توجه داخل حماس لانتخاب هنية لرئاسة المكتب السياسي بديلاً لمشعل

إسماعيل يسعى للاستقرار في قطر مع عائلته

فلسطينيون في معبر رفح الحدودي ينتظرون أن يؤذن لهم بالسفر إلى مصر (أ.ف.ب)
فلسطينيون في معبر رفح الحدودي ينتظرون أن يؤذن لهم بالسفر إلى مصر (أ.ف.ب)
TT

توجه داخل حماس لانتخاب هنية لرئاسة المكتب السياسي بديلاً لمشعل

فلسطينيون في معبر رفح الحدودي ينتظرون أن يؤذن لهم بالسفر إلى مصر (أ.ف.ب)
فلسطينيون في معبر رفح الحدودي ينتظرون أن يؤذن لهم بالسفر إلى مصر (أ.ف.ب)

كشفت مصادر في حركة حماس عن توجه داخلها، لانتخاب القيادي إسماعيل هنية لرئاسة المكتب السياسي، بديلا لخالد مشعل في الانتخابات المفترضة نهاية العام الحالي، وفق اتفاق داخلي بتسلم فيه هنية زعامة الحركة بالتزكية.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن ثمة توجها قويا داخل أطر حماس القيادية، لتسليم هنية قيادة الحركة، في الوقت الذي يسعى فيه لأن يستقر في قطر مع عائلته. وبحسب هذه المصادر، من المفترض أن يكون هنية خارج غزة ليتولى مسؤولية قيادة الحركة، بعد أن كان تولى منصب نائب رئيس المكتب السياسي، في أعقاب الانتخابات الأخيرة التي جرت عام 2012 بشكل سري.
وبحثت قيادة حماس بشكل معمق في الخارج والداخل، خلال الشهور القليلة الماضية، مستقبل الحركة بعد انتهاء ولاية خالد مشعل، الذي لا يحق له الترشح لولاية ثالثة، واستقرت غالبية الآراء على هنية، كونه ذا حضور وقبول على المستويات المحلية والعربية والدولية كافة.
ويفترض أن يشهد شهرا نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول) انتخابات داخلية تمهيدية للحركة قبل انتخابات المكتب السياسي. في حين جرت في الشهر الماضي انتخابات داخل بعض المناطق، على أن تستكمل خلال الشهرين المذكورين، لتشمل جميع مؤسسات حماس وهيئاتها السياسية والعسكرية، وصولا إلى مجلس الشورى في نهاية العام الحالي. وقال مصدر مطلع في حماس إن «هناك شبه اتفاق داخل قيادة المكتب السياسي، على انسحاب أي من المرشحين الآخرين المحتملين، كالقيادي موسى أبو مرزوق، من الانتخابات، والإبقاء على ترشيح إسماعيل هنية ليصبح في زعامة الحركة». لكن المصدر نفسه، حذر من أن مثل هذا المخطط قد يفشل في حال لم ينجح هنية في مغادرة قطاع غزة قريبا، الأمر الذي كان من المفترض أن يجري في الأيام الماضية، بخروجه إلى السعودية لأداء فريضة الحج، ومنها إلى قطر للاستقرار هناك.
وتجري منذ منتصف الشهر الماضي، اتصالات مكثفة مع المسؤولين المصريين، وعبر جهات عربية أيضا، بخصوص مغادرة هنية قطاع غزة مع وفود الحجاج لأداء فريضة الحج.
وكان يفترض أن يغادر يوم السبت أو الأحد إلى مصر ومنها إلى السعودية.
وانتشر خبر عن مغادرته أمس، لكن مصادر مقربة منه، قالت إن ذلك لم يتم، وإن الاتصالات ما تزال جارية حول هذا. ولا يعرف ما إذا كان سيسمح لهنية بمغادرة القطاع اليوم، وهو الأخير لفتح معبر رفح البري أمام حركة المسافرين والحجاج من قطاع غزة، بعد عمل استمر خمسة أيام.
وكانت السلطات المصرية فتحت معبر رفح بشكل استثنائي، أمام الحجاج لأيام عدة على أن يغلق اليوم.
ويعد هنية من تيار حمساوي يحاول كسب جميع الأطراف، بما في ذلك استعادة العلاقة مع النظام الإيراني، وفتح علاقات جيدة مع النظام المصري ودول عربية وإسلامية أخرى.
وكان هنية تسلم، بعد فوز حماس في الانتخابات، رئاسة الحكومة الفلسطينية، وظل على رأسها حتى انتخب نائبا لمشعل قبل سنوات، فترك الحكومة وتفرغ للعمل الداخلي في الحركة.



تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
TT

تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)

يشتكي غالبية مزارعي الحبوب في اليمن من تراجع إنتاجهم سنوياً بسبب تقلبات المناخ وتغير مواسم الأمطار وما تسببه غزارتها غير المتوقعة من جرف للتربة وتخريب للأراضي، وهو ما يتسبب لاحقاً في الإضرار بأمنهم الغذائي خلال الأشهر المقبلة التي تدخل فيها البلاد حالة من الجفاف الموسمي.

وينتهي، منتصف الخريف، موسم زراعة الحبوب في غالبية أنحاء اليمن، بالتزامن مع انخفاض درجات الحرارة وانقطاع الأمطار الموسمية ودخول البلاد في حالة من الجفاف، ويبدأ المزارعون حصر إنتاجهم من الحبوب وتخزينها للاستهلاك، كما يتم تخزين الزرع كأعلاف للمواشي التي تعاني من جفاف المراعي وشح الحشائش والأعشاب التي تتغذى عليها.

وبقدر ما يشعر المزارعون بالفرح خلال فترة جمع محصول موسم زراعة الحبوب، التي تشهد احتفاليات متوارثة تتعدد فيها الأغاني والأهازيج، يخالطهم شعور بالحزن بسبب اضطرارهم لانتظار موسم الأمطار المقبل لأشهر طويلة، وأملهم بهطول أمطار شتوية تساعدهم في زراعة أنواع أخرى من الحبوب.

امرأتان يمنيتان في محافظة تعز تنقلان العلف لتخزينه كغذاء للمواشي بعد انتهاء موسم الحصاد وبدء مواسم الجفاف (البنك الدولي)

يقول سعيد محمد، وهو مزارع مخضرم في مديرية الشمايتين جنوب محافظة تعز (جنوب غرب) إن فصلي الخريف والشتاء يشهدان في الغالب تراجعاً كبيراً في الإنتاج الزراعي، لكن بعض الأعوام قد تشهد سقوط أمطار خفيفة تساعد بعض المزارعين في إنتاج كميات محدودة من حبوب مختلفة عن تلك التي أنتجوها خلال الموسم السابق.

ويوضح المزارع السبعيني في رسالة نقلها لـ«الشرق الأوسط» أحد أبنائه، بسبب عدم خبرته في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أن بعض المزارعين يحتاطون لمواسم الجفاف بتجميع مياه السيول في خزانات مبنية من الحجارة والأسمنت لزراعة أنواع من الخضراوات، بينما ينتظر آخرون هطول الأمطار الشتوية الخفيفة، وهي نادرة ويقضي المزارعون شتاءهم في انتظارها.

الأمل بأمطار الشتاء

ينتج المزارعون خلال موسم الأمطار الصيفية الذرة الشامية والذرة الرفيعة بأنواعها ومن البقوليات اللوبياء، أما في الشتاء فيكتفون بالذرة الشامية والشعير والعدس والخضراوات.

لكن المزارع حسين أحمد، من مديرية القبيطة التابعة لمحافظة لحج (جنوب)، يشير إلى أن أمطار الشتاء عادة ما تكون وخيمة على المزارعين، خصوصاً مالكي المواشي التي قد تعاني لأسابيع وأشهر طويلة من الجوع وانقطاعها عن المرعى، واعتمادها على ما جرى تخزينه من أعلاف.

مزروعات حبوب يبست في انتظار الأمطار بسبب عدم خبرة المزارعين اليمنيين بتغير مواسم الأمطار (غيتي)

ويبين أحمد، لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الشتوية تأتي خفيفة وعلى مدى أيام طويلة متصلة مصحوبة بانتشار ضباب كثيف، خصوصاً في المرتفعات الجبلية، ويمنع المزارعون من استخدام الأراضي بشكل جيد، بينما لا تتمكن المواشي من مغادرة مأواها بسبب هذه الأمطار.

