«اقتصاد اللاجئين» ينعش تركيا

أسهموا في رفع معدل النمو.. و5 ملايين دولار عائدات يومية لصادراتهم

عامل بأحد محلات الأسماك بالعاصمة التركية أنقرة (رويترز)
عامل بأحد محلات الأسماك بالعاصمة التركية أنقرة (رويترز)
TT

«اقتصاد اللاجئين» ينعش تركيا

عامل بأحد محلات الأسماك بالعاصمة التركية أنقرة (رويترز)
عامل بأحد محلات الأسماك بالعاصمة التركية أنقرة (رويترز)

رغم أن وجود السوريين المقيمين في تركيا كان يعد من قبيل «الأزمة الضاغطة» على الاقتصاد التركي خلال الأشهر الماضية، فإن إحصاءات وتقديرات حديثة أوضحت أن وجودهم على الأراضي التركية أسفر عن انتعاش كبير في الاقتصاد التركي، بل ورفع معدل النمو لهذا العام، وتوقع مزيد من الارتفاع خلال العام المقبل.
ويحقق السوريون المقيمون في تركيا، بسبب ظروف الحرب في بلادهم، عائدات تبلغ 5 ملايين دولار يوميا من البضائع التركية التي يقومون بإدخالها إلى سوريا. وبحسب طاهر أحمد قاسم، رئيس غرفة التجارة والصناعة السورية في تركيا، فإن السوريين يصدرون المنتجات الغذائية، بشكل خاص، من تركيا عبر بوابتي أونجو بينار وجيلفاجوزو الحدوديتين بين تركيا وسوريا.
وقال قاسم في تصريحات أمس الثلاثاء «إننا نعمل على زيادة كمية الصادرات من تركيا يوميا، وبالتالي زيادة مساهمتنا في إدخال العملة الأجنبية إلى تركيا»، لافتا إلى أن غرفة التجارة والصناعة السورية في تركيا أنشئت منذ 21 شهرا في بلدة ريحانلي (الريحانية) في محافظة هطاي جنوب تركيا المتاخمة للحدود السورية، ويبلغ عدد أعضائها الآن 600 عضو، مشيرا إلى أنهم يخططون لافتتاح فروع لها في محافظتي مرسين وغازي عنتاب جنوب تركيا أيضا.
ولفت قاسم إلى أن الغرفة تقدمت بالأوراق المطلوبة للسلطات التركية من أجل الموافقة على تصدير السكر إلى سوريا، وأضاف: «كما نريد توسيع نشاطنا في تصدير الحاصلات والمنتجات الزراعية إلى المناطق القريبة من الحدود التركية، مثل إدلب وغيرها، ونسعى إلى جلب بضائع من سوريا إلى داخل تركيا مثل العدس والقطن والفول والكمون».
وبحسب إحصائيات رسمية في تركيا حول عدد الشركات التي يتم افتتاحها سنويا، باتت الشركات السورية تمثل نسبة الربع من 50 ألف شركة تفتح كل عام.
وبلغ عدد الشركات الجديدة التي تم افتتاحها في تركيا خلال الأشهر السبعة المنقضية من العام الحالي ألفين و786 شركة مشتركة بين أتراك وأجانب، وبحسب إحصاءات صادرة عن اتحاد الغرف التجارية والبورصات التركي، بلغ عدد الشركات المشتركة مع السوريين من هذا الرقم ألفا و102 شركة، مقابل 177 شركة مع شركاء من العراق وألمانيا.
وبحسب مسؤولين ومحللين اقتصاديين، شكل وجود اللاجئين السوريين في تركيا أحد أسباب الارتفاع المفاجئ في معدل نمو الاقتصاد التركي خلال الربع الثالث من العام الماضي 2015، كما أنهم السبب في توقع نمو مرتفع للمعدلات خلال العام الحالي 2016.
ويقول مسؤولون في قطاع الاقتصاد التركي إن السوريين الذين يشكّلون أكبر تجمع للاجئين في العالم، ترك أثرا إيجابيا على الاقتصاد في تركيا يتمثل في البداية بمساهمة اللاجئين السوريين في جلب بضائع كالثلاجات والمواقد، بالإضافة لزيت الطهي والخبز والدقيق ومواد البناء إلى تركيا منذ خمس سنوات.
ورغم أن اللاجئين السوريين في تركيا، والبالغ عددهم نحو 2.7 مليون شخص يشكلون ضغطًا على المساكن والوظائف؛ لكنهم في الوقت نفسه يحفزون النمو الاقتصادي، وعدم حصول الكثير منهم على تصاريح عمل دفعهم إلى العمل بطريقة غير قانونية، في حين ساهم المال الذي ينفقونه في تغذية الاقتصاد ودعموا النمو من خلال الإنفاق الاستهلاكي.
ووصف نائب رئيس الوزراء التركي للشؤون الاقتصادية محمد شيمشك تحقيق نمو بواقع 4 في المائة خلال الربع الثالث من العام الماضي بأنه كان «مفاجأة إيجابية». كما عدلت الحكومة التركية توقعاتها للنمو في 2016 إلى 4.5 في المائة، بدلا من 4 في المائة فقط.
وبحسب الخبراء، فمن الصعب التوصل لأرقام عن مساهمات اللاجئين السوريين الذين يقيمون خارج مخيمات اللجوء، لأن جانبا من إنفاقهم يتركز في قطاعات اقتصادية «غير رسمية». ويعتبر خبراء أن إحدى الطرق لتقدير ذلك تتمثل في استخدام «خط الجوع» الذي وضعه اتحاد النقابات المهنية التركية، ويمثل الحد الأدنى الذي قد يحتاج إلى «شخص عادي» لإنفاقه لتجنب الجوع، وهو 346 ليرة تركية؛ أي ما يعادل 117 دولارًا في الشهر.
وتدور التقديرات حول إنفاق كل لاجئ سوري 346 ليرة شهريًا، أي إن 2.7 مليون لاجئ ينفقون ما يعادل 0.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لتركيا.
من جهة أخرى، فالحسابات تشير إلى أن اللاجئين السوريين يسهمون في الإنفاق في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 1.7 في المائة، إذا أجريت التقديرات على أساس «خط الفقر» البالغ 1128 ليرة شهريًا، وهو أقل مبلغ يحتاجه الفرد شهريا لتجنب الفقر، ويشمل قدرته على الحصول على أشياء تعتبر أساسية كالملابس والكهرباء والمواصلات الأساسية.
على الجانب الآخر، ساهم تدفق اللاجئين السوريين في زيادة الأسعار، خاصة أسعار الغذاء وإيجارات المساكن في مناطق بها كثافة عالية من اللاجئين، في حين قالت الحكومة التركية أيضًا في وقت سابق إنها أنفقت منذ بداية الصراع في سوريا أكثر من 10 مليارات دولار على معسكرات اللاجئين وضخّت مزيدًا من المال على البضائع والخدمات.
وارتفعت الأسعار الاستهلاكية السنوية إلى 9.48 في المائة في يناير (كانون الثاني) في عموم تركيا، لكن المعدلات بلغت 10.67 في المائة في مناطق حدودية مثل غازي عنتاب وأديامان وكيليس.
ويعد التحدي الاقتصادي الأساسي لتركيا هذا العام هو مواجهة التضخم، وهي مهمة أصبحت، بحسب الخبراء، أكثر صعوبة بسبب زيادة الحدّ الأدنى للأجور بواقع 30 في المائة الذي بدأ تطبيقه مطلع العام الحالي.
وكان السوريون قبل التعديلات الجديدة الخاصة بتصاريح العمل في تركيا يوضعون في خانة المستهلكين فقط حتى الفترة الأخيرة، ما تسبب في زيادة التضخم.. لكن بعد حصولهم على حق العمل سيساهم هذا في الحد من التضخم لكنه في الوقت نفسه سيتسبب في زيادة البطالة لدخولهم في دورة الإنتاج.



الفجوة بين العائدات الصينية والأميركية تتسع إلى أقصى حد في 22 عاماً

العلمان الأميركي والصيني أمام أوراق نقدية من الدولار واليوان (رويترز)
العلمان الأميركي والصيني أمام أوراق نقدية من الدولار واليوان (رويترز)
TT

الفجوة بين العائدات الصينية والأميركية تتسع إلى أقصى حد في 22 عاماً

العلمان الأميركي والصيني أمام أوراق نقدية من الدولار واليوان (رويترز)
العلمان الأميركي والصيني أمام أوراق نقدية من الدولار واليوان (رويترز)

هبطت العائدات على السندات الصينية طويلة الأجل إلى مستويات منخفضة قياسية يوم الخميس، مدفوعة بتراجع التوقعات الاقتصادية، مما أدى إلى اتساع الفجوة بين العائد على السندات الصينية والسندات الأميركية لأجل عشر سنوات إلى أكبر مستوى في 22 عاماً، وهو ما فرض مزيداً من الضغوط على اليوان.

وانخفض العائد على سندات الخزانة الصينية لأجل عشر سنوات بنحو نقطتين أساس إلى 1.805 في المائة، وهو أدنى مستوى على الإطلاق. كما وصلت العقود الآجلة للسندات لأجل عشر سنوات، والتي تتحرك عكسياً مع العائدات، إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، وفق «رويترز».

وشهدت أسعار السندات ارتفاعاً هذا الأسبوع بعد أن تعهدت الصين يوم الاثنين باتباع سياسة نقدية «ميسرة بشكل مناسب» في العام المقبل، وهو أول تخفيف لموقفها النقدي منذ نحو 14 عاماً.

وقال يوان تاو، المحلل في «أورينت فيوتشرز»: «إن انخفاض أسعار الفائدة الخالية من المخاطر في الصين من شأنه أن يدفع المستثمرين إلى البحث عن عائدات أعلى، مما قد يؤدي إلى زيادة الاستثمار في منتجات إدارة الثروات بالدولار». وأضاف أن الاستثمار الخارجي وتراجع قيمة اليوان قد يغذيان بعضهما بعضاً.

ووفقاً لشركة «بويي ستاندرد» الاستشارية، تضاعف حجم الأموال الصينية المستثمرة في منتجات الاستثمار بالدولار خلال العام الماضي ليصل إلى 281.9 مليار يوان (38.82 مليار دولار).

وفي سياق متصل، قالت مصادر لـ«رويترز» يوم الأربعاء إن كبار القادة وصناع السياسات في الصين يدرسون السماح لليوان بالضعف في عام 2025، في ظل استعدادهم لزيادة الرسوم الجمركية الأميركية. وكان اليوان قد هبط بأكثر من 2 في المائة مقابل الدولار منذ فوز دونالد ترمب في الانتخابات أوائل الشهر الماضي، حيث هدد بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 60 في المائة أو أكثر على السلع الصينية.

واستقرت العملة الصينية عند 7.2626 مقابل الدولار عند ظهر يوم الخميس، بعد أن قالت صحيفة تابعة للبنك المركزي الصيني في وقت متأخر من يوم الأربعاء إن أسس «اليوان المستقر بشكل أساسي» لا تزال «متينة».

كما سجل العائد على السندات الصينية لمدة 30 عاماً أدنى مستوى قياسي عند 2.035 في المائة، حيث يتوقع المحللون المزيد من تخفيضات أسعار الفائدة العام المقبل، مما قد يدفع العائدات طويلة الأجل إلى الانخفاض أكثر.