مدير «نفط عدن» لـ «الشرق الأوسط»: رصدنا تحسنًا تدريجيًا في توفير المشتقات.. ونحذر المتلاعبين

سكان المحافظة يودعون تجربة السوق السوداء التي زادت سعر الوقود خمسة أضعاف

جانب من ميناء عدن (غيتي)
جانب من ميناء عدن (غيتي)
TT

مدير «نفط عدن» لـ «الشرق الأوسط»: رصدنا تحسنًا تدريجيًا في توفير المشتقات.. ونحذر المتلاعبين

جانب من ميناء عدن (غيتي)
جانب من ميناء عدن (غيتي)

عادت محطات توزيع المشتقات النفطية في محافظات عدن ولحج وأبين والضالع جنوبي اليمن، إلى حالتها الطبيعية المعتادة ما قبل الحرب والأزمة التي سبقتها، فرغم الزيادة الضئيلة الطارئة على سعر البنزين والديزل، فإن السكان تقبلوها خاصة مع مرارة التجربة التي مروا بها خلال الفترة الماضية، والتي تمثلت في غياب المشتقات.
وغابت صور المعاناة التي عاشها أهالي عدن، والسوق السوداء التي ضاعفت سعر الوقود نحو خمس مرات، وبات 20 لترا من البنزين يكلف - حينها - نحو مائة دولار.
يعتقد السكان أن تدفق المشتقات وبشكل شبه كاف يغطي السوق المحلية، ويزود المؤسسات الحكومية الخدمية بما تحتاجه من وقود، وهو ما يحجب الأزمة التي عاشتها تلك المحافظات وأدت إلى بروز كثير من المشكلات الحياتية اليومية، منها انقطاعات تيار الكهرباء وزيادة في أسعار المواد الأساسية وازدهار لظاهرة السوق السوداء وغيرها من أشكال المعاناة.
يقول مدير عام شركة النفط بعدن الدكتور عبد السلام صالح حميد، لـ«الشرق الأوسط» بأن المحافظات المحررة «عدن، لحج، أبين، الضالع» تجاوزت عنق زجاجة الأزمة الخانقة في المشتقات النفطية التي رزحت لوطأتها خلال فترة الحرب وما تلاها، كاشفا عن أن الوضع التمويني بات تحت السيطرة وأن الشركة وعمالها المخلصين وبمساعدة السلطات في محافظة عدن والحكومة وكذا الجهات الخيرة الأخرى في الداخل أو الخارج تمكنت من تجاوز مرحلة الخطر وهي الآن في أفضل وضعية بعيد أن تدفقت المشتقات النفطية إلى السوق المحلية وإلى المؤسسات الخدمية المتوقفة ومنها محطات الكهرباء.
وكشف عن حاجة محطات الكهرباء لنحو 1000 طن يوميا من مادة الديزل «المازوت» منوها إلى تسلم الشركة قبل أيام نحو 30 ألف طن من المشتقات المتنوعة، والأسبوع الماضي وصلت شحنة قدرها 40 ألف طن، علاوة على شحنة قادمة يتوقع وصولها بعد أسبوعين وقدرها 40 ألف طن.
وأشار مدير عام نفط عدن إلى أن عمل المصفاة وإعادة التصدير للنفط الخام من قبل شركة المسيلة في محافظة حضرموت شرقي البلاد مثل عاملا مهما ومؤشرا إيجابيا يدعو للتفاؤل وتجاوز كافة الأزمات التي واجهتها شركة النفط وعمالها.
وأوضح أن المحافظات عدن ولحج وأبين والضالع بات يصل إليها الوقود بانتظام ووفق آلية متفق عليها بين السلطات المحلية والمحافظات، معربا عن أمله بعودة سريعة لمصفاة عدن لتكرير النفط خلال الفترة القادمة خاصة بعيد منحها مليون برميل كبداية لعملية التكرير.
«عانت الشركة من تردي الخدمات نتيجة الإهمال خلال السنوات الماضية وأضافت الحرب التي شنتها الميليشيات على المحافظات أن قضت على ما تبقى لدى الشركة من أصول وبنية تحتية، وبرغم تلك الأوضاع تحملت المسؤولية وقامت بتزويد المحافظات بحاجتها من المشتقات وفي أعقد الظروف» وفقا للدكتور حميد الذي لفت أيضا إلى أن مؤسسة الكهرباء تعد الهم الأول والشاغل للشركة رغم المديونية الكبيرة عليها والبالغة 40 مليار ريال يمني (الدولار سعره رسميا 251 ريالا) ومع تلك المديونية الشركة مضطرة بتزويد محطات الكهرباء بحاجتها من المشتقات.
