خبراء: التنويم المغناطيسي في الطب ليس سحرًا أو شعوذة

خبراء: التنويم المغناطيسي في الطب ليس سحرًا أو شعوذة
TT

خبراء: التنويم المغناطيسي في الطب ليس سحرًا أو شعوذة

خبراء: التنويم المغناطيسي في الطب ليس سحرًا أو شعوذة

هناك تزايد في عدد الأطباء والنفسيين وغيرهم من الخبراء الذين يلجأون للتنويم الإيحائي، أو المغناطيسي، لتخفيف آلام المخاوف، والبدانة، والصداع النصفي.
وهذا النوع من العلاج معروف بالفعل لدى طبيب الأسنان في علاج الآلام، ولكنه يستخدم أيضًا في علاج الاضطرابات السلوكية.
وتبدأ الجمعية الألمانية للعلاج بالتنويم الإيحائي الذاتي (DGSH) مؤتمرا خاصا بهذا العلاج غدا (الخميس)، في مدينة ماينس، وفي الوقت نفسه يبدأ أيضًا مؤتمر، في برلين، للجمعية الألمانية لعلاج الأسنان بالتنويم الإيحائي (DGZH).
فهل سيشهد هذان المؤتمران عروضا للتنويم المغناطيسي، كما يفعل السحرة؟ عن ذلك يقول جوتس رين ارتست، رئيس جمعية «DGSH»، إن التنويم المغناطيسي «ليس كما يتصوره معظم الناس، فهو لا يتم من خلال استخدام حية عملاقة ذات عينين مرقشتين تسحر بهما الناس على غرار الثعبان كار، في فيلم (كتاب الأدغال)، كما لا يستخدم بندول الساعة في التنويم حسب الصورة الشائعة عنه، وليس ذلك لأن البندول لا يساعد في التنويم المغناطيسي، ولكن لأن الناس يربطون كثيرا بينه وبين الأمور الباطنية والروحية».
وأوضح رين ارتست أن الطبيب لا يحتاج في تنويم مريضه مغناطيسيا سوى للتحدث ببطء ورتابة: «وهذا أمر لا يحدث بالطبع في المؤتمرات التي هي مكان للمحاضرات التي تلقى بصوت عالٍ وواضح».
وهناك الآلاف من الخبراء المعالجين بالتنويم المغناطيسي، والمنتسبين لجمعيات معنية في ألمانيا، من بينهم كثير من أطباء الأسنان والأطباء النفسيين، وكذلك الجراحين وأطباء الحوادث.
يضاف إلى هؤلاء أيضًا خبراء علاج قصور النطق، وخبراء العلاج بالوسائل الطبيعية والقابلات.
ويستمر التدريب على هذا العلاج عدة أشهر، بشكل مواز لمزاولة المهنة الأساسية، قبل الحصول على ترخيص بمزاولته.
وقال بيرنهارد ترينكله، عضو مجلس إدارة الجمعية الدولية للتنويم المغناطيسي، إن عدد الممارسين لهذا العلاج أكثر بكثير مما يعتقد معظم الناس.
يشار إلى أن التدريب على ممارسة هذا العلاج ليس جزءا من المناهج الطبية الأساسية التي تدرس في كليات الطب.
ومع ذلك، فإن هذا العلاج معترف به منذ عام 2006، من قبل المجلس العلمي للعلاج النفسي، في بعض المجالات، مثل علاج الإقلاع عن التدخين، بل إن قائمة الأمراض والآلام التي ثبت علميا حتى الآن إمكانية علاجها باستخدام التنويم الإيحائي أصبحت تضم آلام الجراحات، وآلام المخاض، والصداع النصفي، والرهاب، والسمنة، وكذلك اضطرابات النوم والاضطرابات الجنسية.
ولا يوصى بالعلاج بالتنويم الإيحائي في حالات الذهان المفاجئة (فقدان الاتصال بالواقع)، وكذلك الاضطرابات الشخصية الجسيمة.
ورغم أن هناك عاملا مشتركا بين التنويم الإيحائي والتأمل، فإن ما يتم خلال التأمل هو فصل تأثير البيئة المحيطة عن الأنا قدر الإمكان، مما ينشأ عنه فراغ، في حين أن الإنسان يتحسس داخله خلال التنويم، ويتخلص هناك من ألمه ومخاوفه.
ولأن تركيز الإنسان يكون منصبا تماما خلال التنويم الإيحائي على صورة بداخله، كأن يركز مثلا على صورته وهو يتأرجح فوق مركب شراعي في جو مشمس، أو يروح عن نفسه في نزهة في الجليد، يصعد خلالها أحد المنحدرات، فإنه يستطيع بذلك الانفصال عن المؤثرات المؤلمة له.
وهناك سؤال يطرح نفسه: هل يمكن أن يتم تنويم الإنسان مغناطيسيا رغما عنه؟ الإجابة: لا، لا بد أن يتعاون المريض مع منومه «فلا بد أن يجد المريض المعالج الداخلي»، حسبما أوضح رين ارتست.
ويرى أطباء التنويم الإيحائي، والأطباء النفسيون، أن باستطاعة المرضى التخلص من كثير من المشكلات الروحية والجسدية باستخدام قوى العلاج الذاتي لديهم.
غير أن نحو 10 في المائة من الناس ليسوا حسب المعالجين قابلين للتنويم الإيحائي، حيث لا ينجح المعالجون في تنويم هؤلاء.
ولكن، أين يستخدم أطباء الأسنان هذا النوع من العلاج؟ لا يكتفي أطباء الأسنان باستخدام التنويم الإيحائي مع المريض في أثناء جلوسه على مقعد الطبيب، لتخفيف آلامه على سبيل المثال عند خلع ضرس العقل «فالتواصل الإيحائي يحدث مع كل علاج دون أن يعلم المريض ذلك»، حسبما أوضح توماس فولف، رئيس الجمعية الألمانية لعلاج الأسنان بالتنويم الإيحائي، حيث يتم إبلاغ المريض منذ أول اتصال بعيادة الأسنان أن العيادة مكان آمن، وأنه ليس هناك ما يبرر خوف المريض منها، وأنه سيشعر بالراحة التامة هناك.
غير أن الخبراء يحذرون من الأشخاص الذين يزعمون قدرتهم على استخدام التنويم الإيحائي في علاج جميع الأمراض «فأنا - على سبيل المثال - متخصص في علاج التلعثم باستخدام التنويم المغناطيسي، ولا أتجاوز ذلك تقريبا»، حسبما أوضح بيرنهارد ترينكله، عضو مجلس إدارة الجمعية الدولية للتنويم المغناطيسي.



