الصحف الأوروبية: «قمة العشرين».. والانتخابات الرئاسية في فرنسا

أميركا: كيري والإعلام والإرهاب

الصحف الأوروبية: «قمة العشرين».. والانتخابات الرئاسية في فرنسا
TT

الصحف الأوروبية: «قمة العشرين».. والانتخابات الرئاسية في فرنسا

الصحف الأوروبية: «قمة العشرين».. والانتخابات الرئاسية في فرنسا

كانت أعمال قمة العشرين التي استضافتها الصين في محور اهتمامات الصحف الأوروبية، خلال اليومين الأخيرين. ففي لندن اهتمت الصحف البريطانية بأعمال القمة، ومشاركة ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الاجتماعات، وألقت الضوء على المحادثات التي أجراها سمو الأمير مع عدد من زعماء العالم على هامش القمة، كذلك نجد أن قراءة في وضع الأطفال اللاجئين في كاليه على الحدود الفرنسية – البريطانية، ونظرة على الانتخابات الرئاسية الأميركية وتراجع شعبية كل من المرشحين هيلاري كلينتون ودونالد ترامب، من أهم الموضوعات التي تناولتها الصحف البريطانية، في حين تعددت اهتمامات الصحف الفرنسية ما بين مسألة تشديد الإجراءات الجزائية المكافحة للإرهاب، واستعدادات الرئيس فرنسوا هولاند للانتخابات الرئاسية المقبلة، مرورا بالأزمة السياسية في الغابون ووفاة رئيس أوزبكستان، وصولا إلى إعلان قداسة الأم تيريزا والخطر الذي يهدد فيلة أفريقيا.
ونبدأ من لندن، لنقرأ في صحيفة الـ«صنداي تايمز» مقالاً لكريستينا لامب بعنوان «الأطفال اللاجئون في كاليه يخاطرون بحياتهم ألفي مرة أسبوعيًا للوصول إلى بريطانيا»، تقول فيه إن «الأطفال اللاجئين يأسوا من القدوم إلى بريطانيا بالطرق القانونية، وقرروا التحرك»، مضيفة أن «أطفال كاليه اللاجئين الذين يحق لهم العيش في بريطانيا يحاولون الدخول إليها نحو 2400 مرة أسبوعيًا، عبر التسلل إلى الشاحنات، أو عبر ركوب القطارات».
وفي الـ«صنداي تلغراف»، نقرأ تقريرا تحت عنوان «تنظيم داعش يجري مقابلات لاختيار من سيخلف المتحدث باسم التنظيم أبو محمد العدناني» الذي قتل في غارة جوية في بلدة الباب، قرب مدينة حلب السورية.
ويقول التقرير إن من بين المرشحين لخلافة العدناني، الذي كان من مؤسسي التنظيم المتشدد، وضمن أكثر الشخصيات النافذة به، رجل دين بحريني، وآخر سوري كان أول من حكم الرقة عندما استولى عليها التنظيم. وأضاف التقرير أن أبو بكر البغدادي، زعيم التنظيم، يجري مقابلات مع المرشحين، ويناقش أعضاء التنظيم البارزين في مدينة الرقة، معقل التنظيم المتشدد في سوريا، في هذا الشأن، على طريقة برنامج «المتدرب» أو «ذا ابرينتس» الشهير.
وننتقل إلى باريس، حيث يتصدر عنوان «كيف يريد هولاند أن يكون مرشحا؟» صحيفة «لوموند» التي رأت أن الخطاب الذي سيلقيه الرئيس الفرنسي في الثامن من سبتمبر (أيلول) الحالي حول «فرنسا ومبادئها» سيكون أول وتد باتجاه رئاسيات 2017. وتقول الصحيفة إن هولاند لن يعدل عن الترشح، وإنه يفكر في استراتيجية لمواجهة منافسيه من اليسار، وإنه قال لمقربين منه إن الانتظار حتى شهر ديسمبر (كانون الأول) لتقديم مقترحات يمكن أن يكون مجازفة كبيرة، بحسب الصحيفة التي قالت إن حجة هولاند الرئيسية هي تجنب دورة ثانية ما بين نيكولا ساركوزي ومارين لوبين.
وفي الأسبوع الماضي، أثار جون كيري، وزير الخارجية الأميركية، نقاشًا حول تغطية الإعلام الأميركي (والعالمي) للإرهاب والإرهابيين.
كان يتحدث في مؤتمر صحافي في بنغلاديش، خلال جولة في دول آسيوية. ومما قال، حسب ما نقلته صحف ومعلقون، أن الإعلام يكثر التغطية المثيرة لنشاطات الإرهابيين، سواء ما يفعلون، أو ما يريدون أن يفعلوا، والذين معهم، والذين يؤيدونهم، علنا أو سرا، مؤكدا أن هذا يزيد الهلع، وبالتالي يشجع الإرهابيين على القيام بمزيد من النشاطات الإرهابية، سواء القتل أو مجرد التخويف بالقتل.
وانتقدت كيري صحف ومواقع يمينية، وقالت إن هذا يدل على أن إدارة الرئيس باراك أوباما، وكبار المسؤولين فيها، مثل وزير الخارجية كيري، ليسوا جادين في الحرب ضد الإرهاب، وأنهم يتمنون ألا ينشر الإعلام أي شيء عن الإرهاب.
وعلى الجانب الآخر، انتقدت صحف ومواقع يسارية وليبرالية كيري أيضا، وقالت إنه يشكك في حياد الإعلام ونزاهته، ويبدو وكأنه يريد أن يوجه الإعلام ليتماشى مع السياسات الحكومية.
وأثارت هذا النقاش هذه الجملة: «يمكن أن يقدم الإعلام خدمة للجميع، إذا لم يغطِ الإرهاب تغطية كثيرة. في هذه الحالة، لن يعرف الناس ما يحدث (وبالتالي لن يصيبهم الرعب والفزع)».



«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.