لبنان: الحكومة تترنح على وقع تعليق وزراء عون حضور الجلسات

مصادر سلام لـ «الشرق الأوسط»: حركة الاتصالات لم تتوصل لأي خرق

لبنان: الحكومة تترنح على وقع تعليق وزراء عون حضور الجلسات
TT

لبنان: الحكومة تترنح على وقع تعليق وزراء عون حضور الجلسات

لبنان: الحكومة تترنح على وقع تعليق وزراء عون حضور الجلسات

لا يبدو في أفق المشهد السياسي اللبناني أي انفراجات قريبة، إن كان بما يتعلق بأزمة رئاسة الجمهورية المستمرة منذ مايو (أيار) 2014، أو أزمة الحكومة المستجدة بعد قرار وزراء «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون تعليق حضورهم الجلسات، وبالتالي، غياب ممثلي الأحزاب المسيحية الـ3 الأكبر عن مجلس الوزراء. المعطيات تشير إلى تعقيدات جديدة سيكون على الطبقة السياسية التعامل معها، وبالتحديد لجهة تفاقم أزمة النفايات مجددا مع استمرار «حزب الكتائب» في التصدي للخطة التي أقرتها الحكومة من خلال إقفال مطمر برج حمود في ضواحي بيروت الشرقية، احتجاجا على طمر الشاطئ بالنفايات غير المفرزة، في ظل غياب أي حلول بديلة في الوقت الراهن، كما يؤكد الوزراء المعنيون.
وبحسب مصادر مقربة من رئيس الحكومة تمام سلام، فإن حركة الاتصالات الحاصلة بعيدا عن الأضواء لم تُسفر حتى الساعة عن نتائج تُذكر، كما لم تؤد إلى بلورة أفكار جديدة لتفعيل العمل الحكومي، مرجحة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن يتم التعامل جديا مع الأزمة في الخامس من سبتمبر (أيلول) المقبل، وهو موعد الجلسة المقبلة للحوار الوطني، التي ستسبق بـ3 أيام الجلسة التي سبق تحديدها لمجلس الوزراء. وأضافت المصادر «إذا كان هناك من إمكانية لحل المشكلة التي تعترضنا فذلك سيتم على طاولة الحوار».
حاليًا، لا توحي المعطيات المتوافرة بأن فريق عون السياسي بصدد إعادة النظر بمسار التصعيد الذي قرر سلوكه، وهو ما عبّرت عنه مصادر في «التيار الوطني الحر» الذي يتزعمه عون ويرأسه وزير الخارجية جبران باسيل، حين قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الأمور وصلت إلى مرحلة اللاعودة إلى الوراء»، مشيرة إلى أن «الخطة المعتمدة لا تقضي بالإطاحة بالحكومة، بل بفرض احترام الميثاقية والوجود المسيحي، ووضع حد لمهزلة التمديد»، بإشارة إلى تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جان قهوجي، والمتوقع أن يتم قريبًا في ظل تعذر الاتفاق على اسم قائد جديد.
مواقف وخطوات عون الأخيرة لا تلاقي ترحيبًا لدى حليفيه الشيعيين ما يسمى «حزب الله» ورئيس المجلس النيابي نبيه برّي، الذي لم يتردد بالتعبير عن امتعاضه، لافتا إلى أنه من خلال منعه سقوط الحكومة ودعمه بقاءها «أحمي العونيين من أنفسهم، وأحمي لبنان في ظلّ هذه الظروف الإقليمية الصعبة». في حين يرى تيار «المستقبل» خيار الانسحاب من هذه الحكومة كما خيارات كثيرة أخرى على طاولة البحث والنقاش، وهو ما كان قد كشف عنه في وقت سابق مستشار رئيس تيار «المستقبل» الدكتور غطاس خوري.
وفي هذا السياق، قال النائب في «المستقبل» الدكتور عاصم عراجي لـ«الشرق الأوسط» إن «خيار الاستقالة من الحكومة مطروح، ولكنّه آخر الخيارات التي يمكن اللجوء إليها في حال تبين لنا ألا فرق بين وجودها وعدمه»، لافتا إلى أن «تحول مجلس الوزراء بالمرحلة الراهنة إلى تصريف الأعمال في ظل شغور سدة الرئاسية وتعطيل عمل مجلس النواب، إنما هو قفزة إلى المجهول». وإذ أعرب عراجي عن أسفه العميق لكيفية تعاطي «التيار الوطني الحر» مع الموضوعات المطروحة، وبالتحديد «استخدام ورقة الحكومة والميثاقية للتصعيد والضغط لفرض انتخاب زعيمه النائب ميشال عون رئيسا للبلاد»، أضاف قائلا: «هناك نقاش مفتوح داخل تيار المستقبل، سيستكمل لدى عودة الرئيس الحريري من جولته الخارجية»، مؤكدا الاستمرار بدعم ترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.
من ناحية أخرى، خلال احتفال حزبي لتيار عون، قال باسيل إن «السلطة كلمة بشعة، لكن لم ندخلها لنصير مثلها ومثل ناسها؛ فنحن نبقى كما نحن في الحكومة أو خارجها، وفي الحوار أو خارجه.. لن تلوثنا نفاياتهم، ولن نعيش في عتمة كهربائهم وظمأ مياههم ونحن نعيش لعناتهم».
وأضاف: «حزنوا أمس لأننا قلنا لهم إنه ملعون من يريد اقتلاعنا من بلدنا، واليوم نقول لهم أنتم وكل من لف لفكم، ملعونون إذا عملتم على اقتلاعنا».
أما عضو كتلة ما يسمى «حزب الله» النائب نواف الموسوي فواصل خط حزبه الداعم لعون، وحثّ في تصريح له رئيس تيار «المستقبل» على ما قال إنه «استكمال مسار الانفراج في اتجاه التيار الوطني الحر الذي يبدأ بانتخاب رئيس الجمهورية إلى تفعيل بقية المؤسسات الدستورية». واعتبر الموسوي أن حزبه قام بما عليه، وكانت مواقفه إيجابية.
وأضاف: «ندعو إلى التعجيل بهذا المسار لإخراج لبنان من هذه الأزمة من جهة، ولتفادي خطر ضرب صيغة الاستقرار القائمة من جهة أخرى، لأن استقرارنا حساس جدا ودقيق للغاية، وأي حدث من أي جهة لا ترغب في هذا الاستقرار».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».