«داعش» تقطع ماء الفرات عن جنوب العراق

دائرة تفاهمات خصوم المالكي تتسع

«داعش» تقطع ماء الفرات  عن جنوب العراق
TT

«داعش» تقطع ماء الفرات عن جنوب العراق

«داعش» تقطع ماء الفرات  عن جنوب العراق

وصف رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، القائد العام للقوات المسلحة، لجوء المسلحين الذي ينتمون إلى تنظيم داعش ويسيطرون منذ عدة شهور على مدينة الفلوجة إلى قطع المياه عن نهر الفرات بأنه تطور خطير يستوجب اتخاذ أقصى درجات القوة.
واتهم بيان لمكتب القائد العام للقوات المسلحة، مساء أول من أمس، ما سماه «عصابات (داعش) ومن يقف معها من البعثيين وأيتام النظام المقبور الموجودين في الفلوجة بارتكاب عمل خطير ينم عن مدى إجرامهم، وخلوهم ومن يقفون خلفهم، من أي معنى من معاني الشرف والرجولة وهو الإقدام على قطع المياه عن مناطق الوسط والجنوب، مما جعل حياة الناس مهددة بالخطر وليس مزارعهم وممتلكاتهم فحسب». وأضاف: «لذا، أصبح لزاما علينا استخدام أقصى درجات القوة من أجل إنقاذ حياة الناس والأراضي الزراعية، وعدم السماح لهؤلاء القتلة باتخاذ مدينة الفلوجة قاعدة لإجرامهم واللعب بأرواح الناس وممتلكاتهم». ودعا البيان «المواطنين جميعا (...) لتحمل مسؤولياتهم الشرعية والوطنية في الوقوف إلى جانب قواتهم المسلحة بضرب هؤلاء المجرمين الذين لا يملكون أي رادع ديني أو أخلاقي أو إنساني، ولا يتورعون عن ارتكاب أي جريمة».
وفي وقت لم تعلن الحكومة العراقية اتخاذ إجراءات عملية باتجاه فتح السدة الواقعة على نهر الفرات من جهة الفلوجة واسمها «سدة النعيمية»، قال مصدر أمني مسؤول بالأنبار في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم الإشارة إلى اسمه، إن اجتماعات متواصلة جرت طوال يومي أمس وأول من أمس «بعد هذا التطور الخطير في الموقف من أجل العمل على اتخاذ الإجراء المناسب حيال ذلك». وأضاف المصدر الأمني أن «هناك اجتماعات بين قيادة العمليات المشتركة في الأنبار ومسؤولين في الحكومة المحلية بهدف تنسيق المواقف، لأن غلق المياه، وذلك من خلال سيطرة المسلحين على هذه السدة، يعني عطش نحو خمس محافظات وسطى وجنوبية وهي كربلاء والنجف وبابل والديوانية والمثنى بعد هبوط المناسيب بشكل كبير جدا، ومن شأن ذلك، في حال استمراره، وقف محطتي المسيب والناصرية الكهربائيتين، يضاف إلى ذلك غرق كل من مدينة الفلوجة نفسها وناحية الصقلاوية القريبة منها». وأشار المصدر إلى أن «من بين الخيارات المطروحة هو القيام بعمل عسكري ضد مسلحي (داعش) في الفلوجة واستخدام الطيران لفتح السدة بالقوة».
في سياق ذلك، أكد مجلس أبناء العراق أن «الهدف الذي يسعى تنظيم داعش إلى تحقيقه ليس إيقاف المياه عن محافظات الوسط والجنوب بقدر ما هو إغراق عدد من المناطق المحيطة بالفلوجة التي تتخذها القطعات العسكرية مقرات لها، الأمر الذي يشل حركتها من جهة ويضطرها إلى الانسحاب». وقال عضو مجلس أبناء العراق فارس إبراهيم في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «السبب الرئيس في كل ما يحصل يعود إلى عدم وجود جدية كاملة من قبل الكثير من قادة الجيش في أن يعملوا شيئا حقيقيا، وفي المقدمة منه مسك الأرض التي ينسحب منها مسلحو (داعش)». وأضاف إبراهيم أن «أبناء العراق والصحوات يساعدون القطعات كثيرا ويؤمنون لها الطرق والأساليب المختلفة من خلال معرفتهم بالمنطقة، لكن المشكلة أن الجيش سرعان ما ينسحب بعد تحرير المنطقة وهو ما يجعلهم يعودون وقد تكرر هذا الأمر في الرمادي والفلوجة». وحمل إبراهيم «الحكومة العراقية مسؤولية التراخي الذي بدأنا ندفع ثمنه الآن والذي وصل حد التحكم في المياه وهو أمر يمكن أن يتسبب في فتنة طائفية».
وطبقا لشهود عيان من أبناء المناطق والعشائر المحيطة بالفلوجة، فإن مسلحي «داعش» انسحبوا من مناطق كثيرة من الفلوجة باتجاه فتح جبهة مواجهة جديدة قد تمتد إلى أطراف العاصمة بغداد. وطبقا لما أكده الشيخ حميد الكرطاني، أحد شيوخ المنطقة، لـ«الشرق الأوسط»، فإن «هدف المسلحين ومن معهم من ثوار عشائر ومجلس عسكري هو ليس غلق المياه بشكل كامل، لأن هذا الأمر مستحيل من الناحية العملية، بل توفير مجال حيوي لهم للتحرك وقد يعودون إلى فتح السدة طالما لا تزال تحت سيطرتهم»، مشيرا إلى أن «من الواضح أن لدى هؤلاء المسلحين خططا عسكرية فيها قدر كبير من المناورة والتحكم وهو ما يجعل زمام المبادرة بيدهم إلى حد كبير».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.