«الشرق الأوسط» في مهرجان فينيسيا السينمائي (5): نجمات لامعات يتلألأن في سماء البندقية

5 أيام حافلة بأفلام مميزة وإقبال شديد

من «بريمستون» مع داكوتا فانينغ وهي ترقب والدتها المكممة
من «بريمستون» مع داكوتا فانينغ وهي ترقب والدتها المكممة
TT

«الشرق الأوسط» في مهرجان فينيسيا السينمائي (5): نجمات لامعات يتلألأن في سماء البندقية

من «بريمستون» مع داكوتا فانينغ وهي ترقب والدتها المكممة
من «بريمستون» مع داكوتا فانينغ وهي ترقب والدتها المكممة

عروض مهرجان «فينسيا» مكتظة والجمهور يقبل على هذه الفرصة التي توفرها المدينة للمرّة الثالثة والسبعين إقبالاً شديدًا. ليست هناك من عروض فاشلة أو لا يؤمها جمهور غفير، ولو أن هذا الإقبال يتراوح من فيلم إلى آخر بطبيعة الحال.
وإذا ما كانت أفلام المسابقة هي المقياس الأول، فإن عروض هذه الأفلام، سواء أكانت عروض الصحافة أو عروض الجمهور، دائمًا حاشدة.
بعد 73 دورة و128 سنة على تصوير الفيلم الأول (سنة 1888) لا تزال العملية الميكانيكية واحدة: شاشة كبيرة. كراسي في مواجهتها. فيلم يُعرض. إذا سحبت نفسك من الفيلم المعروض بعد قليل من بدايته ونظرت حولك تجد أن كل الوجوه تتطلع في اتجاه واحد تتابع الصورة ومجرياتها وما فيها وما تنضح عنه. في هذا المهرجان وسواه، يزيح الناس التكنولوجيا الرقمية التي سلبت فريقًا من المشاهدين لقرصنة الأفلام على الإنترنت، ويجلسون كما فعل آباؤهم وأجدادهم من قبل وكلهم وجه واحد، ينظر ويتأمل ويستلهم.
* أرملة حزينة
ما يستلهمه جمهور فينسيا هذا العام وجود عدد جيد من الأفلام التي تقودها ممثلات في أدوار رئيسية: إيما ستون في «لا لا لاند»، آمي أدامز في «وصول» و«حيوانات ليلية»، داكوتا فانينغ في «بريمستون»، باولا بير في «فرانتز». طبعًا هذا بجانب أن الأفلام التي عرضت في المسابقة إلى يوم أول من أمس (11 فيلمًا)، تحتوي كذلك على أعمال شاركت فيها المرأة بالبطولة نصفيًا أو على نحو مشهود. لكن ستون وأدامز وفانينغ وبير قدّمن ما هو تجسيد لنوعية من التمثيل لا نجدها إلا في أفلام زاخرة بمضامين جادة وأسلوب عمل أكثر جدّة.
إنس جنيفر لورنس وسكارلت جوهانسن في أدوار القوّة التي يمارسانها في «ألعاب الجوع» و«رجال إكس» و«ذا أفنجرز» أو «كابتن أميركا». ما توفره أدامز وفانينغ وستون وبير هو من الثراء في البذل، مما يدفع بكل واحدة للصدارة في موسم الجوائز الحالي. وما يؤهل كل ممثلة للفوز بجائزة أفضل تمثيل نسائي هنا، ونحن ما زلنا في النصف الأول من هذا المهرجان.
في «فرانتز» للفرنسي فرنسوا أوزون، تؤدي باولا بير دور الأرملة الشابة، آنا، التي قتل زوجها في الحرب العالمية الأولى. الأحداث تقع سنة 1919 في بلدة ألمانية صغيرة، حيث تعيش آنا مع والدي زوجها العطوفين. كل يوم اعتادت آنا وضع زهور على قبر زوجها. ذات صباح تكتشف أن هناك من سبقها وهذا يستوقفها. ثم تكتشف هويته. إنه أدريان (بيير نيني) الذي تعرّف على زوجها قبل الحرب في باريس، فأصبحا صديقين حميمين يهويان الموسيقى والرسم. سرعان ما يتقدّم أدريان إلى عائلة صديقه لتقديم تعازيه. والد القتيل يرفضه بادئ الأمر، لكنه يتغير حياله عندما يلحظ صدق مشاعر أدريان. لكن أدريان أخفى حقيقة يكشفها لآنا التي بدأت تتعلق به وتراه بديلاً لزوجها: عندما نشبت الحرب تعرضت الكتيبة الفرنسية إلى قصف ألماني شديد على الجبهة. أدريان يقفز إلى خندق قريب. هناك جندي ألماني لجأ إليه. أدريان يبادره بإطلاق النار ثم يكتشف، في صدفة غير مقنعة البتة، أنه صديقه.
الفيلم، في كل الأحوال يتابع آنا أكثر مما يتابع أدريان على نحو واضح. إنها المرأة التي لم تبتسم يومًا منذ وفاة زوجها إلى أن تعرفت على أدريان، وعندما يعود هذا إلى فرنسا تحزم حقيبة صغيرة وتتبعه، ثم تبحث عنه في ربع الجمهورية إلى أن تجده.