إلا أنه، وبعد انقشاع الضباب وتوقف الأمطار، تعود الحياة إلى المراعي التي تعود الحشائش للنمو فيها، وهو ما يفيد المزارعين في الحصول على المزيد من الألبان ومنتجاتها.

وتساهم أمطار الشتاء، على ندرتها، في زيادة المياه الجوفية بفضل هطولها البطيء والطويل مما يساهم في تغلغلها داخل طبقات الأرض وفقاً للخبراء الجيولوجيين، كما تعمل على تحسين جودة الإنتاج الحيواني.

وتراجعت المساحة التي تحتلها زراعة الحبوب في اليمن من أكثر من 585 ألف هكتار قبل الحرب الدائرة في البلاد منذ عام 2014، إلى أقل من 529 ألف هكتار بحسب بعض البيانات والتقديرات عن هيئات حكومية وأخرى تحت سيطرة الجماعة الحوثية، أي بما يزيد على 56 ألف هكتار، من إجمالي المساحة المحصولية المقدرة بـمليون و 124 ألف هكتار.

استثمار بلا ضمانات

يستمر موسم زراعة الحبوب أكثر من 5 أشهر، ويبدأ غالباً منتصف مايو (أيار) الذي يشهد إلقاء البذور في التربة، لينتهي في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) وبدايات نوفمبر (تشرين الثاني) بحصد السنابل، ثم نزع الزرع.

مزارع يمني يحصّل منتوجاً قليلاً من قصب السكر الذي يزرع على نحو محدود في البلاد (رويترز)

ويرى الخبير الزراعي محمد سيف ثابت أن أوضاع المزارعين في السنوات الأخيرة تتشابه في جميع الفصول، خصوصاً مع تبدل مواسم الأمطار الصيفية وتغير مواقيتها، ما يصعِّب عليهم تحديدها أو توقعها، إلى جانب التغير الكبير في كمياتها وما تتسبب به من جرف للتربة وتخريب للأراضي.

ويقول ثابت في إيضاحاته لـ«الشرق الأوسط» إن ما يعاني منه المزارعون في الصيف خلال الأعوام الأخيرة، يشبه إلى حد كبير ما يمرون به في الشتاء، حيث يلجأ الكثير منهم إلى بذل جهد كبير وإنفاق أموال في تسوية الأرض ودفن البذور متوقعاً هطول الأمطار. إلا أن تلك البذور قد تتحلل قبل هطول الأمطار، أو تنبش الطيور التربة لتناولها، وهو ما يدفع بعضهم إلى دفن بديل عنها. أما إذا هطلت الأمطار ولم تنبت تلك البذور بسبب تحللها أو نبشها من قبل الطيور، فإنه يستحيل على المزارعين إعادة التجربة قبل أن تعود التربة إلى الجفاف مرة أخرى.

الذرة الرفيعة من أكثر أنواع الحبوب التي يفضلها المزارعون اليمنيون لسهولة الحصول على منتوج وفير منها (إكس)

وأبدى مصدر في وزارة الزراعة اليمنية انزعاجه من لجوء غالبية المزارعين إلى حصد سنابل الحبوب قبل نضجها وتناولها بعد شيها أو سلقها بوصفها وجبات إضافية، فيما يُعرف محلياً بـ«الجهيش»، وهو ما يتسبب في إهلاك الكثير من المحصول والإضرار بالأمن الغذائي للمزارعين خلال الأشهر اللاحقة.

وتابع المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن هذه العادة المتوارثة أصبحت غاية لغالبية المزارعين، لكن الفارق أن المزارعين في السابق، قبل عشرات وربما مئات السنين،كانوا يعتمدون على «الجهيش» بوصفها وجبات أساسية، إلى جانب قلة استهلاكهم لها، في الوقت نفسه الذي يملكون فيه كميات من ناتج الحبوب يغطي موسم الجفاف.

أما في الوقت الراهن؛ فإن غالبية المزارعين يكتفون بالحصول على «الجهيش» ولا يقومون بتخزين سوى كميات قليلة من الحبوب.