لحبيبي: الرواية المغاربية اليوم أفضل مكانة وأحسن أداء مضمونا وشكلا

يرى أن جائزة «البوكر» للرواية العربية تشكل محطة متميزة في حياة أي كاتب

عبد الرحيم لحبيبي
عبد الرحيم لحبيبي
TT

لحبيبي: الرواية المغاربية اليوم أفضل مكانة وأحسن أداء مضمونا وشكلا

عبد الرحيم لحبيبي
عبد الرحيم لحبيبي

لم يكن اسم الروائي المغربي عبد الرحيم لحبيبي مألوفا لدى القراء العرب قبل وصول روايته الأخيرة «تغريبة العبدي المشهور بولد الحمرية» (2013، أفريقيا الشرق) إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) لهذا العام، على الرغم من أنها روايته الثالثة بعد «خبز وحشيش وسمك» (2008)، التي تسجل بأسلوب واقعي ودقيق معالم مدينة أسفي التاريخية والجغرافية، و«سعد السعود» (2010).
تمارس «تغريبة العبدي» لعبة سردية تتمثل بعثور الراوي على مخطوط تاريخي في إحدى أسواق أسفي، مسقط رأس الكاتب، يوثق رحلة العبدي، وهو رجل «سافر طويلا وجاب الآفاق» بحثا عن المعرفة بين المغرب والحجاز في القرن التاسع عشر. استناد العمل على هذه التقنية الروائية المألوفة يخلق حالة من التوازي السردي بين عالم الراوي والعبدي أو ما يعرف بخطاب الـ«ميتانص». هنا نص الحوار مع لحبيبي:
● قبل وصول «تغريبة العبدي» إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) لم يكن اسم عبد الرحيم لحبيبي متداولا على نطاق واسع في وسائل الإعلام، هل شكلت «البوكر» نقطة تحول في مسيرة لحبيبي؟
- المشاركة في الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) محطة متميزة في حياة أي كاتب روائي، وتشكل نقطة تحول نحو الأفضل والأحسن بالنسبة لجميع الروائيين المشاركين.
● حظيت الرواية المغاربية أخيرا بحفاوة كبيرة، وانتشار واسع بين القراء في العالم العربي، بمشرقه ومغربه، حيث تعززت أسماء عدة مثل واسيني الأعرج ومحمد الأشعري وسمير قسيمي وغيرهم، كيف يقرأ عبد الرحيم لحبيبي هذا التطور، خصوصا أن هناك روائيين مغربيين في القائمة القصيرة لهذا العام؟ وهل تجد في ذلك اعترافا طال انتظاره بالحركة الأدبية في المغرب العربي؟
- الرواية المغاربية اليوم أفضل مكانة وأحسن أداء بما تقدمه من إنتاج غني وثري، مضمونا وشكلا، كما تشكل إلى جانب الرواية المشرقية فضاء روائيا متنوعا وخلاقا للرواية العالمية.
● تستند «تغريبة العبدي المشهور بولد الحمرية» على حيلة سردية شهيرة، هي عثور البطل على مخطوط تاريخي يسرد رحلة «العبدي» التي تمتد بين المغرب والحجاز في القرن التاسع عشر. يفرض التداخل بين هذين الإطارين السرديين على الكاتب حالة من التوازي في الفضاء الزمني والمكاني للرواية بالإضافة إلى تعددية في الخطاب والشخصيات والثيمات.. حدثنا عن هذه التجربة التقنية، وما الذي تضيفه هذه اللعبة السردية إلى العمل؟
- اللعبة السردية التي اعتمدتها رواية «تغريبة العبدي..» (المخطوط)، تشكل نقطة الارتكاز المحورية على جميع مستويات النص الروائي: السرد، واللغة، والوصف، والشخصيات، والثيمات.. مما أعطى للرواية اللحمة الصلبة والتسلسل المنطقي والعضوي للأحداث، الأمر الذي أكسب الرواية أسلوبا مشوقا وسلسا، تحولت من خلاله الرواية إلى حلقات متتالية يشد بعضها بعضا، حتى الخاتمة تحولت إلى نافذة مفتوحة على التأويل والتخيل حول المصير الذي يمكن أن يلقاه «العبدي»، وأصبحت الخاتمة أيضا بابا مفتوحا على المجهول، أو على التفكير في رواية أخرى، هي رواية القارئ.
