في تقرير موسّع وشامل صدر مؤخرًا عن المديرية العامة للآثار والمتاحف السورية تحت عنوان «التراث الأثري السوري خمس سنوات من الأزمة» تضمن مفردات الكارثة الكبيرة التي حلّت بالآثار والمباني التاريخية السورية، والأضرار بشكلها المفصّل، يبيّن التقرير في جانب منه التأثير الكبير للحرب والأزمة في واقع التنقيب الشرعي، وتواجد بعثات التنقيب وغياب مراكز علمية أثرية عالمية كانت تعمل في سوريا، وتؤكد جانيت مخول، رئيسة دائرة التخطيط في مديرية الآثار السورية، أن العمل الأثري تراجع في أنحاء سوريا كافة تجلى بعدد البعثات الأثرية العاملة بالتنقيب عن الآثار من بعثات أجنبية ومشتركة وطنية وسورية، الذي انخفض من 137 بعثة عام 2010 إلى 28 بعثة عام 2013، وانعكس بدوره على المعطيات الأثرية. ولكن ـ وحسب أحمد فرزت طرقجي، مدير التنقيب في مديرية الآثار السورية ـ فإن التواصل استمر عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي مع الكثير من مديري البعثات الأجنبية والمشتركة، الذين زودوا المديرية بجديد أبحاثهم ومنشوراتهم حول نتائج أعمال التنقيب التي أجروها سابقًا في سوريا، أو الدراسات الحديثة التي توصلوا لها.
وتوضح مخول، أن عدد اتفاقيات التعاون الدولية التي تهدف إلى حماية وصيانة الإرث الثقافي وكان لها آثارها الإيجابية في الآثار السورية، تجاوزت 14 في عام 2010 وتراجعت إلى 3 اتفاقيات في عام 2014، كذلك توقفت المراكز الأثرية العلمية في سوريا، ومنها المعهد الفرنسي للشرق الأدنى IFPO، والمركزان الدنماركي والهولندي، ومراكز أخرى كثيرة، وهي تعتبر مصدرًا علميًا مهمًا للأثريين وطلاب الآثار.
ولعل اللافت هنا والمحزن، أنه في عام 2011 تم اختيار عدد من المواقع الأثرية والتاريخية السورية ضمن اللائحة الأولية لإضافتها إلى لائحة التراث العالمي المحمي من قبل اليونيسكو، وهي (نواعير حماه، مدينة طرطوس القديمة، معلولا، دورا أوروبوس وماري، أفاميا، قصر الحير الشرقي، جزيرة أرواد، الرافقة، ابلا، أوغاريت)، لكن جاءت الأزمة والحرب لتتسبب بالتأخر في تسجيلها ضمن القائمة، وعدم القدرة على حماية الكثير من هذه المواقع، فلجأت ـ تشرح مخول ـ مديرية الآثار، إلى إطلاق حملة «سوريا بلدي» في عام 2012، وتهدف إلى إشراك المجتمع في حماية الآثار، وكان لها نتائج إيجابية، وكذلك توجيه نداء محلي وإقليمي ودولي للحفاظ على هذه المواقع ووضع خطط إسعافية لإنقاذها وإنقاذ الآثار السورية المادية واللامادية عن طريق محاربة الاتجار غير المشروع ومخاطبة الإنتربول الدولي والتعاون معه لاستعادة ما تم تهريبه من آثار وإعادتها إلى الوطن. كانت آخر مواقع أثرية سورية تم تسجيلها في اللائحة الدولية المحمية من قبل اليونيسكو قلعتي الحصن في ريف مدينة حمص الغربي، وصلاح الدين في ريف مدينة اللاذقية الشرقي، وذلك في عام 2007.
كما توقفت ـ تقول مخول ـ الكثير من مشروعات ترميم الآثار في المناطق المضطربة، علما بأنها ولسنوات عدة كانت من المشروعات المباشرة بها والمستمرة.
فيما استمرت الكوادر العلمية المحلية في مديرية المخابر التابعة لمديرية الآثار العامة في ترميم الكثير من لوحات الفسيفساء المتضررة واللوحات الكتابية المنقوشة والرسوم الجدارية.
كذلك حرمت الحرب والأزمة الزوار، خصوصا الأجانب من محبي الآثار السورية من زيارتها، حيث وبالأرقام كان عددهم في عام 2010، أي قبل بدء الأزمة، نحو مليون و400 ألف زائر لينخفض العدد في عام 2014 إلى 220 زائر فقط.
جدير بالذكر، أنه تم إطلاق حملة دولية ومبادرة من اليونيسكو تحت عنوان «حشد الجهود الدولية لحماية التراث الأثري السوري»، وتضمنت اجتماعات ومؤتمرات دولية بمشاركة القائمين والخبراء في مديرية الآثار السورية العامة، ونظمت الكثير من الدورات التدريبية لكوادر الآثار السورية لإطلاعهم على طرق حماية الآثار في ظل الحرب والأزمة، وتم التعاون في هذا المجال مع مراكز عالمية متخصصة، ومنها: اليونيسكو، الإيكوموس، الإيكروم (مركز آثار الشارقة)، وصندوق تمويل الأوابد العالمي، وجمعية الأولويات الثقافية في روما، ومؤسسات كثيرة أخرى أقامت أنشطة متعددة في أوروبا ومدن عربية لحماية الآثار السورية، وتوّجت هذه الأنشطة باستصدار القرار رقم 2199 في 12 فبراير (شباط) من العام الماضي 2015 عن مجلس الأمن الدولي الذي يمنع فيه التعامل والاتجار بالتراث الثقافي السوري.
الأزمة السورية أخّرت تسجيل مواقع تاريخية في قائمة اليونيسكو للتراث العالمي
200 أجنبي فقط زاروا المتاحف عام 2014
الأزمة السورية أخّرت تسجيل مواقع تاريخية في قائمة اليونيسكو للتراث العالمي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة