المعارضة السورية مطمئنة إلى استمرار الدعم التركي

أعرب معارضون سوريون عن اطمئنانهم إلى استمرار الدعم التركي لهم خاصة بعد قرار أنقرة التوغل برا في سوريا والمشاركة في تحرير مدينة جرابلس والمناطق المحيطة من تنظيم داعش ومن ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية. ولم يُعر هؤلاء أهمية للمعلومات التي يتم تداولها فيما يتعلق بلقاءات يعقدها مبعوثون أتراك مع مسؤولين بالنظام السوري، ويؤكدون أن ما تبلغهم به القيادة في أنقرة مغاير تماما.
هشام مروة، النائب السابق لرئيس «الائتلاف» السوري المعارض أن تركيا «كانت ولا تزال داعما مهما ومميزا تماما كما الدول العربية للثورة السورية»، مؤكدا أنّه وإن تغير شيء بالمواقف المعلنة، إلا أنه لم يتغير شيء لجهة استمرار دعمها قوى المعارضة. وأشار مروة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن أنقرة تدعم ما تتفق عليه المعارضة فيما يتعلق بمصير رئيس النظام السوري بشار الأسد، «وبالتالي وبما أن معظم أطياف المعارضة اتفقت على وجوب رحيل الأسد قبل بداية المرحلة الانتقالية، فلا شك أن تركيا تؤيد هذا الموقف خاصة في ظل التجربة اليمنية السيئة الماثلة أمامنا وغير المشجعة». وأضاف: «أما ما نسمعه عن إمكانية أن يؤثر التقارب الروسي - التركي والتركي - الإيراني على موقف أنقرة من الثورة السورية، فنستبعده تماما».
واعتبر مروة أن «ما يسعى إليه الأتراك علاقة متينة مع الجارة سوريا بعد ضمان استقرارها ووحدتها، وكلنا يعي أنه لا إمكانية للاستقرار في حال استمرار الأسد على رأس النظام». وكان نُقل في الأشهر الماضية عن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم مواقف غير مسبوقة بما يتعلق بالعلاقة بين أنقرة ودمشق. وهو اعتبر أخيرا أنه «لا يمكن تجاهل النظام السوري من أجل إيجاد حل سياسي في سوريا». كما كان له موقف سابق رأى فيه أنّه من الطبيعي أن يكون للنظام السوري مكان على طاولة التفاوض في محادثات السلام»، إضافة لتصريحه الشهير عن أنه واثق من استعادة علاقات بلاده الطبيعية مع سوريا.
من جهة ثانية، اعتبر محمد سرميني، مدير مركز «جسور للدراسات»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف التركي «لطالما كان داعما للمعارضة والثورة السورية، باعتبار أن أنقرة تسعى منذ زمن بعيد لإنهاء الحرب وإحلال السلام وتمكين الشعب السوري من تقرير مصيره»، لافتا إلى أن «ما سعت إليه طوال الفترة الماضية لجهة الدفع باتجاه إنشاء المنطقة الآمنة ووقف الهجرة وسقوط الضحايا المدنيين، كلها عوامل تؤكد وقوف تركيا في صف الشعب السوري ولا أحد سواه».
وقال سرميني إن أنقرة تتصرف حاليا تبعا لوضع داخلي حرج لذلك نراها تبحث عن نقاط مشتركة مع الدول الإقليمية والمجتمع الدولي، لافتا إلى أنّه من المبكر الحديث عن اتفاقات في هذا المجال. وأضاف: «هناك محادثات لإيجاد حل للأزمة السورية لكن حتى الساعة لا استراتيجية موحدة».
وإذ شدّد سرميني على أن كل المسؤولين الأتراك الذين تلتقيهم المعارضة ينفون نفيا قاطعا وجود لقاءات بينهم وبين مسؤولين في النظام السوري، اعتبر أن التوغل التركي البري لمساندة الجيش الحر في قتال «داعش» يؤكد على الشراكة الأساسية والمستمرة بين الطرفين التي تطال أيضا عدوا مشتركا آخر إلى جانب النظام السوري و«داعش» وهو «حزب العمال الكردستاني» الذي نصنفه أيضا إرهابيا، واصفا التدخل العسكري التركي في المنطقة الحدودية الشمالية بـ«التدخل الجراحي».
جدير بالذكر أن موقف أنقرة الرسمي تطور على مدار السنوات الـ5 الماضية، أي منذ اندلاع الأزمة في سوريا تبعا للمعطيات الداخلية والإقليمية. ففي سبتمبر (أيلول) 2011 وبعد ستة أشهر من بداية مظاهرات سلمية ضد النظام في سوريا قمعت بشكل دموي، قال الرئيس التركي رجب إردوغان الذي كان الرئيس بشار الأسد «صديقا» له قبل أشهر قليلة، غن «الشعب السوري لم يعد يصدق الأسد وأنا أيضا». وأضاف إردوغان: «أخشى أن يتحول الأمر إلى حرب أهلية بين العلويين والسنة» في سوريا حيث يتولى العلويون أهم مناصب السلطة. وانحازت أنقرة إلى القوى الغربية وبدأت تصعيدا كلاميا ودبلوماسيا ضد جارتها سوريا قبل اتخاذ عقوبات بحقها.
ثم في أكتوبر (تشرين الأول) 2011 وبعد عدة اجتماعات على الأراضي التركية، أعلن معارضون سوريون تأسيس المجلس الوطني السوري الذي ضم عدة تيارات سياسية معارضة للنظام. وفي نهاية 2012 اعترفت تركيا بالائتلاف الجديد للمعارضة السورية باعتباره «الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري».
وامتدت تداعيات النزاع السوري إلى تركيا في يوليو (تموز) 2015 مع تسجيل اعتداء نسب إلى تنظيم داعش في سوروتش قرب الحدود مع سوريا. وأعلن إردوغان إثرها «حربا على الإرهاب» تستهدف حزب العمال الكردستاني والتنظيم الجهادي. وفي أغسطس (آب) من العام ذاته انضمت تركيا إلى التحالف الدولي ضد الجهاديين بقيادة واشنطن.
وزار إردوغان روسيا في 9 أغسطس 2016، حيث التقى الرئيس فلاديمير بوتين بعد تسعة أشهر من التوتر إثر إسقاط سلاح الجو التركي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 طائرة روسية عند الحدود السورية التركية. وفي وقت لاحق، زار وزير الخارجية التركي إيران التي تدعم النظام السوري وذلك بعد أسبوع من زيارة قام بها نظيره الإيراني لأنقرة. وغداة ذلك أكد رئيس الوزراء التركي أن بلاده ترغب في أن تقوم بدور «أكثر نشاطا» في الملف السوري خلال الأشهر الستة القادمة. وأكد «سواء أحببنا أم كرهنا، فإن الأسد هو اليوم أحد الفاعلين» في النزاع.
وفي 24 أغسطس 2016 شنت تركيا عملية عسكرية في سوريا أطلقت عليها «درع الفرات» تستهدف رسميا الميليشيات الكردية والمتشددة.