حكومة الشاهد تواجه ملفات اجتماعية واقتصادية شائكة

بعد تسلمها مقاليد السلطة رسميًا الاثنين في تونس

رئيس الحكومة التونسية الجديدة يوسف الشاهد (يمين) برفقة حبيب الصيد في العاصمة تونس أول من أمس (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة التونسية الجديدة يوسف الشاهد (يمين) برفقة حبيب الصيد في العاصمة تونس أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

حكومة الشاهد تواجه ملفات اجتماعية واقتصادية شائكة

رئيس الحكومة التونسية الجديدة يوسف الشاهد (يمين) برفقة حبيب الصيد في العاصمة تونس أول من أمس (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة التونسية الجديدة يوسف الشاهد (يمين) برفقة حبيب الصيد في العاصمة تونس أول من أمس (أ.ف.ب)

تواجه حكومة يوسف الشاهد مجموعة من الملفات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية الثقيلة التي تنتظر قرارات عاجلة وحاسمة، فبعد أن تسلمت يوم الاثنين رسميا مقاليد السلطة من حكومة الحبيب الصيد المستقيلة، ينتظر التونسيون منها حلولا لملفات البطالة والتنمية المعطلة وضعف نسب النمو الاقتصادي المسجلة وغلاء المعيشة وتدهور القدرة الشرائية للتونسيين.
كما تواجه كتل المعارضة السياسية، التي يمثلها على وجه الخصوص تحالف الجبهة الشعبية اليساري، وتعاضده في هذا الأمر حركة مشروع تونس الإرادة بزعامة المنصف المرزوقي الرئيس التونسي السابق. إلا أن التحالف السياسي القوي الذي شكلته حركة النهضة مع حزب النداء، جعل حكومة الشاهد تحصل على 167 صوتا برلمانيا، في حين أنها لم تكن تحتاج إلا إلى 109 أصوات لنيل ثقة البرلمان. غير أن المعارضة تهدد في أكثر من مناسبة بتأجيج الاحتجاجات الاجتماعية، ومواجهة قوة الاستقطاب السياسي الثنائي بين النداء والنهضة باللجوء إلى الشارع.
وبغض النظر عن اختلاف وجهات النظر بخصوص المواقف والتقييمات السياسية والجدل الواسع والانتقادات التي طالت بعض الأسماء في الحكومة الجديدة على غرار وزراء الفلاحة والشباب والرياضة والمرأة والشؤون الدينية، فقد أكد الشاهد إثر تكليفه من قبل الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، قضية كسب الحرب على الإرهاب باعتبارها أولوية أوليات الدولة ومؤسساتها وأجهزتها العسكرية والأمنية. ذلك إلى جانب وقف نزف المديونية الخارجية، والقضاء على ظاهرتي الاقتصاد الموازي والتهرب من الضرائب، بالإضافة إلى الملفات الاجتماعية على غرار بطالة الشباب (أكثر من 600 ألف عاطل عن العمل، أغلبهم من صغار السن)، وضعف نسب النمو علاوة على ملفات الفساد والمحسوبية.
وأكدت العملية الإرهابية التي جدت في جبل سمامة (وسط غربي تونس) خلال اليوم نفسه الذي تسلم من خلاله السلطة على أن خطر الإرهاب متواصل، وأن استئصاله يتطلب إرادة سياسية جماعية قوية.
في هذا الشأن، قال المحلل السياسي التونسي، جمال العرفاوي، إن حكومة الشاهد ستمشي خلال الفترة المقبلة «فوق مجموعة من الألغام» على حد تعبيره، كما ستواجه مجموعة من الفخاخ وعليها إثبات كفاءتها في معالجة عدد ضخم من الملفات العويصة، مشيرا إلى أنه «من الضروري أن تنطلق بقوة وتصميم حتى تبعث برسائل مطمئنة للتونسيين» على حد قوله.
وتساءل المتابعون للشأن السياسي التونسي عن أولى الملفات التي سيتناولها الشاهد بالدراسة والمتابعة، وإن كان سيمضي رئيس الحكومة في تنفيذ الإصلاحات المعلن عنها وفقا لتوزيع عادل وعقلاني على جميع فئات المجتمع التونسي. أم أن الطبقة الوسطى التي مثلت حزام الأمان في تونس ستتحمل وزر إكراهات هياكل التمويل الدولية بما تحمله من تسريح آلاف الموظفين في القطاع العام والتراجع التدريجي عن منظومة دعم المواد الاستهلاكية الضرورية والمحروقات.
وفي هذا السياق، قال أسامة الصغير، القيادي في حركة النهضة، إن صراحة يوسف الشاهد خلال الجلسة البرلمانية المخصصة لنيل ثقة البرلمان حملته مسؤولية أكبر لتنفيذ إصلاحات جدية وعاجلة. وأشار إلى أن بعض الإجراءات والبرامج الحكومية المعلن عنها لا تختلف كثيرا عن وعود بعض الحكومات السابقة، إلا أن حركة النهضة باعتبارها حليفا سياسيا قويا لحزب النداء الذي يقود العملية السياسية ستمكن الحكومة من مهلة زمنية قدرها ستة أشهر عوضا عن مائة يوم، كما هو متداول للبدء في تقييم عملها ومدى نجاعته في حل مشكلات التونسيين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».