ليبيا: حفتر ينتقد الغارات الأميركية على «داعش» في سرت

قوات السراج تستعد لهجوم أخير لتحرير المدينة

ليبيا: حفتر ينتقد الغارات الأميركية على «داعش» في سرت
TT

ليبيا: حفتر ينتقد الغارات الأميركية على «داعش» في سرت

ليبيا: حفتر ينتقد الغارات الأميركية على «داعش» في سرت

انتقد الفريق خليفة القائد العام للجيش الوطني في ليبيا الغارات الجوية التي تشنها طائرات عسكرية أميركية منذ مطلع الشهر الماضي، ضد مواقع تابعة لتنظيم داعش في مدينة سرت الساحلية، واعتبر أمس أنه لا يوجد أي غطاء قانوني لمثل هذه الضربات لا دوليًا ولا محليًا.
وأضاف حفتر في مقابلة بثتها أمس وكالة سبوتنيك الروسية أن الولايات المتحدة الأميركية رصدت أهدافًا لـ«داعش» في مدينة سرت ورأت ضرورة تدميرها، وهي تتصرف بقناعتها الخاصة وأسلوبها الخاص في حماية الأمن القومي الأميركي، وأن «داعش» يشكل خطرًا عليها وعلى حلفائها.
وفي أول تعليقات رسمية له على طلب فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، المساعدة ضد «داعش» من الإدارة الأميركية، رأى الفريق حفتر أن طلب تنفيذ الضربات الأميركية هو إجراء شكلي لا قيمة حقيقية له، لافتا إلى أن القوات الأميركية قصفت منذ أشهر أحد معاقل تنظيم داعش في مدينة صبراتة الساحلية غرب البلاد دون طلب من أي جهة في ليبيا.
وقال: إن مسألة استمرار الضربات وتوقفها يبقى قرارًا أميركيًا بحتًا ما دامت السيادة الليبية منتهكة، وما دام المجتمع الدولي يغض الطرف عن ذلك، باستثناء روسيا التي ترى أن التدخل العسكري يجب أن يتم بناءً على قرار من مجلس الأمن.
وكانت حدة المعارك قد هدأت خلال اليومين الماضيين بين القوات الموالية لحكومة لسراج وميلشيات تنظيم داعش في مدينة سرت الساحلية، رغم إعلان القوات الحكومية أنها تضع خططا جديدة من أجل تقليل الخسائر البشرية في الهجوم المقبل. وأعرب مسؤول عسكري في عملية البينان المرصوص عن أمله في أن يتم تحرير مدينة سرت قبل عيد الأضحى المبارك الذي يحل الأسبوع المقبل، لافتا إلى أن مقاتلي «داعش» «يبدون مقاومة شرسة في أحيائهم الأخيرة، وهم يسعون إلى إطالة المعركة رغم إدراكهم أنها ستنتهي قريبا».
وقال بيان منفصل لعملية البنيان المرصوص إن قواتها دحرت فلول «داعش» الهاربة وحققت تقدمًا هامًا في محاور القتال، موضحة أن المستشفى الميداني استقبل جثامين 7 قتلى ونحو 30 جريحًا في مواجهات جرت قبل يومين.
وقال ناطق عسكري إن «معظم الشهداء والجرحى قتلوا أو أصيبوا نتيجة السيارات المفخخة والمهاجمين الانتحاريين» مضيفا: «سيقتل كل عناصر داعش مع نهاية المعركة، إما بنيراننا، وإما بستراتهم الانتحارية».
وتقول القوات التي يتألف أغلبها من مقاتلين من مدينة مصراتة التي تقع على بعد 230 كيلومترا إلى الشمال الغربي إنها الآن في المراحل الأخيرة من حملتها لطرد التنظيم من معقله السابق في ليبيا.
لكن مع ذلك، فإن هذه القوات واجهت مقاومة شديدة من متشددين ينتشرون في منطقة سكنية في قلب المدينة الساحلية ويستعينون بسيارات ملغومة ونيران القناصة والألغام والقصف للدفاع عن أنفسهم. وخسارة سرت ستمثل ضربة كبيرة لـ«داعش» الذي سيطر على المدينة بالكامل قبل أكثر من عام واتخذها قاعدة مهمة لمقاتليه الليبيين والأجانب، علما بأن التنظيم المتطرف يتعرض لسلسلة من النكسات في العراق وسوريا.
وشنت القوات المتحالفة مع حكومة السراج حملتها لاستعادة المدينة في شهر مايو (أيار) الماضي بدعم من الضربات الجوية الأميركية التي بدأت منذ مطلع الشهر الماضي.
إلى ذلك، استؤنفت أمس في تونس أحدث جولات الحوار السياسي الليبي لمناقشة آخر التطورات في ليبيا بما في ذلك تنفيذ اتفاق الصخيرات في المغرب الذي تم توقيعه نهاية العام الماضي برعاية أممية وغربية.
وشارك في الجلسة التي عقدت أمس فائز السراج رئس الحكومة الجديدة بالإضافة إلى مارتن كوبلر رئيس بعثة الأمم المتحدة وأعضاء عن مجلس النواب وبرلمان طرابلس المنتهية ولايته.



