بتسييس القضاء للهروب من الانتخابات. وقررت محكمة العدل العليا، أمس، وقفا مؤقتا لتنفيذ قرار مجلس الوزراء إجراء الانتخابات المحلية، في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، إلى حين البت في دعوى تقدم بها ممثلو ثلاث قوائم انتخابية، بشأن عدم توفر الظروف الملائمة لإجرائها.
وجاء في قرار هيئة المحكمة، برئاسة القاضي هشام الحتو: «بالتدقيق والمداولة قانونا، والاستماع إلى أقوال وكيل المستدعين في جلسة علنية تمهيدية علنية، والاطلاع على البيانات المقدمة في الطلب حول وقف تنفيذ القرارات المطعون فيها، أن المحكمة تجد من خلال ما يدور حاليا بخصوص العملية الانتخابية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وحرمان مدينة القدس وضواحيها من حق المواطنين في الانتخابات، وحول قانونية القرارات التي ستصدر في قطاع غزة حول الاعتراضات المقدمة من المرشحين المستدعين، الأمر الذي يؤثر في النتيجة الانتخابية، وبما أن الأصل أن تتم الانتخابات في جميع أرجاء الوطن، بما في ذلك القدس وضواحيها، وأن يكون لكل مواطن الحرية الكاملة في الاختيار والترشح والانتخاب والاعتراض، وبما أن هناك مناطق لا تتمتع بالاعتراف القضائي والقانوني نتيجة الظروف الواقعية التي يعيشون فيها بعد الاعتراف بالقضاء وتشكيل المحاكم، وخوفا من إصدار قرارات قضائية تكون موضع جدل ونقاش، وحفاظا على السلم الأهلي والمصلحة العامة، وقانونية انتخاب المرشحين، الأمر الذي نرى معه في ظل هذه الظروف، وما يحيط بها من آثار على آراء المواطنين، وبما أن القرار الإداري لا يمكن تجزئته، فإننا نقرر، وعملا بأحكام المادتين 286 و287 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001. دعوة المستدعى ضدهم لبيان الأسباب الموجبة لإصدار القرار المطعون فيه، أو المانعة من إلغائه حتى إذا كانوا يعارضون في إصدار قرار قطعي عليهم تقديم لائحة جوابية خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تبليغهم لائحة الدعوى، ووقف قرار مجلس الوزراء رقم (03/108/17/م.و/ر.ح) لعام 2016 بإجراء الانتخابات، مؤقتا، لحين البت في الدعوى، على أن يتقدم المستدعون بكفالة عدلية قدرها مائة ألف دينار أردني تتضمن للمستدعى ضدهم أي عطل وضرر قد يلحق بهم، وتعيين جلسة ليوم الأربعاء 21 – 9 - 2016 لنظر الدعوى».
وفورا قالت لجنة الانتخابات المركزية، إنها تلقت قرار محكمة العدل العليا في رام الله، وأعلنت بناء عليه أنها أوقفت جميع إجراءاتها المتعلقة بالانتخابات المحلية بشكل فوري، بعد أن عملت اللجنة على مدى أكثر من شهرين لإيجاد بيئة صالحة للانتخابات. وقالت لجنة الانتخابات: «إنها إذ تحترم قرار محكمة العدل العليا، فإنها تأمل ألا يطول الوقت حتى تتمكن من استئناف العملية وإجراء الانتخابات، وتعود الديمقراطية إلى فلسطين، عودة يفتخر بها الشعب الفلسطيني أينما كان».
وأثار القرار الذي كان متوقعا أن يصدر من الرئيس الفلسطيني محمود عباس شخصيا بسبب ضغوط أطراف خارجية وداخلية، الجدل الكبير في الأراضي الفلسطينية بين مؤيد ومعارض، وبين من هاجم السلطة أو هاجم حماس وبعض من يرى أن القضاء كان مسيسا في قراره، وساق أسبابا غير منطقية، وعلى رأسها عدم إجراء الانتخابات في القدس، وهي مسألة محسومة حتى من قبل إعلان إجراء الانتخابات بسبب الاحتلال.
وهاجمت حركة حماس قرار محكمة العدل العليا الفلسطينية ووصفته بـ«القرار المسيس»، مؤكدة رفضها للقرار. وقال سامي أبو زهري، الناطق باسم حماس، إن «قرار المحكمة العليا في رام الله هو قرار مسيس جاء لإنقاذ حركة فتح بعد سقوط قوائمها في عدد من المواقع الانتخابية»، مضيفا أنه «قرار مرفوض». وقال القيادي في حماس صلاح البردويل، في تصريح صحافي، إننا «نرفض بشكل قاطع إلغاء الانتخابات، وندعو الجميع إلى رفض ذلك».
