البنتاغون: لا ندعم الاشتباكات بين القوات التركية والأكراد

أوباما يلتقي إردوغان الأحد لمناقشة الملف السوري

البنتاغون: لا ندعم الاشتباكات بين القوات التركية والأكراد
TT

البنتاغون: لا ندعم الاشتباكات بين القوات التركية والأكراد

البنتاغون: لا ندعم الاشتباكات بين القوات التركية والأكراد

أعلن البيت الأبيض، أمس، أن الرئيس الأميركي باراك أوباما سيلتقي، الأحد المقبل في الصين، نظيره التركي رجب طيب إردوغان، لبحث الوضع في سوريا خصوصا، بحسب ما أعلن مستشار أوباما بن رودس. وأعربت واشنطن الاثنين عن قلقها من العملية التركية غير المسبوقة ضد تنظيم داعش في سوريا، التي تهدف إلى وقف تقدم الأكراد السوريين على الحدود أيضًا.
وحذرت واشنطن، من استمرار الاشتباكات في سوريا بين القوات التركية والمقاتلين الأكراد الذين تدعمهم الولايات المتحدة، ووصفت تلك الاشتباكات بأنها «غير مقبولة» وتثير «القلق الشديد» وطالبت جميع الأطراف بالتوقف عنها.
وقال بيتر كوك، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن «واشنطن تتابع عن كثب التقارير عن (اشتباكات جنوب) جرابلس (شمال) حيث تنظيم داعش لم يعد موجودا، بين القوات التركية المسلحة وبعض الفصائل المعارضة من جهة، ووحدات منضوية في (قوات سوريا الديمقراطية)» من جهة أخرى.
وأضاف المتحدث: «نريد أن نوضح أننا نعتبر هذه الاشتباكات غير مقبولة وتشكل مصدر قلق عميق».
وأكد كوك أن «الولايات المتحدة لا تشارك في هذه الأنشطة (الاشتباكات)، كما لم يتم التنسيق مع القوات الأميركية في شأنها، ونحن لا ندعمها ونأسف لكل خسائر في الأرواح في هذه الاشتباكات، ونؤكد أن الولايات المتحدة تشارك بفاعلية في تهدئة النزاعات والتركيز على محاربة (داعش) الذي لا يزال يشكل تهديدا مشتركا».
وأضاف: «إننا نسعى للحفاظ على السلامة الإقليمية ووحدة سوريا، وقد أوضحنا ذلك لـ(وحدات حماية الشعب الكردي)، (YPG)، و(قوات سوريا الديمقراطية). إن عليهم العبور إلى الجانب الشرقي من نهر الفرات وفهم ما يحدث، وسنواصل الانخراط مع شركائنا على الأرض للتأكد من أن جهودنا للتعامل مع (داعش) منسقة ومتزامنة بشكل جيد».
ودعا المتحدث باسم البنتاغون كل الأطراف المعنية إلى وقف كل الأعمال المسلحة في هذه المنطقة، وقال: «إننا ندعو جميع الجهات الفاعلة المسلحة إلى التراجع فورا، واتخاذ التدابير المناسبة لتهدئة الصراع، ونناشد كل الجهات المسلحة في ساحة المعركة المزدحمة بالفعل، بفتح قنوات مباشرة من التواصل بعضهم مع بعض».
وحذر المتحدث باسم البنتاغون من أن شن عمليات غير منسقة ومناورات لن تؤدي سوى إلى توفير فرص لـ«داعش» للحصول على ملاذ، ومواصلة التخطيط لهجمات ضد تركيا، وضد «قوات سوريا الديمقراطية»، (DSF)، وضد الولايات المتحدة، مؤكدا حتمية التركيز على محاربة «داعش» خلال الأيام والأسابيع المقبلة.
وشددت وزارة الدفاع الأميركية في بيانها على أنها لا تزال ملتزمة بالعمل مع شركائها في مكافحة «داعش»، وأن جزءا مهما من هذا الجهد هو منع وصول «داعش» إلى الحدود السورية - التركية. وأكدت أنها قامت بدعم تركيا، حليفها في حلف شمال الأطلسي، لطرد «داعش» من مدينة جرابلس، وأنها ما زالت على استعداد للاستمرار في دعم تركيا في العمليات لطرد «داعش» على طول الحدود.
وكررت وزارة الدفاع الأميركية تأييد «قوات سوريا الديمقراطية» في جهودها لهزيمة «داعش»، وقالت إن هذه القوات أثبتت أنها يمكن الاعتماد عليها في الحرب ضد «داعش».
من جانبه، قال بريت ماكجورك، المبعوث الأميركي لقوات التحالف لمكافحة «داعش»: «نحن نريد أن نوضح أننا نرى هذه الاشتباكات في المناطق التي لا يوجد فيها (داعش)، أمرا غير مقبول ومصدرا للقلق العميق».
وأضاف ماكجورك في تصريحات للصحافيين عبر البريد الإلكتروني، إن وزارة الدفاع الأميركية أدانت الاشتباكات والقتال في جنوب مدينة جرابلس السورية، مؤكدا أن القوات الأميركية لم تشارك في هذه الاشتباكات.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.