تونس: حكومة الشاهد تبدأ مهامها بمواجهة الإرهاب والتهميش

نقابة العمال تدعو الحكومة إلى إعلان القصرين جهة منكوبة

الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي (يمين) لدى لقائه مع الأمين العام الجديد للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في تونس العاصمة أمس (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي (يمين) لدى لقائه مع الأمين العام الجديد للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في تونس العاصمة أمس (أ.ف.ب)
TT

تونس: حكومة الشاهد تبدأ مهامها بمواجهة الإرهاب والتهميش

الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي (يمين) لدى لقائه مع الأمين العام الجديد للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في تونس العاصمة أمس (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي (يمين) لدى لقائه مع الأمين العام الجديد للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في تونس العاصمة أمس (أ.ف.ب)

واجهت حكومة الوحدة الوطنية في تونس في أول أيامها مخاطر الإرهاب، تمثلت في حدوث أول هجوم إرهابي على مجموعة من العسكريين أودى بحياة ثلاثة وجرح تسعة آخرين، وهجوم إرهابي ثان كانت نتيجته مقتل إرهابيين ومدني في المواجهات المسلحة، إضافة إلى حادث مروري قاتل أودى بحياة 16 شخصا، ووقعت كل هذه الحوادث في منطقة القصرين وسط غربي تونس، وهو ما أدى إلى دعوة الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال الأكثر تمثيلا) إلى إعلان منطقة القصرين جهة منكوبة.
ولمواجهة هذا التدهور الأمني الجديد، أشرف الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، صباح أمس، في قصر قرطاج، على اجتماع مجلس الأمن القومي الذي يضمّ كلا من رئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان)، ورئيس الحكومة ووزارات السيادة (الداخلية والدفاع والعدل والخارجية)، وعدد من القيادات العليا العسكرية والأمنية.
وقال الباجي، خلال الاجتماع، إن تونس تملك الكفاءات القادرة على التعامل مع التهديدات الإرهابية، ولا تغيب عنهم الجزئيات، وبإمكانهم استباق ما سيحدث والقضاء على الإرهابيين في جحورهم، مشيرا إلى أن الإرهاب بات متعايشا مع التونسيين، وأن عليهم العمل على استئصاله على المدى الطويل بتضافر جهود كل الأطراف، على حد قوله.
وتناول الاجتماع تقييم الوضع الأمني على المستويين الوطني والإقليمي، حيث دعا الرئيس التونسي إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة لمجابهة التهديدات الإرهابية وتطوراتها على أمن تونس واستقرارها.
وبرر حسين العباسي، رئيس نقابة العمال، هذه الدعوة بمرور منطقة القصرين بظروف خاصة اختلط فيها التهميش بالفقر والإرهاب بالكوارث، كما دعا إلى الإسراع باتخاذ إجراءات استثنائية لفائدة الجهة في علاقة بآثار حادث المرور القاتل، وما اتصل بالوضع الأمني والاجتماعي.
واستفاقت منطقة القصرين، أول من أمس، على فاجعتين، الأولى عملية أمنية عسكرية بحي الكرمة راح ضحيتها طفل، فيما نجحت وحدات الأمن والجيش خلالها في القضاء على إرهابيين اثنين واعتقال إرهابي ثالث، والثانية حادث مروري مروع في مدينة خمودة، أسفر عن مقتل 16 مواطنا وجرح 88 آخرين. أما الخسائر المادية فقد تمثلت في تضرر 26 وسيلة نقل، وخمس شاحنات وحافلة، وخمس دراجات نارية، إضافة إلى احتراق نحو عشر سيارات.
ونفت وزارة الداخلية طابع الإرهاب عن الحادث المروري القاتل، إذ قالت إنه لا يحمل أي علامة على ارتباطه بالتنظيمات الإرهابية، على الرغم من أن جنسية سائق الشاحنة التي تسببت في الكارثة جزائرية.
وإثر الحوادث التي تعرضت لها منطقة القصرين تحول يوسف الشاهد، رئيس الحكومة الجديدة، إلى القصرين في أول زيارة له لأول مدينة تونسية، وسبقه إلى ذلك وزراء الدفاع والصحة والنقل، الذين تنقلوا على عين المكان لمتابعة الآثار المدمرة لحادث المرور الذي عرفته المنطقة.
وحول ما يتعلق بما تعرضت له منطقة القصرين من كوارث وعمليات إرهابية، قال وليد البناني، النائب في البرلمان عن حركة النهضة، إن تكرار وقوع العمليات الإرهابية بالتزامن مع التطورات في المشهد السياسي، في إشارة إلى حدوث أول عمل إرهابي الاثنين الماضي، ومع تسلم أعضاء الحكومة الجديدة مقاليد السلطة، أمر محير، وإن كان صدفة فإنها صدفة تبعث على الحيرة والشك في توقيتها ومن يقف وراءها، حسب تعبيره.
واتفق نواب منطقة القصرين في البرلمان على أن وقوع العمليات الإرهابية في المنطقة، تزامنا مع حصول تعديلات أو تغييرات في المشهد السياسي لا يعد صدفة، واتهموا أيادي خفية بتحريكه، معتبرين أن تحركات المجموعات الإرهابية في جبال القصرين مرتبطة بتواطؤ بعض الأطراف مع العناصر الإرهابية.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».