150 لوحة توثق المسيرة الإبداعية للتشكيلي السعودي سعد العبيّد

كان العبيد من أهم داعمي مجتمعه الإبداعي (واس)
كان العبيد من أهم داعمي مجتمعه الإبداعي (واس)
TT

150 لوحة توثق المسيرة الإبداعية للتشكيلي السعودي سعد العبيّد

كان العبيد من أهم داعمي مجتمعه الإبداعي (واس)
كان العبيد من أهم داعمي مجتمعه الإبداعي (واس)

عشرات اللوحات التشكيلية، إلى جانب 8 رسومات، أبدعها فنان سعودي رائد أثرى الساحة الفنية بحضوره ومساهماته على مدى أكثر من نصف قرن، يحتضنها معرض فني أقيم في وسط العاصمة السعودية الرياض.

المعرض انطلق تحت عنوان: «سيرة ومسيرة»، وأقيم للاحتفاء بسعد العبيّد؛ الفنان التشكيليّ البصريّ الذي سلب الفن لُبّه وحاز اهتماماته وعطاءه، ودفعه إلى تكريس حياته لأجله، حتى عُدّ أحد أبرز الذين شاركوا في وضع أسس بدايات الفن التشكيلي السعودي ومن أهم داعمي مجتمعه الإبداعي.

المعرض يحتضنه «قصر الثقافة» بالعاصمة السعودية الرياض (واس)

أبصر العبيد النور في مدينة الرياض سنة 1945 ودرس فيها خلال جميع المراحل الدراسية، ثم التحق بـ«معهد المعلمين» بالعاصمة السعودية، وتخرج فيه معلماً عام 1962، ثم زاول مهنة تدريس التربية الفنيّة لطلاب المرحلة الابتدائيّة لمدة 8 أعوام، قبل أن يُبتعث إلى فرنسا، التي حصل منها على دبلوم في الرسم التلفزيونيّ، ليضيف إلى سجله الطموح عنصر التدريب والخبرة والتعليم.

وفي عام 1999 قرر العبيد التفرغ للرسم، حيث دشن في 2008 مرسماً خاصاً به، عُدّ منصة انطلق منها إلى فضاء آخر يهدف منه إلى تطوير تجربته والانقطاع إلى أحبّ الأشياء إلى قلبه، بالإضافة إلى مد جسور مع المواهب والرواد في مجاله، حتى مثّل بتجربته الفريدة تلك بلادَه في كثير من المحافل الدولية، كما نشط بعضوياته في عدد من الجمعيّات والمؤسسات الوطنية التي اهتمت برعاية جيل من الفنانين الشباب الواعدين.