مخاوف إسرائيلية متكررة من «تسليح» مصر تعكس ازدياد التوترات

منظر عام لمحور فيلادلفيا على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)
منظر عام لمحور فيلادلفيا على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)
TT

مخاوف إسرائيلية متكررة من «تسليح» مصر تعكس ازدياد التوترات

منظر عام لمحور فيلادلفيا على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)
منظر عام لمحور فيلادلفيا على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)

شهدت الآونة الأخيرة تصريحات إسرائيلية تضمنت مخاوف بشأن «تسليح» مصر وانتهاكات لمعاهدة السلام، التي أُبرمت بين البلدين في 1979، وسط توتر متصاعد منذ احتلال الجيش الإسرائيلي لمدينة رفح الفلسطينية قبل نحو عام، وإصراره على عدم تنفيذ رغبة القاهرة في الانسحاب من محور «فيلادلفيا» الحدودي مع مصر.

أحدث التصريحات الإسرائيلية ما جاء على لسان وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الذي قال إن بلاده لن تسمح للقاهرة بـ«انتهاك معاهدة السلام»، وهو ما يرى رئيس مجلس الشؤون الخارجية المصرية وزير الخارجية الأسبق السفير محمد العرابي، ورئيس الشؤون المعنوية الأسبق بالجيش المصري والخبير الاستراتيجي اللواء سمير فرج، لـ«الشرق الأوسط»، أنها «رسائل للخارج لجلب مزيد من الدعم وتزيد التوتر الذي صنعته إسرائيل مع القاهرة»، بخلاف أنها «محاولات لعدم الانسحاب من محور فيلادلفيا بزعم المخاوف»، متوقعين رفض مصر تلك الضغوط وتمسكها بموقفها دون أن تجر لصدام أو المساس بمعاهدة السلام.

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

ومنذ توقيع مصر وإسرائيل معاهدة السلام، لم تشهد علاقات الجانبين توتراً كما هي الحال مع اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، وزادت حدته منذ مايو (أيار) الماضي، مع احتلال إسرائيل محور فيلادلفيا الحدودي مع مصر، وكذلك معبر رفح من الجانب الفلسطيني، ورفضها الانسحاب كما تطلب القاهرة.

وذكر كاتس، في كلمة خلال ذكرى وفاة رئيس الوزراء الأسبق مناحم بيغن، الاثنين، أن معاهدة السلام «أخرجت مصر من دائرة الحرب، في قرار قيادي غيّر وجه التاريخ ووضع دولة إسرائيل - ولا تزال كذلك حتى اليوم، لكننا لن نسمح لهم (المصريين) بانتهاك معاهدة السلام، لكن الاتفاق قائم»، وفق صحيفة «يديعوت أحرونوت».

وكشفت الصحيفة الإسرائيلية أن تصريحات كاتس جاءت على خلفية شائعات ترددها عناصر من اليمين المتطرف على شبكة الإنترنت عن استعدادات عسكرية مصرية لمهاجمة إسرائيل بشكل غير متوقع، لافتةً إلى أن هذه الشائعات أثارت القلق بين العديد من الإسرائيليين.

تلك المخاوف ليس الأولى إسرائيلياً، إذ أعرب رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي، في 26 فبراير (شباط) الماضي، عن قلقه من «التهديد الأمني من مصر التي لديها جيش كبير مزود بوسائل قتالية متطورة»، معتبراً أنه لا يشكل تهديداً حالياً لتل أبيب لكن الأمر قد يتغير في لحظة، وفق «القناة 14» الإسرائيلية.

