«التجاري» يواصل الارتفاع في السعودية.. مخالفًا القطاع السكني

دعوات لتصحيح أوضاعه وإلزام التجار بعقد إيجار موحد

إيجار المحال التجارية في السعودية يشهد ارتفاعات غير مسبوقة خلال الأعوام الأخيرة («الشرق الأوسط»)
إيجار المحال التجارية في السعودية يشهد ارتفاعات غير مسبوقة خلال الأعوام الأخيرة («الشرق الأوسط»)
TT

«التجاري» يواصل الارتفاع في السعودية.. مخالفًا القطاع السكني

إيجار المحال التجارية في السعودية يشهد ارتفاعات غير مسبوقة خلال الأعوام الأخيرة («الشرق الأوسط»)
إيجار المحال التجارية في السعودية يشهد ارتفاعات غير مسبوقة خلال الأعوام الأخيرة («الشرق الأوسط»)

في الوقت الذي يشهد قطاع العقار السكني في السعودية انخفاضا في الأداء يصاحبه هبوط محدود في الأسعار نتيجة تطبيق قرار رسوم الأراضي البيضاء، يشهد القطاع التجاري ارتفاعا غير مسبوق، خصوصا إيجار المحال التجارية خلال الأعوام الخمسة الأخيرة؛ الأمر الذي يعزوه عقاريون إلى محاولة بعض المستثمرين تعويض ما يخسرونه في القطاع السكني عبر رفع سعر التجاري، وهو ما انعكس على بعض الأنشطة التجارية التي أغلقت أو زادت أسعارها للتعويض عن خسائرها.
وأشار إبراهيم المرضي، الذي يدير مجمعا تجاريا بالرياض، إلى أن انخفاض حركة تداول العقار السكني أثر في الأسعار، لكن ذلك لم يكن له تأثير في القطاع التجاري الذي ظل يشهد ارتفاعات متتالية في ظل غياب الرقابة وعدم وجود عقد تجاري موحد يجبر الجميع على الالتزام بأسعار معينة أو حتى وضع نسب طفيفة تكون مرتبطة بالوضع الاقتصادي. وقال: «ما يحدث حاليا هو ارتفاعات غير مبررة تحدث من وقت لآخر، فالإيجار يرتفع بشكل شبه سنوي منذ 4 سنوات لأكثر من 20 في المائة».
وأكد المرضي أن المواطن هو من يدفع ضريبة هذا الارتفاع بشكل أو بآخر؛ إذ إن التاجر أو المستثمر الذي فتح مشروعه للربح لن يقبل بأن يدفع التكلفة المضافة؛ الأمر الذي يعود في نهاية المطاف على جيب المواطن الذي يدفع ثمن ذلك، في ظل غياب تشريعات تضع حدا لهذه المشكلة التي تسبب تضخم أسعار السلع، داعيا إلى سن أنظمة تمنع أصحاب العقارات من رفع الأسعار وفق أهوائهم. وتابع: «دول كثيرة تقيد المؤجر بنسب عشرية بسيطة لا يمكنه تجاوزها بأي حال، وهو ما يفتقده القطاع العقاري المحلي خصوصا بالحديث عن الإيجار التجاري».
وانخفضت حركة القطاع العقاري السعودي وقيمته بمستويات ملموسة، استجابة لرزمة الإصلاحات العقارية التي أقرتها الحكومة على شكل قرارات نافذة، وأهمها نظام الرسوم على الأراضي البيضاء الذي يعتبر القرار الأهم في تاريخ العقار السعودي، لكن ذلك لم ينعكس بشكل كبير على أداء العقار التجاري الذي ظل بمنأى عما يحدث القطاع السكني.
وذكر المستثمر حمد الدوسري، أنه اضطر إلى إغلاق أسواق تموينية بعد أن أصبح صاحب المنشأة يرفع الإيجار إلى مستويات غير مقبولة، مبينا أن الإيجار ارتفع للضعف خلال 3 سنوات، وهي نسبة كبيرة لم يستطع تحملها.
وأضاف الدوسري أن الإيجار السنوي الذي كان يدفعه عند استئجاره المحل في البداية، كان 160 ألف ريال (نحو 42.6 ألف دولار) في محل من 4 فتحات، لكن مالك المنشأة زاد الإيجار إلى الضعف ليصل إلى 320 ألف ريال (أكثر من 85 ألف دولار)، وهو المبلغ الذي لم يستطع تسديده، مبينا أن المحل مغلق منذ أكثر من سنة ولم يستأجره أحد حتى هذه اللحظة.
