المغرب: عملية استقطاب واسعة للمرشحين استعدادًا لانتخابات 7 أكتوبر

أعضاء سابقون في «الأصالة والمعاصرة» يترشحون باسم «العدالة والتنمية»

المغرب: عملية استقطاب واسعة للمرشحين استعدادًا لانتخابات 7 أكتوبر
TT

المغرب: عملية استقطاب واسعة للمرشحين استعدادًا لانتخابات 7 أكتوبر

المغرب: عملية استقطاب واسعة للمرشحين استعدادًا لانتخابات 7 أكتوبر

بدأت عملية استقطاب المرشحين تشتد بين حزب العدالة والتنمية، متزعم الائتلاف الحكومي الحالي، وغريمه السياسي حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، وذلك بعد أسابيع قليلة من الانتخابات البرلمانية المقررة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
أعلن حزب العدالة والتنمية أمس عن ترشيح الدكتور نجيب الوزاني الذي كان ينتمي إلى حزب الأصالة والمعاصرة وكيلا للائحة الحزب بمدينة الحسيمة (شمال). وذكر الحزب أن الأمانة العامة خصت الوزاني باستقبال خاص، خلال اجتماعها المنعقد مساء أول من أمس بالمقر المركزي للحزب في الرباط، ورحبت باستعداده الترشح باسم الحزب، إذ ظهر الوزاني بجانب عبد الإله ابن كيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة، وبحضور عدد من قيادات الحزب.
وسيواجه الوزاني خلال اقتراع السابع من أكتوبر بمدينة الحسيمة مرشح حزب الأصالة والمعاصرة المعارض والخصم الرئيسي لابن كيران وحزبه. وكان الحزب قد أعلن أيضا الجمعة الماضي عن ترشح رجل الأعمال، بوشتى بوصوف، الذي استقال من حزب الأصالة والمعاصرة وكيلا للائحة الحزب بدائرة تاونات - تيسة، بجهة فاس مكناس، ما قرأه البعض بمثابة ضربات متتالية يتلقاها حزب «الأصالة والمعاصرة».
بدوره، يسعى هذا الأخير ليفوز بالانتخابات البرلمانية المقبلة، ويضع حدا لحكم العدالة والتنمية، والذي أوصلته صناديق الاقتراع إلى رئاسة الحكومة بعد موجة الاحتجاج الاجتماعي التي قادتها حركة 20 فبراير (شباط) عام 2011.
من جانبه، أقر إلياس العماري أمين عام «الأصالة والمعاصرة» الأحد الماضي بأن حزبه «حزب جديد، سواء كسب الرهان أو لم يفعل، ومهما كانت المرتبة التي سيحتلها فإن الأمر ليس مهمًا، غير أن كل ذلك بالمقابل لا يمنع الحزب من أن يخوض التحدي، لأن بلادنا تنادينا من أجل إنقاذها، بلادنا تمر من أوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة»، على حد قوله.
من جهة أخرى، قلل العماري من أهمية ترشح الوزاني العضو السابق في حزبه، والأمين العام لحزب العهد مع حزب العدالة والتنمية، ومنافسة مرشح حزبه في الانتخابات المقبلة، وقال إنه «لا يخشى الهزيمة والفشل».
في غضون ذلك، تواصلت ردود الفعل بشأن ترشيح حزب العدالة والتنمية للشيخ حماد القباج وكيل لائحة الحزب بدائرة جليز بمراكش، فبينما رحب البعض باستقطاب الحزب لأعضاء في «التيار السلفي»، إلا أن هناك من قلل من قدرة المنتمين لهذا التيار من جلب الأصوات للحزب، على اعتبار أنه في المغرب ليس تنظيما موحدا بل مجموعة من الشيوخ الذين تختلف مواقفهم بشكل كبير بشأن عدد من القضايا.
وعبر الشيخ حسن الكتاني عن استغرابه لترشح القباج في الانتخابات باسم حزب العدالة والتنمية، بيد أنه سرعان ما حذف تدوينة على الفيسبوك يعبر فيها عن تعجبه من هذا الترشح، وذلك بعد سلسلة من التعليقات المنتقدة للشيخ القباج.
في سياق متصل، تعتزم أحزاب الأغلبية الحكومية المكونة من أحزاب «العدالة والتنمية، والحركة الشعبية، والتجمع الوطني للأحرار، والتقدم والاشتراكية»، بعد غد الجمعة، تقديم حصيلة عمل الحكومة وإنجازاتها خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وكان حزب العدالة والتنمية قد شرع قبل أسابيع في استعراض حصيلة الحكومة في مختلف المجالات تحت عنوان «رقم وإنجاز»، ما أثار انتقادات من معارضيه، بيد أنه رد بأنه «في جميع ديمقراطيات العالم، من حق الحكومات أن تدافع عن إنجازاتها وعن حصيلتها من دون أن تخشى لومة لائم من الذين سيتهمونها بمختلف التهم، أو ينعتونها بأوصاف لا تليق، لا لسبب سوى أنها تضع أمام الرأي العام ما تمكنت من تحقيقه على أرض الواقع».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.