تمثيل بير جيد، لكنه مهدور بسبب معالجة المخرج المحدودة. السيناريو الذي كتبه المخرج بنفسه، يتّكل على تعابير ضيقة. فآنا إما تبكي أو تكتم بكاءها في ضرب عاطفي لا يجدي كثيرًا بعد حين، بل يتكرر من دون نجاح. بدأت التمثيل وعمرها 7 سنوات وعلى عكس كثير من الممثلين والممثلات الذين يبدأون العمل باكرًا، لم تتوقف أو تتراجع. بل استمرت بنجاح مضطرد عامًا بعد عام، وظهرت في السنوات الأخيرة في أدوار تطلّبت حلولاً درامية لشخصياتها الصعبة، ومن بينها هذا الفيلم المعروض لها بعنوان «بريمستون».
فيلم وسترن مختلف من الهولندي مارتن كوولهوفن، واختلافه يكمن في الدرجة الداكنة من الواقعية المنشودة. لا مشاهد قتال كبيرة ولا هنود حمر يهاجمون القوافل البيضاء، ولا حكاية بطل فرد يريد تحقيق العدالة في المدينة، بل قصّة فتاة اسمها إليزابث (داكوتا) عبر عدة مراحل من حياتها هاربة من نيات والدها الشرير (يبقى بلا اسم ويقوم به غاي بيرس). والدها كاهن ملوّث التفكير يعتبر أنه وُهب المناعة والحق في معاقبة زوجته والتقرب من ابنته الشابة، برغبة أن تحل محل والدتها في كل شيء.
* قوّة الأحداث
السرد مختلف، إذ يختار المخرج لفيلمه 4 فصول، أولها هو الجزء ما قبل الأخير، يليه الفصل الثاني، فالثالث الذي يقع قبل الفصل الأخير من الأحداث. ليس بالفيلم الجيّد بقدر ما هو الفيلم الذي يطرح أفكاره على نحو بصري مقبول. لكن أداء فانينغ بديع في وقعه، ولا يترك مجالاً أمام المشاهد إلا والتعاطف معها في الدراما الشاسعة التي تمر بها. ساعتان ونصف الساعة تكاد لا يخلو مشهد واحد من حضورها المؤثر. وعلى عكس بير لا تشكل الدموع حلاً دائمًا عند كل منعطف شعوري.
سبق الحديث عن آمي أدامز في «وصول» منفردًا قبل أيام. فيه لعبت دور عالمة لغات عليها أن تفسر تلك الإشارات الغامضة التي ترسمها مخلوقات الفضاء وتتواصل بها. ليس الدور الذي من الممكن توقع كثير منه، لكن بما أن «وصول» ليس فيلما علميًا - خياليًا تقليديًا، فإن أداء أدامز فيه ليس، بدوره، مجرد علاج أدائي لمشاهد تتطلب تنفيذًا فقط. تحمل أدامز في ذلك الفيلم الميزة الأساسية التي تجيدها كممثلة: وجه تستطيع سبر أغوار الشخصية من خلاله. قدرة غير متكلّفة على إيصال أي انفعال مطلوب منها بأقل جهد خارجي ممكن.
هذا النوع من الأداء مما تمارسه أيضًا في «حيوانات ليلية» لتوم فورد.
سألت المخرج في مقابلة بيننا عنها فأجاب: «كل ممثل رئيسي في الفيلم اخترته عن قناعة شديدة وفي هذا الاعتبار، هي في المقدّمة. من دونها لا أعتقد أنني كنت سأنجز الفيلم نفسه».
هنا تؤدي أدامز دور صاحبة معرض تواجه مشكلات عمل ومشكلات عاطفية. زوجها يخونها، كما تكتشف على الهاتف، وزوجها السابق يبعث لها بنص كتاب لكي تقرأه. المفروض أن النص رواية خيالية لكنها تجده شخصيًا. الفيلم ينقسم بالتالي إلى أحداث تدور اليوم وأخرى تصوّر فصولاً من الكتاب، وكلاهما جيد التنفيذ وقوي الأحداث. لكن تلك التي نعود فيها إلى اليوم لنتابع مجريات أحداث بطلة الفيلم تبقى آسرة في الكيفية التي أسست بها الممثلة حلقة الوصل بينها وبين الدور وبين الجمهور.
وبينما تحدثنا سابقًا عن إميلي ستون ودورها في فيلم الافتتاح «لا لا لاند»، فإن هذا الزخم لن ينتهي هنا. هناك أداءات نسائية أخرى مقبلة، لكن كثيرًا من الأفلام التي مرّت أو تلك التي ستعرض مزدانة بتمثيل رجالي لافت. «البابا الشاب» مع جود لو، و«الرقعة السيئة» مع كيانو ريفز وجيم كاري، ومجموعة أبطال «هوكسو ريدج» تحت إدارة مل غيبسون اللامعة.
فينسيا يعطيك، أكثر من أي مهرجان رئيسي آخر، بانوراما عريضة من المواهب غير المسجونة باختيارات شركات الإنتاج والتوزيع، كما الحال في «كان»، الذي قد يعرض أفلامًا بأكثر من لغة، لكنها جميعًا (تقريبًا) من تمويل فرنسي جزئي أو متكامل.



إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».