وأكد أن نكسة القطاع العقاري المحلي السكني أثرت بشكل كبير في أسعار القطاع التجاري، داعيا الجهات المعنية إلى اتخاذ إجراءات لتصحيح أوضاع القطاع التجاري العقاري تماما كما فعلت مع السكني، لأن هذا الأمر سينعكس على المواطن بالدرجة الأولى.
ولا يوجد في السعودية نظام يقيد قيمة الإيجار، ما يعني أن عملية وضع السعر أصبحت تخضع لرؤية صاحب المنشأة، وأن بعض الملاك يستغلون الفراغ القانوني برفع الأسعار وإحداث خلل في السوق العقارية، وهي خطوة عدها مراقبون رئيسية في دفع التضخم في القطاع العقاري السعودي.
إلى ذلك، عزا فيصل الصانع، الذي يمتلك كثيرا من المنشآت العقارية، رفع إيجارات المحلات إلى ضغوط السوق بشكل عام، موضحا أن الطلب هو المتحكم في وضع القيمة ورفعها أو خفضها على حد سواء، لافتا إلى أن الحركة التجارية القوية التي تشهدها البلاد والطلب الكبير على المحال التجارية هي من يضع التسعيرة الملائمة، خصوصا الواقعة في المناطق التجارية والاقتصادية.
وأشار إلى أن المحال الواقعة على شوارع بعرض 30 مترا فما فوقه، ترتفع فيها الأسعار أكثر من غيرها، ويرتفع السعر كلما كانت المنطقة مكتظة أو تجارية أو تقع قرب الخدمات؛ الأمر الذي يجعل الرغبة عليها أكبر، موضحا أن الحركة الاقتصادية محليا بشكل عام تختلف عنها قبل عقد، بمعنى أن هناك قوة شرائية كبيرة وحركة نشطة من تلك المحلات، تفرض عليهم مجاراتها، مؤكدا أن بعض التجار يعرضون على مالكي محلات استئجارها بأسعار أعلى مما هي عليه، ما يجعل المالك يخير المستأجر بين رفع قيمة الإيجار أو الخروج الفوري لتسليمه لتاجر آخر.
وأثرت الحركة الاقتصادية المتنامية في السعودية بشكل مباشر في قيمة تأجير المحال التجارية فيها، خصوصا في ظل الرخاء الاقتصادي الذي تعيشه البلاد؛ الأمر الذي دفع بملاك العقارات إلى الاستفادة القصوى من محالهم التي تعتبر واجهة عرض تلك التجارات، برفع الأسعار لتحقيق أكبر فائدة ممكنة من الرخاء الاقتصادي الذي تعيشه السعودية.
ولفت هاني حبتور، وهو وسيط عقاري، إلى أن تأجير المحال التجارية في السعودية يعد من أكثر القطاعات التي تشهد تزايدا في الأسعار، إذا ما قورن بالقطاعات العقارية الأخرى، وأن الوضع فيها يخضع وبشكل مباشر لميزان العرض والطلب، خصوصا المحلات الواقعة في أماكن الازدحام والنشاط العقاري، فتجد أن بعض مالكي العقارات يرفعون الإيجار على المستأجرين بشكل سنوي، دون أن يرفضه المستأجرون الذين يحصدون أرباحا عالية ولا تضرهم الزيادة التي يفرضها مالك المنشأة، موضحًا أن أصحاب المحال يفسد بعضهم على بعض بعرضهم استئجار بعض المحلات المؤجرة بسعر أعلى، أو قبولهم الزيادة دون مناقشة صاحب المنشأة، وهو الأمر الذي حول عملية رفع الأسعار إلى عملية مزاجية من قبل مالك المنشأة العقارية، مؤكدا أن إيجاد صيغة عقد موحد ومراقبة الأسواق ووضع حد أعلى للزيادة على أقل تقدير علاج سريع من شأنه أن يعيد السيطرة على القطاع التجاري العقاري.



