سنة على وصول اللاجئين إلى فيينا

الحكومة النمساوية تتراجع عن وعودها.. واليمين يستغل «خروقاتهم»

سنة على وصول اللاجئين إلى فيينا
TT

سنة على وصول اللاجئين إلى فيينا

سنة على وصول اللاجئين إلى فيينا

في مثل هذه الأيام من العام الماضي فتحت النمسا أبوابها لاستقبال اللاجئين، وسيرت ما عرف بـ«قطارات الأمل» لنقل من منعت المجر وصولهم إلى ألمانيا، فيما اصطف نمساويون لتقديم الطعام والشراب والملابس، وكل عون.
نحو 90 ألف لاجئ استقروا فيها، ناهيك بآلاف أخرى عبروا أراضيها باتجاه ألمانيا ودول أوروبية شمالية، بحثًا عن ملجأ وسقف آمن.
يومذاك لم تكتف الحكومة النمساوية بمساعدة اللاجئين واستقبالهم، بل هاجمت سياسة الحكومة المجرية لرفضها استقبال اللاجئين ومنع عبورهم وعسكرة الحدود وتسييجها وإغلاقها. المستشار النمساوي أكد في بيان مؤكدًا في 29 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أن من يعتقد حل مشكلة اللجوء ببناء سياجات حدودية فهو مخطئ.
الاهتمام الحكومي باللاجئين أسكت اليمين النمساوي، الذي يتخذ دائمًا من وجود الأجانب قضية سياسية لتأليب الرأي العام، ولهذا لم يعارض موقف الحكومة المؤلفة من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الشعب المحافظ.
السؤال كيف هو الحال الآن بعد عام من أزمة اللجوء، وهي الأكبر في تاريخ النمسا منذ الحرب العالمية الثانية، وهل تغير الموقف الرسمي، وماذا عن اللاجئين أنفسهم؟
رسميًا ودون كثير من العناء، يتضح جليًا التغيير الواضح في سياسة الحكومة المركزية، ناهيك بالحكومات الإقليمية، التي رفضت نظام المحاصصة. وتم إغلاق «الحدود المفتوحة»، وبنيت سياجات حديدية لسد الطرق التي دخل منها اللاجئون.
وتبريرًا لهذا الموقف قال المستشار الاشتراكي فيرنر فايمان، الذي تعرض لضغوط من حزب الشعب الحليف ومن حزب الحرية اليميني، في تاريخ 19 ديسمبر (كانون الأول): «لا نستطيع الادعاء بأن كل اللاجئين لديهم أسباب للحصول على اللجوء لذا يجب مضاعفة عمليات الترحيل».
وفي هذا السياق، عادت إجراءات الرقابة الحدودية مع المجر وسلوفينيا وإيطاليا والألمانيا دون أية مراعاة لاتفاقية شينغين ذات الفضاءات المفتوحة. ليس ذلك فحسب، بل تم ترحيل لاجئين بالقوة بعدما رفضت طلباتهم فنقلوا في طائرات حربية للدول الأوروبية التي عبروا منها.
أضف إلى ذلك تم الإعلان وعلى لسان المستشار فايمان أن النمسا وضعت سقفا لعدد اللاجئين بحيث لا يصل عددهم حتى عام 2019 لأكثر من 128 ألف وألا يزيد عددهم هذا العام عن 37500.
وقال المستشار إن بلاده ليس أمامها بعد تجربة عام 2015 غير هذا الحل، إذ فاق العدد نظامها المتبع.
المستشار فايمان اضطر للاستقالة في مايو (أيار) 2016.. الاتهامات لاحقت فايمان الذي ظل مستشارا لثمانية سنوات. اتهم بالتخبط والضعف، وأحيانًا بمعاداة اللاجئين بعد الترحيب بهم.
المستشار النمساوي الجديد كرستيان كيرن فضل الإبقاء على الحدود مغلقة بل أيد المطالبين بإعادة النظر في قانون اللجوء لصد ذلك التدفق الهائل، مساندا الدول التي تضغط على المفوضية الأوروبية للخروج بسياسة لجوء أوروبية مشتركة تبقي اللاجئين بعيدًا عن أوروبا.
ما زال ينتظر كثير من اللاجئين البت في طلباتهم، ويخشون الرفض والترحيل، فيما يطالب مسؤولون ألا يمنح اللاجئين إقامة تتعدى ثلاث سنوات. وفي هذا السياق يتم تصنيف اللاجئين وفقًا لما حصلوا عليه من بطاقات تم تمييزها بالألوان.
ومما يحسب للنمسا كإنجاز خلال العام أنها ومنذ اللحظة الأولى وفرت للاجئين التأمين الصحي والسكن. وقدمت لهم الخدمات لتعلم اللغة الألمانية في حصص مجانية لكل من حصل على إقامة، بالإضافة لإعانة شهرية. وبعد منح الإقامة قد تصل المعونة الشهرية إلى 600 - 750 يورو للفرد.
في سياق آخر، ومع زيادة العبء المالي وتفاقم النفقات الحكومية، وظهور مشكلات اجتماعية وأمنية، في ظل ضغوطات يمينية سياسية رفضت أقاليم اقتسام مهام توطينهم واستضافتهم، ليس ذلك فحسب، بل خرجت احتجاجات آخرها مظاهرة بفيينا الأسبوع الماضي رفعت شعارات منها «ماتت سياسة الباب المفتوح» و«أوقفوا أسلمة النمسا» كما ندد آخرون بما تسعى إليه الحكومة من دمج للاجئين في المجتمع النمساوي بدعوى أن «الاندماج مجرد كذبة».
بدوره شدد وزير الاندماج سابستيان كورتس من لهجته، مطالبًا بإدخال تعديلات جوهرية على قانون الاندماج تجبر اللاجئين العاطلين عن العمل على قبول ما يعرف بوظيفة «واحد يورو في الساعة»، مطالبًا إياهم بالعمل في مختلف المجالات العامة المتاحة لمدة تتراوح ما بين 15 - 30 ساعة أسبوعيًا، رابطًا حصولهم على المساعدات بقبولهم بتلك الوظائف (يرفض اللاجئون بعض الوظائف كونها هامشية لا تتوافق ومؤهلاتهم). وطالب الوزير بحجب الدعم عن كل من يرفضها، منددًا بما وصفه (بتسكع لاجئين في الحدائق العامة دون عمل)».
الوزير كورتس قال إن أكثر من 25 ألف لاجئ يعيشون دون عمل وأن ألف لاجئ ينضمون شهريًا إلى صفوف البطالة. كما طالب وزير الداخلية بمنع النقاب في النمسا رغم أن الموضوع لم يطرح سابقا.
وفيما يتعلق باللاجئين أنفسهم فقد شهد العام تغييرات طرأت على أحوالهم. في هذا السياق اشتكى بعض من تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» عما وصفوه باضمحلال الحماس النمساوي بعد تلك الهبة والرغبة في المساعدة التي شاهدوها لدى وصولهم.
وكما قال أحمد (27 عامًا) وهو من المحظوظين الذين وجدوا وظيفة سريعًا لإجادته اللغة الإنجليزية، فعمل مترجمًا مع منظمة إغاثة: «لقد انقضت تلك الأيام التي هب فيها الجميع للترحيب بنا. الآن وحسب العقلية الأوروبية العملية أصبحنا تحت المجهر مطالبين بالإنجاز، ومع اقتراب جولة إعادة الانتخابات الرئاسية في أكتوبر القادم هناك ميل ملحوظ ومرصود بالأرقام تجاه الحزب اليميني الذي ينظم حملات ومظاهرات تندد باللاجئين، وما يقدم لهم من دعم يتقدمها رئيس الحزب وبرفقته مرشح الحزب لرئاسة النمسا».
أما علي وهو عراقي وأب لأسرة من خمسة أفراد فقد اشتكى مما وصفه ببيروقراطية لم يتوقعها مطلقًا، ومن بطء في فرز الطلبات بطريقة وصفها بغير المفهومة. طلب زوجته واثنين من أبنائه ما زالا قيد الدراسة فيما نال هو وابن آخر حق الإقامة وكأن الأمر مجرد حظ مما يزيد من حدة قلقهم ويؤخر مشاريعهم المستقبلية، كما قال.
وتكررت الشكوى من البيروقراطية والشكوى من منح الإقامة لمدة عام واحد فقط بدعوى أنها تقلل من اليقين بشأن المستقبل مما يقلل بدوره من الحماس على الانتظام في برنامج محدد.
من جانب آخر، تلاحق بعض ممن نالوا حق الإقامة اتهامات بأنهم يعتبرون فترة إقامتهم في النمسا وكأنها للراحة والاستجمام، كما يسعى آخرون لـ«التحايل» بغرض كسب مزيد من الدعم الاجتماعي، وكسب مزيد من «المصاري». فظهرت حالات غش وتزوير وتحايل على القانون.

 



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.