ولد الشيخ يبدأ مساعيه الجديدة.. ووفد الانقلابيين في مسقط يضع شروطًا للقائه

خبراء: الانقلابيون يمارسون ضغوطًا على الأمم المتحدة.. وسيرضخون للحلول السياسية

صورة تعود إلى شهر أغسطس الماضي للمبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إياد أمين مدني أثناء المؤتمر الصحافي في جدة (أ.ف.ب)
صورة تعود إلى شهر أغسطس الماضي للمبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إياد أمين مدني أثناء المؤتمر الصحافي في جدة (أ.ف.ب)
TT

ولد الشيخ يبدأ مساعيه الجديدة.. ووفد الانقلابيين في مسقط يضع شروطًا للقائه

صورة تعود إلى شهر أغسطس الماضي للمبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إياد أمين مدني أثناء المؤتمر الصحافي في جدة (أ.ف.ب)
صورة تعود إلى شهر أغسطس الماضي للمبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إياد أمين مدني أثناء المؤتمر الصحافي في جدة (أ.ف.ب)

بدأ مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أمس، جولة جديدة في المنطقة، سعيًا إلى استئناف مشاورات السلام بين الأطراف اليمنية، وقالت مصادر يمنية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن المبعوث الأممي سوف يخوض مباحثات صعبة مع وفد الانقلابيين الموجود في سلطنة عمان، بخصوص القضايا المدرجة على جدول أعماله والتي يتصدرها موضوع استئناف مشاورات السلام والتوصل لهدنة جديدة لوقف إطلاق النار، بعد أن فشلت الجولة السابقة في دولة الكويت، مطلع الشهر الماضي، حيث يتمترس الحوثيون أمام جملة من المطالب.
غير أن مصدرًا مقربًا من وفد الانقلابيين لـ«الشرق الأوسط» أكد أن الوفد يرفض مقابلة ولد الشيخ خلال زيارة الأخير إلى سلطنة عمان، حيث يوجد الوفد منذ عودته من دولة الكويت، بعد أن منعت قوات التحالف رحلات الطيران من وإلى مطار صنعاء الدولي، باستثناء الرحالات ذات الطابع الإنساني والتابعة للأمم المتحدة. وقال المصدر إن الوفد لن يقابل ولد الشيخ، وإن لديه مطلبين رئيسيين، هما السماح له بالعودة إلى صنعاء للتشاور مع قيادات الحوثي والمخلوع صالح، ورفع الحظر الجوي المفروض على صنعاء. ونقل المصدر عن أحد أعضاء الوفد قوله: «نريد التشاور مع قياداتنا وهو (ولد الشيخ) يرفض السماح لنا».
وأضاف المصدر اليمني المطلع أن وفد الانقلابيين، استعاض عن رفضه مقابلة مبعوث الأمم المتحدة، ففوض الجانب العماني بمقابلة ولد الشيخ واستلام ما لديه من مقترحات، مكتوبة، قبل الرد عليها وإعادتها إليه عبر الوسيط العماني، ونقل المصدر، مرة أخرى، عن عضو في الوفد قوله: «زمان كنا نقبل الكلام الشفهي ويعود هو وينكره، تغيرت قواعد اللعبة، من اليوم التعامل بالمكتوب»، لكن المصدر لم يستبعد أن تسفر ضغوط دولية على الانقلابيين من أجل اللقاء بولد الشيخ والبدء في نقاشات جادة، حسب تعبير المصدر.
وكان وفد الانقلابيين، رفض اللقاء بمبعوث الأمم المتحدة، قبيل أن يتقدم الأخير بإحاطة إلى مجلس الأمن الدولي، نهاية الأسبوع الماضي، والتي أعاد التأكيد فيها على ضرورة الحل السياسي للأزمة اليمنية، ووضع، مرة أخرى، قضايا الحل بالتراتبية التي ترتئيها الأمم المتحدة المتمثلة في «الانسحاب من المدن والمحافظات، وتسليم الأسلحة، والبدء في الخطوات الأمنية»، قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية، وهي الجانب السياسي وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية.
وذكر إسماعيل ولد الشيخ، في إحاطته أمام مجلس الأمن، انه سوف يعود إلى المنطقة لاستئناف مساعي الحل السياسي وجهود الوساطة التي تبذلها الأمم المتحدة، في ضوء المشاورات المكثفة التي أجراها، الأسبوعين الماضيين، مع أطراف إقليمية ودولية، وكان أبرزها اللقاء الخماسي الذي شارك فيه إلى جانب وزير خارجية المملكة العربية السعودية، عادل الجبير، والولايات المتحدة الأميركية، جون كيري، ووزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، إضافة إلى توبياس ألوود، مساعد وزير الخارجية البريطاني لشؤون الشرق الأوسط.
وعقب فشل مشاورات الكويت بجولتها الأولى والثانية، بعد إعلان الانقلابيين في صنعاء (الحوثي – صالح)، عن تشكيل ما سمي «المجلس السياسي»، ومبعوث الأمم المتحدة يسعى إلى استئناف المشاورات في جولة جديدة، بعد أن حصل على التزام من طرفي المشاورات بالعودة إليها، ووفقًا لما أكده ولد الشيخ أمام مجلس الأمن، فإن استمرار الانقلابيين في الخطوات أحادية الجانب، يعيق مسألة التوصل إلى حل سلمي للأزمة اليمنية، في وقت يسرب الانقلابيون معلومات حول قرب تشكيلهم لحكومة في صنعاء.
ويشير المراقبون إلى أن الحوثيين لن يواصلوا الامتناع عن مقابلة المبعوث الأممي، ويقول الناشط السياسي اليمني، بليغ المخلافي إن رفض الانقلابيين، المرة الماضية، للقاء ولد الشيخ «كان نوعًا من الضغوط التي يمارسونها على المجتمع الدولي للضغط على التحالف من أجل فتح مطار صنعاء الذي شكل للميليشيات أحد شرايين الحياة خلال الفترة الماضية، لكن تلك الضغوط لم تنجح»، ويضيف المخلافي لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ضغطًا دوليًا قويًا تقوده الولايات المتحدة من أجل عقد جولة مشاورات جديدة، قد تكون في أوسلو وأمام الضغط العسكري في عدد من الجبهات سيلجأ الحوثيون وصالح، كما هي عادتهم، إلى تفعيل الحل السياسي عبر لقاء المبعوث والتواصل مع الرعاة».
من جانبه، يقول نجيب غلاب، رئيس منتدى الجزيرة والخليج للدراسات، إن الانقلابيين «لم يعدّ لديهم من خيارات بعد مشاورات الكويت غير الحرب أو الاستجابة للرؤية الأممية وكلما أعاقوها تزداد خسائرهم»، وإن «وضعهم العسكري والاقتصادي على حافة الهاوية وسقوطهم حتمي طال الزمن أم قصر، وسيتحولون إلى عصابة فوضوية، فالدولة ستنهار مع إفلاس البنك المركزي»، مشيرًا إلى أن الانقلابيين باتوا يعتمدون على أسلوب الدعاية، لأن «الدعاية لديهم مصدر قوتهم وغوغائيات شعبية ولا محالة أنها ستنقلب ضدهم مستقبلاً، لذا فإن رفضهم للحل السياسي فقط لتحقيق مكاسب أكثر، ناهيك بجناح متطرف خاضع للموجهات الإيرانية، وأيضا غموض وضع صالح مما يجعله قلقًا من دوره ومستقبله، وهذا يدفع إلى العناد، أما واقعًا فإنهم ينتظرون أي حل، والرؤية الأممية حبل نجاة لهم، وهم يدركون ذلك».
ويشير غلاب، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» ، إلى أن «الانقلاب بطرفيه محاصر من الأقاليم والعالم، ولن تتمكن إيران ولا العراق من إنقاذ انقلابهم، فقط يروهم أداة وظيفية لإدارة مصالح لها علاقة بملفات أخرى لا علاقة لها بالمصالح اليمنية، ولا حتى بمصالح من يقاتل مع الانقلاب»، ويردف قائلا: «صحيح أن الحوثية راكمت أموالاً كثيرة وهائلة، وربحت قيادات كثيرة أموال طائلة، إلا أن استمرار الحرب يضرها؛ لأن الهزيمة حتمية، بعضهم اخرج أموال عبر التهريب وشبكات غسل الأموال، إلا أن المخزن في الداخل ضخم لذا فإنهم يبحثون أيضًا عن شرعنة لهذه الأموال من خلال الحل السياسي عبر التركيز على الضمانات»، مؤكدًا أن الأمم المتحدة بالنسبة للانقلابيين «من ناحية واقعية حبل نجاتهم، وما يقولونه في الأعلام والضغط الذي يمارس، ليس إلا محاولة للبحث عن براءة وشرعنة لمكاسبهم الفاسدة، عبر ضمانات أممية ودولية وإقليمية».
إلى ذلك، تأتي جولة ولد الشيخ الجديدة في المنطقة في ظل تصاعد حدة المواجهات في جبهات القتال في اليمن، حيث تواصل قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية تقدمها صوب العاصمة صنعاء، تمكنت، أمس، من نقل المعارك إلى مناطق قريبة جدًا من العاصمة صنعاء، من جهة الشرق، وذلك بعد السيطرة على معظم الجبال والمرتفعات في مديرية نهم، والوصول إلى منطقة «محلي»، التي تتحكم بالطرق المؤدية إلى مديرية أرحب، وصنعاء ومأرب.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.