لافروف يستبق لقاءه كيري بانتقاد واشنطن ويرفض معاقبة النظام بسبب الكيماوي

موسكو ترفض اتهام موقفها من التدخل التركي بـ«الليونة».. وتكرر قلقها

لافروف يستبق لقاءه كيري بانتقاد واشنطن  ويرفض معاقبة النظام بسبب الكيماوي
TT

لافروف يستبق لقاءه كيري بانتقاد واشنطن ويرفض معاقبة النظام بسبب الكيماوي

لافروف يستبق لقاءه كيري بانتقاد واشنطن  ويرفض معاقبة النظام بسبب الكيماوي

لا يبدو أن موسكو تنوي معاقبة النظام على استخدامه السلاح الكيماوي، وقد تذهب للمماطلة و«تمييع» الأمر، وهي التي كانت ترفض دوما الإقرار بأن قوات النظام مسؤولة عن استخدام الكيماوي في الغوطة، كما أنها لا تعتبر حسين الدهقان وزير الدفاع الإيراني شخصية رسمية يتحدث باسم القيادة الإيرانية، ولذلك تتجاهل تصريحاته التي كال فيها اتهامات فجة لروسيا، وترى موسكو أن التعبير عن القلق بوصفه رد فعل أبدته الخارجية الروسية إزاء العملية التركية في سوريا موقف واضح ويسبب القلق لمن يفهم معنى «التعبير عن القلق»، أما الولايات المتحدة فما زالت وفق ما يقول الروس: «إما عاجزة عن الفصل بين المعارضة والإرهابيين وإما أنها تتعمد عدم تنفيذ التزاماتها في هذا المجال»، ولذلك تدعوها روسيا لتنفيذ التزاماتها. هذا هو المشهد الإعلامي الذي ساد في روسيا أمس، قبل ساعات على لقاء يترقب كثيرون نتائجه بين الوزيرين الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري في جنيف اليوم.
وأمس مهد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف للقائه المرتقب اليوم بنظيره الأميركي جون كيري بتصريحات حادة اللهجة، جمع فيها ما بين رفض روسي أولي لمعاقبة النظام السوري على استخدامه الأسلحة الكيماوية، واستياء شديد إزاء عدم تنفيذ الولايات المتحدة التزاماتها الخاصة بمسألة الفصل بين المعارضة والإرهابيين. وفي إجابته على سؤال حول دعوة نيد برايس، الناطق الرسمي باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، روسيا وإيران إلى المساهمة في إنزال العقاب بالنظام السوري بعد أن أكدت لجنة التحقيق مسؤوليته عن حالتي استخدام للأسلحة الكيماوية في سوريا، نصح لافروف الأميركيين بأنه «من الأفضل أن ينظروا إلى أنفسهم بداية في المرآة، وأن ينفذوا ما وعدوا به منذ شهر يناير (كانون الثاني)، أي فصل المعارضة التي يعتبرونها معتدلة عن الإرهابيين»، معربا عن اعتقاده أن الأميركيين «لا يستيطعون القيام بذلك. إما أنهم غير قادرين، أو أنهم لا يريدون الفصل بين المعارضة والإرهابيين»، حسب لافروف، الذي ختم قائلاً: «لهذا فلينظروا إلى أنفسهم»، قبل، أو بدلا من، أن يطلبوا من روسيا الضغط على دمشق بشأن الكيماوي، وفق ما فسرت به وكالات الأنباء الروسية عبارات لافروف، التي تعكس بوضوح مدى الاستياء الروسي من عجز الأميركيين عن الفصل حتى الآن بين المعارضة والإرهابيين، وهو كلام ربما يعكس إلى حد ما محاولة تهرب من إعلان موقف واضح إزاء تقرير لجنة التحقيق الخاصة بتحديد الجهات المسؤولة عن الهجمات الكيماوية في سوريا.
ولعل ماريا زاخاروفا، المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الروسية، كانت أكثر وضوحا من وزيرها بهذا الشأن، مع أن حديثها يحمل في طياته أيضًا مقدمات لمحاولة «تمييع الملف» الكيماوي. وخلال مؤتمرها الصحافي الأسبوعي، أمس، رحبت زاخاروفا بتقرير لجنة التحقيق المشتركة من الأمم المتحدة ومنظمة حظر السلاح الكيماوي، واعتبرت ما قام به المحققون «عملا ضخما»، مؤكدة أن الخارجية الروسية ستدرس ذلك التقرير بكل تفاصيله وستقوم بتحليل النتائج التي توصل إليها المحققون في تقريرهم. ودون أن تشير بأي شكل إلى تحميل النظام السوري المسؤولية عن هجومين كيماويين، أشارت إلى أن «الأهم والذي لم يشكل مفاجأة لموسكو هو إثبات التقرير أن إرهابيي (داعش) يمتلكون سلاحا كيماويا في سوريا والعراق وقاموا باستخدامه، وهو ما أشارت إليه روسيا وحذرت منه مرارا» حسب زاخاروفا، التي عادت وشددت على «ضرورة إعادة التأكد من كل الحقائق في التقرير الدولي، وعدم تسييس الأمر، والتعامل مع كل الهجمات وليس فقط تلك الهجمات التي يشتبه بأن النظام يقف خلفها».
مسألة أخرى أشارت إليها زاخاروفا خلال مؤتمرها الصحافي، أمس، كانت مثيرة للاهتمام، حول العلاقات مع طهران، التي يبدو أن خللا ما يشوبها. وفي معرض إجابتها على سؤال حول موقف موسكو من الاتهامات التي وجهها حسين الدهقان، وزير الدفاع الإيراني، لروسيا بسبب نشرها المعلومات حول استخدام مطار همدان، قاطعت زاخاروفا الصحافية التي وجهت السؤال محاولة أن تستفسر منها من الذي قال هذا الكلام؟ واستطردت قائلة: «في البداية يجب أن نفهم هل التصريح رسمي أو لا، وما إذا كان يعكس الموقف الرسمي لطهران؟ وعلينا أن نفهم هل التصريحات التي تصدر أحيانا عن مسؤولين وممثلي النخب في البلاد تعكس وجهة النظر الرسمية للبلاد أم لا؟»، متجاهلة كليا تصريحات عن شخصية لها وزنها المؤثر على مستوى القيادات الإيرانية.
أخيرا لم تضف زاخاروفا أي جديد على موقف بلادها حول العملية التركية في سوريا، واكتفت بالقول إن روسيا أعلنت عن موقفها عبر بيان وزارة الخارجية أول من أمس، أعربت فيه عن قلقها من سقوط مدنيين وتصاعد النزاع بين ممثلي الإثنيات في المنطقة. وعندما سألها صحافي أليس هذا الموقف «لينًا»؟ أشارت زاخاروفا إلى أن «التعبير عن القلق موقف مدروس وجدي، وهو يثير القلق لمن يعرف معنى التعبير عن القلق، وكنا واضحين في عرضنا القضايا التي تثير قلقنا»، وأكدت في هذا السياق أن العملية التركية في سوريا لن تؤثر على الاتفاق في بطرسبورغ، مؤخرا، بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان حول العمل معا في التصدي للإرهاب في سوريا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.