كان العبيد من الرواد الذين أسهموا في بدايات الفن التشكيلي السعودي (واس)

لوحات من إرث العبيّد وتجربته

في جنبات المعرض، الذي يحتضنه «قصر الثقافة» بالعاصمة السعودية الرياض، تنتشر 150 لوحة من أعمال الفنان سعد العبيّد الأصلية، إضافة إلى رسومات خاصة، تُبرز إرث الراحل وتجربته الفنية الممتدة على مدار 50 عاماً، وتتيح للجمهور فرصة استكشاف اهتمامات الفنان وأسلوبه الفني الذي ميّزه مبكراً وترك أثراً في تجارب بعض زملائه.

وحملت الأعمال الفنية لسعد العبيّد، التي أبدعها منذ 1966 وصولاً إلى آخرها قبل وفاته في عام 2020، شخصيته الفنية وحسه ولمسته ومعالجته اللونية الخاصة، فقد التزم بتوجيهات أحد معلميه في «معهد المعلمين» بتوظيف مجموعة لونية محددة، فعمل على ذلك خلال مسيرته الفنية.

ومن أهم الموضوعات التي تناولها في أعماله: أفراد من عائلته، إضافة إلى موضوعات تعبر عن الطبيعة والصحراء، وأخرى إنسانية، وبعض من المظاهر الاجتماعية.

كما رسم بعض مظاهر الحداثة التي شهدتها مدينة الرياض، وتركت زياراته المتكررة لمدينة أبها أثراً إبداعياً على أعماله خلال العقدين الأخيرين من حياته.

كتيب يجمع أغلب أعمال العبيد الفنية (واس)

شمعة الفن التشكيلي

‏وشكّل الفنان العبيّد مثالاً للفنان المؤثرّ في محيطه، ونموذجاً ملهماً في العطاء والإيثار والاهتمام بالآخرين، وعكس مشواره الفنّي التناغم الذي يعيشه الفنان في لوحاته ومع مجتمعه. وقد احتفى عدد من الفنانين، بمختلف أجيالهم، بالنافذة التي فُتحت في المعرض لتقدير دور الفنان الراحل وقيمته الفنية وتجربته المؤثرة في مجاله، وعَدّو مسيرته شمعة أضاءت مجتمع الفنانين.

داخل المعرض، يسلّط فيلم قصير الضوء على تجربة فنية فريدة أثرت الساحة التشكيلية، وأسهمت في تطوّرها على مدى عقودٍ طويلة، وتحدث فيه عدد من مجايليه من الفنانين الذين شاركوا لحظات من الذاكرة والتجربة التي جمعتهم بالفنان العبيّد وكشفت عن جوانب من شخصيته الفنية والاجتماعية الرائعة.

فيلم قصير يُسلّط الضوء على مسيرة العبيد الفنية التي أثرت الساحة التشكيلية (واس)

وقال القيّم الفني على المعرض، الفنان والكاتب عبد الرحمن السليمان: «يعدّ العبيّد أباً روحياً لكثيرٍ من الفنانين من الأجيال السابقة، وهذا الحدث الفني هو تقديرٌ وتكريم للفنان السعودي، وإبراز لأهميته الفنية ودوره الإداري والتنظيمي والتوجيهي».

من جانبه، أوضح الفنان التشكيلي فيصل مشاري أن «العبيد، منذ عرفه مجتمع الفنانين قبل 50 عاماً، منفتح يرسم الابتسامة على وجوه الجميع، ويسبق الجميع بالاهتمام».

وقال الدكتور معجب بن عثمان الزهراني، المحاضر في كلية الفنون بجامعة الملك سعود، إن الفنان العبيد «أحد رواد الفن السعودي، وترك بصمة مميزة عبر أسلوبه الواقعي البسيط. والمعرض الذي يحتفي بتجربته يعدّ لفتة ثمينة تستحق الشكر والتقدير».

وفي الختام، قالت الدكتورة منال الرويشد إن «الوفاء مستمر لجهود الفنان التشكيلي الراحل سعد العبيد»، مبدية شكرها لـ«هذا الدور الرائد في تقدير مبدعي السعودية، وهو ما يعكس صورة إيجابية عن الوفاء للمثقفين وإبراز سيرتهم ومسيرتهم للأجيال المقبلة وللآخرين».