طيران التحالف يستهدف تعزيزات الانقلابيين في بيحان

الميليشيات تقصف المدنيين.. واستمرار موجة نزوح الأهالي من مناطق تعز

عناصر من المقاومة الشعبية في إحدى جبهات بيحان ({الشرق الأوسط})
عناصر من المقاومة الشعبية في إحدى جبهات بيحان ({الشرق الأوسط})
TT

طيران التحالف يستهدف تعزيزات الانقلابيين في بيحان

عناصر من المقاومة الشعبية في إحدى جبهات بيحان ({الشرق الأوسط})
عناصر من المقاومة الشعبية في إحدى جبهات بيحان ({الشرق الأوسط})

في الوقت الذي تواصل فيه الميليشيات الانقلابية تعزيز جبهاتها في مناطق مديريات بيحان بمحافظة شبوة، وتستمر عناصرها في الفرار من ساحة المواجهات مع قوات الشرعية وتتكبّد خسائر بشرية ومادية فادحة، جدد طيران التحالف العربي فجر أمس الأربعاء استهداف إمدادات عسكرية للميليشيات بعقبة القنذع الاستراتيجية الرابطة بين محافظتي شبوة والبيضاء، الخاضعة لسيطرة الانقلابيين.
وقال الناطق الرسمي باسم قوات اللواء 19 مشاه في بيحان، عبد الكريم البرحي، إن غارات للتحالف العربي استهدفت صباح أمس الأربعاء عقبة القنذع، والإمدادات العسكرية للحوثيين المقبلة من محافظة البيضاء المحاذية لمديرية بيحان. ذلك في الوقت الذي لا تزال فيه الميليشيات تتكبد خسائر فادحة، جراء استمرار الضربات الموجعة لها على أيدي المقاومة وقوات الجيش.
ولفت البرحي في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن غارات أخرى نفّذت على مواقع وتجمعات للميليشيات الانقلابية بجنوب غربي جبل ابن عقيل، الذي يُعد من أهم المواقع الاستراتيجية التي تستخدمها الميليشيات كأحد مواقع الدفاع، مشيرًا إلى أن أعمدة دخانية سوداء شوهدت تتصاعد من مواقع الضربات الجوية، ومؤكدًا في الوقت نفسه وصول مجاميع مقاتلة من أبناء مديرية نصاب شبوة لمساندة إخوانهم في جبهات مديريات بيحان؛ عين، عسيلان، العلياء.
وتعد عقبة القنذع الاستراتيجية، التي تربط بين محافظتي البيضاء ومأرب الشمالية بمحافظة شبوة الجنوبية، أهم طرق الإمداد التي تستخدمها الميليشيات لتعزيزات جبهاتها في مناطق بيحان عبر محافظة البيضاء الخاضعة لسيطرة الانقلابيين، منذ عام ونيف من الحرب الدائرة في البلاد.
وفي جبهات محافظة لحج، تشهد مناطق كرش الحدودية مواجهات متقطعة بين ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح من جهة والمقاومة الجنوبية والجيش الوطني من جهة أخرى، وسط محاولات فاشلة للميليشيات في إحراز أي تقدم لها ناحية أرضي وجبال كرش الاستراتيجية المحاذية لمحافظة تعز، والمطلة على قاعدة العند الجوية وسط لحج، التي تتخذها قوات التحالف معسكر تدريب لتأهيل قوات الجيش الوطني ومطارا عسكريا للطيران العربي المشارك في استعادة الشرعية.
بدوره، قال القيادي في جبهات كرش الحدودية، مختار السويدي، لـ«الشرق الأوسط» إن قوات المقاومة والجيش الوطني تواصل تصديها لمحاولات الانقلابيين إحراز أي تقدم أو توغل لها ناحية أراضي محافظة لحج، مؤكدًا أنهم في حالة استعداد وأنه من المستحيل لميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح التقدم ولو بشبر واحد ناحية لحج، وأن المقاومة والجيش تكبدان الميليشيات خسائر فادحة. فيما لفت قائد نصر، المتحدث الرسمي باسم جبهات مش والعند، في بلاغ صحافي إلى استمرار الميليشيات الانقلابية في ارتكاب جرائمها وقصفها العشوائي للسوق العام، ومنازل السكان المدنيين في القرى الواقعة على خط التماس بين محافظتي لحج وتعز، مما تسبب في سقوط ضحايا مدنيين قتلى وجرحى بينهم نساء وأطفال. ذلك في ظل استمرار موجة النزوح للأهالي من مناطق بمحافظة تعز، وأخرى في مناطق المواجهات، إلى الجبال والمدارس في المناطق الآمنة هروبا من قذائف الميليشيات التي تتساقط عليهم يوميًا.
وعلى الصعيد ذاته، تشهد جبهات المضاربة ورأس العارة والشريط الساحلي في الصبيحة، وكذا منطقة وجبال كهبوب الاستراتيجية المطلة على جزيرة ميون وممر الملاحة الدولية باب المندب، حالة من عمليات الكر والفر والمواجهات الخفيفة المتقطعة، خصوصًا بعد الانتصارات المتوالية لقوات الجيش والمقاومة من أبناء الصبيحة ووسط عمليات فرار لعناصر الميليشيات جراء الضربات الموجعة التي يتلقونها في أكثر من محافظة يمنية.