ومن جهتها، عدت الكتلة البرلمانية لحركة حماس قرار المحكمة العليا، بوقف إجراء انتخابات البلديات، هروبا لحركة فتح من المشهد السياسي الانتخابي. كما رفضت حركة المبادرة الفلسطينية القرار وعدته مصادرة لحق الشعب الفلسطيني.. فيما دعت الجبهة الشعبية لمعالجة القرار بروح وطنية لا «تكرس الانقسام». وجاء قرار «العدل العليا»، بعد ساعات فقط من إسقاط القضاء التابع لحماس في غزة عدة قوائم انتخابية تابعة لحركة فتح هناك، وهو ما وصفته الحركة بمجزرة ترتكب بحق قوائمها. وقال فايز أبو عيطة، المتحدث باسم حركة فتح، إن «حماس أفشلت وعطلت الانتخابات، لأنها ذهبت إلى محاكم تابعة لها بطعون واهية».
وكانت محكمة بداية خان يونس قررت أمس إلغاء 5 قوائم تابعة لفتح لمخالفتها القانون وعدم استيفاء الشروط اللازمة. وقال أبو عيطة: «إن قوائم فتح تتعرض لمجزرة في محاكم حماس، ونحن لم نتوجه إلى محاكم حماس في غزة لأننا كنا نعرف النتيجة سلفا»، مضيفا: «الغرض الأساسي من هذه الطعون والأحكام هو إفشال الانتخابات وإعفاء حركة حماس من هذا الاستحقاق الديمقراطي».
ووصف أبو عيطة قرار العدل العليا: «بالحل الأمثل لمواجهة غطرسة محاكم حماس التي تعمل على إفشال الانتخابات من خلال القبول بطعون غير بريئة، هدفها إسقاط قوائم فتح، وليس أشخاصا مرشحين من خلال تلك القوائم».
أما الحكومة الفلسطينية التي أعلنت عن إجراء الانتخابات، فقالت إنها تلتزم بقرار القضاء. وقال وزير الحكم المحلي حسين الأعرج إن وزارته ستلتزم بشكل تام بقرار المحكمة العليا بوقف إجراء الانتخابات المحلية.
وأكد الأعرج أن الهيئات المحلية المستقيلة، ستستمر كهيئات تسيير أعمال.
وكانت الهيئات استقالت في وقت سابق تمهيدا للانتخابات التي كانت ستجرى للمرة الأولى بمشاركة حماس منذ سيطرت على قطاع غزة في 2007.
وأجريت الانتخابات في الضفة في 2012 لكن من دون مشاركة حماس التي اشترطت آنذاك التوصل إلى اتفاق مصالحة قبل إجراء الانتخابات المحلية وقالت إن الانتخابات المحلية هي ثمرة للمصالحة وليس العكس.
وآخر انتخابات أجريت بشكل مشترك بين الضفة وغزة، كانت في العامين 2004 و2005 على 3 مراحل، ثم أعلنت السلطة أنها تريد إجراء الانتخابات 3 مرات في الأعوام 2010 و2011 من دون أن تجريها فعلا.
وتشير مصادر فلسطينية إلى أسباب أخرى متداخلة لإلغاء الانتخابات هذه المرة، ومن بينها ضغوط جهات عربية لتأجيل الانتخابات، لحين إجراء مصالحة داخلية في حركة فتح، وتشمل إعادة القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان، استعدادا لمواجهة حماس، وهو الأمر الذي ما زال يرفضه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وكذلك توجه بعض المسؤولين الفلسطينيين لإلغاء الانتخابات حتى لا تكون وصفة لتعميق الانقسام.
ويتوقع أن يعلن عباس لاحقا قرارا رئاسيا بشأن الانتخابات.
وأعلن أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، اللواء جبريل الرجوب، أمس، أنه سيتم عقد اجتماع موسع للحركة برئاسة عباس بعد عودته من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية الشهر الجاري، حيث يشارك في هذا الاجتماع أعضاء اللجنة المركزية والمجلسان الثوري والاستشاري وأمناء سر أقاليم حركة فتح.
وأضاف الرجوب أن الاجتماع سيبحث سبل مواجهة التحديات التي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني، وإقرار آليات عمل تنظيمية لعقد المؤتمر السابع للحركة قبل نهاية العام الجاري، مع تحديد الزمان والمكان، وذلك في إطار تجديد الشرعيات.
وأوضح الرجوب أن على حركة حماس أن تدرك بأن ضرورات التجديد في النظام السياسي الفلسطيني تقضي القبول بالاحتكام لصندوق الاقتراع لإنجاز الوحدة الوطنية والشراكة السياسية.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.