هدنة ثلاثة أيام بين «النوبيين» و«الهلايل» تهدئ الاحتقان في جنوب مصر

محافظ أسوان لـ («الشرق الأوسط»): قيادات القبيلتين قادتنا لوقف نزف الدماء

قوات وآليات تابعة للجيش المصري تنتشر في منطقة الاشتباكات التي شهدتها محافظة أسوان على مدار الأيام الماضية (أ.ف.ب)
قوات وآليات تابعة للجيش المصري تنتشر في منطقة الاشتباكات التي شهدتها محافظة أسوان على مدار الأيام الماضية (أ.ف.ب)
TT

هدنة ثلاثة أيام بين «النوبيين» و«الهلايل» تهدئ الاحتقان في جنوب مصر

قوات وآليات تابعة للجيش المصري تنتشر في منطقة الاشتباكات التي شهدتها محافظة أسوان على مدار الأيام الماضية (أ.ف.ب)
قوات وآليات تابعة للجيش المصري تنتشر في منطقة الاشتباكات التي شهدتها محافظة أسوان على مدار الأيام الماضية (أ.ف.ب)

أكد محافظ أسوان مصطفى يسري، أن قيادات قبيلتي «الدابودية» النوبية، و«الهلايل»، اتفقتا على هدنة لمدة ثلاثة أيام. وقال المحافظ لـ«الشرق الأوسط»، إن «التفاهمات التي جرت انتهت إلى وقف نزف الدماء من الجانبين». وأشار إلى نجاح لجنة مصالحة موسعة ضمت عددا من رموز القبائل والمشايخ، في التوصل إلى اتفاق بين طرفي الأزمة بوقف أعمال العنف، لتمكين لجنتي المصالحة وتقصي الحقائق من القيام بعملهما وكشف الحقيقة واستكمال مساعي المصالحة.
يأتي ذلك في حين قررت نيابة أسوان أمس حبس سبعة متهمين لمدة أربعة أيام على ذمة التحقيقات، بتهمة التورط في الأحداث الدامية، التي أسفرت عن مقتل 26 فردًا وإصابة العشرات منذ يوم الجمعة الماضي. وذكرت مصادر أمنية، أن الاشتباكات اندلعت «بسبب خلاف نشب بين طلاب ينتمون للقبيلتين في مدرسة صناعية عقب قيام الطرفين بكتابة عبارات مسيئة ضد الطرف الآخر على جدران المنازل والشوارع في نجع الشعبية بمنطقة السيل الريفي». وتجددت أول من أمس المناوشات بالأسلحة النارية بين القبيلتين، مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص، وأصيب أكثر من عشرة آخرين.
وأعلن محافظ أسوان بصعيد مصر اللواء مصطفى يسري، أن الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وافق على المشاركة في جهود المصالحة والقيام بزيارة للمحافظة للقاء طرفي الأزمة ولجنة المصالحات، «الأمر الذي يعد دفعة كبيرة لجهود حقن الدماء وعودة العلاقات الأخوية مجددًا بين القبيلتين».
وقالت مصادر مسؤولة في محافظة أسوان، إن «الاجتماعات التي تمت برعاية السلطات بين القبيلتين أمس، استمرت أكثر من عشر ساعات وأسفرت عن قبول كبار قبائل وبيوت النوبة، والشيخ أحمد عبد الصمد كبير قبيلة بني هلال بأسوان، وقيادات القبائل العربية والأسوانية، بالهدنة».
وأضافت المصادر المسؤولة لـ«الشرق الأوسط» أن «الاتفاق بين القبيلتين تضمن حظر قيام أي منهما بالاعتداء على الآخر خلال فترة الهدنة، ووقف الحملات الإعلامية المتبادلة، وإطلاق سراح كل من جرى القبض عليهم من شباب القبيلتين؛ باستثناء المتهمين في قضايا جنائية، وحصر المشكلة في مجال التنازع بين القبيلتين فقط دون امتدادها إلى باقي المناطق أو الأطراف الأخرى، مع حظر قيام أي طرف بقطع الطرق أو عمل أكمنة للتفتيش، وتجنب الاحتكاك من خلال ابتعاد كل طرف عن مناطق تجمع الطرف الآخر، بالإضافة إلى تقديم أي متهم في عمليات القتل أو الاعتداء التي جرت إلى العدالة وتسليمه للأمن لبسط وتفعيل سيادة القانون دون تفرقة». وتابعت المصادر المسؤولة نفسها أن الاتفاق تضمن سرعة دفن الجثامين من الجانبين بعد تصريح النيابة العامة بذلك، والحصر الفوري لكل التلفيات والخسائر.
من جانبه، أشاد محافظ أسوان، الذي أعلن الهدنة أمس بعد اجتماع مع قيادات القبيلتين، بحكمة قيادات القبيلتين في احتواء الخلاف وحقن الدماء، لافتا إلى أن «المخزون الحضاري والرصيد الإنساني لدى أبناء المحافظة ساهم بشكل فعال في تقريب وجهات النظر ووأد الفتنة التي حاولت أطراف خارجية تأجيجها وتضخيمها، خاصة في ظل انزعاج كل مؤسسات الدولة من تطور الأحداث، وعلى رأسها شيخ الأزهر والمهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء».
في غضون ذلك، قالت قيادات نوبية حضرت اللقاء، لـ«الشرق الأوسط»، إن علاقتها بكبار ورموز بني هلال متواصلة، وإنهم «أهل وأحبة؛ لكن المشكلة في الشباب والصغار الذين لا يقدرون تلك العلاقات». وكشف عبده سليم، رئيس الاتحاد النوعي للجمعيات النوبية خلال اجتماع الهدنة، عن «وجود جماعات وخلايا إرهابية في جبال غرب أسوان قدمت من السودان وتسعى لإشعال الفتنة وإراقة الدماء».
وكان محافظ أسوان أعلن عن بدء تسيير دوريات مشتركة من الشرطة والقوات المسلحة لفرض السيطرة الأمنية في منطقة السيل الريفي والمناطق المتاخمة لها لفتح الشوارع والمحاور الرئيسة أمام الحركة المرورية، بعد محاولات البعض إثارة الشغب وتجديد المناوشات بين القبيلتين. وشدد المحافظ على أنه سيجري اعتقال أي فرد أو مجموعة تثير الشغب أو الفتنة بين المواطنين، بالإضافة إلى محاولات قطع الطرق بما يضر بالصالح العام ويؤدي إلى ترويع الآمنين.
في السياق نفسه، قدم المستشار محمد سليم، منسق «جبهة مصر بلدي» بأسوان، مبادرة صلح سيتصدرها القضاة العرفيون من قبائل مطروح وسيناء والإسماعيلية ومختلف محافظات مصر، وسيكون دورهم البحث في المشكلة وأسبابها وطريقة حلها.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».