مؤتمر «أهل السنة» في الشيشان يطالب بخطوات جادة لصد جماعات الإرهاب

200 عالم ومفتٍ أكدوا أن توصياتهم ستسهم في إطفاء الحروب التي تتخذ من أجساد العرب «فئران تجارب»

جانب من المشاركين في فعاليات مؤتمر الشيشان (الشرق الأوسط)
جانب من المشاركين في فعاليات مؤتمر الشيشان (الشرق الأوسط)
TT

مؤتمر «أهل السنة» في الشيشان يطالب بخطوات جادة لصد جماعات الإرهاب

جانب من المشاركين في فعاليات مؤتمر الشيشان (الشرق الأوسط)
جانب من المشاركين في فعاليات مؤتمر الشيشان (الشرق الأوسط)

طالب مؤتمر «من أهل السنة والجماعة» المنعقد في الشيشان بحضور أكثر من 200 عالم ومفتٍ من مختلف الدول العربية والإسلامية والغربية، العالم الإسلامي، بالتوقف عن الجدال والتنظير والانشغال بصغائر الأمور والقضايا، لتفويت الفرصة على الجماعات الإرهابية الذي تستغل ذلك لصياغة مناهجها التدميرية.
وقال المشاركون في المؤتمر إن «تجمع العلماء في الشيشان سوف يسهم بشكل جاد في إطفاء الحرائق والحروب اللاإنسانية، التي تتخذ من أجساد العرب والمسلمين وأشلائهم (فئران تجارب) دموية، وتشعلها أنظمة استعمارية جديدة تقدم بين يدي نيرانها نظريات شيطانية مرعبة». وأكد المشاركون أن «خطط هذه الأنظمة الماكرة بدأت تزحف على ثقافات الناس ومعتقداتهم ومقدراتهم التاريخية والحضارية وتخضعها لمعايير ثقافة عالمية واحدة».
وتشارك مصر في فعاليات مؤتمر «من هم أهل السنة والجماعة.. بيان وتوصيف لمنهج أهل السنة والجماعة اعتقادًا وفقهًا وسلوكًا وأثر الانحراف عنه عن الواقع» بالعاصمة الشيشانية جروزني، بوفد رفيع المستوى من علماء الأزهر.
وافتتح الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، أمس، مسجد الحاج يوسف القلقشندي بقرية القلقشندي شمال العاصمة جروزني، بحضور الرئيس الشيشاني رمضان قديروف وعدد كبير من علماء الأمة الإسلامية.
وألقى قادة وعلماء الشيشان والقوقاز كلمات أعلنوا فيها عن سعادة جموع الشعب الشيشاني بزيارة الأزهر، مؤكدين أن شيخ الأزهر هو إمام أهل السنة والجماعة، وخطب الدكتور إبراهيم الهدهد رئيس جامعة الأزهر، خطبة الجمعة، وتحدث عن أخلاق رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ورحمته مع المسلمين وغير المسلمين، بل حتى مع أعدائه الذين آذوه ثم عفا عنهم بعد تمكنه منهم في فتح مكة، مضيفا أن «هذه الأخلاق حددت مسلك الوسطية والاعتدال في الدعوة إلى الله عز وجل، وهو النهج الذي سار عليه علماء المسلمين على مختلف العصور».
وأكد المشاركون في المؤتمر، أن هناك بعض القوى الإقليمية والدولية تحاول خلق صراعات طائفية ومذهبية في الدول العربية والإسلامية، لخدمة أعداء الأمة ومصالحها الضيقة.
وقال الدكتور علي جمعة، مفتي مصر الأسبق، عضو هيئة كبار العلماء بمصر خلال مشاركته بمؤتمر الشيشان، أمس، إن «الأزهر لم يخترق كما يروج البعض للتشكيك في الأزهر، ولن يخترق لأن الله هو الذي أقامه وحافظ عليه وهيأه للحفاظ على المنهج الصحيح». ويردد بعض العلمانيين في مصر أن الأزهر مُختَرق من قبل بعض الجماعات والتيارات المتشددة.
لكن جمعة أكد أن أهل السنة والجماعة وعلى رأسهم الأزهر، هم أهل الحق الذين لم يكتفوا بإدراك النص، بل اهتموا بإدراك الواقع، ولم يكفّروا أحدا من أهل القبلة، ووفقوا بين العقل والنقل وتعايشوا مع الآخر.
«وسبق أن جدد الأزهر في مارس (آذار) الماضي دعوته لعقد اجتماع بين علماء السنة ومراجع الشيعة.. كما دعا بشكل صارم المرجعيات الشيعية في العراق وإيران في ديسمبر (كانون الأول) عام 2014، بإصدار فتاوى صريحة تحرم بشكل قاطع سب الصحابة وأمهات المؤمنين ورموز أهل السنة، وبالتوقف عن محاولات نشر المذهب الشيعي في البلاد السنية».