«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
TT

«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء

في وقت تجري فيه الاستعدادات لعقد اجتماع بين الصندوق القومي للإسكان ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان، لبحث سبل توفير تمويل لمشروعات الإسكان للمواطنين عبر قروض طويلة الأجل، ألغت الحكومة أول من أمس، وأوقفت، إجراءات تسليم المساكن للموطنين والتقديم لها، خوفاً من حدوث إصابات بـ«كورونا»، أثناء الاصطفاف للتقديم والتسلم.
وكان الصندوق القومي للإسكان قد طرح مباني سكنية جاهزة للمواطنين في معظم المناطق الطرفية بالعاصمة الخرطوم، وبقية الولايات، وذلك ضمن مشروع السودان لتوفير المأوى للمواطنين، الذي سيبدأ بـ100 ألف وحدة سكنية لذوي الدخل المحدود. وقد بدأ المشروع بفئة العمال في القطاعات الحكومية في جميع ولايات السودان العام الماضي، بواقع 5 آلاف منزل للمرحلة الأولى، تسدد بالتقسيط على مدى 7 سنوات. ويتضمن مشروع إسكان عمال السودان 40 مدينة سكنية في جميع مدن البلاد، لصالح محدودي الدخل، ويستفيد من المشروع في عامه الأول أكثر من مليونين.
وقد أقام المواطنون مواقع أمام مقر الصندوق القومي للإسكان، وباتوا يتجمعون يومياً بأعداد كبيرة، ما سبب إزعاجاً لدى إدارة الصندوق والشارع العام، وذلك بعد قرار سياسي من والي ولاية الخرطوم، لدعوة المواطنين للتقديم للحصول على سكن شعبي.
ووفقاً للدكتور عبد الرحمن الطيب أيوبيه الأمين العام المكلف للصندوق القومي للإسكان والتعمير في السودان لـ«الشرق الأوسط» حول دواعي إصدار قرار بوقف إجراءات التسليم والتقديم للإسكان الشعبي، وعما إذا كان «كورونا» هو السبب، أوضح أن تلك التجمعات تسببت في زحام شديد، حيث نصب المتقدمون للوحدات السكنية خياماً أمام مقر الصندوق في شارع الجمهورية، بعد قرار الوالي في وقت سابق من العام الماضي بدعوة المواطنين للتقديم. وظلت تلك التجمعات مصدر إزعاج وإرباك للسلطات، ولم تتعامل معهم إدارة الصندوق، إلى أن جاء قرار الوالي الأخير بمنع هذه التجمعات خوفاً من عدوى «كورونا» الذي ينشط في الزحام.
وبين أيوبيه أن الخطة الإسكانية لا تحتاج لتجمعات أمام مباني الجهات المختصة، حيث هناك ترتيبات وإجراءات للتقديم والتسلم تتم عبر منافذ صناديق الإسكان في البلاد، وعندما تكون هناك وحدات جاهزة للتسليم يتم الإعلان عنها عبر الصحف اليومية، موضحاً أن كل ولاية لديها مكاتب إدارية في كل ولايات السودان، وتتبع الإجراءات نفسها المعمول بها في العاصمة.
ولم يخفِ أيوبيه أزمة السكن في البلاد، والفجوة في المساكن والوحدات السكنية، والمقدرة بنحو مليوني وحدة سكنية في ولاية الخرطوم فقط، لكنه أشار إلى أن لديهم خطة مدروسة لإنشاء 40 ألف مدينة سكنية، تم الفراغ من نسبة عالية في العاصمة الخرطوم، بجانب 10 آلاف وحدة سكنية.
وقال إن هذه المشاريع الإسكانية ستغطي فجوة كبيرة في السكن الشعبي والاقتصادي في البلاد، موضحاً أن العقبة أمام تنفيذها هو التمويل، لكنها كمشاريع جاهزة للتنفيذ والتطبيق، مشيراً إلى أن لديهم جهوداً محلية ودولية لتوفير التمويل لهذه المشاريع.
وقال إن اجتماعاً سيتم بين الصندوق القومي للإسكان وبنك السودان المركزي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، لتوفير الضمانات بالنسبة للتمويل الخارجي واعتماد مبالغ للإسكان من الاحتياطي القانوني للمصارف المحلية.
وأكد الدكتور عبد الرحمن على أهمية التنسيق والتعاون المشترك بين الجهات المعنية لإنفاذ المشروع القومي للمأوى، وتوفير السكن للشرائح المستهدفة، مجدداً أن أبواب السودان مشرعة للاستثمار في مجال الإسكان. وأشار إلى أن الصندوق القومي للإسكان سيشارك في معرض أكسبو في دبي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وذلك بجناح يعرض فيه الفرص الاستثمارية في السكن والوحدات السكنية في السودان، وسيتم عرض كل الفرص الجاهزة والمتاحة في العاصمة والولايات.
