لبنان: خلافات نسف الحوار.. وفرنجية يرفض احتكار العونيين للتمثيل المسيحي

بري يعلّق الجلسات لأجل غير مسمّى ردًا على إعلان «الوطني الحرّ» مقاطعتها

لبنان: خلافات نسف الحوار.. وفرنجية يرفض احتكار العونيين للتمثيل المسيحي
TT

لبنان: خلافات نسف الحوار.. وفرنجية يرفض احتكار العونيين للتمثيل المسيحي

لبنان: خلافات نسف الحوار.. وفرنجية يرفض احتكار العونيين للتمثيل المسيحي

الخلافات التي تعصف بالحكومة اللبنانية وتكبّلها، انسحبت على طاولة الحوار الوطني التي انعقدت أمس برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري، ونسفتها بعد إصرار رئيس «التيار الوطني الحرّ» وزير الخارجية جبران باسيل، على فرض موضوع الميثاقية (تمثيل المسيحيين في السلطة) بندا أساسيا على جدول أعمالها، ما تسبب بسجال حادّ بينه وبين المرشّح لرئاسة الجمهورية النائب سليمان فرنجية، وإعلان باسيل تعليق مشاركته في الحوار، فكان ردّ بري وقف الحوار ورفع الجلسة إلى أجل غير مسمّى.
وكانت جلسة الحوار التأمت عند الساعة الثانية عشرة من ظهر أمس، برئاسة بري، وغاب عنها رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون الذي مثله باسيل، فيما مثل رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط النائب غازي العريضي. ومنذ الدقائق الأولى ساد التوتر أجواء الجلسة عندما سارع باسيل إلى طرح موضوع الميثاقية، ما أدى إلى نشوب سجال حاد بينه وبين فرنجية، الذي سأل وزير الخارجية عن مدى تمثيله للمسيحيين وهو الراسب في الانتخابات النيابية في منطقة البترون ذات الغالبية المسيحية.
وعلى الرغم من محاولات احتواء الخلاف، ومحاولة إقناع باسيل بحصر النقاش ببنود جدول الأعمال وأبرزها الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية وقانون الانتخاب الانتخابات واللامركزية الإدارية، فإن الأخير أعلن تعليق مشاركته في الجلسة، رافضًا ما سماه «تهميش المسيحيين منذ التسعينات»، فردّ عليه بري بالقول: «إذا كنت تريد تعليق المشاركة في الجلسة، سأعلق جلسات الحوار كلّها». وهنا قرر بري رفع الجلسة من دون تحديد موعد لجلسة جديدة.
وبعد مغادرته طاولة الحوار، قال فرنجية في تصريح له «عندما يكون لدينا شيء لقوله نقوله بوجه الشخص ولا نختبئ، فلدينا الجرأة على المواجهة»، معتبرًا أنه «لدى باسيل الكثير من الأشياء المحقة لكن خلافنا هو حول الأسلوب». وأضاف: «أي غبن للمسيحيين أو أي مكون طائفي أو سياسي نحن ضده، وسنقف دائمًا مع المطالب المحقة والكل يشهد على وطنيتنا ومسيحيتنا». وسأل «إذا لم يتم انتخابي رئيسا للجمهورية، هل أعتبر أن المسيحيين ليسوا بخير؟».
ولفت رئيس تيار «المردة» إلى أن «الطائفة المسيحية غنية جدًا بالشخصيات، وأي ماروني لديه الكفاءة سيكون رئيسًا للجمهورية يومًا ما». وتابع فرنجية «مطلوب مني أن ألغي نفسي لكنني لن أفعل»، مشددا على أن «ربط الرئاسة بالشخص أو أي طائفة بشخص هو شيء غير مقبول». وعن قول باسيل إن التمثيل الحالي في الحكومة هو 6 في المائة للمسيحيين، ردّ فرنجية «ساعة يقولون: إنه لا تمثيل لنا وساعة يقولون: إن تمثيلنا 6 في المائة». وتابع: «إننا موجودون ولسنا مقطوفين من شجرة فالآلة الحاسبة للتيار الوطني الحر غريبة ولهم حساباتهم الخاصة».
أما باسيل فقال لدى مغادرته طاولة الحوار «طرحنا الميثاقية في جلسة الحوار، لأن الميثاق أسمى ما يمكن تطبيقه في البلد»، معتبرًا أن «الممارسات كل يوم في السلطة والتعيينات الإدارية غير ميثاقية وصولا إلى الحكومة». وأكد أنه «لا يمكن استمرار الوضع على ما هو عليه كما كان منذ عام 1990 إلى 2005 حيث كانت القيادات المسيحية غائبة». وسأل «إذا خرج الحزب التقدمي الاشتراكي من الحكومة مثلا هل تستمر؟». وأضاف باسيل «لدى فقدان الميثاق تهتز القناعة الوطنية بالعيش المشترك»، معتبرا أنه «لا جدوى من الاستمرار بالحوار إذا لم يتم الاعتراف بنا، ولن نسمح بتكرار ظلم التسعينات في حق المسيحيين».
من جهته، عبّر النائب غازي العريضي (ممثل جنبلاط في الحوار) عن أسفه لما وصلت إليه الأمور، وقال: «كنا نتمنى أن يستمر النقاش بما اتفقنا عليه في الثلاثية الأخيرة، ثلاث جلسات متتالية مطلع أغسطس (آب) الماضي، لطاولة الحوار». ورأى أن «هناك محاولة للبحث عن مخرج للمأزق الذي نواجهه، ولكن حصلت تطورات سياسية تمت مناقشتها اليوم (أمس) أدت إلى تأجيل طاولة الحوار إلى فترة معينة». وأكد «أن الحوار ليس منّة من أحد بل هو الحالة الطبيعية اليومية التي يعيشها اللبنانيون، ليس ثمة من يهتم بنا في الخارج فكل منا يغني على ليلاه». وأوضح العريضي أنه «رغم كل ما جرى، كانت لنا مواقف على الطاولة نحن وبعض الزملاء، وما نقدر عليه هو تفعيل الحكومة وعمل مجلس النواب بانتظار انتخاب رئيس».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.