من جهته، أكد الدكتور أسامة الأزهري مستشار الرئيس المصري وكيل اللجنة الدينية بالبرلمان المصري، أن «مؤتمر الشيشان هدفه إلقاء الضوء على المشكلات التي تحيط العالم الإسلامي في مسائل العقائد والأفكار التي يتم استغلالها من التيارات الإرهابية المتطرفة في صياغة مناهجها التدميرية»، مشددًا على أن التكفير والتفجير يسيران على قدم وساق.. وفى المقابل المؤسسات الدينية المعنية لم تدرك اللحظة الفارقة، مما أنتج فراغا زمنيا فارقا في مسيرة التكفير، وملاحقته من المختصين بنشر الدين الوسطى وصحيح العقائد.
وقال أحد المشاركين المصريين في فعاليات مؤتمر الشيشان، إن «المتطرفين يحاولون أن يقدموا الدين الإسلامي على أنه نموذج للتخريب والهدم والتفريق والعداء المتواصل». مؤكدا في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن «المؤتمر يأتي في وقت بالغ الدقة والخطورة، مما يجعل مسؤولية علماء الدين عظيمة وفاء بواجبهم الديني والوطني والإنساني لتصحيح الصورة الذهنية الخاطئة عن الدين الإسلامي، ورد شبهات المشككين فيه، التي كان بعض المنتسبين له والجماعات المتطرفة سببًا فيها».
وقال رئيس مجلس حكماء المسلمين، إن مفهوم «أهل السنة والجماعة»، الذي كان يدور عليه أمر الأمة الإسلامية قرونا متطاولة نازعته في الآونة الأخيرة دعاوى وأهواء، لبست عمامته شكلاً، وخرجت على أصوله وقواعده وسماحته موضوعًا وعملاً، حتى صار مفهومًا مضطربًا، شديد الاضطراب عند عامة المسلمين، بل عند خاصتهم ممن يتصدرون الدعوة إلى الله، لا يكاد يبين بعض من معالمه حتى تنبهم قوادمه وخوافيه، وحتى يصبح نهبًا تتخطفه دعوات ونحل وأهواء، كلها ترفع لافتة مذهب أهل السنة والجماعة، وتزعم أنها وحدها المتحدث الرسمي باسمه.. وكانت النتيجة التي لا مفر منها أن تمزق شمل المسلمين بتمزق هذا المفهوم وتشتته في أذهان عامتهم وخاصتهم، ممن تصدروا أمر الدعوة والتعليم، حتى صار التشدد والتطرف والإرهاب وجرائم القتل.
وأشار الدكتور الطيب رئيس «حكماء المسلمين» خلال فعاليات المؤتمر إلى أن اضطراب مفهوم «أهل السنة والجماعة» أطمع آخرين من المتربصين بهم بتصويب سهامهم نحو هذا المفهوم وتشويه سيرته، والافتراء عليه بأنه المسؤول عن الجرائم الإرهابية التي تقترفها الجماعات التكفيرية المسلحة.. وهؤلاء المفترون هم أول من يعلم أن هذه الجماعات التكفيرية بتصرفاتها البشعة المنكرة لا تمت إلى «أهل السنّة والجماعة»، وأغلب الظن أن هذه الفئة قد اتخذت من هجومها على مفهوم أهل السنّة والجماعة غطاء لتحقيق أغراض سياسية ومكاسب طائفية وأطماع توسعية لإذكاء نوازع الفرقة بين المسلمين، وبعث لفتن طواها الزمن وأصبحت في ذمة التاريخ، ونشر لثقافة الحقد والكراهية، موضحًا أن «أهل السنة والجماعة» حسب منهج التعليم بالأزهر، يُطلق على أتباع إمام أهل السنّة أبي الحسن الأشعري، وأتباع إمام الهدى أبي منصور الماتريدي، وأهل الحديث، ولم يخرج عن عباءة هذا المذهب فقهاء الحنفية والمالكية والشافعية والمعتدلون من فقهاء الحنابلة، وهذا المفهوم بهذا العموم الذي يشمل علماء المسلمين وأئمتهم من المتكلمين والفقهاء والمحدثين وأهل التصوف والإرشاد، وأهل النحو واللغة أكده قدماء الأشاعرة أنفسهم منذ البواكير الأولى لظهور هذا المصطلح بعد وفاة الإمام الأشعري، ثم هو ما استقر عليه الأمر عند جمهرة علماء الأمة عبر القرون التالية، وهذا هو الواقع الذي عاشته الأمة لأكثر من ألف عام، حيث عاش الجميع في وحدة جامعة استوعبت التعدد والاختلاف المحمود، ونبذت الفرقة والخلاف المذموم.



بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، فجر السبت، إلى لاوس حيث سيحضر اجتماعات رابطة دول «آسيان» ويجري محادثات مع نظيره الصيني، وذلك في مستهل جولة آسيوية تشمل دولاً عدة وتهدف إلى تعزيز علاقات واشنطن مع حلفائها الإقليميين في مواجهة بكين.

ومن المقرر أن يلتقي بلينكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش محادثات وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تعقد في فينتيان، عاصمة لاوس.

منافسة حادة

ويسعى بلينكن لتحقيق تطلّع بجعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ «منطقة حرة ومفتوحة ومزدهرة»، وهو شعار يحمل في طيّاته انتقاداً للصين وطموحاتها الاقتصادية والإقليمية والاستراتيجية في المنطقة.

وقالت وزارة الخارجية في بيان صدر قبل وقت قصير من وصول بلينكن إلى فينتيان، إنّ «محادثات الوزير ستواصل البناء والتوسع غير المسبوق للعلاقات بين الولايات المتحدة وآسيان»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وهذه هي الزيارة الـ18 التي يقوم بها بلينكن إلى آسيا منذ توليه منصبه قبل أكثر من ثلاث سنوات، ما يعكس المنافسة الحادة بين واشنطن وبكين في المنطقة.

ووصل بلينكن بعد يومين على اجتماع عقده وزيرا خارجية الصين وروسيا مع وزراء خارجية تكتل «آسيان» الذي يضم عشر دول، وقد عقدا أيضاً اجتماعاً ثنائياً على الهامش.

وناقش وانغ وسيرغي لافروف «هيكلية أمنية جديدة» في أوراسيا، وفق وزارة الخارجية الروسية.

وقالت الوزارة إن وانغ ولافروف اتفقا على «التصدي المشترك لأي محاولات من جانب قوى من خارج المنطقة للتدخل في شؤون جنوب شرق آسيا».

وتقيم الصين شراكة سياسية واقتصادية قوية مع روسيا. ويعتبر أعضاء حلف شمال الأطلسي بكين مسانداً رئيسياً لموسكو في حربها على أوكرانيا.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، الجمعة، إن وانغ وبلينكن «سيتبادلان وجهات النظر حول مسائل ذات اهتمام مشترك».

ووفق وزارة الخارجية الأميركية سيناقش بلينكن «أهمية التقيّد بالقانون الدولي في بحر الصين الجنوبي» خلال محادثات «آسيان».

توترات متصاعدة

وتأتي المحادثات في خضم توترات متصاعدة بين الصين والفلبين في بحر الصين الجنوبي، حيث سجّلت مواجهات في الأشهر الأخيرة بين سفن فلبينية وصينية حول جزر مرجانية متنازع عليها.

وتتمسك بكين بالسيادة شبه الكاملة على الممر المائي الذي تعبره سنوياً بضائع بتريليونات الدولارات، على الرغم من حكم أصدرته محكمة دولية قضى بأن لا أساس قانونياً لموقفها هذا.

وفقد بحار فلبيني إبهامه في مواجهة وقعت في 17 يونيو (حزيران) حين أحبط أفراد من جهاز خفر السواحل الصيني محاولة للبحرية الفلبينية لإمداد قواتها في موقع ناء.

وانتقدت الصين في وقت سابق من العام الحالي تصريحات لبلينكن أبدى فيها استعداد واشنطن للدفاع عن الفلبين إذا تعرضت قواتها أو سفنها أو طائراتها لهجوم في بحر الصين الجنوبي.

وتصر بكين على أنه «لا يحق» للولايات المتحدة التدخل في بحر الصين الجنوبي.

والبلدان على طرفي نقيض في ملفات التجارة وحقوق الإنسان ووضع جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي.

وتشمل جولة بلينكن ستّ دول هي لاوس وفيتنام واليابان والفلبين وسنغافورة ومنغوليا.

ومن المقرر أن يصدر وزراء خارجية الدول المنضوية في «آسيان» بياناً مشتركاً في ختام الاجتماعات التي ستُعقد على مدى ثلاثة أيام.