● في رحلته البحثية عبر العالم العربي يسترجع العبدي عددا من الشخصيات العربية التاريخية مثل ابن خلدون، هل استندت إلى مراجع تاريخية في كتابة الرواية؟ وإلى أي حد يشغلك سؤال الموازنة بين المتخيل والتاريخي؟
- إن كتابة مخطوط ينتمي إلى القرن التاسع عشر، ويتخذ من الرحلة مسارا زمنيا ومكانيا، وكذلك تحقيق هذا المخطوط لغويا وتاريخيا، يقتضي بالضرورة الاستناد إلى مراجع ومصادر، لكن التحقيق «الروائي» غير التحقيق المتعارف عليه.. إنه تحقيق يحول الهوامش إلى نص ثان (ميتانص) يتضافر مع النص-المتن، ويكمل أحدهما الآخر، في حين أنهما يمثلان لغتين مختلفتين تسردهما أصوات متعددة.
إن هذا اللقاء بين المتخيل والتاريخي هو الذي يرفع الواقع إلى مستوى الخيال، وفي الوقت نفسه يوهم بأن الخيال أصبح واقعا.
● تناول الحاضر من خلال العودة إلى الماضي وسبر أغوار التاريخ بات من الطرائق السردية الشائعة في الرواية العربية والعالمية، ما رأيك بهذا النوع من المعالجة؟ وهل وصلت تجربة الرواية التاريخية في الرواية العربية المعاصرة إلى النضوج؟
- رواية «تغريبة العبدي..» ليست رواية تاريخية، فشخصياتها تنتمي إلى الخيال، وأغلب أحداثها متخيلة، أما ما كان واقعيا منها، فهو من الأدوات السردية الموهمة للقارئ بأن ما يقرأه هو الحقيقة والواقع التاريخي.
● في روايتيك السابقتين «خبز وحشيش وسمك» و«سعد السعود» تفرض أسفي، المدينة التي ولدت فيها، حضورها على الفضاء المكاني، وكذلك الأمر بالنسبة للرواية الأخيرة، حيث الراوي يعثر على المخطوط الذي يتلاعب بخيوط الأحداث في إحدى أسواق أسفي.. إلى أي مدى أثرت أسفي في تكوين مشروع لحبيبي الروائي؟ وهل ممكن أن تتجاوزها إلى فضاءات أخرى؟
- الرواية هي المدينة، ولكل روائي مدينته المحببة، والرواية هنا بمعنى المكان الذي يحضننا ويشكل هويتنا العاطفية والاجتماعية والنفسية، إننا نكتب عن المدينة، إيجابا أو سلبا، حبا أو كرها، حتى وإن في الخلاء والعراء:
خلت نفسي في الغاب وحدي/ فإذا الناس كلهم في ثيابي
الناس هنا بمعنى الجماعة والمدينة، كما قال أبو ماضي.
أما الخروج إلى فضاءات أخرى والكتابة عنها، فهذا مما تمليه الضرورات الروائية، لكن النواة الأصلية، المدينة أو المكان المحبب، تظل دائما ثاوية وراء الكلمات والسطور.
في روايتي «خبز وحشيش وسمك» كانت الصويرة مكانا مميزا لجزء من الرواية. وفي «سعد السعود» تحدثت رسائل «جانيت» عن فضاءات وأمكنة من فرنسا، وفي «تغريبة العبدي..» حديث ووصف لأمكنة كثيرة خلال الرحلة.
● ما هي المراحل التي مرت بها كتابة الرواية؟ وكم من الوقت استغرقت؟
- استغرقت كتابة رواية «تغريبة العبدي..» ما يقارب أربع سنوات.
● صدرت روايتك الأولى «خبز وحشيش وسمك» في عام 2008، ما سبب تأخر مشروع لحبيبي كل هذه الفترة؟
- تأخر مشروعي الروائي إلى حدود 2008 (تاريخ صدور أول رواية: «خبز وحشيش وسمك») يعود لأسباب ذاتية وموضوعية.
● ما هو مشروعك الروائي القادم؟
- مشروعي الروائي القادم، رواية جديدة.



مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي
TT

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

في عددها الجديد، نشرت مجلة «القافلة» الثقافية، التي تصدرها شركة «أرامكو السعودية»، مجموعة من الموضوعات الثقافية والعلمية، تناولت مفهوم الثقافة بالتساؤل عن معناها ومغزاها في ظل متغيرات عصر العولمة، وعرّجت على الدور الذي تضطلع به وزارة الثقافة السعودية في تفعيل المعاني الإيجابية التي تتصل بهذا المفهوم، منها إبراز الهويَّة والتواصل مع الآخر.

كما أثارت المجلة في العدد الجديد لشهري نوفمبر (تشرين الثاني)، وديسمبر (كانون الأول) 2024 (العدد 707)، نقاشاً يرصد آفاق تطور النقل العام في الحواضر الكُبرى، في ضوء الاستعدادات التي تعيشها العاصمة السعودية لاستقبال مشروع «الملك عبد العزيز للنقل العام في الرياض».

وفي زاوية «بداية كلام» استطلعت المجلة موضوع «القراءة العميقة» وتراجعها في العصر الرقمي، باستضافة عدد من المشاركين ضمن النسخة التاسعة من مسابقة «اقرأ» السنوية، التي اختتمها مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وفي السياق نفسه، تطرّق عبد الله الحواس في زاوية «قول في مقال» إلى الحديث عن هذه «المسابقة الكشافة»، التي تستمد حضورها من أهمية القراءة وأثرها في حياتنا.

في باب «أدب وفنون»، قدَّم قيس عبد اللطيف قراءة حول عدد من أفلام السينما السعودية لمخرجين شباب من المنطقة الشرقية من المملكة، مسلطاً الضوء على ما تتناوله من هموم الحياة اليومية؛ إذ يأتي ذلك بالتزامن مع الموسم الخامس لـ«الشرقية تُبدع»، مبادرة الشراكة المجتمعية التي تحتفي بـ«الإبداع من عمق الشرقية».

وفي «رأي ثقافي»، أوضح أستاذ السرديات وعضو جائزة «القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً»، د. حسن النعمي، دور الجائزة في صناعة مشهد مختلف، بينما حلَّ الشاعر عبد الله العنزي، والخطّاط حسن آل رضوان في ضيافة زاويتي «شعر» و«فرشاة وإزميل»، وتناول أحمد عبد اللطيف عالم «ما بعد الرواية» في الأدب الإسباني، بينما استذكر عبد السلام بنعبد العالي الدور الأكاديمي البارز للروائي والفيلسوف المغربي محمد عزيز الحبابي. أما علي فايع فكتب عن «المبدع الميّت في قبضة الأحياء»، متسائلاً بصوت مسموع عن مصير النتاج الأدبي بعد أن يرحل صاحبه عن عالم الضوء.

في باب «علوم وتكنولوجيا»، تناولت د. يمنى كفوري «تقنيات التحرير الجيني العلاجية»، وما تعِد به من إمكانية إحداث ثورة في رعاية المرضى، رغم ما تنطوي عليه أيضاً من تحديات أخلاقية وتنظيمية. وعن عالم الذرَّة، كتب د. محمد هويدي مستكشفاً تقنيات «مسرِّعات الجسيمات»، التي تستكمل بالفيزياء استكشاف ما بدأته الفلسفة.

كما تناول مازن عبد العزيز «أفكاراً خارجة عن المألوف يجمح إليها خيال الأوساط العلمية»، منها مشروع حجب الشمس الذي يسعى إلى إيجاد حل يعالج ظاهرة الاحتباس الحراري. أما غسّان مراد فعقد مقارنة بين ظاهرة انتقال الأفكار عبر «الميمات» الرقمية، وطريقة انتقال الصفات الوراثية عبر الجينات.

في باب «آفاق»، كتب عبد الرحمن الصايل عن دور المواسم الرياضية الكُبرى في الدفع باتجاه إعادة هندسة المدن وتطويرها، متأملاً الدروس المستفادة من ضوء تجارب عالمية في هذا المضمار. ويأخذنا مصلح جميل عبر «عين وعدسة» في جولة تستطلع معالم مدينة موسكو بين موسمي الشتاء والصيف. ويعود محمد الصالح وفريق «القافلة» إلى «الطبيعة»، لتسليط الضوء على أهمية الخدمات البيئية التي يقدِّمها إليها التنوع الحيوي. كما تناقش هند السليمان «المقاهي»، في ظل ما تأخذه من زخم ثقافي يحوِّلها إلى مساحات نابضة بالحياة في المملكة.

ومع اقتراب الموعد المرتقب لافتتاح قطار الأنفاق لمدينة الرياض ضمن مشروع «الملك عبد العزيز للنقل العام»، ناقشت «قضية العدد» موضوع النقل العام، إذ تناول د. عبد العزيز بن أحمد حنش وفريق التحرير الضرورات العصرية التي جعلت من النقل العام حاجة ملحة لا غنى عنها في الحواضر الكبرى والمدن العصرية؛ فيما فصَّل بيتر هاريغان الحديث عن شبكة النقل العام الجديدة في الرياض وارتباطها بمفهوم «التطوير الحضري الموجّه بالنقل».

وتناول «ملف العدد» موضوعاً عن «المركب»، وفيه تستطلع مهى قمر الدين ما يتسع له المجال من أوجه هذا الإبداع الإنساني الذي استمر أكثر من ستة آلاف سنة في تطوير وسائل ركوب البحر. وتتوقف بشكل خاص أمام المراكب الشراعية في الخليج العربي التي ميَّزت هذه المنطقة من العالم، وتحوَّلت إلى رمز من رموزها وإرثها الحضاري.