وقال إن هناك آثاراً متوقعة من قرار رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية على البلاد، ومن المتوقع أن يسهم كثيرا في إنعاش سوق العقارات واستقطاب رؤوس أموال لصالح التوسع في مشروعات الإسكان. وأبان أن الصندوق استطاع خلال السنوات الماضية إحداث جسور للتعاون مع دول ومنظمات واتحادات ومؤسسات مختلفة، وحالت العقوبات دون استثمارها بالشكل المطلوب، مشيرا إلى أن جهودهم ستتواصل للاستفادة من الخبرات والموارد المالية المتاحة عبر القروض والمنح والاستثمارات.
وأكمل الصندوق القومي للإسكان في السودان تحديد المواقع والدراسات لمشروع المأوى القومي ومنازل العمال، حيث ستشيد المنازل بأنماط مختلفة من السكن الاقتصادي، الشعبي، الاستثماري، الريفي، والمنتج، بتمويل من البنوك العاملة في البلاد، وفق خطة الصندوق.
وقد طرحت إدارة الصندوق عطاءات منذ بداية العام الجاري لتنفيذ مدن سكنية، كما دعت المستثمرين إلى الدخول في شراكات للاستثمار العقاري بالولايات لتوفير المأوى للشرائح المستهدفة، إلا أن التمويل وقف عثرة أمام تلك المشاريع.
وطرح الصندوق القومي للإسكان في ولاية الخرطوم أن يطرح حالياً نحو 10 آلاف وحدة سكنية لمحدودي الدخل والفئويين والمهنيين في مدن العاصمة الثلاث، كما يطرح العديد من الفرص المتاحة في مجال الإسكان والتطوير العقاري، حيث تم الانتهاء من تجهيز 5 آلاف شقة و15 ألفا للسكن الاقتصادي في مدن الخرطوم الثلاث.
وتم تزويد تلك المساكن بخدمات الكهرباء والطرق والمدارس وبعض المرافق الأخرى، بهدف تسهيل وتوفير تكلفة البناء للأسرة، حيث تتصاعد أسعار مواد البناء في البلاد بشكل جنوني تماشياً مع الارتفاع الذي يشهده الدولار مقابل الجنيه السوداني والأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد حالياً.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان لديه خطة لتوسيع قاعدة السكن لمحدودي الدخل، عبر الإسكان الرأسي، الذي يتكون من مجمعات سكنية، كل مجمع يضم بناية من 7 أدوار، ويتكون الطابق من 10 شقق سكنية، بمساحات من 180 إلى 300 متر مربع.
ويتوقع الصندوق أن يجد مشروع الإسكان الرأسي والشقق، رواجاً وإقبالاً في أوساط السودانيين محدودي الدخل، خاصة أنه أقل تكلفة وأصبح كثير من السودانيين يفضلونه على السكن الأفقي، الأمر الذي دفع الصندوق لتنفيذ برامج إعلامية لرفع مستوى وعي وثقافة المواطنين للتعامل مع السكن الجماعي والتعاون فيما بينهم.
ووفقاً لمسؤول في الصندوق القومي للإسكان فإن برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي، يتضمن كيفية المحافظة على خدمات البناية، ورفع وعيهم بهذا النوع من البناء، حتى تتحول الخرطوم إلى عاصمة حضارية وجاذبة. وأضاف المصدر أن برنامج التوعية بالسكن في الشقق ودوره في تقليل تكلفة السكن، سيتولاه فريق من اتحاد مراكز الخدمات الصحافية، الذي يضم جميع وسائل الإعلام المحلية، مما سيوسع قاعدة انتشار الحملات الإعلامية للسكن الرأسي.
تغير ثقافة المواطن السوداني من السكن التقليدي (الحوش) إلى مساحات صغيرة مغلقة لا تطل على الشارع أو الجيران، ليس أمرا هينا. وبين أن خطوة الصندوق الحالية للاعتماد على السكن الرأسي مهمة لأنها تزيل كثيرا من المفاهيم المغلوطة عن السكن في الشقق السكنية.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان عام 2018 بدأ بالتعاون مع شركة هيتكو البريطانية للاستثمار، لتنفيذ مشروع الإسكان الفئوي الرأسي، الذي يستهدف بناء 50 ألف وحدة سكنية بالعاصمة الخرطوم، وكذلك مشروع لبناء أكبر مسجد في السودان، بمساحة 5 كيلومترات، وبناء 3 آلاف شقة ومحلات تجارية.