وكان قائد المنطقة العسكرية الرابعة، اللواء أحمد سيف المحرمي، ومعه قائد لواء زائد العميد عبد الغني الصبيحي، وقيادات المقاومة من رجال قبائل الصبيحة قد زاروا أول من أمس جبهات منطقة كهبوب والشريط الساحلي على امتداد الصبيحة، من المضاربة ورأس الغارة حتى باب المندب، لتفقد أوضاع الجبهات والوقوف على الانتصارات المتوالية التي تحققها مقاومة الصبيحة والجيش الوطني، في تأمين كامل حدود محافظة لحج مع محافظة تعز والتقدم ناحية مديرية الوازعية لملاحقة عناصر الميليشيات التي باتت تعيش حالة من الإرباك والتخبط.
وعلى صعيد تطورات الجبهات بمحافظة البيضاء، جنوب شرقي صنعاء، صدت قوات المقاومة والجيش الوطني بمديرية الزاهر غرب المحافظة هجوما مباغتا لميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح للمرة الثانية خلال أقل من 3 أيام، على جبهتي الأجردي والحبج بمنطقة آل حميقان. وأجبرت الميليشيات على التراجع بعد أن كبدتها خسائر فادحة في العتاد والأرواح. وقال الناطق الرسمي للمقاومة في الزاهر، طحطوح الحميقاني، إن المقاومة صدّت أول من أمس هجوما ثانيا للميليشيات بمدينة الزاهر كانت تحاول من خلاله السيطرة على جبهة الأجردي الاستراتيجية، إلا أن رجال القبائل من آل حميقان تصدّوا للهجوم وأفشلوه، الأمر الذي دفع الميليشيات إلى شن قصف عشوائي عنيف على القرى والأحياء السكنية بمختلف الأسلحة الثقيلة والخفيفة والمتوسطة.
وتواصل ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح التمادي في ارتكاب جرائمها ضد السكان المدنيين من خلال استمرار القصف العشوائي للمدن السكنية بالمدفعية وقذائف الهاون وصواريخ الكاتيوشا، وسط حصار خانق تفرضه على مديريات المحافظة التي تشهد مواجهات متقطعة وعنيفة مع ميليشيا الانقلابيين منذ سيطرتهم على صنعاء في سبتمبر (أيلول) من العام قبل الماضي.
أما على صعيد التطورات الميدانية في محافظة تعز، فقد شهدت جبهات القتال الغربية مواجهات عنيفة بعد محاولة من ميليشيات الانقلاب استعادة مواقع هامة واستراتيجية، تم دحرهم منها. وتركزت المواجهات بشكل عنيف في حذران والربيعي، الطريق الرابط بين محافظتي تعز والحديدة الساحلية، بعد تقدم قوات الجيش والمقاومة إلى مواقع الميليشيات الانقلابية على الخط الرئيسي وتحرير الجيش الوطني والمقاومة الشعبية لأهم المواقع الاستراتيجية المطلة على الطريق (جبل المنعم والتبة السواء وتبة الخلوة وموكنة).
وشرعت الميليشيات الانقلابية في عملية تهجير جديدة للأهالي في منطقة حذران، وقامت بتهجير أبناء منطقة الكشرانية ووادش حنش، شمال غربي جبل الهان. ومنذ اندماج فصائل المقاومة الشعبية المختلفة مع قوات الجيش الوطني في محافظة تعز، أصبحت المحافظة تعيش على وقع معارك وحسم حقيقي، وأعلن عن عملية «الحسم» للمحافظة منذ منتصف الشهر الحالي وبإشراف من قيادة قوات التحالف، التي تهدف لتحرير كامل المحافظة من الميليشيات الانقلابية وفك الحصار عنها والتي بدأت بفك الحصار الجزئي من خط الضباب المنفذ الغربي، الطريق الواصل بين مدينة تعز ومدينة عدن الجنوبية بمرورها بقرى الحُجرية، أكبر قضاء في تعز، ومدينة التربة.
وقال الناشط الحقوقي، مختار القدسي، من أبناء تعز لـ«الشرق الأوسط» إن «المعارك مستمرة وعلى أشدها، ولكنها تتوقف من وقت لآخر في الوقت الذي تسعى فيه الميليشيات الانقلابية استعادة ما فقدته، خاصة باتجاه حذران والربيعي، ويرافقها إرسال الميليشيات لتعزيزات من الجهة الشرقية قادمة من محافظة ذمار، المعقل الثاني لهم بعد محافظة صعدة. ومع ذلك فإن قوات الجيش والمقاومة تفشل محاولاتهم المستمرة».
إلى ذلك، يقول مراقبون إن «المؤشرات تشير جليا إلى أن قوات الجيش والمقاومة يقتربون كثيرا من دحر الميليشيات الانقلابية وفك الحصار عن المدينة، خاصة بعد تقدم القوات وتحولت المعركة من حالة الدفاع إلى الهجوم والتوسع في المواقع التي يتم تطهيرها في مختلف الجبهات، خاصة بعد اقترابهم من خط الحديدة - تعز، وكذلك تأمين خط الإمداد الوحيد بين عدن وتعز عن طريق نقيل هيجة العبد في مديرية المقاطرة، التابع لمحافظة لحج الجنوبية».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم