#جامعة_حقيقية.. مبادرة أميركية تكشف معاناة الطلبة

30% منهم يهجرون التعليم لعدم قدرتهم على تلبية الاحتياجات الأساسية

لقاء قومي عن عدم توفير الطعام  والمسكن في الجامعات (واشنطن بوست)
لقاء قومي عن عدم توفير الطعام والمسكن في الجامعات (واشنطن بوست)
TT

#جامعة_حقيقية.. مبادرة أميركية تكشف معاناة الطلبة

لقاء قومي عن عدم توفير الطعام  والمسكن في الجامعات (واشنطن بوست)
لقاء قومي عن عدم توفير الطعام والمسكن في الجامعات (واشنطن بوست)

عندما تنفد الخيارات المتاحة أمامه، ينام سام في بعض الليالي داخل سيارته. لا يعلم الطلبة، الذين يحضرون الصف في الكلية الفنية بمنطقة ميلواكي، ذلك الأمر، فكل ما يرونه هو وابتسامته المشرقة، وهندامه المعتنى به جيدًا، وحديثه المتفائل. مع ذلك، يدرك صديقه إنجيل ما يحدث، فهو وشقيقاته الثلاث بالكاد يستطيعون العيش منذ ترحيل والدتهم. وتعمل شقيقته الكبرى بدوام كامل حتى تنفق عليهم، وعلى جدتهم، في حين يعمل إنجيل من أجل الحصول على شهادة مدتها عامان.
في كلية ماديسون، التحقت جينا بصف أو صفين في الوقت ذاته لمدة أربع سنوات، ولا تستطيع القيام بأكثر من ذلك بينما ترعى طفلين وحدها، رغم أن بطاقات الطعام تساعد قليلا. إنها تشعر بالإحباط، وتتمنى لو كان من السهل إكمال دراستها، والحصول على الشهادة، حتى تتمكن من العثور على وظيفة أفضل، وتأمين حياة أفضل لأسرتها.
* 13 % من الطلبة بلا مأوى.. 20 % منهم بطونهم فارغة
يترك 3 من 10 طلبة سنويًا الجامعة دون الحصول على شهادة. ويحصل الكثيرون على مساعدة مالية، ويعملون أيضًا، لكن الأسعار في ارتفاع إلى حد يصعب معه تلبية الاحتياجات الأساسية. حتى في الكليات الأهلية، لا يتم إشباع الاحتياجات الأساسية، حيث هناك احتياج للطعام، ومن الصعب الحصول على مسكن.
تمكن كل من سام، وإنجيل، وجينا، من الاستمرار في الكلية رغم كل الصعوبات، وفي نهاية شهر أبريل (نيسان) الماضي، انضموا إلى أكثر من 150 شخصا من مختلف أنحاء البلاد لحضور أول لقاء قومي عن عدم توفير الطعام، والمسكن في الكلية. استضاف: «ويسكونسن هوب لاب» اللقاء في الكلية الفنية بمنطقة ميلواكي، وكانت تهدف مبادرة #جامعة_حقيقية إلى الدفع باتجاه اتخاذ موقف، والقيام بفعل. في نهاية عام 2015، نشر فريقي في «هوب لاب» مقال رأي في صحيفة «نيويورك تايمز»، يصف آخر بحث يتناول ما يواجهه طلبة الكليات الأهلية من صعوبات مادية.
وكشفت بيانات مسح شمل أكثر من 4 آلاف طالب في 10 مؤسسات في مختلف أنحاء البلاد عن أن 1 من بين كل 5 يعاني من الجوع، و13 في المائة من الطلبة بلا مأوى. للأسف لم يفاجئنا ذلك الأمر؛ فمنذ عام 2008 نرصد عدم توفير الطعام، والمسكن في ويسكونسن، كما كانت تفعل مجموعة أخرى من الباحثين. وبات من الواضح أن ارتفاع معدلات الفقر بين الأطفال في الولايات المتحدة، إضافة إلى زيادة معدل التسجيل في الكليات، يعني أن الكليات والجامعات تواجه حاليًا التحديات نفسها، التي كانت تواجهها المدارس الإعدادية والثانوية.
* آمال كبيرة.. وإمكانات محدودة
وتواصَل عدد كبير من أصحاب المهن، وبعض صناع السياسة، وهيئات التدريس، والطلبة، مع «هوب لاب» بعد نشر المقال. كان هؤلاء الناس يعملون من أجل توفير الطعام من خلال بوفيهات المدن الجامعية، أو تقديم المعونات الطارئة، أو التفكير في طرق إبداعية لتوفير السكن للطلبة لبضعة ليال، أو أسابيع. مع ذلك كانوا يعملون بشكل منعزل منفرد على مشكلة مسكوت عنها، وغير معترف بها. وقيل لنا أن إتمام الدراسة في الكلية يعتمد على الحاجة إلى تعليمات إصلاحية أفضل، أو استشارة، أو وكز، لحثّ الطلبة على التحرك بشكل أسرع، وإتمام دراستهم، والحصول على الشهادة.
نجحت مبادرة #جامعة_حقيقية في عمل جماعة بين الأفراد الذين يعرفون أمرا يجب أن يدركه التعليم العالي الأميركي سريعًا. الطلبة المتطلعون للعلم، ومن دون وجود مكان آمن للنوم ليلا، والتغذية الكافية، لن يستطيعوا الحصول عليه. لا تتوافر فعليًا أي مساعدة لطلبة الكليات المحتاجين إلى الطعام، أو المسكن. في الوقت الذي تستثمر فيه المدن الجامعية المال في قاعات الطعام الفخمة، ويبني العاملون في مجال التنمية العقارية شققًا فاخرة للطلبة، يتم تجاهل الطلبة الذين ليس لديهم وفرة من المال.
لا يوجد برنامج غداء مدرسي قومي، أو برنامج إفطار مدرسي قومي في نظام التعليم العالي. يصدر برنامج المساعدة في التغذية التكميلية بطاقات طعام يتم توفيرها للطلبة، لكن فقط إذا كان لديهم أطفال، أو يعملون على الأقل لعشرين ساعة أسبوعيًا، أو حاصلين على منحة برنامج العمل الممول فيدراليًا. ويساهم سوق العمل المحدود، خصوصا للطلبة ذوي جداول المواعيد المكتظة، والتمويل غير الكافي للدراسة التي يصاحبها العمل، في عدم حصول عدد كبير من الطلبة، ممن يواجهون معاناة في تأمين الطعام، على بطاقات طعام.
* مبادرة «هوب لاب».. خطوة في درب معبد بالتحديات
حضر ممثلون لكل من وزارة التعليم، والإسكان، والتنمية العمرانية، والزراعة، لقاء #جامعة_حقيقية، كما حضره فريق من البيت الأبيض. شغلت المناقشات عن السياسة الفيدرالية القسم الأكبر من اليوم الأول، حيث ركزنا على الحاجة إلى برامج مزايا أفضل، وضمان انتفاع الطلبة بها، بل وتم اقتراح برنامج الغداء المدرسي القومي للتعليم العالي. وتعلمنا في اليوم الثاني من براعة، وابتكار منظمات مثل تحالف بنك الطعام الجامعي، ومنظمة القضاء على الجوع، وبرنامج بنك طعام «هيوستن» من أجل التغيير، ومبادرة الطعام العالمية بجامعة كاليفورنيا. ويلتزم «هوب لاب» بدور قيادي في هذا الأمر من خلال إجراء الأبحاث على مستوى البلاد لدراسة كيفية مواجهة الطلبة للصعوبات المادية، وتخطيها من أجل النجاح في الكلية. لم تكن مبادرة #جامعة_حقيقية سوى الخطوة الأولى في رحلة طويلة.
*خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.