جنديان إسرائيليان قرب ممر فيلادلفيا بمحاذاة الحدود المصرية (أرشيفية - أ.ب)

سبق ذلك حديث مندوب تل أبيب الدائم في الأمم المتحدة داني دانون، في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي عن مخاوف إسرائيل بشأن تسلح الجيش المصري، مضيفاً: «ليس لديهم أي تهديدات في المنطقة. لماذا يحتاجون (المصريون) إلى كل هذه الغواصات والدبابات؟».

ورد النائب المصري مصطفى بكري على تلك التصريحات قائلاً عبر منشور بمنصة «إكس»، إن «إسرائيل هي التي تنتهك اتفاقية السلام (..) واحتلت محور صلاح الدين (فيلادلفيا)»، مؤكداً أن «تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي ومن قبله رئيس الأركان ومندوب إسرائيل بالأمم المتحدة نوع من التلكيك وجر شكل (استفزاز) ومصر تتعامل بحكمة ولديها دور هام لصالح السلام لكنها لن تقبل إملاءات أو تهديداً من أحد ولا تفرط في سيادتها وثوابتها وأمنها القومي»، محذراً: «فلتكف إسرائيل عن العبث واللعب بالنار، لأنها أول من سيكتوي بها».

وسبق أن رد مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة السفير أسامة عبد الخالق على نظيره الإسرائيلي، في تصريحات فبراير (شباط) الماضي، قائلاً: «الدول القوية والكبرى مثل مصر تلزمها جيوش قوية وقادرة على الدفاع عن الأمن القومي بأبعاده الشاملة عبر تسليح كافٍ ومتنوع».

ويرى العرابي أن تلك التصريحات الإسرائيلية تعكس ازدياد حالة التوتر بين مصر وإسرائيل، التي صنعتها الأخيرة منذ دخول رفح، وهي تحاول أن تنقل انطباعات غير صحيحة للعالم الخارجي بأن لديها قلقاً من جيرانها للبحث عن دعم.

معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة (أرشيفية - إ.ب.أ)

بينما يرى اللواء فرج أن التصريحات الإسرائيلية محاولة لخلق أزمات مع مصر، مؤكداً أن مصر بالتأكيد حافظت على تنوع تسليحها، لأنها دولة قوية وتحتاج ذلك لكنها لم تنتهك ولم تخترق المعاهدة، بل الجانب الإسرائيلي هو من يفعل ذلك ولا يريد الالتزام بما تم الاتفاق عليه في اتفاق هدنة غزة.

تأتي هذه التصريحات المتصاعدة في إسرائيل، قبل أيام قليلة للغاية من التزام على حكومة نتنياهو بتنفيذ الانسحاب الكامل من محور فيلادلفيا، المقرر أن يتم في اليوم الخمسين من اتفاق الهدنة في غزة، الذي بدأ في 19 يناير الماضي، وسط حديث يسرائيل كاتس، في 27 فبراير (شباط)، عن البقاء في محور فيلادلفيا في المرحلة الحالية، وحديث مماثل متزامن من وزير الطاقة إيلي كوهين.

وبموجب ملحق معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية، فإن محور فيلادلفيا هو منطقة عازلة كان يخضع لسيطرة وحراسة إسرائيل، قبل أن تنسحب الأخيرة من قطاع غزة عام 2005، فيما عُرف بخطة «فك الارتباط»، قبل أن تعيد احتلاله خلال حرب غزة ورفض مطالب مصر بالانسحاب.

ويرجح العرابي أن يكون استمرار التصريحات الإسرائيلية بهدف الضغط لعدم الانسحاب من محور فيلادلفيا، مستبعداً أن يؤدي التوتر بين البلدين لصدام عسكري أو انهيار معاهدة السلام.

ويرى فرج أن إسرائيل تحاول إثارة تلك المخاوف لتهيئة الرأي العام الداخلي لاستمرار البقاء في محور فيلادلفيا، وعدم الانسحاب كما هو مقرراً، مؤكداً أن التوتر المتصاعد حالياً لن يمس معاهدة السلام ولن يرجع القاهرة عن مواقفها، ولن يقود لصدام خاصة وأن نتنياهو يرى أن العدو الرئيسي إيران وليس مصر.