محافظة شبوة (شرقي البلاد) لديها فرعها الذي يتم تمويله من محافظة حضرموت المجاورة، ويقول الدكتور حميد إن الأسعار السائدة حاليا للمشتقات للتر البنزين 185 ريالا يمنيا واللتر الديزل 165 ريالا، منوها أن الأسعار أيضا في محافظات حضرموت والمهرة وشبوة شرقا تقترب من هذه التسعيرة الحالية للمشتقات في محطات التوزيع.
وإزاء بعض المحاولات التي من شأنها عرقلة الشركة الوطنية الحكومية المزودة الرسمية للسوق المحلية من المشتقات النفطية، حذر مدير «نفط عدن» بالقول: إنه لا حجة للمتلاعبين، فالمشتقات باتت كافية لاحتياج السكان والمؤسسات الخدمية، كما تصل تباعا وبشكل سلس واعتيادي ومنتظم.
وكانت المحافظات المحررة عاشت أزمة خانقة تسببت في توقف محطات توليد الكهرباء التي تزود مدينة عدن والمحافظات المجاورة لحج وأبين والضالع بالتيار الكهربائي، علاوة على بروز ظاهرة السوق السوداء وبشكل غير مألوف للسكان الذين اضطرتهم الظروف القاهرة إلى شراء ما يطلق عليه السكان «دبة» وهي الجالون الذي يسع 20 لترا من البنزين بنحو 100 دولار، بينما لا يتجاوز سعرها الحقيقي والفعلي 12 دولارا، وذلك قبل أن تهبط أسعار المادة إلى النصف والربع والآن بات اللتر يباع في محطات التوزيع بأقل من دولار واحد، (أي أن سعة 20 لترا باتت رسميا تقدر بنحو 15 دولارا، وهو ما يعني أن اللتر الواحد يساوي 185 ريالا يمنيا).
وقال سكان محليون في مدن عدن والضالع والحوطة لـ«الشرق الأوسط» إن أزمة المشتقات النفطية تسببت بتفاقم الأوضاع المختلفة الخدمية والحياتية والمعيشية، مشيرين إلى أن انعدام المشتقات أثر على مجمل أوضاعهم اليومية نظرا لزيادة أسعار المواد الغذائية وتعرفة المواصلات وانقطاع تيار الكهرباء وغيرها من الخدمات والمواد والسلع.
وأشاروا في أحاديثهم إلى أن الأزمة وما ترتب عليها خلقت وضعا عجيبا وغريبا تمثل بازدهار ظاهرة التهريب للمشتقات وزيادة محطاتها بقصد الحصول على حصتها من المشتقات من شركة النفط ومن ثم الاتجار بها وبأسعار خيالية، علاوة للجوء المواطنين إلى وسائل نقل بدائية أو استخدام الدراجات النارية معتمدة على مادة «التينار» المخصصة لمادة الطلاء.
وذكر عمر المقطري وهو تاجر في عدن أن الفترة الماضية شهدت ازدهارا لتجارة الألواح الشمسية والتي باتت تشاهد في أغلب سطوح المساكن خاصة في المناطق الريفية غير الحارة مثل الضالع وكذا انتشار أجهزة التخزين للطاقة لتغطية ساعات الانقطاع للكهرباء في عدن إلى جانب مولدات الكهرباء الصينية التي تسببت عوادمها بإزهاق أرواح العشرات من اليمنيين.
وتسببت أزمة المشتقات في تفاقم معاناة المواطنين في عدن والمحافظات المجاورة بشكل كبير، مع ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية ما أدى إلى ازدياد في حالات الوفيات من أصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن، ما أدى بالسكان في عدن إلى النزوح إلى أرياف الضالع ويافع وأبين وكذا إلى سواحل البحر لقضاء ساعات انقطاع التيار الكهربائي خاصة مع تكرار تلك الانقطاعات ولساعات خمس وأربع مقابل ساعة واحدة إضاءة وفي أوقات الصيف المعروفة بحرارتها الشديدة الواصلة ما فوق أربعين درجة مصحوبة برطوبة عالية.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).